آراب فاينانس: وضع خبراء اقتصاديون، شروطًا لابد من توافرها في حال أردات الحكومة تطبيق الدعم النقدي في مصر كبديل عن الدعم السلعي المتبع حاليًا منها ضرورة توافر قاعدة بيانات للمستحقين لـ الدعم النقدي، وفرض رقابة قوية على الأسواق من جانب الجهات الحكومية.
وزير التموين: بدء حوار مجتمعي لتطبيق منظومة الدعم النقدي
من جانبه قال الدكتور علي مصيلحي وزير التموين والتجارة الداخلية في تصريحات حصرية لـ آراب فاينانس إن الحكومة لديها فقط قاعدة بيانات للمستفيدين من الدعم العيني، ولا يوجد حاليا قاعدة بيانات تتعلق بالمستحقين للدعم النقدي مشيرا إلى أنه بخصوص الدعم النقدي فهناك توجيه من جانب رئيس الوزراء الدكتور مصطفى مدبولي بالاستعداد لتطبيق منظومة الدعام النقدي خلال الفترة المقبلة مع مناقشة ذلك عبر حوار مجتمعي للاستقرار على أفضل تطبيق لتلك المنظومة.
وأضاف مصيلحي، أن وزارة التموين لا تقدم حاليا دعم نقدي للمواطنين، وأنه تم تنقية بيانات المستحقين للدعم العيني منذ عام 2019 بينما لم يتم بعد إعداد قاعدة البيانات الخاصة بمستحقي الدعم النقدي حتى الآن.
تفاصيل منظومة الدعم النقدي الجديدة
بينما يؤكد الدكتور فخري الفقي، رئيس لجنة الخطة والموازنة بمجلس النواب، أن مبلغ الدعم النقدي لمنظومة الخبز قد تم تضمينه ضمن موازنة العام المالي الجديد 2024/2025 حيث تبلغ قيمة الدعم المخصص للخبز بـ 125 مليار جنيه منهم 40 مليار جنيه يذهبون لغير المستحقين للدعم، وأنه سيتم تنقية قاعدة البيانات حتى يذهب هذا المبلغ إلى مستحقيه من المواطنين.
وأضاف الفقي، أنه سيتم مناقشة منظومة الدعم النقدي الجديدة خلال الفترة المقبلة من خلال جلسات للحوار المجتمعي، وسيتم تخصيص مبلغ نقدي يقدر بـ 200 جنيه لكل فرد من أفراد الأسرة المستحقة لدعم الخبز بمعنى أنه في حالة أسرة مكونة من 5 أفراد سيحصل أفرادها على 1000 جنيه شهريا كدعم نقدي لشراء الخبز من خلال منافذ ستحددها الحكومة عبر كارت فيزا لشراء الخبز سيخصص لذلك الغرض، وسيكون سعر رغيف الخبز بنحو جنيه ونصف، مشيرا إلى إمكانية تطبيق هذه المنظومة خلال 6 أشهر من الآن بعد انتهاء الحوار المجتمعي حولها.
قاعدة بيانات المستحقين للدعم
ويقول الدكتور صلاح هاشم، مستشار وزيرة التضامن للسياسات الاجتماعية، إنه يتوفر بالفعل بوزارة التضامن قاعدة بيانات للمستحقين للدعم النقدي متمثل في معاش تكافل وكرامة، فضلا عن قاعدة بيانات للمواطنين المستحقين للخبز المدعوم أعدت من جانب وزارة التموين حيث يحصل نحو 71 مليون مواطن على الخبز المدعوم فضلا عن 63 مليون مواطن يحصلون على دعم سلعي، وسيتم الاستعانة بهذه البيانات عند البدء في تفعيل منظومة الدعم النقدي.
وأضاف هاشم، في تصريحات حصرية لـ آراب فاينانس أن وزارة التضامن لديها منظومة وقاعدة بيانات تفاعلية للمستحقين للدعم المشروط للأسر الأولى بالرعاية والتي يصل عدد المواطنين المسجلين بها إلى نحو 42 مليون مواطن وهؤلاء جميعهم يستحقون الدعم النقدي وأن هناك نحو 5.2 مليون أسرة يحصلون على معاش نقدي حاليا في إطار برنامج تكافل وكرامة.
من يحصل على الدعم النقدي.. الزوج أم الزوجة؟
وأوضح مستشار وزيرة التضامن للسياسات الاجتماعية، أن تحويل منظومة الدعم السلعي، إلى دعم نقدي يحتاج إلى تجهيزات من جانب الحكومة تتعلق بالحد من الفساد وضبط الأسواق من خلال رقابة قوية وصارمة كما يجب تحديد من سيحصل على الدعم النقدي الزوج أم الزوجة لأن الأمر يتعلق بثقافة المجتمع لأنه على سبيل المثال في حالة قيام الزوج بسوء استخدام مبلغ الدعم النقدي في غير غرضه المخصص فمن المسئول إذن عن الإنفاق على الأبناء والزوجة؟
وشدد هاشم على ضرورة أن يرتفع الناتج المحلي الإجمالي، ومن ثم ارتفاع متوسط دخل الأفراد حتى تكون المنظومة متلائمة للتطبيق.
وحول مدى إمكانية تطبيق الدعم النقدي خلال 6 أشهر من الآن كما تستهدف الحكومة قال هاشم إن الأمر يحتاج إلى إعادة نظر من جانب الدولة لحين توافر الشروط المذكورة التي تتعلق بالحد من الفساد وفرض رقابة قوية على الأسواق، وأنه في حالة توافر هذه الشروط يجب أن يكون التطبيق تدريجيا مع مراعاة عدم المساس بدعم السلع الاستراتيجية في بداية تطبيق منظومة الدعم النقدي مثل سلع السكر والزيت والخبز.
منصة إلكترونية متطورة
وقال الدكتور مصطفى بدرة، الخبير الاقتصادي، وأستاذ التمويل والاستثمار بجامعة القاهرة، إن تطبيق منظومة الدعم النقدي، تتطلب أولًا تدشين منصة إلكترونية تتضمن قاعدة بيانات لتسجيل المستحقين لهذا الدعم بحيث تشمل توصيف لكل حالة من مستحقي الدعم النقدي، وبعد ذلك يمكن التوجه نحو إلغاء الدعم العيني بالكامل.
وأضاف بدرة، في تصريحات حصرية لـ آراب فاينانس أن الكثيرين يعتقدوا أن الدعم يقتصر فقط على رغيف الخبز لكن في الحقيقة أن هناك أنواع كثيرة للدعم في مصر منها دعم البنزين والكهرباء والصحة والتعليم، لافتا إلى أن الأمر يحتاج إلى دراسة مستفيضة لمن يستحق هذا الدعم من عدمه.
ضبط الأسواق وتنظيمها
ومن جانبه قال الدكتور رشاد عبده، الخبير الاقتصادي، ورئيس المنتدى المصري للدراسات الاقتصادية والاستراتيجية، إنه من حيث المبدأ فمعظم دول العالم تطبق الدعم النقدي. كما تختلف صور الدعم من دولة لآخرى لكن في مصر الحالة مختلفة حيث يعد الدعم العيني في شكل السلع والخدمات وهو الأفضل لعدة أسباب منها حالة الأسواق المصرية التي لا تتسم بالانضباط، ولا توجد منظومة رقابية قوية على الأسواق حيث هناك العديد من أنواع الاستغلال في رفع أسعار السلع من جانب بعض التجار الجشعين، وهو ما لا يتسق مع منظومة الدعم النقدي، وبالتالي لابد أولًا لتطبيق منظومة الدعم النقدي الرقابة على التجار والأسواق رقابة قوية من جانب الحكومة.
وأشار عبده، إلى أن الدعم النقدي سيكون له تأثيره سلبي على الكثير من المواطنين نتيجة ارتفاع معدلات التضخم، حيث يلتهم ارتفاع الأسعار أي زيادة في المرتبات متسائلا من سيضمن عدم استغلال التجار للمواطنين بعد حصولهم على الدعم النقدي الذي سيضخ مزيد من الأموال في جيوب المواطنين؟
منظومة رقابية قوية
ويرى الدكتور وائل النحاس، الخبير الاقتصادي، وخبير أسواق المال، إن العائق الأكبر أمام تطبيق منظومة الدعم النقدي بالكامل هو ضعف المنظومة الرقابية للأسواق المصرية التي تتسم بالهشاشة إذ يجب أن تصل مثلا أنبوية البوتاجاز كاملة من جانب التاجر للمستهلك بدلا من تفريغ بعضها من خلال بعض التجار، وبالتالي تحتاج منظومة الرقابة على البوتاجاز رقابة قوية لافتا إلى أنه في حالة تطبيق منظومة الدعم النقدي فالأسواق لا تستوعب أيضا ضخ أموال الدعم التي ستخصص لنحو 70 مليون مواطن حيث سيكون هناك طلب كثير على السلع والمنتجات ما سيشجع التجار على تخزين بعض السلع واحتكارها للاستفادة من ارتفاع أسعارها الناتج عن زيادة الطلب عليها بعض ضخ المزيد من أموال الدعم النقدي لـ أكثر من 70 مليون مواطن من مستحقي الدعم النقدي.
وأضاف النحاس، أنه لابد أيضا من السيطرة على الفساد، وتفعيل دور أجهزة رقابية مثل جهاز حماية المستهلك وجهاز حماية التنافسية ومنع الاحتكار، والذي قام بضبط عدد من قضايا الفساد مؤخرا تتعلق بالسلع الغذائية واحتكارها ورفع أسعارها كما يجب استيعاب الاقتصاد غير الرسمي والذي يمثل نحو 50% من الاقتصاد المصري داخل المنظومة الرسمية.
وأوضح النحاس، أنه سيكون هناك الكثير من المواطنين المتضررين من منظومة الدعم النقدي، مثل العمالة غير المنتظمة ذات الدخل غير المستقر، وغيرها من الفئات الفقيرة ومحدودة الدخل، لافتا إلى أن مصر مقبلة على تشكيل حكومة جديدة تزامنا مع ارتفاع مرتقب لـ أسعار الوقود والكهرباء مطالبًا بحكومة بها مبدعين وليس موظفين يتعاملوا مع الأزمات الاقتصادية برؤية مختلفة مشددا على ضرورة إفساح المجال للقطاع الخاص، مع شرط عدم انسحاب الدولة من القطاعات الاستراتيجية كالصحة والتعليم وغيرها من القطاعات الحيوية التي تتطلب تدخل الدولة في حالة احتكار بيع أي من السلع الاستراتيجية من جانب القطاع الخاص.
ويشير تقرير حديث صادر عن مركز معلومات واتخاذ القرار بمجلس الوزراء حصل "آراب فاينانس" على نسخة منه "أنه انطلاقا من إدراك الدولة المصرية بأن تحسين توزيع الدعم والحد من توجيهه إلى غير مستحقيه سوف يكون له أثر في مواجهة معدلات الفقر وتعزيز الاستقرار الاجتماعي تعمل الدولة على إعادة هيكلة وتصحيح منظومة الدعم العيني للسلع الغذائية الأساسية التموينية من خلال عدد من السياسات يأتي في مقدمة تلك السياسات إيقاف العمل بنظام الدعم العيني وتحويله إلى دعم نقدي مباشر أو نظام للدعم عن طريق كوبونات الغذاء واتباع أسلوب الاستبعاد لحصر المستحقين للدعم وهو ما تم بالفعل من خلال منظومة التموين الجديدة المطبقة في عام 2019".
كما ذكر ذات التقرير أنه "في عام 2018 أقر مجلس النواب قانون حماية المستهلك رقم 181 لسنة 2018 يوفر القانون الحماية للمواطنين والانضباط للسوق ويواجه السلع مجهولة المصدر التي تملأ الأسواق".
يذكر أنه اعتبارا من موازنة العام المالي 2025/20262 ستسعى الحكومة لتطبيق منظومة الدعم النقدي، وفقا لتصريحات سابقة لرئيس الوزراء مصطفى مدبولي الذي أمهل الحوار الوطني مدة لنهاية 2024 للوصول إلى تصور كامل بشأن آليات التحول من الدعم السلعي العيني (المعمول به حاليا) إلى الدعم النقدي، ويقصد به أن يحصل المواطنون على الدعم بصورة نقدية بدلا من تدخل الحكومة لدعم سلع أو خدمات بعينها على غرار الكهرباء أو المواد البترولية حاليا، إذ تستهدف الحكومة إلغاء دعم الكهرباء تدريجيا خلال 4 سنوات من الآن، كما تسعى لإلغاء دعم الوقود بحلول نهاية 2025.