د.ماجد عثمان: لابد من تمكين المواطن من خلال إمداده بالمعلومات حتى يكون قادرا على اتخاذ القرار

أخر تحديث 2024/07/07 10:50:00 ص

آراب فاينانس: هو رجل يؤمن إيمانًا شديدًا بأهمية المعلومات، وإتاحتها للمواطنين، هو عاشق للبيانات والمعلومات، ويعرف كيف يضعها في سياقها الإنساني. يرى أن إتاحة المعلومات يفيد الحكومة قبل أن يفيد المواطن نفسه. كما يرى أن هناك قصور في إتاحة المعلومات في مصر من جانب الوزارات المعنية. كما يعتبر أن المجتمع المصري أصبح يعاني من التفاوت الكبير في الثروة بين الأغنياء والفقراء، ويجب أن تلتفت الحكومة لذلك.. إنه الدكتور ماجد عثمان وزير الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات الأسبق والذي تولى الوزارة بعد ثورة 25 يناير 2011 وهو حاليا الرئيس التنفيذي للمركز المصري لبحوث الرأي العام "بصيرة".

عثمان، الذي حصل هذا العام على جائزة الدولة التقديرية في العلوم الاجتماعية كشف في حواره مع "آراب فاينانس" عن أن هناك فراغ في الأدوات الإعلامية للحكومة، وأن التواصل مع الجمهور على مستوى الدولة أو المحافظة أو القرية أو داخل المؤسسات الحكومية نفسها لا يتخذ بجدية وأن مسئولين كثيرين في مصر لا يقوموا بتوصيل معلومات كثيرة للمواطنين قد تكون مهمة، وستساعدهم هم أنفسهم في أداء مهمتهم، فضلا عن أنهم لا يشعرون بأنهم مسئولين أمام المواطنين. كما يعتبر أن الزيادة السكانية مع ضعف مستوى التعليم في مصر كارثة.

وإلى نص الحوار:

في البداية كيف ترى أهمية المعلومات في اتخاذ القرار للمواطن والحكومة معًا؟

- بصفتي كأستاذ للإحصاء فإنني أرى أن اتخاذ القرار المبني على القرائن مهم جدًا حيث إنه دائما ما تتخذ قرارات خاطئة نتيجة لغياب البيانات أو عدم توافرها أو لعدم إتاحتها، وهذا يتعلق بكافة المستويات سواء على مستوى الدولة بالكامل أو وزارة بعينها أو الشركات، وبالتالي فالبيانات، والمعلومات الدقيقة هى أساس النجاح سواء على المستوى الفردي أو على مستوى الدولة ككل.

من المسئول إذًاعن إنتاج البيانات وإتاحتها للمواطنيين؟

الدستور المصري في المادة 68 يتحدث عن المعلومات والبيانات ويؤكد على أن المعلومات ملكية عامة للناس باستثناء طبعا البيانات الشخصية وضرورة الحفاظ عليها والبيانات المتعلقة ببراءات الاختراع، وعدم تداولها، والبيانات كذلك المتعلقة بالأمن القومي لكن هذه الأشياء المذكورة تعد استثناء وليست القاعدة لكن القاعدة الأساسية هى إتاحة البيانات، والمعلومات للمواطنين لأن المواطن يتم تمكينه من خلال البيانات والمعلومات، وليس بالمال لأن المعلومات هى التي تخلق فرص العمل والمال نفسه، وعلى سبيل المثال لو مشروع صغير أو متوسط معين ليس لديه المعلومات الدقيقة، والمحدثة بالكامل سيفشل بالطبع. كما أن المشروعات الكبرى وإن كان لها القدرة على الصمود بالسوق في حالة اتخاذ قرار استثماري خاطئ نتيجة بالطبع لقدرتها المالية الكبيرة لكن المشروعات الصغيرة ليس لديها هذه القدرة المالية التي تساعدها على الصمود بالسوق في حالة اتخاذ قرارات استثمارية خاطئة ناتجة عن نقص المعلومات، وبالتالي يجب النظر للمعلومات كسلعة عامة يجب أن تتوفر للجميع، وكل شخص يمكن أن يستفيد بها في عمله في اتخاذ القرار المناسب.

ما تقييمك لإتاحة البيانات والمعلومات في مصر؟

يجب في مصر أن نتيح البيانات، والمعلومات للكافة بدون خوف شديد مبالغ فيه ليس له محل. ونحن في مصر تعودنا أن من ينتج البيانات هو الجهاز المركزي للتعبئة والإحصاء، وهو جهاز حكومي له أجندة معينة بخصوص بعض البيانات مثل البيانات المتعلقة بالسكان أو الزراعة أو الصناعة أو غيرها لكن مع الزيادة الكبيرة على الطلب على البيانات، والمعلومات أصبح أي جهاز إحصائي في أي دولة لا يستطيع أن يفي بجميع متطلبات الدولة من البيانات والمعلومات لذلك نجد أن هناك من ينتج بيانات أخرى غير معروف مدى مصداقية منهجيتها، وهو ما يحيلنا إلى قضية أخرى، وهى قضية قياسات الرأي العام، وهى من المعروف عنها عالميا أنها لا يقوم بها الجهاز الحكومي بمفرده، وذلك حتى لا يتم التشكيك في مصداقية نتائجها وحتى لا يتم اتهامها بأن هدفها دعائي لخدمة أغراض حكومية، وهذا لا يمنع أن تكون الحكومة لديها آلياتها لقياس الرأي العام في القضايا التي تهمها حيث من حق الحكومة أن تقيس مدى رضا المواطنين عن سياسة أو قرار ستتخذه حتى لا تصطدم بقرار لا ترضى عنه الأغلبية، وبالتالي فهى تقوم باستطلاعات رأي لمعرفة آراء المواطنين نحو قضية معينة، وبالتالي فنحن بحاجة إلى مراكز لاستطلاع الرأي يجب أن تكون مستقلة لتقييم مثلا الخدمات الحكومية حيث لا يمكن أن تقوم الحكومة بتقييم نفسها، وبالتالي يجب الاعتماد هنا على مراكز استطلاع رأي مستقلة كما تحتاج الحكومة إلى مراكز استطلاع رأي حكومية لقياس الرأي العام أيضا.

انت كمؤسس للمركز المصري لبحوث الرأي العام (بصيرة) ولك مؤلفات عن أهمية الرأي العام كيف ترى اهتمام الحكومة بالرأي العام في مصر؟

لقد جائتني فكرة تأسيس مركز بصيرة بعد عملي في مركز المعلومات ودعم اتخاذ القرار التابع لمجلس الوزراء حيث كنت أشعر أنه رغم أهمية مركز المعلومات ودعم اتخاذ القرار للحكومة إلا أننا نحتاج أيضا لمراكز مستقلة تقوم بمثل هذه البحوث والاستطلاعات لأن البحوث الصادرة عن المراكز الحكومية تتهم غالبا من الناس بأنها منحازة للحكومة، وعلى سبيل المثال عندما أصدر مركز معلومات مجلس الوزراء تقرير عن الفساد في مصر في عام 2007، والنتائج وقتها كانت تظهر حجم الفساد بشكل كبير، ومشكلاته في مصر، ومعاناة المواطنين من ذلك الفساد، فوجئت بعد صدور نتائج هذا التقرير أن قام أشخاص قريبين من الحكومة بمعاتبتي على هذا التقرير وقالوا لي "مالك انت ومال الفساد هو كان في حد طلب منك تعمل تقرير عن الفساد". في ذات الوقت ذكرت المعارضة أن تقرير الفساد الصادر عن مركز معلومات واتخاذ القرار بمجلس الوزراء في هذا الوقت 2007 يستهدف تجميل صورة الحكومة، وبالتالي أصبح لدي قناعة بأنه لابد من وجود مراكز مستقلة لاستطلاعات الرأي والمعلومات، وظلت فكرة تأسيس مركز مستقل لبحوث الرأي العام بداخلي بعد خروجي على المعاش، وهو ما حدث بالفعل من خلال تأسيسي لمركز بصيرة رغم تطور الأمور وقيام ثورة يناير 2011 حيث توليت منصب وزير الاتصالات بعد الثورة لكنني سرعان ما عدت لحلمي القديم بعدما تركت المنصب الوزاري وأسست مركز بصيرة.

ما الهدف الرئيسي لمركز بصيرة؟

نحن في بصيرة نستهدف توفير المعلومات للكافة بصفة عامة سواء استطلاعات رأي أو غير ذلك من المعلومات، وأنا كإحصائي أعتقد أن الأجهزة الإحصائية تقوم بعمل مهم للغاية سواء في مصر أو غيرها لتوفير البيانات لكن قراءة هذه البيانات مسألة ذاتية حيث يرى كل شخص البيانات وفق رؤيته، وبالتالي استقراء البيانات أو تحليلها أو وضعها في سياق بعينه هى مسألة قابلة للاجتهادات، لذلك أجهزة الإحصاء تبتعد عن إصدار نتائج تحليل البيانات وهنا يأتي دور جهات أخرى بعد قيام أجهزة الإحصاء بإصدار تقاريرها حيث تقوم هذه الجهات بقراءة هذه البيانات، وأعتقد أن الجمهور المصري نتيجة عدم توافر البيانات، وعدم الحديث عن البيانات كثيرا أدى إلى سيادة الثقافة التقريبية، وهو ما يجعل عدم التزام المواطنين بالحقائق في تقييم الأمور، والسؤال هنا مثلا هل يعلم المواطنين ما هو حجم الدعم للخبز أو حجم الدعم الذي يذهب للبنزين، وهل يعلم المواطنين من يستفيد من دعم البنزين. كما أننا في حالة الرغبة في هيكلة الدعم نبدأ بأيهما دعم الخبز أم دعم الطاقة؟ والبطل هنا هو توافر المعلومات الأساسية للقدرة على اتخاذ قرار في مثل هذه القضية، وأرى أنه لا تتوافر مثل هذه النقاشات في مصر لأن الناس ليس لديها المعلومات الأساسية.

كيف ترى هنا دور الإعلام في توفير البيانات والمعلومات للمواطنين؟

أرى أن المعلومات يجب أن تكون شعبوية بمعنى أن تكون متاحة للشعب كله، ولا تقتصر على فئة المفكرين أو الأكاديميين مثلا أو فئة بعينها، وهنا يأتي دور الإعلام الذي يجب أن يعرف المواطنين بالحقائق. والسؤال هنا هل الحقائق تصل للمواطنين كما هى أم يتم تجميلها أو تقبيحها؟ فالقضية هنا ترتبط بحوكمة الإعلام لكن في النهاية يجب ان تتوافر المعلومات للمواطنين عندما يبحثون عنها. وعلى سبيل المثال مركز بصيرة يقدم معلومات يومية منذ 12 عاما ممثلة في معلومة يومية سميناها "رقم في حياتنا" حيث نضع هذا الرقم في سياق معين وعلى سبيل المثال من المهم أن يعلم المواطن حجم إنتاج الكهرباء، وحجم الاستهلاك، وهل يختلف استهلاك الكهرباء في الصيف عن الشتاء؟ وماذا يحدث للكهرباء في ساعات الذروة؟ وهل يوجد عدالة في قطع الكهرباء عن المواطنين أم لا؟  وهى أسئلة مشروعة ولذلك فتوافر هذه البيانات الأساسية للمواطنين يسمح بأن أي برنامج تقوم به الحكومة في ذلك المجال سيقتنع به المواطنين لأنه في النهاية لديهم المعلومات الأساسية للقضية فلو علم الناس مثلا أن هناك مساواة في قطع الكهرباء بين المواطنين كافة فقد يشعرون بالرضا والاقتناع.

كيف ترى اهتمام الحكومة بالرأي العام المصري؟

أنا أشعر بأن هناك فراغ في الأدوات الإعلامية للحكومة وأن التواصل مع الجمهور على مستوى الدولة أو المحافظة أو القرية أو داخل المؤسسات الحكومية نفسها لا يتخذ بجدية وأنا أزعم أن مسئولين كثيرين في مصر لا يقوموا بتوصيل معلومات كثيرة للمواطنين قد تكون مهمة، وستساعد الوزراء أنفسهم في أداء مهمتهم، وهم لا يشعرون بأنهم مسئولين أمام المواطنين، وكثير منهم قد يبذلوا مجهودات كبيرة لكنهم يقولون لأنفسهم "المهم أنام على المخدة وضميري مرتاح" وهذا بالطبع يتعلق بعلاقة المسئول بربه لكن في الحقيقة يجب أن يكون المواطن حاضرا هنا، وتقدم له المعلومات حتى ينجح المسئول في مصر، وبدون توصيل المعلومات للمواطنين في مصر لن تنجح الحكومة، لذلك هذه نقطة هامة يجب أن يأخذها المسئولين في الاعتبار، وأعتقد أن تقديم البيانات للمواطنين من قبل المسئولين لم يلق الاهتمام الكافي لفترات كبيرة في مصر، وبشكل عام هى نقطة مفتقدة بشكل كبير في مصر، وأعتقد مثلا أنه لو خرجت الحكومة وقالت مبكرا أن التغيير الوزاري سيكون في 3 يوليو بدلا من أن نقول أن التغيير الوزاري سيحدث غدا ثم يظل شهرا دون تغيير. ذلك بالطبع كان سيكون أفضل لأن ذلك يشعر الناس بأنهم لا تقدم لهم المعلومات الكافية أو أن هناك مشكلة كبيرة داخل الحكومة بسبب التغيير الوزاري وصعوبة في الاختيار وذلك كله يشعر المواطن بأن هناك ارتباك داخل الحكومة بسبب التشكيل الوزاري.

ما رأيك في أداء المتحدثين الإعلاميين باسم الوزارات؟

في الحقيقة نحن نجد بعض المتحدثين الإعلاميين باسم الوزراء يختفون في وقت الأزمات ولا يقدموا المعلومات للمواطنين، وهم بالطبع يختفون لأن هناك من يقول لهم لا تقولوا شيئا حتى لا يحدث هجوم على الحكومة أو انتقاد لكن في الحقيقة هذا لا يجوز لأن تقديم المعلومات من الحكومة والرد عليها يخلق حالة جدل مفيدة ونحن دولة عدد سكانها أكثر من 100 مليون مواطن، وبالتالي لابد من تقديم، وإتاحة المعلومات للمواطنين فمصر ليست دولة صغيرة، وأرى أن التواصل بين الحكومة، والجماهير مفتقد بشكل كبير جدا.

البعض يرى أن الزيادة السكانية تلتهم الموارد وتؤثر على خدمات الصحة والتعليم.. ما رأيك؟

الزيادة السكانية على مدى الـ 70 عاما الماضية كانت كبيرة جدا وإن كانت هناك بعض الجهود التي لا يمكن التقليل منها لكن في النهاية لدينا نماذج ناجحة في الحد من الزيادة السكانية مثل التجربة التركية والإيرانية حيث كان عدد السكان في مصر وتركيا متساويين في التسعينات بينما الآن عدد السكان في مصر يزيد عن تركيا أو إيران بـ 50% من سكانها. وأرى أن القضية السكانية تم التعامل معها بشكل ليس فيه تراكم وبشكل غير مؤسسي متماسك، وهو ما يجعل الأداء ضعيف، وفيه هدر كما أن هناك تجارب لم نستفد منها، وقد أنشأنا وزارة للسكان في مصر 3 مرات ولم نقيم هل كان وجود وزارة للسكان شئ جيد أم لا؟

البعض يهاجم فكرة استقبال مصر لأعداد كبيرة من المهاجرين واللاجئين.. ما رأيك في تلك القضية المثارة حاليًا؟

أعتقد أن قضايا الهجرة القسرية تضع على الدولة المستقبلة أعباء كثيرة لكن في ذات الوقت البعض يرى أن موجات الهجرة التي جاءت إلى مصر في أخر 20 سنة، وهم من العراقيين والسوريين والسودانيين والفلسطينين منها تجارب ناجحة مثل تجربة الأشقاء السوريين، وهجرتهم إلى مصر لأنهم أحدثوا شيئًا من التنافسية في السوق المصري ولم يضغطوا على موارد الدولة وكانوا منتجين أيضا، وسوريا بالنسبة لمصر دولة مهمة جدا، وستحل الأزمة السورية في يوم ما وكل من عاشوا من السوريين في مصر سيمثلوا قوة لمصر في سوريا مستقبلا بعد العودة لبلادهم، وهذا مهم بالطبع لمصر كدور إقليمي لها، وريادتها، ولحسن الحظ مصر أن عدد سكانها يتجاوز 100 مليون، وبالتالي عندما يأتي 10 مليون من كل الجنسيات البعض منهم عبء والبعض الآخر ليس عبء، فلن يحدث مشكلة كبيرة، وهذا يختلف عن هجرة السوريين إلى لبنان حيث أن نحو نصف السكان هناك من السوريين، وبالنسبة للأشقاء السودانيين الذي جاءوا إلى مصر بعد الحرب اعتقد أن مصر يمكن أن تستفيد منهم مثلا في المهن التي نعاني فيها من عجز مثل التدريس حيث لدينا عجز في المدرسين ويمكن الاستفادة منهم في هذا المجال فالسودانين لديهم خبرات متميزة، وبالتالي يجب أن نفكر في هذه القضية بطريقة الجميع فائز بحيث يخرج الطرفين فائزين المهاجر والدولة نفسها كل منهما يجب أن يربح كما ينبغي ألا نتعامل بطريقة منغلقة مع المهاجرين فهناك دول قائمة على الهجرة وأمريكا نفسها قائمة على الهجرة وجذب الماهرين في كل مجال، ومصر عبر تاريخها ومنذ عام 1948 لم تقيم مخيمات للمهاجرين بخلاف دول مثل الأردن وسوريا التي تقيم مخيمات للفلسطينين.

ما رأيك في مستويات الفقر في مصر؟

مستويات الفقر في مصر نسبتها ليس قليلة وهى نسبة مقلقة، وهناك دول نجحت في الحد من الفقر، ونحن لم ننجح في ذلك، ويجب أن نسلم بذلك، وهو ملف مهم جدا، وأنا ما يقلقني هو التفاوت الكبير في الثروة بين المواطنين في مصر، وهناك أشخاص ازدادوا غنى بشكل كبير جدا، والفقراء كما هم فقراء، وهنا لا أدعو لمصادرة أموال الأغنياء أو أي تصرف ضدهم لكن هناك سياسات عامة يجب أن تكون موجودة تمنع هذا التفاوت الكبير بين الأغنياء والفقراء والحد من ذلك التفاوت الكبير، ويجب أن تلتفت الحكومة لهذه القضية. فما يتم في بعض الأفراح والعزائم الخاصة لبعض الأثرياء في مصر من بذخ وإنفاق للأموال الطائلة في الوقت الذي يوجد فيه مواطنين لا يجدون  طعامهم يمثل أزمة اجتماعية كبيرة لا يجب السكوت عنها.

كيف ترى مستويات الإنتاجية للعامل المصري مقارنة بالنسب العالمية؟

أعتقد أن الفقر مرتبط بشكل كبير بإنتاجية المواطن كما أنه مرتبط بالأعراف الاجتماعية السائدة لأنه على سبيل المثال العامل الذي يعمل باليومية، والذي حصل على إجازة  في العيد 9 أيام، وقام بالتوسع بعدها في الإجازة رغم دخله المحدود سلوكه غير طبيعي، أود أن أؤكد أيضا أن الإنتاجية مرتبطة ارتباط وثيق بالتعليم، ومستويات التعليم في المجتمع. فلدينا نسبة أمية عالية وصلت إلى 20% من المجتمع المصري، وقد فاجئني شاب من مواليد عام 1989عند سفري مؤخرا للأردن بطلب بأن أملأ له بيانات كارت السفر لأنه لا يجيد القراءة والكتابة، وبالتالي فنحن أمام أزمة فكيف هذا الشاب لا يجيد القراءة والكتابة في عصر كان التعليم الأساسي وقتها 100% ؟، ومن وجهة نظري من الضروري التركيز على التعليم الابتدائي فلا يجوز أن يكون لدينا من لا يجيدون القراءة والكتابة فالاهتمام بالتعليم هو الأولوية رقم واحد في المجتمع وإذا لم نركز على التعليم لن تتحسن الإنتاجية في مصر ولن نواكب التقدم العالمي.

هل ترى أن جودة التعليم في مصر مرضية؟

مشكلة التعليم في مصر مرتبطة بالزيادة السكانية، وبالتالي فلو كانت لدينا معدلات نمو سكاني منخفضة كان سيكون لدينا فرصة لعدم تكدس الفصول بالطلبة والطالبات لكن مع هذه الزيادة الكبيرة في السكان فالمجتمع يغرق. وأرى أن التعليم قابل للتحسن مع اتخاذ بعض السياسات، ولابد أن نجد حلولًا أخرى تتمثل في عدم ربط التعليم بالحضور بالمدارس لأننا لدينا مشكلة، وهى أننا لن نستطيع بناء مدارس تكفي هذا العدد الكبير من أبنائنا فضلا عن العجز في أعداد المدرسين. وأرى أن التعليم الإلكتروني والمنصات الإلكترونية هى الحل الأمثل لتلك الأزمة لأنها تقلل دور المدرسين، وهذه الطريقة في التعليم تتلافى بعض السلبيات مثل استخدام العنف من المدرسين ضد الطلبة في الفصل، وهذا الأمر يتطلب إنترنت جيد في جميع أنحاء مصر حيث أن هناك بعض الأماكن في مصر لا يصلها إنترنت، وأنا لا يهمني الشهادة بقدر ما يهمني قدرة الطلاب على الابتكار والإبداع والاختراع والأفكار الجديدة التي هى مستقبل العالم بينما الاستثمار الردئ في التعليم في مصر أسوأ شئ لأنه إضاعة للوقت وهدر له ويجعل الزيادة السكانية عبء على الموارد التعليمية كما أعتقد أن الزيادة السكانية مع ضعف التعليم في مصر كارثة.  

 

أخبار متعلقة