أسباب ارتفاع أسعار الأسمدة في مصر.. زيادة في حجم التصدير ونقص بالمعروض في السوق المحلية

أخر تحديث 2024/07/28 01:47:00 ص

آراب فاينانس: تفاقمت مؤخرًا أزمة نقص الأسمدة الزراعية في مصر حيث أدى هذا النقص في المعروض من الأسمدة خاصة الآزوتية منها إلى ارتفاع أسعارها إلى نحو غير مسبوق وذلك إثر نقص ضخ الغاز لمصانع الأسمدة الذي شهدته مصر في شهر يونيو الماضي، ورغم إنتاج مصر الوفير من الأسمدة بشكل عام بعيدا عن أزمة نقص الغاز الأخيرة، والذي يسمح لها بالتصدير فإن مصر تعاني من نقص للأسمدة في السوق المحلية بين حين وآخر.. فما السبب؟.

تعد صناعة الأسمدة، إحدى الصناعات الاستراتيجية المهمة في مصر، لأهميتها المتعلقة بالزراعة، بالإضافة إلى عائداتها التصديرية الدولارية، فقد بلغ إجمالي الإنتاج المصري من الأسمدة في عام 2023 ما يقرب من 8 ملايين طن نيتروجينية، و4 ملايين طن فوسفاتية، حيث تحتل مصر المرتبة السابعة عالميا في إنتاج اليوريا، فيما تأتي الأسمدة في المركز الثاني بين الصادرات المصرية بقيمة 3.4 مليارات دولار، وفقا لبيانات مركز المعلومات ودعم اتخاذ القرار التابع لمجلس الوزراء المصري.

ويقول الدكتور يحيى عبد الرحمن أستاذ التمويل والاستثمار بمعهد بحوث الاقتصاد الزراعي التابع لوزارة الزراعة في تصريحات حصرية لـ آراب فاينانس إن صناعة الأسمدة تعتبر أحد المحددات الرئيسية لزيادة الإنتـاج الزراعـى نظراً لمحدودية المساحات المنزرعة و الزيادة الكبيرة فى تعداد السكان لافتا إلى أن مصر عرفت استخدام الأسمدة الكيماوية منذ عام 1902 حيث ظهر أول إنتاج من السماد الكيماوى المصرى عـام 1936 ، و بدأت صناعة الأسمدة الأزوتية عام 1952.

ويوضح عبد الرحمن أن هناك عدة أنواع من الأسمدة في مصر حيث تتعدد أنواع الأسمدة الكيماوية إلى ( الأزوتيـة و الفوسـفاتية و البوتاسية) و تعتبر الأسمدة الأزوتية أهم أنواع الأسمدة نظراً لاحتوائها على عنصر النيتروجين الـذى يعتبـر العنصر الغذائى الأول الذى يؤدى لزيادة المجموع الخضرى للنبات، ومن ثم زيادة إنتاجيـة المحـصول.

إنتاج مصر من الأسمدة

وحسب عبد الرحمن، فقد بلغ إنتاج مصر من الأسمدة حوالى 8  ملايين طن نيتروجينية، و4 ملايين طن فوسفاتية، مشيرا إلى أن الأسمدة تأتي في المركز الثاني بين الصادرات المصرية بقيمة 3.4 مليار دولار وفق إحصائيات وزارة الزراعة لعام 2023.

ووفق عبد الرحمن، يبلغ حجم استهلاك الأسمدة خاصة الأسمدة الأزوتية، باعتبارها النوع المدعم من الأسمدة، نحو 4.2 مليون طن تستخدم لمساحة محصولية تصل إلى 17.5 مليون فدان، من مختلف المحاصيل، حيث يصل متوسط احتياج الفدان لنحو 8 "شيكارة" سنوياً حيث تحتل مصر المركز السادس عالمياً بين الدول المنتجة لسماد اليوريا بكمية تتراوح مابين  6.5 و 7 ملايين طن سنوياً، وتمثل حوالي 4% من إنتاج اليوريا عالمياً، والبالغ حوالي 170 مليون طن سنوياً، كما تحتل مصر المركز الثامن عالمياً ضمن كبرى الدول المستهلكة للأسمدة الآزوتية بكمية حوالي 3.5 مليون طن مكافئ يوريا سنوياً، وتحتل مصر أيضاً المركز السابع عالمياً ضمن كبرى الدول المصدرة لسماد اليوريا بكمية حوالي 4.5 مليون طن سنوياً، والتي تمثل حوالي 9 ? من إجمالي الكمية المتداولة عالمياً وذلك وفق الإحصائيات الرسمية لوزارة الزراعة.

أسباب نقص الأسمدة

وفيما يتعلق بأزمة نقص الأسمدة الحالية يشير الخبير في الاقتصاد الزراعي، إلى أن توريدات الأسمدة المدعمة إلى مخازن وزارة الزراعة بالجمعيات الزراعية تأثرت حيث انخفضت منذ تفاقمت أزمة الغاز الطبيعي في يونيو الماضي بنحو 56% نزولًا إلى 110 آلاف طن فقط حيث يعد الغاز الطبيعي أحد أهم مكونات إنتاج الأسمدة الرئيسة في عملية التصنيع نفسها وليس لتشغيل خطوط الإنتاج، حيث تمثل نسبة الغاز في كل طن نحو 60% تقريبا من تكلفة الإنتاج موضحا أن الأزمة تظهر في كافة أصناف الأسمدة، لكنها تشتد بصورة واضحة في أسمدة اليوريا تحديدًا، ويرجع ذلك إلى اعتماد المحاصيل الزراعية عليها بصورة رئيسية مقارنة بالأنواع الأخرى مثل النترات حيث ارتفع سعر شيكارة الأسمدة في السوق الحرة إلى 1300 جنيه مقابل 700 جنيه في مايو الماضي، وفي ظل عدم توافر الكميات اللازمة من الأسمدة المدعمة يلجأ الفلاحون حاليًا إلى السوق الحرة ذات السعر المرتفع مقارنة بالأسمدة المدعمة.

 إرتفاع الأسعار بالسوق الحرة

ومن جانبه يقول الدكتور خالد أبو المكارم رئيس المجلس التصديري للصناعات الكيماوية والأسمدة لـ آراب فاينانس إن أسعار الأسمدة ارتفعت في السوق الحرة بنحو 54% بسبب أزمة نقص الغاز خلال شهر يونيو الماضي، لتصل إلى 20 ألف جنيه للطن مقابل 13 ألفًا في مايو.

وأوضح أبو المكارم أن الحكومة تلزم منتجي الأسمدة بتوريد 55% من إنتاجهم بسعر مدعم إلى وزارة الزراعة المصرية لتغطية احتياجات السوق المحلية مقابل السماح لهم بتصدير الكميات المتبقية لافتا إلى أن هناك فروق سعرية بين سعر السماد المدعم وسعر السماد الحر حيث يحصل المزارعون المصريون على حصص موسمية من الأسمدة بأسعار مدعمة، وهى حوالي 4800 جنيه للطن حاليا إذ تقوم وزارة الزراعة بتوزيع هذه الحصص من خلال الجمعيات التعاونية، ومع ذلك وبسبب محدودية الكميات المخصصة من الأسمدة المدعمة يلجأ العديد من المزارعين إلى شراء كميات إضافية من السوق الحرة لتلبية احتياجاتهم والتي تمثل السعر الحقيقي للسماد وبالتالي يكون هناك فارق بين السعر المدعم والسعر العالمي أو الحر مع ارتفاع تكلفة إنتاج الأسمدة في المصانع خلال الفترة الأخيرة.

وأكد رئيس المجلس التصديري للصناعات الكيماوية والأسمدة أن هناك رغبة من المنتجين للوصول إلى أسعار تعكس التكاليف الفعلية للإنتاج وتتيح لهم أرباح معقولة وأنه لتحقيق هذا الهدف يجب الاعتماد على التوازن بين سياسات الدعم الحكومي والقدرة الشرائية للمزارعين المحليين كما ينبغي تحسين الكفاءة في الإنتاج وتبني تقنيات جديدة مما قد يساعد خفض تكاليف الإنتاج، وبالتالي تقليل الحاجة للدعم الحكومي.

واختتم أبو المكارم حديثه لـ آراب فاينانس بأنه يوصي بضرورة تحسين الكفاءة عبر الاستثمار في التقنيات الحديثة لزيادة كفاءة الإنتاج وخفض التكاليف مع إعادة النظر في سياسات الدعم الحكومي لضمان توازن بين توفير الأسمدة بأسعار معقولة، ودعم المنتجين فضلا عن ضرورة تعزيز التعاون مع الدول الأخرى لتبادل الخبرات والتقنيات والسماعدة في استقرار الأسواق.

نقص المعروض يزيد من الأزمة

بينما يشير الدكتور يحيى متولي خليل أستاذ الاقتصاد الزراعي بالمركز القومي للبحوث إلى جانب آخر من أسباب الأزمة يتعلق بجشع بعض تجار الأسمدة والذين ينتشرون بالقرى والريف المصري والذين يشكلون لوبي لرفع أسعار الأسمدة عبر ما سماه التعمد في نقص المعروض من الأسمدة لرفع أسعاره بين حين وآخر بما يحقق لهم أرباح طائلة من هذه التجارة.

ويوضح خليل أن مصر ليس لديها أزمة في إنتاج الأسمدة في العموم عدا الأزمة الأخيرة المتعلقة بنقص ضخ الغاز الطبيعي لمصانع الأسمدة حيث تتمتع مصر بإنتاج يكفي السوق المحلية لكن بعض المنتجين بمصانع الأسمدة يقوموا بتصدير كميات كبيرة من الأسمدة للخارج لتحقيق أرباح أكبر مما يؤثر على الكميات التي يحتاجها السوق المحلي، وبالتالي يجب أولا إجراء دراسة حقيقية لاحتياجات السوق المحلي من الأسمدة على أن تكون الأولوية للسوق المحلية لتوفير الأسمدة حتى لا يتأثر الإنتاج الزراعي والذي قد يهدد الأمن الغذائي في مصر.

ويؤكد خليل أن هناك عوامل أخرى تؤثر على ارتفاع سعر الأسمدة في مصر منها ارتفاع سعر الوقود، والذي يؤثر على ارتفاع أسعار النقل التي تؤثر بالطبع على ارتفاع سعر الأسمدة.

تأثر السلع الغذائية

ومن جانبها نبهت الدكتور سهام مروان أستاذة الاقتصاد الزراعي بجامعة عين شمس إلى أن ارتفاع أسعار الأسمدة في مصر سيؤدي إلى رفع أسعار السلع الغذائية خلال الفترة المقبلة خاصة مع رفع أسعار الوقود مؤخرا مما سيؤثر على تكاليف النقل ومن ثم رفع أسعار المنتجات بشكل عام.

وأوضحت أن مصر بها ثلاثة أنواع من الأسمدة الأسمدة الفوسفاتية وتنتجها مصر بنسبة 100% والأسمدة النيتروجينية الأكثر استخداما في مصر وتنتجها أيضا مصر بنسبة 100% وتصدر منها في حين تستورد الأسمدة البوتاسية بنسبة 100%.

يذكر أنه خلال شهر يونيو الماضي أعلنت مصانع أسمدة في مصر توقفها عن العمل بسبب نقص إمدادات الغاز الطبيعي، في الوقت الذي يزيد استهلاك الطاقة في البلاد التي تشهد درجات حرارة مرتفعة.

وفي إفصاح للبورصة المصرية بتاريخ 25 يونيو 2024، قالت شركة مصر لإنتاج الأسمدة "موبكو"، إنها أوقفت مصانعها الثلاثة، بسبب توقف إمدادات الغاز الطبيعي لمصانع الشركة.

وفي إفصاح مماثل، أعلنت شركة أبوقير للأسمدة، في اليوم التالي 26 يونيو 2024 عن توقف مصانعها الثلاثة، كما أعلنت شركة سيدي كرير للبتروكيماويات عن توقف مصانعها "نظرا لانقطاع غازات التغذية".

 

أخبار متعلقة