آراب فاينانس: تتمتع مصر بميزة نسبية في صناعة الملابس الجاهزة نظرًا لتوافر العمالة والأيدي الماهرة في تلك الصناعة لكن لايزال ما يتم تصديره للخارج دون المستوى المطلوب، حيث تصدر مصر بقيمة 2 مليار دولار فقط بينما تصدر دولة مثل بنجلاديش بنحو 40 مليار دولار سنويا مما يشير إلى صعوبة المنافسة الخارجية ووجود تحديات أمام هذه الصناعة الحيوية التي يمكن أن تكون مصدرا لزيادة الموارد من العملة الصعبة.. فماذا تحتاج مصر فعليا كي تنافس عمالقة هذه الصناعة حول العالم؟.
توطين صناعة الملابس الجاهزة في مصر
من جانبها قالت الدكتورة ماري لويس، رئيسة المجلس التصديري للملابس الجاهزة في تصريحات لـ آراب فاينانس إن مصر بها 240 مصنع يصدرون الملابس الجاهزة للخارج بقيمة تصل لنحو 2 مليار دولار مشيرة إلى أن صناعة الملابس الجاهزة تعد من الصناعات غير الملوثة للبيئة، وتعد من الصناعات كثيفة العمالة وبالتالي يمكن توطينها في مصر داخل المناطق السكنية كثيفة السكان خاصة أنها تعتمد على 60% من الشباب مما يعزز من قدرتنا التنافسية ويقلل التكلفة ويزيد الإنتاج.
وأَضافت لويس، أن أحد أبرز التحديات التي تواجه صناعة الملابس الجاهزة، هو وجود منظومة تصديرية تتيح توفير مستلزمات الإنتاج المستوردة وتقليل فترات الإفراج والتخليص الجمركي للمنتجات المستوردة، فضلا عن تسهيل الإقراض للمصانع بأسعار فائدة منخفضة مما يساهم في شراء الماكينات الحديثة التي تساعد هذه المصانع على المنافسة مع الشركات الأخرى عالميا خاصة أن هناك تقدم كبير في هذه الصناعة مثل استخدام الروبوتات التي تستخدم في تصنيع بعض الملابس حول العالم والدول المنافسة.
وأوضحت رئيسة المجلس التصديري للملابس الجاهزة، أن مصر تستهدف الوصول لصادرات بقيمة 3 مليارات دولار خلال عام 2024 من الملابس الجاهزة.
وأوضحت لويس، أن صادرات قطاع الملابس بلغت 1.08 مليار دولار خلال الفترة من يناير حتى مايو 2024، مقابل 912 مليون دولار في نفس الفترة من 2023، بنسبة ارتفاع 19%.
وكشفت رئيسة المجلس التصديري، عن تحقيق الصادرات ارتفاع بنسبة 25% إلى دول الاتحاد الأوروبي التي تعد ثانى أكبر سوق أمام الملابس الجاهزة المصرية لتسجل 254 مليون دولار بالفترة من يناير وحتى مايو 2024 مقابل 203 مليون دولار بالفترة نفسها من العام 2023.
وأكدت ماري لويس، أن صادرات الملابس الجاهزة حققت نمو 10% للولايات المتحدة الأمريكية لتسجل 444 مليون دولار أول 5 أشهر من 2024 مقابل 402 مليون دولار في الفترة نفسها من عام 2023.
وأوضحت أن صادرات الملابس الجاهزة إلي الدول العربية سجلت 217 مليون دولار مقابل 157 مليون دولار بنسبة نمو 38%، مشيرة إلي ارتفاع الصادرات إلي الدول الأفريقية بدون الدول العربية لتسجل 3.2 مليون دولار مقابل 1.1 مليون دولار بنسبة نمو 189%
وبشأن الدول الأكثر استيرادا ، كشفت ماري لويس أن الصادرات إلي السعودية في أول 5 أشهر من 2024 حققت ارتفاع 74% لتسجل 64 مليون دولار مقابل 37 مليون دولار في الفترة المماثلة من 2023.
وحققت صادرات القطاع ارتفاع أول 5 أشهر من 2024 للسوق الليبي بنسبة 84% لتسجل 35 مليون دولار مقابل 19 مليون دولار في الفترة المماثلة، وفق رئيسة المجلس.
وأعلنت أن صادرات الملابس الجاهزة حققت ارتفاعاً إلى إسبانيا بنسبة 32% لتسجل 63 مليون دولار خلال الفترة من يناير حتى مايو 2024 مقابل 48 مليون دولار خلال نفس الفترة من 2023، كما ارتفعت الصادرات بنسبة 29% إلي السوق الفرنسي لتسجل 27 مليون دولار مقابل 21 مليون دولار.
توسيع قاعدة مصانع الملابس الجاهزة
من جانبه قال الدكتور علي صقر رئيس قسم النسيج الأسبق بكلية الهندسة جامعة المنصورة إن المنافسة شديدة جدا مع الدول الأسيوية في مجال صناعة الملابس الجاهزة خاصة دولتي بنجلاديش والصين، ولابد أولًا من توسيع قاعدة مصانع الملابس الجاهزة والنسيج، وأن يكون هناك تكامل بينهما لافتا إلى أن مصر كانت تزرع القطن بمساحات تصل إلى مليون و500 ألف فدان من القطن تقصلت هذه المساحة حاليا إلى نحو 250 ألف فدان فقط بسبب عزوف المزارعين عن زراعة القطن والاتجاه لمحاصيل أكثر ربحية.
وأضاف صقر، أن مصر تستورد الأقطان قصيرة التيلة من دول كثيرة مثل سوريا والسودان لافتًا إلى أن هناك تضارب مصالح بين التجار والمصنعين حيث يسعى التجار إلى بيع الأقطان خام دون القيمة المضافة التي يضيفها المصنعين لهذه الأقطان عندما يتم تصنيع الملابس الجاهزة وهو ما يزيد من قيمتها عند التصدير.
تدشين مراكز تدريب عالية المستوى
وشدد صقر، على ضرورة الاهتمام بالأيدي العاملة وتدريبها جيدا من خلال إتاحة وتدشين مراكز تدريب عالية المستوى، ولا يدخل هؤلاء العمال صالات الإنتاج إلا بعد تدريبهم جيدا منوها بأنه ينبغي أيضا أن يكون بكل مصنع من المصانع الخاصة بالغزل والنسيج والملابس الجاهزة إدارة للبحوث والتطوير يكون دورها الاهتمام بالجودة والتكلفة والعمالة والمواد الخام المستخدمة في التصنيع للوصول لسعر منافس للمنتجات والاهتمام بالصيانة الوقائية للمعدات والماكينات المستخدمة مع تشجيع العناصر الجيدة على الابتكار والإبداع في هذا القطاع مع إرسالهم إذ تطلب الأمر للحصول على خبرات خارجية من خلال التدريب في دول أوروبية متقدمة في هذا المجال مثل ألمانيا وسويسرا. كما يجب أن يتم التعاون مع شركات أوروبية ودولية لتسويق منتجاتنا خارجيا والتعرف على أحدث الموديلات العالمية نظرا لفهمم لأذواق المستهلكين والأسواق هناك.
واقترح صقر إمكانية التكامل العربي بين الدول التي لها ميزة نسبية، ومتفوقة في مجال الملابس الجاهزة مثل تونس والأردن والمغرب وسوريا حيث تتميز مصر بالأقمشة بينما تتفوق الأردن وتونس والمغرب في صناعة الملابس الجاهزة مع تفعيل دور الاتحاد العربي للصناعات.
إطلاق طاقات القطاع الخاص
ومن جانبها قالت الدكتورة يمنى الحماقي، رئيسة قسم الاقتصاد السابقة بجامعة عين شمس، إن حجم الصادرات للملابس الجاهزة بالنسبة لإحدى عمالقة هذه الصناعة وهى بنجلاديش في تقدم مستمر حيث تتطور يوما بعد يوم بينما لاتزال مصر خارج المنافسة، وبالتالي لابد من إطلاق طاقات القطاع الخاص في هذه الصناعة مع دعم المصانع التي تقوم بالتصدير للخارج وتقديم الحوافز للمصنعين.
الاستعانة بشركات تسويق دولية
وطالبت الحماقي، بالاستعانة بشركات دولية في تسويق الملابس الجاهزة حيث هناك نوعين من هذه الشركات النوع الأول، وهو الأفضل والذي يتخصص في بيع المنتجات فقط للخارج وتسويقها بينما النوع الثاني من هذه الشركات وهو الذي يقوم بالاستيراد للمكونات كلها ويكون دورنا هو التجميع فقط وهذا غير مفضل بالطبع.
وأوضحت أن مصر، سبق أن استعانت في مجال تسويق المنتجات بشركة ماكينزي العالمية كاستشاري وأعدت دراسات كثيرة عن هذه الصناعة لكن للأسف لا يتم تفعيل توصياتها رغم إنفاق آلاف الدولارات على هذه الدراسات والاستشارات.
يذكر أن الفريق مهندس كامل الوزير نائب رئيس مجلس الوزراء للتنمية الصناعية وزير الصناعة والنقل، عقد لقاءً منتصف الشهر الماضي مع ماري لويس رئيس المجلس التصديري للملابس الجاهزة، لمناقشة سبل تنمية وتطوير صناعة الملابس الجاهزة وذلك بحضور الدكتورة ناهد يوسف رئيس الهيئة العامة للتنمية الصناعية.
واستمع الوزير، إلى عدد من المعوقات التي تواجه صناعة الملابس الجاهزة ومقترحات حلها، حيث اكد الوزير على الحل الفوري لكافة المشكلات التي تم طرحها خلال الاجتماع للانطلاق بهذه الصناعة الهامة وذلك لاستعادة مكانة الصناعات المصرية في هذا المجال على المستوى الدولي وزيادة حجم الصادرات المصرية إلى الخارج لتوفير العملة الصعبة ودعم الاقتصاد القومي وتوفير فرص العمل للشباب.
وأشار، إلى أنه سيتابع يوميا هذا الملف مع باقي الملفات الخاصة بتطوير الصناعة في مصر لتحقيق الهدف الأكبر بجعل مصر قاعدة صناعية كبيرة وان تكون الصناعة المصرية قاطرة للتنمية الشاملة.