حلمي أبو العيش رئيس شركة سيكم: المنتجات العضوية أرخص من المشبعة بالمبيدات.. وهذه فلسفتنا

أخر تحديث 2024/08/05 04:09:00 ص

آراب فاينانس: قال حلمي أبو العيش، رئيس شركة سيكم، ورائد الزراعة العضوية في مصر، إن فلسفة شركته تعتمد على تنمية البيئة، وتطوير المزارعين قبل استهدافه للربح لافتا إلى أن المنتج العضوي"الأورجانيك" يعد أرخص من المنتج الزراعي المشبع بـ المبيدات قياسًا بالأضرار التي يلحقها الأخير بالمجتمع والبيئة.  

وأضاف حلمي أبو العيش، الحائز على جوائز دولية في مجال التنمية المستدامة أبرزها هذا العام جائزة "كولبنكيان" لعام 2024 بسبب نموذجه الاقتصادي والبيئي "سيكم" خلال حواره مع "آراب فاينانس" أنه يرفض تطبيق الهندسة الوراثية في مجال الزراعة أو أي مجال قبل قياس تأثيراتها على البيئة والإنسان، موضحًا أن ينبغي أن ننتبه إلى ما نتكبده من خسائر صحية نتيجة الأضرار البيئية الناتجة عن المنتجات الزراعية الملوثة بالمبيدات.. وإلى نص الحوار: 

حدثنا في البداية عن تطور شركة سيكم منذ تأسيسها في الستينيات حتى الآن؟

البداية كانت منذ تأسيس الشركة في السبعينيات حيث كان مؤسس الشركة، وهو والدي الدكتور إبراهيم أبو العيش يفضل تسميتها بـ مبادرة سيكم حيث انتقل بالعائلة من النمسا إلى مصر في ذلك التوقيت، وأخبرنا أنه يريد الانتقال من النمسا للقاهرة بسبب أنه كان يرى وقتها في عام 1977 أن مصر تتعرض لمزيد من التحديات، وأنه لابد من نموذج يحتذى به في مجال الزراعة النظيفة والعضوية والحيوية، ويكون مختلف عن النموذج السائد في الزراعة وقتها والذي كان يعتمد على الزراعة بالمبيدات والكيماويات، ومصر كانت في هذا التوقيت من أكثر الدول استخدامًا للمبيدات في الزراعة، ولم يكن إقناع المجتمع المصري بالزراعة العضوية في الصحراء بشئ يسير في هذا التوقيت، كما كان يرى والدي إبراهيم أبو العيش أن نموذجه الزراعي والبيئي هذا يعتمد على ما سماه"اقتصاد المحبة".

ماذا تقصد باقتصاد المحبة؟

اقتصاد المحبة الذي كان يسير عليه والدي ونتبعه أيضا نحن الآن، هو نظام اقتصادي يعتمد على الربح العادل، ولا يسيطر عليه النظام الرأسمالي الذي تسيطر عليه المصلحة قبل أي شيء، وووفق منظورنا فاقتصاد المحبة يحقق الربح بشكل أكبر كما يحقق إنتاجية أعلى، وفي ذات الوقت يراعي المعايير البيئية، ومصالح كل الأطراف في المنظومة الزراعية. كما يراعي التنمية المستدامة، وليس مصالح المستثمر فقط، وقد كان والدي سابقا لعصره بخطوات عندما تحدث عن التنمية المستدامة حيث لم يكن هذا المفهوم يحظى باهتمام عالمي كما هو الآن. 

كيف تأثرت بتجربة والدك وهل تعتبر شركتكم من الشركات العائلية؟

نحن نعتبر شركة سيكم مبادرة تخدم تنمية المجتمع والبيئة والأفراد المرتبطين بالشركة، ونحن لا نعتبر أنفسنا شركة عائلية، وقد تأثرت بوالدي كمثل أعلى لي منذ مجيئي إلى مصر وأنا في المرحلة الثانوية، وكان هو وقتها في عمر 40 عامًا، وبالتالي فأنا كنت جزء من فريق العمل منذ تأسيس الشركة، وقد تعلمت منه كثيرا واستطعت التعلم أيضا من مصادر أخرى داخل وخارج مصر، وقد كان والدي يهتم بتنمية الإنسان والمجتمع عبر تجربته، وكان الجميع يقول له إن تنمية الإنسان والمجتمع ليس من واجبك وأنه دور حكومي بحت وليس دورك، ولكنه كان يرى أن للشركات مسئولية مجتمعية يجب أن تقوم بها، وكان عام 1977 هو عصر الانفتاح في مصر الذي كانت تسعى فيه مصر للسير على النموذج الأمريكي، وكان البعض يقول له إن ما تستهدفه من نموذج الزراعة العضوية هو شئ مستحيل تطبيقه في مصر، وكان البعض يشكك في نجاح تجربته لكن على مدار 47 عاما هو عمر شركتنا أثبتت التجربة استمرارنا ونجاح نموذجنا في مجال التنمية المستدامة، وأصبح المزارعين لدينا الآن يحققوا إنتاجية زراعية أعلى بنوعية وجودة أفضل وباستخدام مياه أقل فضلا عن تحقيقهم أرباح أكثر. 

كم عدد المزارعين في شركتكم؟

لدينا حوالي ألفي موظف يعملون في شركتنا، والتي تضم بداخلها 5 شركات تعمل في مجال الزراعة العضوية، والأعشاب الطبية والأدوية، فضلا عن الشركة التي تعمل في مجال الملابس المصنوعة من أقطان عضوية خالية من المبيدات.

البعض يعتبر أن سوق المنتجات العضوية هو سوق للأغنياء فقط.. ما رأيك؟

نحن منذ بداية عملنا وتأسيس شركتنا استطعنا تصميم منتجات بأسعار تنافس في السوق العادي.. سوق السوبر ماركت والصيدليات، وغيرها من الأسواق التي نوزع بها منتجاتنا بأسعار عادلة للمستهلك المصري.

ما هى الفلسفة التي تقوم عليها شركتكم؟

نحن نستغل جزء من أرباحنا بشركة سيكم في التنمية المجتمعية، وشركتنا تقوم على تنمية المزارع والبيئة والمجتمع وتسمح لكل من يشارك في منظومتنا بالنمو، والتطور، فنحن لدينا مدارس ومستشفى وجامعة هى جامعة هليوبوليس، ولدينا ساحة ثقافية نحاول من خلالها تثقيف العاملين لدينا، وفي ذات الوقت نحن مهتمين بأن نكون مثالا ونموذجا لآخرين يقلدوننا ويسيروا على نهجنا في تنمية المجتمع والبيئة والمسؤولية الاجتماعية للشركات. كما تعتمد فلسفتنا على القيمة المضافة لمنتجاتنا الزراعية فالقطن الحيوي مثلا نصنع منه الملابس وبالتالي ومن خلال القيمة المضافة لمنتجاتنا استطعنا الوصول لسعر منافس بالسوق. 

هل تصدرون منتجاتكم للخارج؟

نحن نصدر منتجاتنا لأكثر من 35 دولة ونحن لنا فروع لشركتنا في أوروبا وأمريكا.

كم نسبة إنتاجكم للسوق المحلي؟

السوق المحلي يستوعب 70% من الإنتاج، والباقي للسوق الخارجي ونحن نركز أكثر على السوق المحلي.

كيف تقيم المسؤولية الاجتماعية للشركات في مصر؟ 

أرى أن جميع البوادر تشير إلى أن التغيير قادم فيما يتعلق بالمسئولية الاجتماعية للشركات ومن لم يأقلم نفسه ويحسن إدارته للمنظومة البيئية لن يكون متواجد في المستقبل، وعلى جميع الشركات أن تستيقظ لتلك القضية وهى تحقيق التوازن بين متطلبات البيئة والمجتمع.

كيف يمكن أن تتحقق تلك الرؤية؟

يمكن أن تتحقق من خلال التنوير، والتثقيف، ومواجهة التحديات والأزمات، وأتمنى ألا نحقق هذا التغيير بعد الوقوع في أزمات بل يجب أن يكون هناك استباق بإجراءات وقائية قبل الوقوع في مشكلات.

كم يبلغ حجم الزراعة العضوية في مصر؟

حجم الزراعة العضوية في مصر حاليا حوالي 200 ألف فدان أي نحو 2% من الزراعة في مصر، ولدينا أمل بزيادتها مستقبلا.. لكن السؤال هنا هو هل المستهلك الذي يمر بظروف اقتصادية صعبة قادر أن يشتري منتج عضوي "أورجانيك" بسعر مرتفع أم يرغب في سعر أقل؟ والإجابة هو أنه يفضل السعر الأقل حتى القادر ماليا والغني سواء في مصر أو خارجها يبحث عن السعر الأقل، وهذا هو التحدي.. لكننا عندما درسنا بعض المبادئ التي وضعتها منظمة الأغذية والزراعة "فاو" اكتشفنا أن تكلفة المنتج الموجودة بالسوق هى لا تمثل التكلفة الحقيقية حيث أن المنتج الزراعي الذي يرش بالمبيدات يلوث البيئة ومياه الشرب وتكون تكلفته مرتفعة نتيجة أن المستهلك يدفع ثمن تنقية هذه المياه في النهاية من صحته وماله، وبالتالي تضاف هذه التكلفة لهذا المنتج الزراعي الملوث للبيئة وعند مقارنته بالمنتج العضوي سنجد أن المنتج العضوي وفق هذا المنظور هو أقل تكلفة من المنتج الزراعي المستخدم فيه مبيدات زراعية، لأننا في النهاية ندفع ثمن ذلك من البيئة وصحة الإنسان، وعلاجه نتيجة الأضرار المرضية التي يتعرض لها بسبب هذا التلوث البيئي.

كيف ترى الحلول لمواجهة التحديات التي تواجه الزراعة العضوية؟

يوجد حاليا سوق شهادات الكربون، والذي يشجع على تثبيت انبعاثات الكربون وفق نظام اقتصادي بحت، ووجدنا أن المزارع المصري الذي يمتلك فدان في الريف يمكنه تثبيت حوالي 10 طن كربون سنويا من خلال زراعة بعض الأشجار وبعض الإجراءات الصديقة للبيئة ونحن ندعم هذا التوجه للمزارعين في مصر عبر الإرشاد والتوعية والتمويل. كما ندير للمزارعين  شهادات الكربون لتحقيق دخل إضافي عبر هذه الشهادات، وقامت الحكومة المصرية بمساعدتنا في هذا المجال من خلال إنشاء سوق للسندات الكربونية التطوعية. كما أسست هيئة الرقابة المالية في مصر منصة بحيث يستطيع المزارع المصري بيع هذه السندات في السوق العالمي، وتضاف لحسابه ويستفيد منها ماليًا، ونحن نسعى أن يطبق هذه التجربة الـ 7 مليون مزارع في مصر، وذلك سيساهم في تحسين المناخ ودعم الدخل للمزارع، وكذلك تحسين جودة المنتج الزراعي ذاته. 

لقد حصلت خلال هذا العام 2024 على جائزة كولبنكيان الدولية.. ما هى تفاصيل هذه الجائزة وسبب حصولك عليها؟ 

هى جائزة أسسها أغنى رجل أعمال في العالم عام 1955 وهو رجل الأعمال كالوست كولبنكيان، والذي كان يعمل في مجال النفط، وهو ذو أصل أرميني وكان يعيش في لندن وتوفي في البرتغال، وخصص جزء من أمواله لعدد من الجوائز في مجالات عدة لكن منذ 5 سنوات فقط تم تأسيس جائزة ترأس لجنة تحكيمها المستشارة أنجيلا ميركل مستشارة ألمانيا السابقة، والتي اختارت شركة سيكم ومبادرتها ضمن المشروعات التي يمكن أن تتكرر، وتؤثر في المجتمع والنظام الاقتصادي والزراعي والبيئي، وهذا العام اختاروا مبادرة سيكم للحصول على هذه الجائزة إضافة لاثنين من أمريكا والهند، وهو نوع من التكريم واعتراف أننا نسير في الاتجاه الصحيح، ونحن نسعى لتطبيق تجربتنا في مصر والعالم كله حتى يعود الفلاح المصري لحماسه في مجال الزراعة كما كان، ولا يعزف عنها لصالح مجالات أخرى.

كيف ترى تأثير التغيرات المناخية على الأمن الزراعي والغذائي؟

الزراعة في الـ 200 عامًا الماضية كانت أكبر مساهم في مشكلة التغيرات المناخية كأكبر مخزن لثاني أكسيد الكربون في الأراضي الزراعية والغابات، وفي ذات الوقت، ووفق دراسات دولية حديثة تعد الزراعة أيضًا فرصة لوقف تأثيرات التغيرات المناخية من خلال زراعة الأشجار والزراعة العضوية التي ستوقف نحو 50% من تلك التأُثيرات.

هل تسعى شركة سيكم لتوسعات مستقبلية في مصر؟

نحن نسعى حاليا بنشر فكر التنمية المستدامة أكثر من أي شئ آخر وفي ذات الوقت نحن مهتمين بالتوسع في منتجات جديدة والنمو الدائم للشركة وإنشاء خطوط إنتاج جديدة ونحن نسعى لزيادة مساحة الأراضي الزراعية التي نديرها حاليا والتي تصل إلى نحو 10 آلاف فدان بهدف تنمية مواردنا وكوننا نموذج يسعى للانتشار والتكرار في أماكن مختلفة في مصر وحول العالم. 

ما هى التحديات التي تواجه المنتجات الزراعية العضوية في مصر؟

أكبر تحدي يواجهها أن الناس ترى أنها ذات سعر مرتفع، وهناك من يرى أن الحل في تصدير هذه المنتجات لكننا لا نريد أن يذهب كل هذا المجهود في مجال الزراعة العضوية خارج مصر، ونرغب أن يستفيد منه السوق المحلي. 

ما رأيك في استخدامات الهندسة الوراثية والتي أثير حولها جدل حول مخاطرها؟

أنا ضد تطبيقات الهندسة الوراثية قبل قياس تأثيراتها على صحة الإنسان والبيئة في المستقبل، وعلى الأجيال المقبلة، وأنا ضد تطبيقات الهندسة الوراثية في المجال التجاري لكنني مع بحث تأثيراتها من خلال التجارب العلمية.

كيف ترى التقدم في مجال ريادة الأعمال في مصر وتأثيره على التنمية الاقتصادية؟ 

أرى أنه خلال الـ15 عاما الماضية هناك نمو كبير في مجال ريادة الأعمال في مصر خاصة تنمية مهارات رواد الأعمال وسيدات الأعمال، وهناك أفكار كثيرة طبقت، وهناك مساهمات كثيرة خلقت العديد من الوظائف، وتعد مشروعات ريادة الأعمال أحد الطرق لتخطي الأزمة الاقتصادية التي نعاني منها حاليا، ونحن في جامعة هليوبوليس لدينا مساهمات في هذا المجال من خلال مركز ريادة الأعمال التابع للجامعة، ونحاول جذب أموال لتطبيق هذه الأفكار التي تطرح داخل المركز لاحتضانها وتنميتها. 

أخبار متعلقة