آراب فاينانس: مخاوف من ركود في السوق الأمريكية، تسيطر على معنويات المستثمرين حاليا بالأسواق العالمية يخشى من انتقالها لكثير من الدول، خاصة مع تراجع أسواق الأسهم العالمية بشكل حاد إذ امتلأت شاشات التداول في جميع أنحاء الولايات المتحدة وآسيا، وإلى حد ما، أوروبا، وكذلك منطقة الشرق الأوسط بالأسهم الحمراء الوامضة المتجهة نحو الأسفل.
ويأتي هذا التحول المفاجئ، مع تنامي المخاوف من تباطؤ الاقتصاد الأمريكي الذي يُعتبر الأكبر في العالم.
ورغم اتفاق معظم الخبراء، على أن السبب الرئيسي وراء هذا الخوف من الركود، يرجع إلى أن بيانات الوظائف الأمريكية لشهر يوليو، التي صدرت يوم الجمعة الماضي، والتي كانت أسوأ بكثير من المتوقع لكن البعض يعتبر أن ما حدث من ترويج لإمكانية حدوث ركود كان مقصودا لخدمة الاقتصاد الأمريكي في النهاية وأن مؤشر التوظيف لا يعبر تعبير حقيقي عن حدوث الركود المرتقب.
ويرى الخبراء، أنه إذا استمر الذعر في سوق الأوراق المالية، واستمرت الأسهم في الانخفاض، فقد يتدخل بنك الاحتياطي الفيدرالي قبل اجتماعه القادم في سبتمبر لتخفيض أسعار الفائدة.
وإذا كانت أرقام الوظائف تشير إلى أن الاقتصاد يتجه بالفعل نحو الانخفاض، فإن المخاوف تتمحور حول أن الوقت قد داهم بالفعل بنك الاحتياطي الفيدرالي، وأنه تأخر في قرار خفض سعر الفائدة.
أسباب الخسائر بالبورصات العالمية
من جانبه قال الدكتور أحمد شوقي الخبير المصرفي وعضو الجمعية المصرية للاقتصاد السياسي والتشريع والإحصاء، في تصريحات حصرية لـ آراب فاينانس إن أحد أسباب الخسائر التي تكبدتها البورصات العالمية، يرجع إلى الاضطرابات الجيوسياسية في منطقة الشرق الأوسط فضلًا عن الحرب الروسية الأوكرانية، لافتا إلى أن الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي اتبع خلال الفترة الماضية سياسة تشددية برفع سعر الفائدة لجذب مزيد من الأموال، وأنه كان من المفترض أن يخفض الفائدة خلال اجتماعه الأخير وفق التوقعات لكن ذلك لم يحدث.
وحول إمكانية عقد اجتماع استثنائي للفيدرالي الأمريكي قبل موعده المحدد لخفض الفائدة قال شوقي إن هذا غير وارد، لأن ذلك سيرسل رسائل سلبية للأسواق التي بها استقرار وسيحدث خسائر كبيرة.
وأضاف شوقي أن مصر تأثرت بالطبع مما حدث بالسوق الأمريكي، والبورصات العالمية من هبوط حيث خرجت بعض الأموال الساخنة من رؤوس الأموال الأجنبية من البورصة المصرية كما تراجعت البورصة المصرية خلال اليومين الماضيين.
بوادر حدوث الأزمة
ويرى الدكتور عز الدين حسانين الخبير الاقتصادي، وأستاذ التمويل والاستثمار، أن ما حدث من انهيار بالبورصة الأمريكية، والبورصات العالمية، كان متوقعا، وأن بوادر هذه الأزمة ظهرت قبلها بشهور من خلال إفلاس أكثر من 50 بنك صيني مما كان له تداعيات على السوق العالمي.
وأضاف حسانين، أنه من اللافت أيضا قيام المستثمر الأمريكي وارن بافيت رئيس مجلس الإدارة والرئيس التنفيذي لشركة بيركشاير هاثاواي أسهماً بكميات كبيرة، قبل حدوث الانهيارات الكبيرة بالبورصة الأمريكية بأيام قليلة، مما جعل كثير من المستثمرين يتبعوه في موجة بيعية كبيرة بالسوق الأمريكية، ما يشير إلى أنه كان يعلم أن شيئا ما سيحدث بالأسواق.
وأوضح حسانين، أن البورصة المصرية خسرت خلال تلك الأزمة نحو 4 مليار دولار وهى جزء من الأموال الساخنة في حين خسرت البورصة الأمريكية حوالي 3 تريليون دولار منوها بأنه يتوقع حدوث اجتماع استثنائي من جانب الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي لإنقاذ الموقف بالبورصة الأمريكية عبر قرار بخفض الفائدة.
اللجوء للسندات الأمريكية
ويختلف الدكتور وائل النحاس، الخبير الاقتصادي، مع تلك الرؤية السابقة، لكل من شوقي وحسانين، حيث يرى أن كل ما حدث من ترويج لمخاوف من الركود بالسوق العالمية كان مقصودًا لجمع مزيد من السيولة والإقبال على شراء السندات الأمريكية كاستثمار أكثر أمانا في تلك الفترة.
وأوضح النحاس، أن حدوث هذه الهزة العنيفة بالأسواق العالمية، سيعطي فرصة للجوء لشراء السندات الأمريكية باعتبارها استثمار آمن في ظل هذا الاضطراب بالبورصات العالمية، لافتا إلى أن مؤشر ضعف التوظيف غير معبر عن تباطؤ الاقتصاد الأمريكي أو حدوث ركود خلال الفترة المقبلة.
وتباطأ التوظيف في الولايات المتحدة الأمريكية بأكثر من المتوقع في شهر يوليو، وارتفع معدل البطالة إلى أعلى مستوياته فيما يقرب من ثلاث سنوات، مما يشير إلى تدهور أسرع مما كان يُعتقد سابقاً وهو ما يضع بنك الاحتياطي الفيدرالي بقوة على طريق خفض أسعار الفائدة في سبتمبر.
وشهدت الأسواق المالية الأمريكية هبوطاً حاداً خلال الأيام الماضية بعد صدور تقرير وظائف أضعف من المتوقع، ما أثار مخاوف متزايدة من ركود اقتصادي محتمل.
وجاء التقرير ليظهر تباطؤاً غير متوقع في نمو الوظائف، حيث أضاف الاقتصاد الأمريكي 114,000 وظيفة فقط في يوليو، وهو ما جاء دون توقعات الاقتصاديين الذين قدروا العدد بـ175,000 وظيفة، كما ارتفع معدل البطالة إلى 4.3%، وهو أعلى مستوى له منذ أكتوبر 2021.
وصوت بنك الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي الأسبوع الماضي على عدم خفض أسعار الفائدة كما أن البنوك المركزية الأخرى داخل الاقتصادات المتقدمة، بما في ذلك بنك إنجلترا والبنك المركزي الأوروبي، خفضت أسعار الفائدة مؤخراً.
وأبقى بنك الاحتياطي الفيدرالي على تكاليف الاقتراض، لكن رئيسه جيروم باول أشار إلى أن الخفض في سبتمبر المقبل كان مطروحاً على الطاولة.