آراب فاينانس: لدى مصر فرص واعدة في مجال الاستثمار في مجالات الهيدروجين الأخضر لتصبح مركز عالمي لإنتاج الهيدروجين منخفض الكربون، حيث أطلقت الحكومة الخميس الماضي، الاستراتيجية الوطنية للهيدروجين منخفض الكربون، متوقعة أن تحقق عوائد اقتصادية تسهم في زيادة الناتج المحلي الإجمالي للبلاد بما يصل إلى 18 مليار دولار بحلول 2040، واستحداث أكثر من 100 ألف وظيفة، خلال نفس المدة.
وبحسب بيان صادر عن رئاسة مجلس الوزراء المصري، فإن الاستراتيجية تسهم في مضاعفة أمن الطاقة لمصر من خلال تنويع مصادرها، إلى جانب المساهمة في خفض انبعاثات ثاني أكسيد الكربون، ودعم التحول إلى الاقتصاد الأخضر.
من جانبه قال الدكتور محمد سليم سالمان استشاري الطاقة المتجددة، والرئيس الأسبق لـ قطاع المراقبة المركزية للأداء بوزارة الكهرباء، في تصريحات حصرية لـ آراب فاينانس إن استخدام الهيدروجين الأخضر في الصناعة يعني أن كل مصادره تأتي من الطاقات المتجددة، وهذا بالطبع مكلف للغاية لذلك لجأت مصر للهيدروجين منخفض الكربون، وهو مقبول استخدامه دوليا من الناحية البيئية وأقل في التكلفة.
مواصفات محددة لإنتاج الهيدروجين منخفض الكربون
وأضاف سالمان، أن الهيدروجين منخفض الكربون له مواصفات محددة، وتعمل مصر وفق المواصفة التي تتعلق بإنتاج 4 كيلو جرام انبعاثات كربونية لكل كيلو جرام هيدروجين، لافتا إلى أن مصر تمتلك تاريخ من الخبرة في هذا المجال، ما يؤهلها لكي تكون رائدة فيه حيث قامت شركة كيما للأسمدة في محافظة أسوان التي أنشئت عام 1960 عندما لم يكن الغاز الطبيعي متاح محليا بتشغيل مصنع للهيدروجين الأخضر بقدرة 150 ميجا وات باستخدام الطاقة الكهرومائية من سد أسوان. كما تم استبدال أجهزة التحليل الكهربي الأصلية عام 1977 والتشغيل عام 2019 حيث تم استبدالها بمصنع هيدروجين رمادي قائم على الغاز الطبيعي. كما تم استخدام الهيدروجين الأخضر لتصنيع الأمونيا، وحمض النيتريك، ونترات الأمونيوم، وعالميا أصبحت التكنولوجيا القائمة على الغاز الطبيعي هى التكنولوجيا السائدة لهذه العملية.
وأوضح الخبير في مجال الطاقة، أن استخدام مصر وإطلاقها الاستراتيجية الوطنية للهيدروجين الأخضر له فوائد عديدة حيث يحسن صورة مصر عالميا كدولة تستخدم الطاقة المتجددة والنظيفة كما يوفر فرص عمل تصل إلى 100 ألف وظيفة، ويضع مصر على خارطة الحياد الكربوني عام 2050 كما تستطيع تصدير كميات من إنتاج الهيدروجين الأخضر، مما يساهم في زيادة الناتج المحلي بمليارات الدولارات مشيرا إلى أن هناك فرص تصديرية كبيرة لمصر في أوروبا وأمريكا وكوريا الجنوبية واليابان.
وشدد سلمان، على ضرورة تنفيذ أهداف الاستراتيجية حيث أن مصر تستهدف عام 2040 وفق سيناريو طموح تحقيق 8% من الطلب العالمي المتوقع على الهيدروجين منخفض الكربون القابل للتداول بمعدل 5.6 مليون طن سنويا بحلول 2040 بينما ما تحقق حتى الآن 2% فقط منوها بأن مصر حققت 12% فقط من استخدامات الطاقة المتجددة عام 2022 بينما كان مستهدف تحقيق 20%، وبالتالي يجب أن يكون هناك انضباط هيكلي لتحقيق الاستراتيجية الوطنية للهيدروجين منخفض الكربون 2040.
استخدامات الهيدروجين الأخضر
وأكد سالمان، أن الهيدروجين منخفض الكربون يستخدم في التكرير والأمونيا وحمض النيتريك والأسمدة النيتروجينية، ومصر مرشحة أن تكون من الدول الرائدة في مجال الهيدروجين منخفض الكربون ومشتقاته، وتمتلك مصر كافة الموارد البشرية والفنية لهذا الغرض موضحا أن الإجمالي الحالي لإنتاج الهيدروجين المستخدم في إنتاج الأمونيا يبلغ حوالي 1 مليون طن سنويا وفي حالة الاستبدال بالهيدروجين منخفض الكربون يمكن أن يؤدي إلى توفير في انبعاثات الكربون يبلغ 14 مليون طن سنويا.
وحول التحديات التي تواجه تنفيذ الاستراتيجية الوطنية للهيدروجين منخفض الكربون قال سالمان إن أكبر التحديات تتمثل في إنشاء محطات الطاقة المتجددة، وربطها بالشبكة وإنشاء المحلل الكهربائي فضلا عن التمويل الضخم لمثل هذه المشروعات والإشراف الهندسي المنضبط عليها.
من جانبها قالت الدكتورة نهى سمير دنيا، عميد كلية الدراسات العليا والبحوث البيئية بجامعة عين شمس إن الاستراتيجية الوطنية للهيدروجين مُنخفض الكربون تهدف إلى جعل مصر أحد البلدان الرائدة في اقتصاد الهيدروجين منخفض الكربون على مستوى العالم، وتقوم الاستراتيجية على التوسع التدريجي في الاستخدام المحلي للهيدروجين منخفض الكربون، مع زيادة طاقات إنتاج الهيدروجين ومشتقاته، وصولاً إلى استخدام الهيدروجين منخفض الكربون في جميع القطاعات خاصةً الصناعة والنقل، وزيادة الحصة السوقية من التصدير للأسواق العالمية.
تحفيز الاستثمار في مجال الهيدروجين الأخضر ومشتقاته
وأوضحت دنيا، أن الاستراتيجية تستهدف أيضا توحيد الجهود التي تبذلها الدولة لتحفيز الاستثمار في مجال الهيدروجين الأخضر ومشتقاته، بما يتماشى مع متطلبات التنمية المستدامة وخطط الدولة للتنمية الاقتصادية والاجتماعية، وضمان القدرة التنافسية على الصعيدين الإقليمي والدولي مشيرة إلى أن مصر أنشأت المجلس الوطني للهيدروجين الأخضر ومشتقاته في سبتمبر 2022 بهدف توحيد الجهود التي تبذلها الدولة لتحفيز الاستثمار في مجال الهيدروجين الأخضر ومشتقاته، بما يتماشى مع متطلبات التنمية المستدامة وخطط الدولة للتنمية الاقتصادية والاجتماعية، وضمان القدرة التنافسية على الصعيدين الإقليمي والدولي.
واعتمد المجلس الأعلى للطاقة برئاسة الدكتور مصطفى مدبولى رئيس الوزراء فى 27/2/2024 الاستراتيجية الوطنية للهيدروجين مُنخفض الكربون مما يجعل مصر أحد البلدان الرائدة في اقتصاد الهيدروجين منخفض الكربون على مستوى العالم.
ووفق مركز المعلومات واتخاذ القرار التابع لمجلس الوزراء فقد وقَّعت الحكومة المصرية مذكرات تفاهم متعددة مع أكثر من 14 جهة خلال العامين الماضيين، كلها تتعلق بسوق الهيدروجين الأخضر المتصاعدة. على سبيل المثال، أبرمت مصر في عام 2022 اتفاقية مع شركة هندية في مجال الطاقة تسمى "رينيو باور" (ReNEW Power)، وتضمنت الاتفاقية صفقة بقيمة 8 مليارات دولار لتركيب وبناء وتشغيل منشأة في المنطقة الاقتصادية لقناة السويس لإنتاج الهيدروجين الأخضر.
وتنقسم هذه الصفقة الطموحة إلى عدة مراحل؛ حيث تبلغ قيمة المرحلة الأولى من خطة تطوير المنشأة 710 ملايين دولار وتغطي مساحة 600 ألف متر مربع، وتستهدف الصفقة توريد كمية إضافية صغيرة من احتياجات السوق الداخلية والتصدير إلى دول أخرى.
ووقع مجلس الوزراء المصري 7 اتفاقيات مع مطورين عالميين لتنفيذ مشروعات بمجالي الهيدروجين الأخضر والطاقة المتجددة بالمنطقة الاقتصادية لقناة السويس باستثمارات تتجاوز 40 مليار دولار.
وأوضح مجلس الوزراء في بيان له فبراير الماضي، أن قيمة استثمارات المرحلة التجريبية للاتفاقيات تبلغ 12 مليار دولار، و29 مليار دولار للمرحلة الأولى منها، بينما يتجاوز إجمالي الاستثمارات 40 مليار دولار خلال 10 سنوات.
وشهد رئيس مجلس الوزراء المصري، مصطفى مدبولي، التوقيع على الاتفاقيات بمقر الحكومة بالعاصمة الإدارية الجديدة، وهي 7 اتفاقيات تعاون في مجالي الهيدروجين الأخضر والطاقة المتجددة؛ بين 7 مُطورين عالميين وعدد من الجهات الحكومية هي: "صندوق مصر السيادي"، و"الهيئة العامة للمنطقة الاقتصادية لقناة السويس" و"هيئة الطاقة الجديدة والمتجددة" و"الشركة المصرية لنقل الكهرباء".