آراب فاينانس: طالب خبراء في مجال الهجرة، ومحللون اقتصاديون، بضرورة توسع البنوك الحكومية في دول الخليج وأفريقيا كإجراء محفز لجذب مزيد من أموال وتحويلات المصريين في الخارج للجهاز المصرفي، خاصة بعد عودة الاستقرار في السوق المصرفية المصرية، واختفاء السوق الموازية للدولار بعد عملية التعويم وتخفيض قيمة الجنيه مقابل الدولار، والتي قامت بها الحكومة في 6 مارس الماضي.
وشدد الخبراء في تصريحات حصرية لـ آراب فاينانس على ضرورة عودة الثقة بين المصريين العاملين في الخارج، وبين الحكومة خاصة بعد العديد من المبادرات التي أعلنت من جانب الدولة لتشجيع المصريين في الخارج على ضخ المزيد من الأموال داخل السوق المصرية، ولم تنجح في أهدافها خاصة مبادرة شراء العقارات والوحدات السكنية.
استقرار السوق المصرفي ساهم في عودة تحويلات المصريين لمسارها الرسمي
من جانبه قال الدكتور عز الدين حسانين الخبير الاقتصادي والمصرفي، إنه بعد تاريخ 6 مارس 2024، وهو تاريخ عملية التعويم في مصر انخفضت قيمة الجنيه مقابل الدولار حيث كان مستوى الجنيه المصري عند 31 جنيها بينما يتحرك حاليًا بين 47 و48 جنيهًا، وأنه منذ ذلك التاريخ استقرت السوق المصرفية في مصر، واختفت ما كانت تسمى بالسوق الموازية لتداول الدولار، وأصبح لدى المصريين العاملين بالخارج انطباع جيد عن السوق المصرفية، وبدأوا يضخوا المزيد من التحويلات المالية في الجهاز المصرفي الرسمي.
ويشير حسانين إلى أنه رغم ذلك لا تزال تحويلات المصريين العاملين بالخارج أقل مما كان عليه خلال عامي 2021 و2022 حيث تجاوزت تحويلات المصريين بالخارج الـ 30 مليار دولار في حين من المتوقع ألا تتعدى 24 مليار دولار في نهاية ديسمبر عام 2024.
وأضاف الخبير المصرفي، أن هناك زيادة فعلية على أساس شهري في تحويلات المصريين بالخارج خلال عام 2024 بينما على أساس سنوي لاتزال تحويلات المصريين في الخارج منخفضة مشيرًا إلى أنه مع تخفيض قيمة الجنيه مقابل الدولار تراجع حجم التحويلات المالية للمصريين بالخارج لافتا إلى أن المعدل الطبيعي لتحويلات المصريين من المفترض أن تتراوح من 2.5 إلى 3 مليار دولار بينما هى حاليا 2 مليار دولار فقط شهريا.
وأوضح حسانين أن المبادرات الحكومية الخاصة بالمصريين بالخارج عطلت الكثير من تحويلاتهم، وذلك نتيجة البيروقراطية خاصة مبادرة الأراضي والوحدات السكنية، والتي خالفت توقعاتهم، وأحدثت العديد من المشاكل التي تتعلق بتخصيص الأراضي وسوء توزيعها في المقابل نجحت مبادرة شراء السيارات للمصريين في الخارج وحققت حوالي 2.5 مليار دولار.
حسانين شدد على أن استثمارات المصريين بالخارج في قطاع العقارات في مصر تراجعت نتيجة الأسعار المبالغ فيها والمقدرة بأعلى من قيمتها ما ساهم في تقليل تدفقاتهم لمصر للاستثمار في هذا القطاع، والأمر يتطلب التعامل بشكل أكثر احترافية مع المصريين العاملين بالخارج.
ضرورة فتح فروع بنكية حكومية بالخليج
وطالب حسانين، بضرورة فتح فروع بنكية للبنوك الحكومية مثل البنك الأهلي المصري وبنك مصر في دول الخليج والتي بها أكثر من 10 مليون عامل وكذلك أفريقيا وذلك للتيسير عليهم والمساهمة في جذب مزيد من رؤوس الأموال للعاملين بالخارج وضخها بالبنوك المصرية، خاصة أنه على سبيل المثال هناك كبار الموظفين العاملين بالخارج والذي قد يصل مرتبهم شهريًا لمليون دولار خلال عملهم بشركات دولية خارج مصر.
وأكد حسانين أن هناك أيضا دول أفريقية يعمل بها مصريين ويمكن فتح فروع بنكية بها خاصة السنغال ونيجيريا وجنوب أفريقيا وتنزانيا وكوت ديفوار وأنجولا وبتسوانا وهى دول غنية بالماس والبترول وبها شركات مصرية كبرى مثل شركات السويدي وأوراسكوم وهذه الشركات تتحصل على ناتج عملها بالدولار وبالتالي يمكن تحويله عبر هذه البنوك هناك حيث يشعر المصريين بالثقة والطمأنينة خلال التعامل معهم.
تحويلات المصريين في الخارج مصدر رئيسي للعملة الصعبة
وأرجع الدكتور أيمن زهري الرئيس المؤسس للجمعية المصرية لدراسات الهجرة والأستاذ بالجامعة الأمريكية بالقاهرة سبب زيادة تحويلات المصريين بالخارج خلال الربع الثاني من العام الجاري إلى اختفاء الخلل الذي كان قائما في السوق المصرفي من خلال وجود سعرين للدولار أحدهما بالسوق الرسمية والآخر بالسوق الموازية حيث أصبحت السوق المصرفية حاليًا أكثر استقرارًا وانضباطًا وهو ما شجع الكثير من المصريين في الخارج على وضع مدخراتهم في المسار الآمن من خلال القنوات الشرعية للجهاز المصرفي.
وأوضح زهري، أن تحويلات المصريين في الخارج تعد مصدر رئيسي للعملة الصعبة مشيرا إلى أن نحو 80% من العملة الصعبة تأتي من المصريين العاملين بدول الخليج.
وضع برامج جيدة من وزارة الاستثمار لاجتذاب أموال المصريين بالخارج
وأضاف زهري أن هناك برامج جيدة وضعتها وزارة الاستثمار والهيئة العامة للاستثمار لاجتذاب أموال المصريين في الخارج وهناك القانون رقم 111 لسنة 1983 والذي يمنحهم نفس المزايا التي يحصل عليها المستثمر الأجنبي عند استثمار أموالهم في مصر وهو القانون المتعلق بـ بشأن الهجرة ورعاية المصريين فى الخارج.
وتقول الدكتورة عالية المهدي عميدة كلية الاقتصاد والعلوم السياسية السابقة بجامعة القاهرة إن هناك استقرار واضح بالسوق المصرفية سمح بعودة أموال المصريين بالخارج لمسارها الطبيعي وهو الجهاز المصرفي.
وأضافت أن البنوك تقوم باستثمار هذه الأموال استثمار جيد عند استقبالها لهذه الأموال، وهى تدخل ضمن الاقتصاد ويكون لها نتائج جيدة على النقد الأجنبي في البلاد.
وسجلت تحويلات المصريين العاملين في الخارج أعلى مستوى لها خلال عامين، بحسب بيانات البنك المركزي المصري حيث بلغت قيمة التحويلات 7.5 مليار دولار في الربع الثاني من العام الجاري 2024، مقارنةً بنحو 5 مليارات خلال الربع الأول أما على أساس سنوي، فنمت هذه التحويلات بنحو 63%، حيث كانت سجلت 4.6 مليار دولار في الربع الثاني من 2023.
فروع بنكي الأهلي ومصر بالخارج
يذكر أن البنوك الحكومية تتواجد في دول الخليج وأفريقيا تواجد محدود حيث يتواجد البنك الأهلي المصري في السودان، كما له مكتب تمثيلي له في العاصمة الإثيوبية أديس بابا، ومكتب تمثيلي في جوهانسبرج بجنوب أفريقيا بينما يتواجد في دول الخليج من خلال مكاتب تمثيل في كل من الرياض والخُبَر وجدة بالسعودية كما يتواجد البنك الأهلي في دول الخليج من خلال مكاتب تمثيل له في كل من دبي وأبو ظبي بدولة الإمارات العربية والكويت.
ويتواجد بنك مصر في أفريقيا من خلال مكتب تمثيل تابع له في كينيا وفق موقعه الإلكتروني، ولكن محمد الإتربى رئيس بنك مصر الأسبق ذكر في تصريحات صحفية سابقة أن البنك حصل على موافقة البنك المركزي لإطلاق مكاتب تمثيلية في الصومال وتنزانيا.
ويستهدف بنك مصر فتح 15 فرعا في الدول الأفريقية في إطار الخطة التوسعية لدعم العلاقات التجارية بين مصر وباقي الدول الأفريقية بحسب محمد الأتربي.
كما يتواجد بنك مصر من خلال فروع له بدولة الإمارات العربية المتحدة عبر المركز الإقليمي لفروع الخليج بمدينة بـ بيزنس باى هناك فضلًا عن فروعه بكل من فرع أبو ظبي وفرع بيزنس باى وفرع ديرة وفرع الشارقة وفرع رأس الخيمة.