آراب فاينانس: أكد خبراء ومحللون اقتصاديون، على أن الرئيس عبد الفتاح السيسي وجه عدة رسائل خلال كلمته في الجلسة الحوارية على هامش النسخة الثانية من المؤتمر العالمي للصحة والسكان والتنمية البشرية حيث جاءت الرسالة الأولي موجهة للمواطن والأخرى موجهة للحكومة.
وكان الرئيس عبد الفتاح السيسي، قد أكد أن الدولة المصرية جزء من اقتصاد العالم ولابد من وضع التحديات التي تواجه العالم في الاعتبار.
وأضاف الرئيس السيسي، خلال كلمته:"فقدنا حوالي 6 – 7 مليارات دولار خلال أخر 10 شهور فقط بسبب الأحداث في المنطقة والأمر متحمل لعام آخر نتيجة التداعيات اللى بنشوفها".
وتابع الرئيس السيسي: "لما بنتكلم عن البرنامج اللى متفقين عليه مع صندوق النقد الدولي.. أمر مهم للحكومة.. إذا كان التحدي هيخلينا نضغط على الرأي العام بشكل لا يتحمله الناس.. لابد من مراجعة الموقف مع الصندوق".
رسائل الرئيس للحكومة والمواطن
من جانبه اعتبر الدكتور فخري الفقي رئيس لجنة الخطة والموازنة بمجلس النواب، والخبير السابق بصندوق النقد الدولي في تصريحات حصرية لـ "آراب فاينانس" أن رسالة الرئيس عبد الفتاح السيسي موجهة للداخل المصري، وبشكل خاص للمواطن لطمئنته، وأنه يقف معه في معاناته مع الغلاء.
وأضاف الفقي، أن الرسالة الثانية تتعلق بتوجيهاته للحكومة التي تتعلق بالتأكيد على ضرورة مراجعة برنامج الإصلاح الاقتصادي الذي وضعته مصر واعتمده وموله صندوق النقد الدولي لافتًا إلى أن صندوق النقد الدولي رفع القرض الخاص بمصر من 3 مليارات دولار إلى 8 مليارات دولار مشيرًا إلى أن مصر قامت بـ 3 مراجعات من إجمالي 8 مراجعات مع صندوق النقد الدولي.
اقتراب المراجعة الرابعة مع صندوق النقد
وكشف الفقي، عن أن مصر اقتربت من المراجعة الرابعة لبرنامج الإصلاح الاقتصادي والمقرر لها أول نوفمبر المقبل 2024، وأن الرئيس السيسي وجه الحكومة بضرورة مراجعة برنامج الإصلاح الاقتصادي مع صندوق النقد وذلك نتيجة الغلاء الذي يمكن أن يؤثر على النسيج الاجتماعي في مصر سلبًا.
وأوضح الفقي، أن مصر دولة كبيرة ومحورية بالشرق الأوسط، وأي خلل في النسيج الاجتماعي بها سيضر بمصر كما يضر بسمعة صندوق النقد الدولي لذلك شدد الرئيس السيسي على الحكومة مراجعة برنامج الإصلاح الاقتصادي مع صندوق النقد حتى لا يتعرض المواطن لآثار سلبية خاصة مع تباطؤ النمو الاقتصادي في مصر والتضخم وارتفاع سعر الفائدة وكل تلك العوامل تتزامن مع الارتفاعات الدورية لأسعار الطاقة حيث زادت ثلاث مرات خلال عام واحد خلال شهور مارس ويوليو وأكتوبر 2024.
التوقف عن زيادة المواد البترولية لمدة 6 أشهر
وأكد الخبير السابق بصندوق النقد الدولي أن الحكومة ستتوقف 6 أشهر عن زيادة المواد البترولية، وأنه سيتم التفاوض مع بعثة صندوق النقد الدولي لإرجاء بعض التدابير والإجراءت التي كان متفق عليها في برنامج الإصلاح الاقتصادي حتى ينخفض التضخم وينخفض سعر الفائدة.
وتوقع الفقي قيام الحكومة بعدة إجراءات للتخفيف على المواطنين مثلما فعلت العام الماضي وما قبله عبر زيادة المرتبات والمعاشات ودعم العمالة غير المنتظمة، وكذلك برنامج تكافل وكرامة بحزم استثنائية من الزيادات لافتًا إلى أن هناك 12 مليون مواطن يحصلون على المعاش فضلا عن أن زيادة المرتبات سيستفيد منها نحو 5 مليون موظف على أن يتم التطبيق المبكر لهذه الزيادة مع موازنة 2025 – 2026 بعد شهر مارس 2025.
كما توقع الفقي رفع حد الإعفاء الضريبي لنحو 72 ألف جنيه سنويًا لكل من موظفي الحكومة والقطاع الخاص.
ضرورة وضع خطة لعلاج الخلل في ميزان المدفوعات
بينما قال الدكتور عز الدين حسانين الخبير الاقتصادي إن صندوق النقد الدولي يتعامل مع الدول بشروط وضمانات معينة مثلما تتعامل البنوك مع الأفراد والشركات التي تطلب الإقراض.
وأكد حسانين، أن مصر لديها مشاكل كثيرة في ميزان المدفوعات ولابد من معالجة هذا الخلل الحالي والعجز الدائم به والمستمر منذ نحو 40 عامًا حيث إن الواردات أكثر من الصادرات بشكل مضاعف فضلا عن الخلل في الموازنة العامة للدولة نتيجة زيادة المصروفات عن الإيرادات مطالبًا بضرورة وضع خطة لعلاج هذا الخلل من خلال وضع استراتيجية لتخفيض عجز الموازنة العامة للدولة خلال عامين مع معالجة العجز في الحساب الجاري في ميزان المدفوعات خلال 5 سنوات مع ضرورة حل أزمة سعر الصرف الناتجة عن الخلل في الميزان التجاري.
وطالب حسانين بإفساح المجال للقطاع الخاص للحصول على التمويلات اللازمة للمشروعات سواء كانت صناعية أو زراعية مشددا على أن رسالة الرئيس عبد الفتاح السيسي للمواطنين هى رسالة إيجابية تؤكد مراعاته لظروفهم.
برنامج الإصلاح الاقتصادي ساهم في حصول مصر على تمويلات مخفضة
وقال الدكتور وليد جاب الله الخبير الاقتصادي وعضو الجمعية المصرية للاقتصاد والإحصاء والتشريع، إن مصر تعرضت للكثير من الصدمات مثل فيروس كورونا والحرب الروسية وأخيرًا الحرب على غزة، وهو ما كان له العديد من الآثار الاقتصادية على مصر مثل تراجع إيرادات قناة السويس.
وأضاف جاب الله أن الدولة قامت بعدد من الإجراءات مؤخرا لتعزيز الصناعة وتحفيز القطاع الخاص.
وشدد على أن الدولة مستمرة في برنامجها الإصلاحي مما ساهم في خلق فرص عمل وهبط بالبطالة إلى 6.5% لافتًا إلى أن برنامج الإصلاح الاقتصادي المصري ساهم في حصول مصر على تمويلات مخفضة من المؤسسات الدولية.
برنامج صندوق النقد الدولي مع مصر
وأعلنت الحكومة المصرية، في 6 مارس 2024 توقيع اتفاق مع صندوق النقد الدولي للحصول على قرض جديد بعد ساعات من قرار للبنك المركزي يسمح بـ"تحرير" سعر صرف الجنيه.
ووافق الصندوق على قرض لمصر بقيمة 8 مليارات دولار، وذلك بزيادة عن 3 مليارات دولار كان يجري الحديث عنها في السابق.
وتم توقيع الاتفاق بعد خفض قيمة الجنيه المصري إلى مستوى منخفض غير مسبوق عند 49 جنيها للدولار، من نحو 30.85 جنيه، إذ إن تبني سعر صرف أكثر مرونة مطلب رئيسي في برنامج دعم صندوق النقد الدولي.
واعتبر مدبولي في مارس الماضي أن "هذا الاتفاق سيساعد في زيادة الاحتياطي الأجنبي للدولة المصرية"، مؤكدا أن هناك توافقا كبيرا بين مصر وصندوق النقد الدولى فى بنود الاتفاق، مشيرا إلى سعي الحكومة لزيادة الاستثمارات الأجنبية بدلا من المحلية وتخارج الدولة من الاقتصاد وفتح المجال بشكل أكبر للقطاع الخاص.
وقال: "نعمل على تخفيض التضخم وخلق فرص عمل وضمان تدفق استثمارات أجنبية".