استثمارات قطاع الصناعة في مصر قفزت 22? لتصل إلى 99.5 مليار جنيه في العام المالي 2018/2019، وذلك حسب ما قالته وزيرة التخطيط والتنمية الاقتصادية، هالة السعيد، في بيان في فبراير الماضي.
ونظرًا إلى أن القطاع الصناعي يلعب دورا أساسيًا في تعزيز النمو الاقتصادي وتنوعه في مصر ، فإن التطور التكنولوجي يُساعد القطاع على العمل بشكل أسرع وأكثر كفاءة من ذي قبل. ولمعرفة المزيد عن التقدم في هذا المجال وتأثيره ، أجرت آراب فاينانس مقابلة مع مصطفى الباجوري، الرئيس التنفيذي لشركة سيمنس في مصر، وهي أحد مزودي الحلول التكنونلوجية المتكاملة وتتمتع بخبرة تزيد عن قرن في حلول البنية التحتية والأتمتة .
وتناولت المقابلة أداء الشركة في ظل الأزمة ، ومدى قوة السوق ، وتغيرات أنماط الاستهلاك .
لقد شغلت منصب الرئيس التنفيذي لشركة سيمنس في مصر في يونيو الماضي. ما هي رؤيتكم واستراتيجية عمل الشركة خلال الفترة القادمة؟
صحيح أنني توليت منصب الرئيس التنفيذي لشركة سيمنس مؤخرًا، إلا أنني ورثت تراثًا عريقًا لهذه الشركة بدأ مع مؤسسها فيرنر فون سيمنس منذ أكثر من 150 عامًا. إنّ استراتيجيات الأعمال والرؤى تختلف بالطبع من وقت لآخر مع تولي القيادات المتتابعة للشركة، ولكن فلسفتنا الرئيسية تظل ثابتة كما هي وتتمثل في تمكين عملائنا من خلال إمدادهم بالأدوات والبرمجيات التي يحتاجون إليها لإقامة المصانع ونظم المواصلات والبنية التحتية المستقبلية.
إنّ رؤيتي واستراتيجية الشركة هي استمرارًا لتراث الشركة والمتمثلة في توفير الحلول التكنولوجية التي تحتاجها مصر في مسيرتها الهادفة لمواصلة المرحلة التالية من التنمية المستدامة، مع حماية البيئة في نفس الوقت، وتوفير فرص العمل والتدريب للشباب والمواهب المحلية في مصر.
ما الذي يميز سيمنس عن غيرها من الشركات؟
لدينا 240,000 موظف ومهندس في أكثر من 200 دولة ولديهم مهمة وحيدة وهي تغيير العالم كل يوم للأحسن. إنّ تكنولوجيا سيمنس منتشرة في كل مكان، فالسيارات التي تسير في الشوارع تم تصميمها اعتمادًا على برمجيات سيمنس، والمصانع التي تعمل بنظم التشغيل الآلي تعتمد على حلولنا المتطورة، وفي المستقبل الذي سيمتلئ بالسيارات الكهربائية، سيتم شحن هذه السيارات اعتمادًا على تكنولوجيا سيمنس للشبكات الذكية. وهذا بالإضافة إلى المكاتب والمستشفيات مجهزة بحساسات ونظم سيمنس للبنية التحتية الذكية، والقطارات قامت سيمنس بصناعتها. إننا نعمل في كل الصناعات والبنى التحتية ووسائل النقل وهو ما يمنحنا رؤية متفردة وإمكانيات هائلة تجعل من سيمنس شريكًا مثاليًا لعملائنا الذين يقومون ببناء المصانع أو حتى المدن الجديدة.
إلى أي مدى تعتمد سيمنس على معايير الاستدامة والصديقة للبيئة في مشروعاتها؟
إنّ مهمتنا التي تصيغها القيادة العليا وتطبقها الشركة حول العالم تتمثل في خدمة المجتمعات التي نعمل بها. ولن يكون من الممكن القيام بذلك إلا من خلال حماية البيئة. إن تقليل الانبعاثات الكربونية وزيادة كفاءة الطاقة والتخلص من المخلفات لا تمثل فقط مزايا وفوائد التكنولوجيا التي نقوم بابتكارها، ولكنها تمثل أيضاً السبب الرئيسي الذي يقوم من أجله مهندسونا وعلماؤنا بابتكار تلك الحلول. إنّ عملائنا ومستهلكيهم يرغبون في مستقبل مستدام، ولذلك نعمل معهم لتصميم الحلول التكنولوجية التي تساعدهم على تحقيق هذا الهدف.
ما هي أهم المشروعات التي تقومون بتنفيذها حاليًا؟
لقد فازت سيمنس مؤخرًا بعقد لتوفير نظم التحكم والاتصالات للأنفاق الخاصة بمشروع نقل رئيسي في مصر. أما المشروعات الأخرى فتتمثل في توفير حلول البنية التحتية الذكية في مصر، ونعمل على مبادرات جديدة ستعرفون عنها المزيد من التفاصيل خلال الفترة القادمة. ووقعت سيمنس على مذكرة تفاهم مع وزارة التجارة والصناعة ووزارة التعليم والتعليم الفني لتحسين مستوى تنافسية الصناعات المصرية من خلال توفير حلول متطورة للتحول الرقمي والتشغيل الآلي لتطوير وصقل المهارات والكوادر المصرية الشابة. وفي إطار دعمنا المتواصل لرؤية مصر 2030، فإنّ التصنيع يمثل ركيزة رئيسية لاستراتيجية التحول الاقتصادي في مصر. وفي وقت سابق من هذا العام، وقعت سيمنس بروتوكول تعاون مع الهيئة العربية للتصنيع لنقل خبراتنا في مجال التحول الرقمي والتدريب الفني وآليات "الثورة الصناعية الرابعة"، أو ما يسمى "الصناعة 4.0" في مصر.
ما هو حجم استثماراتكم المخططة لعام 2020؟ وكيف أثر وباء كورونا على الأرباح المستهدفة؟
على الرغم من التحديات التي فرضها وباء كورونا في وجه الصناعة، إلا أنّ أدائنا المستهدف ما زال قويًا. فعلى مدار الأشهر الثلاثة التي انتهت في 30 يونيو 2020، انخفضت إيرادات الشركة بنسبة 5% مقارنة بنفس الفترة من العام الماضي، لتصل إلى 13.5 مليار يورو، نظرًا للتباطؤ الاقتصادي في بعض قطاعات الأعمال الصناعية.
ما هي مشروعاتكم المستقبلية؟
لدينا العديد من المشروعات المستقبلية المتوقعة في مصر والتي تقع ضمن نطاق محفظة أعمالنا، وتتضمن مشروعات البنية التحتية الذكية والتشغيل الآلي للمصانع. ولكن من أكبر الفرص المتاحة أمامنا المشروعات التنموية العملاقة في مصر في المجال الاقتصادي والتي تتم في طول البلاد وعرضها، وهذا ليس سرًا على أحد. ومنها على سبيل المثال العاصمة الإدارية الجديدة والتي تصل اجمالي استثماراتها إلى 58 مليار دولار، والتي من المتوقع أن تستوعب 6.5 مليون نسمة في منطقة شرق القاهرة. وستتطلب هذه المدينة العملاقة تطبيقات وحلول تكنولوجية متطورة لتجعلها أكثر مرونة في التعامل مع التحديات المختلفة التي نواجهها اليوم وسنواجهها في المستقبل.
كيف أثر كورونا على العمليات التشغيلية لشركة سيمنس؟ ما هي جهودكم للخروج بسلام من هذه الأزمة؟
مما لا شك فيه أن وباء كورونا أثر على قدرة الموظفين على العمل بصورة معتادة. وأصبح نقل البشر والمعدات عبر الدول والحدود أكثر صعوبة، كما أن إغلاق المكاتب والمنشآت الخاصة بالعملاء كان له آثار سلبية كبيرة. ولكن بشكل عام وباعتبارنا شركة تكنولوجية فقد كان لدينا العديد من الأدوات التي ساعدتنا على العمل عن بُعد وتوفير أعلى مستوى من الخدمات عن بُعد سواءً كان تشغيل المصانع أو البنى التحتية. وتوفر سيمنس الأدوات والمعدات والبرمجيات اللازمة للبنى التحتية الحرجة التي تحافظ على استمرار العمليات التشغيلية في القطاع الصحي وقطاع الطاقة والقطاعات الصناعية المتنوعة، ولم تنقطع خدماتنا يومًا واحدًا. قام فريق العمل في مصر وحول العالم بابتكار أساليب عمل لدعم العملاء، وقمنا بنشر حلولنا الجديدة بسرعة مثل تطبيق العمل "كومفي" والحساسات المتصلة بإنترنت الأشياء من شركة "إنلايتند" والتي تساعد الشركات على إعادة الموظفين لمكاتبهم ومصانعهم مرة أخرى بشكل آمن.
لأي مدى استفاد القطاع الصناعي بشكل عام وسيمنس بشكل خاص من الحوافز الحكومية المالية الأخيرة؟
استجابت الحكومة للأزمة من خلال طرح حزمة حوافز مالية ساعدت في تخفيف الضغوط الناتجة عن أزمة كورونا، ولكن هناك قيود على ما يمكن أن تفعله هذه التدابير لتخفيف آثار الجائحة العالمية. وحتى أكثر دول العالم ثراءً تعاني الآن، ولا يمكن أن تنجو الدول النامية بسهولة في ظل هذه البيئة. ويأتي ذلك في ظل تنبؤات صندوق النقد الدولي بأن الاقتصاد المصري سيحقق نموًا بنسبة 2% هذا العام والعام القادم، ويمثل ذلك إشارة إيجابية في الوقت الذي تعاني فيه أغلب دول العالم من انكماش كبير.
ما هو تقييمكم لأداء القطاع الصناعي في مصر؟ وما هي توقعاتكم لمستقبل القطاع؟
تمتلك مصر قاعدة صناعية كبيرة ومتنوعة، ويعتمد أدائ القطاع في النهاية على المستهلك النهائي، فهناك تراجع تدريجي في بعض المجالات لأنّ العملاء الشركات المصنعة لا يحتاجون للمنتجات الآن أو يؤخرون قرار شرائها. ومن ناحية أخرى، لم يتأثر الطلب على المنتجات الغذائية والطبية بنفس الدرجة. فالحاجة لكمامات الحماية من الكورونا والمعدات الطبية التي تثسخدم في مكافحة المرض تتصاعد بشكل هائل. وبشكل عام، من السابق لأوانه تقييم الأداء والتحدث عن رؤيتنا للمستقبل. ولكننا بالتأكيد نعمل في بيئة صعبة ومليئة بالتحديات في مصر وكافة دول العالم.
وفي الوقت نفسه تطبق مصر خطة صناعية متكاملة لنمو وتنويع الاقتصاد وتهدف أن يحقق قطاع التصنيع نموًا بنسبة 21% في المنتجات المحلية الكلية خلال 2020. ولذلك قمنا بطرح أحدث حلولنا الذكية لمستقبل الصناعة أو "الصناعة 4.0" في مصر العام الماضي. وتساعد المنتجات التي طرحناها المنتجين والشركات الصناعية على دمج الحلول الرقمية في الصناعات التجميعية بداية من تصميم المنتجات وتخطيط العمليات الإنتاجية مروراً بالمحاكاة والتنفيذ، ووصولاً لتحسين المنتجات بصورة متواصلة، مع توافر المزيد من البدائل لابتكار النموذج الأولي للمنتج.
كيف ساهمت سيمنس في مساعدة مصر أثناء الشهور الأولى لانتشار فيروس كورونا المستجد؟
تعمل سيمنس على مساعدة مصر ودعمها من خلال توفير الحلول والخدمات التكنولوجية المطلوبة لاستمرار عجلة التنمية والأنشطة الاقتصادية. ولهذا تفخر سيمنس بهذا الدور الحيوي الذي تؤديه في السوق المصري منذ أكثر من قرن من الزمان. وتعمل الشركة على تنفيذ عدة مبادرات تستهدف مساعدة البلاد بصورة مباشرة في مكافحة وباء كورونا، وسنُعلن عن المزيد من هذه المبادرات قريبًا. وقمنا مؤخرًا باستكمال برنامج افتراضي متميز على مدار 30 يومًا والذي يستهدف طلبة الجامعات المصرية في الصيف، وقد تقدم له أكثر من 3,000 طالب و114 خريج الشهر الماضي. وقد أظهر الطلبة تميزًا كبيرًا في التعامل مع التكنولوجيا المستخدمة في تصميم المدن الذكية والمصانع التي سنعيش ونعمل بها في المستقبل. وكانت تجربة رائعة بكل المقاييس أن نشهد تطور قدراتهم وتمكنهم من التعلم في بيئة جديدة وبطرق جديدة. ونرى إنّ إمكانيات ومهارات الجيل الجديد من المهندسين المصريين واعدة للغاية، ونتتشوق للتعرف على مسيرتهم المهنية في المستقبل.
كيف تساهم سيمنس وحلولها الرقمية في تقدم البلاد؟ وكيف سينعكس ذلك على الاقتصاد والصناعة والبنية التحتية في المدن؟
إنّ أغلب المباني الآن في مدن العالم والبنية التحتية لتلك المدن لا تعتمد على الابتكارات التكنولوجية الحديثة، بمعنى أنها ليست مبانِ أو مدن ذكية. ولذلك تعمل سيمنس على تحفيز التغيير في هذا القطاع، وتقوم الشركة بنشر حساسات أكثر تطورًا تتصل بمنصات متخصصة للبرمجيات يمكنها الكشف عن الحرائق ومنعها، وضمان سلامة البشر والأصول، وجعل البيئة أكثر أمانًا وراحة للمستخدمين.
وفي مصر، توفر سيمنس أحدث الحلول والتطبيقات التكنولوجية والتي تتيح إمكانية تنفيذ مشرايع بنية تحتية أكثر ذكاءً واحساسًا بالتغيرات المحيطة. وفي المستقبل، ستصبح الصناعات والبنية التحتية وشبكات المواصلات متصلة مع بعضها البعض حتى تُصبح أكثر كفاءة واستدامة ومرونة. ومع استمرار مصر في تبني وتطبيق هذه الحلول والاستثمار في التنمية الاقتصادية، ستتمكن البلاد من بناء اقتصاد أكثر قوة يلبي احتياجات المواطنين والبيئة ليس فقط لعقود، بل لقرون قادمة.
كُتب بواسطة جوليان نبيل