مما لا شك فيه أن الخلط الكبير بين الممارسات العقارية في مصر والعديد من الدول العربية والشرق أوسطيه قد أدى إلى كارثة تضخمية وفقاعة عقارية في أسواق هذه الدول، والتي عانت وتعاني وسوف تعاني لفترات قادمة من "التسيب العقاري" الذي أدي إلى إختلات هيكلية في اقتصاديات هذه الدول.
وتبدأ الممارسات العقارية من عند (1) التطوير العقاري، إلى (2) التقييم العقاري، إلى (3) التمويل العقاري إلى (4) التسويق العقاري، إلى (5) إدارة الممتلكات العقارية ، إلى (6) صناديق الإستثمار العقاري، إلى (6) الاستثمار العقاري المباشر، وتنتهي عند (7) الاستهلاك العقاري إلا أن هناك مفهوم عقاري جديد لا يتواجد إلا في السوق المصري وهو (8) الإدخار العقاري.
إن إنتظام السوق العقاري في أي دوله يتطلب الفصل التام في ممارسة الأربعة أدوار العقارية الأولي بحيث لا تقوم أي شركه بممارسة أياً من الأدوار الأخرى، وهو ما يحد من قدرة أي طرف على خداع السوق أو التلاعب به.
في غياب الاستقلالية التامة للمقيم العقاري والذي يقوم "بتقدير قيمة الأراضي والمباني، عادة قبل بيع هذه الأصول أو رهنها أو فرض الضرائب عليها أو التأمين عليها"، فإن التسعير الحالي للوحدات العقارية في السوق المصري لا يعتمد على قوي العرض والطلب على هذه الوحدات وإنما يعتمد على قدرة المطور العقاري في تدبير احتياجاته النقدية للانتهاء من تنفيذ وتسليم الوحدات التي تعاقد على بيعها في مشروعات سابقة، وهو ما جعل القطاع العقاري يعتمد على مصفوفه تدفقات نقدية مرتبطة بنموذج مالي وليس منظومه أرباح وخسائر مرتبطة بنموذج أعمال.
إن التسيب "والذي قد يكون متعمدًا في السوق العقاري" يعود بنا بالذاكرة الي نموذج أعمال شركات توظيف الأموال التي أضرت بالاقتصاد المصري ضررًا شديدًا في سبعينيات وثمانينيات القرن الماضي.
ففي حقيقة الأمر وفي ظل ضعف الدور الرقابي والتنظيمي للدولة، فإن الكثير من المطورين العقاريين في السوق المصري ينزفون (Bleeding) ويعانوا من عدم القدرة علي استكمال وتسليم مشروعاتهم العقارية نتيجة لركود حركة البيع مما دفعهم للعمل بنفس آليات شركات توظيف الأموال (الاعتماد علي منظومة تدفقات نقدية: التدفق النقدي الداخل فيها أكبر من التدفق النقدي الخارج منها بصفة مستمرة وهو ما يظهر الشركات العقارية في موقف مالي قوي بغض النظر عن حقيقة النشاط من عدمه)؛ حيث يتم استكمال المشروعات العقارية القديمة من حصيلة بيع الوحدات الجديدة وليس من حصيلة بيع الوحدات التي تم بيعها والتي قارب ميعاد تسليمها.
وللحفاظ على الثروات العقارية والتي تتجاوز الـ 30% من ثروات المواطنين في أي اقتصاد، فهناك حتميه للفصل بين المطور العقاري والمقيم العقاري بما يضمن للمشتري سلامة التقييم وبالتالي تحديد السعر العادل للوحدات العقارية بناءً على ظروف العرض والطلب في السوق العقاري وليس بناءً على النموذج المالي شبه المتعثر للمطور العقاري.
إن التقييم العقاري لا يمكن أن يتم لرسومات ومخططات لا يعلم إلا الله زمن الانتهاء من تنفيذها وكذلك مستوي التنفيذ؛ حيث أن التقييم العقاري يتم لوحدات تم الانتهاء منها بالكامل وتم إدخال كافة المرافق لها وهو ما يعرف بتسليم المفتاح وهو ما يضمن تقييم واقع وليس تسعير وعد وهو ما يعرف بالـ Off Plan Sale. كما يجب ألا يترك الباب مفتوحًا لممارسة نشاط التقييم العقاري لكل من هب ودب ولكن يجب ان يتم تأهيل وترخيص من يقوم بهذا التقييم كما يفضل أن يكون عاملاً تحت سقف مؤسسة مالية او استثمارية مدرجة في البورصة المصرية حتى يعاقب سهم هذه المؤسسة إذا كانت تقييماتها خادعة ولا تتناسب مع القيمة الحقيقة للأصل العقاري مما قد يؤدي إلى افلاسها وخروجها من السوق.