في الشركات الناشئة يتم اتخاذ القرارات كل يوم بعضها صغير و غير مهم بينما البعض الآخر مصيري و ذات تأثير عميق و دائم علي الشركة و لذلك لا بد أن يتم إتخاذ أي قرار بغض النظر عن حجمه بناء علي معطيات واضحة و فهم عميق للموقف بالإضافة الي جميع النتائج المحتملة و هذا ينطبق بشكل خاص على الشركات الناشئة و رواد الأعمال المؤسسين من جهة و على قرارات المستثمر الملاك من جهة أخري.
فبالنسبة لرائد الأعمال هناك إعتبارات محددة لا بد أن تكون لها دور كبير في اتخاذ قراره ببداية تأسيس شركة ناشئة ألا و هي: تحديد المشكلة و جمع البيانات و المعلومات التي ستساعد رائد الأعمال و فريق العمل في عمليه اتخاذ القرار و من الممكن الإستعانة بأبحاث السوق و البيانات المالية و دراسة المنافسين و ما الي ذلك و بالقطع كلما زادت المعلومات لدي رائد الأعمال المؤسس كلما ازدادت الجاهزية لاتخاذ القرار السليم.
عنصر آخر مهم يساعد رائد الأعمال في اتخاذ قراره ألا و هو النظر في جميع الخيارات فبمحرد أن يتم تحديد المشكلة و جمع البيانات المتصلة بها يحين الوقت لبدء النظر في جميع الخيارات و هذا هو التوقيت الانسب لعملية العصف الذهني البالغة الأهمية في هذة المرحلة.
بعد عملية العصف الذهني و النظر في جميع الخيارات يأتي وقت إتخاذ القرار و بداية إجراءات التأسيس و قد يشعر رائد الأعمال بصعوبة اتخاذ القرار و قد يؤدي هذا اللي الإحساس بالضغط النفسي الذي يرجع الي عدم وجود حقائق مؤكدة و بيانات صحيحة بوضوح و لكن من المهم جدًا لرائد الأعمال المؤسس أن لا ينسي أن كل قرار في هذه الحياة لا بد أن يكون فيه نسبة مخاطرة و لذلك المعيار الوحيد لإتخاذ أفضل قرار هو المعلومات المتاحة لدى رائد الأعمال المؤسس وقت اتخاذ قرار التأسيس الذي يكون بمثابة بداية رحلة و مغامرة لإكتشاف الحقائق في مجال العمل.
و علي الصعيد الآخر يأتي وقت قرار المستثمر الملاك إما في مرحلة التأسيس أو في المراحل الأولي من تأسيس الشركة الناشئة فمن وجهة نظري المستثمرون الملائكة هم مرشدي الطريق الذين يبدأون من فكرة واعدة الي مبادرة ناجحة و شركة ناشئة تنمو بشكل صحي و سريع فلولا المستثمرون الملائكة لربما كانت ستختفي الشركات الناشئة التي أصبحت الآن جزء لا يتجزأ من حياتنا و الاقتصاد العالمي مثل شركة Meta و Twitter و Google و Uber و Air bnb.
يبدأ كل مشروع عظيم بشرارة فكرة واعدة و مما لا شك فيه إن تحويل شرارات الأفكار إلى أفكار تجارية مربحة مع رؤية واضحة للمستقبل يتطلب دعمًا ماليًا من جهات مختلفة و أهمها المستثمرون الملائكة فهم الذين يتدخلون في هذه المرحلة حيث يواجه معظم رواد الأعمال الصعوبات و يأتي دور المستثمرون الملائكة يمهدون و يضيئون الطريق للمشاريع الواعدة لإتخاذ الخطوات الأولي و الوصول الي مرحلة جمع المال الريادي اللازم لنموها عن طريق علي سبيل المثال لا الحصر صناديق المال المخاطر (Venture Capital) أو أي كيانات استثمارية أخرى، و لهذا يعتبر المستثمرون الملائكة جزءًا مهمًا جدًا من النظام البيئي لريادة الأعمال.
(startup ecosystem) حيث يتم تحقيق العديد من الأفكار في العالم من خلال الأموال المقدمة من المستثمرين الملائكة فيمكن أن تقدم هذه الأموال لمرة واحدة أو يمكن أن تكون منتظمة و مستمرة لتسريع تطوير الشركة الناشئة في مراحلها الأولي و بالتالي فليس كل مستثمر يمكن أن يطلق عليه مستثمر ملاك حيث أن عدد المستثمرين الملائكة الحقيقيين يعتبر عدد محدود جداً في كل دول العالم لما لهذا التخصص من خصائص و مواصفات شخصية خاصة ليس من السهل تواجدها في أي مستثمر تقليدي مثل علي سبيل المثال لا الحصر: التمتع بالرغبة في مساعدة الآخرين بصفة عامة و رواد الأعمال بصفة خاصة و القدرة علي المخاطرة و التفكير غير التقليدي خارج الصندوق و رؤية الفرصة التي لا يراها المستثمر التقليدي و القدرة علي ايجاد الفرصة في كل موقف و إيجاد الحل لكل مشكلة و لا بد أن يتمتع المستثمر الملاك أيضًا بالمرونة و القدرة علي التصرف بشكل فردي أو كمجموعة من خلال الإجتماع مع مستثمرين ملائكة مختلفين ففي بعض الأحيان يكون وجود أكثر من مستثمر ملاك مفيد و يمهد الطريق لتمويل أكبر.
و بالتأكيد لا بد أن يقوم المستثمر الملاك الحقيقي بدور نشط في إدارة المشاريع التي يستثمرون فيها أو تقديم الإستشارات أو الدعم الإستراتيچي مثل توفير فرص تعاون بين الشركة الناشئة و الشركات الأخري الي يستثمر فيها المستثمر الملاك (the portfolio of the Angel Investor) أو الإستفادة من شبكة العلاقات القوية للمستثمر الملاك أو الإستفادة من خبراته السابقة و قبل كل هذا الإستفادة من رؤيته و عقليته و القدرة علي إيجاد الحلول لكل المشاكل. في النهاية أود أن أؤكد أن المستثمر الملاك المتميز لا بد أن يكون صاحب رؤية (visionary) مميزة و مستقلة و ثاقبة و يمتلك عقلية قادرة علي حل أي مشاكل تواجهها الشركات الناشئة و لهذا من وجهة نظري الشخصية الأولوية الأولي في معايير اتخاذ قرار الإستثمار للمستثمر الملاك لا بد أن تكون لرائد الأعمال المؤسس قبل الفكرة و النموذج التجاري.
(business model) حيث أن كل فكرة يمكن احداث تغييرات فيها أو إضافة أي عناصر لها و أي نموذج تجاري ممكن أن يتم تعديله أو تغييره بناءً علي المعطيات أو الظروف أو التوقيت و لهذا أنا علي قناعة تامة أن المستثمر الملاك يستثمر في الإنسان و قدرته علي العمل و الإنجاز و الإنتاج و هذا أثمن ما يمكن أن يستثمر فيه أي مستثمر طوال رحلة حياته فلقد كلفنا الله بالسعي للإصلاح في الأرض و جعلنا خلفاء له عليها كما هو وارد في كل الأديان السماوية.