آراب فاينانس: قال محمد قاسم رئيس جمعية المصدرين المصريين "إكسبو لينك"، إنه لابد من تهيئة البيئة الحاضنة للاستثمار في مصر، وإزالة المعوقات التي تحول دون زيادة التصدير للخارج لافتًا إلى أن مصر أمامها فرص تصديرية واعدة خاصة مع تخفيض الصين إنتاجها من قطاعات حيوية مثل قطاع الملابس الجاهزة بنحو 15% وهو ما يقدر بـ 50 مليار دولار، والذي يمكن أن تستغله مصر بمزاياها التنافسية الكبيرة وموقعها الجغرافي المميز بالقرب من الأسواق الأوروبية والأمريكية للحصول على حصة من هذه القيمة من سوق الملابس الجاهزة.
وأضاف قاسم، في مقابلة حصرية لـ آراب فاينانس أنه لجذب استثمارات تتعلق بصناعات متقدمة مثل صناعة الإلكترونيات في مصر لابد من الاهتمام بملفي التعليم والصحة، وهو ما يتطلب مستوى تعليم مختلف عن الموجود حاليًا كما يحتاج لمستوى تدريب مهني مختلف عن الحالي لذلك على الدولة أن تنفق على التعليم كما ينص الدستور المصري حيث لازلنا بعيدين عن النسبة التي حددها الدستور المصري للإنفاق على التعليم والصحة، وإلى نص الحوار:
في البداية حدثنا عن نشاط جمعية المصدرين المصريين وأهدافها الرئيسية؟
جمعية المصدرين المصريين "إكسبو لينك" هى جمعية أهلية غير هادفة للربح، وتأسست منذ 27 عامًا حيث أسسها مجموعة من رجال الأعمال المعنيين بالتصدير، وقد كنت أنا أحد المؤسسين في ذلك الوقت، وكنت أحد أعضاء مجلس إدارتها منذ التأسيس، وقد توليت رئاستها منذ نحو عامين، والجمعية هدفها الرئيسي هو تنمية الصادرات من خلال مجموعة من الأنشطة منها المعارض الدولية التي يشارك فيها الأعضاء مع تبني سياسات داعمة ومحفزة للتصدير مع كشف السياسات غير المفيدة للتصدير، وهناك نشاط جديد آخر للجمعية، وهو نشاط يستهدف زيادة الصادرات المصرية غير البترولية من 35 مليار دولار إلى 145 مليار دولار، وهذا الهدف لا يمكن تحقيقه في إطار الطاقة الإنتاجية المتاحة حاليًا سواء من الصناعة أو الزراعة لذلك أسسنا مبادرة أسميناها الاستثمار من أجل التصدير، حيث نروج للاستثمار القادم إلى مصر بغرض التصدير للخارج، إذ لا نستهدف الاستثمار الموجه للسوق المحلي بينما نستهدف الاستثمار بغرض التصدير ونؤيده.
كيف تم تفعيل مبادرتكم الاستثمار من أجل التصدير بالتعاون مع الحكومة؟
بالفعل، وقعنا مذكرة تفاهم بين جمعية المصدرين المصريين، وبين الهيئة العامة للاستثمار ونتعاون حاليًا في هذا المجال.
ما هى أهم القطاعات التي تستهدفها جمعية المصدرين المصريين لزيادة حجم التصدير للخارج؟
لدينا قطاع حيوي جدا، وقد اكتشفنا أهميته، وهو قطاع الموردين للفنادق، حيث إن الفندق عندما يتم تأسيسه في البداية يحتاج الكثير من التوريدات من أثاث وأواني وأرضيات ومفروشات وهكذا، وقد بدأنا بالفعل في هذا النشاط عبر أفريقيا وتحديدًا في دولة تنزانيا ثم السعودية ونخطط حاليًا لزيارة إسبانيا، والوفد المشارك، هو من شركات متعددة تعمل في عدة قطاعات، وأنشطة وصناعات مختلفة، وهذا النشاط عليه طلب بالمناطق السياحية التي تقوم بأنشطة الفندقة وهذا يعد من النماذج الناجحة جدا في مجال التصدير للخارج، وهناك أيضًا الصناعات النسجية والغذائية والهندسية ونحن غير مقيدين بنشاط معين، وقد قمنا بأنشطة تصديرية في مجال تكنولوجيا المعلومات ونظمنا لمصدري هذا النشاط أكثر من بعثة للخارج ونتائجها كانت ممتازة.
إذن كيف ترى الفرص المصرية في التصدير وما هى أبرز القطاعات الواعدة في مجال التصدير؟
مصر أمامها فرص واعدة وغير مسبوقة في مجال التصدير وذلك نتيجة الطلب على الاستثمار والتصدير والسبب يرجع في زيادة الطلب على الاستثمار في مصر إلى المزايا التنافسية والجاذبة التي تتمتع بها من موقع جغرافي فضلا عن الاتفاقيات التجارية الموقعة مع الخارج وتكلفة العمالة الرخيصة في مصر، وأرى أن الذي أدى إلى تنشيط الطلب على الاستثمار في مصر هو التوترات الجيوسياسية بين الشرق والغرب وتحديدا الصين وأمريكا وهكذا الاضطراب الذي حدث في سلاسل الإمداد العالمية نتيجة جائحة كورونا والحرب في أوكرانيا وغزة وكل تلك العوامل جعل هناك تغيير في التوجه العالمي للاستثمار والتصدير وهو ما يختلف عن التوجه السابق تجاه ما كان يسمى الأوف شور حيث كانت تتوجه كل الاستثمارات من الغرب إلى أسيا، وقد اكتشفوا مؤخرًا أن بعد المسافات بين الأسواق المنتجة والأسواق المستهلكة له تأثيرات ضارة فتحول الفكر الاستراتيجي حاليًا إلى إعادة هيكلة وهندسة سلاسل الإنتاج العالمية فيما يسمى بـ "النير شورينج" وهو ما يعني نقل الإنتاج للأسواق القريبة، وهو ما أدى إلى فتح فرص ذهبية لبلاد مثل مصر وشمال أفريقيا، وهى الدول القريبة من دول الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة الأمريكية حيث تستغرق مدة الإبحار من المواني المصرية لشرق الولايات المتحدة مدة لا تتجاوز 11 يومًا، وهو أقل كثيرًا من مدة الإبحار من أسيا إلى أمريكا والتي تستغرق نحو 30 يوما، وبالتالي مصر لديها مزايا تنافسية كبيرة يمكن استغلالها.
ما التحديات التي تراها أمام التصدير حاليًا في مصر؟
أرى أنه من الضروري إزالة العقبات أمام المصدرين والاستثمار لاستيعاب الطلبات الجديدة نحو الاستثمار في مصر.
يعد قطاع الملابس الجاهزة من القطاعات الواعدة في التصدير حيث يصل حجم التصدير حاليًا لنحو 2 مليار دولار.. ما تقييمكم لهذا القطاع؟
سأوضح لك بالأرقام أهمية هذا القطاع والفرص المتاحة أمام مصر لكسب أسواق جديدة حيث إن الصين حاليًا تعمل على خنق صناعة المنسوجات والملابس الجاهزة للخروج منها وقاموا بتدشين مبادرة تسمى "جو جلوبال"، وقررت الصين حديثًا تخفيض إنتاجها في قطاع الملابس الجاهزة بنسبة 15% وهو ما يقدر بنحو 50 مليار دولار وهذه الحصة 50 مليار دولار هى فرصة متاحة أمام من يستطيع أن يقتنصها والمقتنصون كثيرون وبالتالي مصر أمامها فرصة كبيرة للتصدير وهو ما يستوجب أن يتم توفير أراضي مُرفقة في مصر للاستثمار في هذا القطاع وهكذا توفير عمالة مدربة وتسهيلات بنكية وتفكيك المشاكل اللوجيستية الخاصة بالاستثمار، ولدينا مشكلة حاليًا تتعلق بالإفراج عن البضائع التي أصبحت أطول من السابق والتكلفة أعلى، واللافت أن هذا الإجراء جاء بعد أن قامت الحكومة بعملية إصلاح فيما يسمى بالتسهيلات عبر النافذة الواحدة للمستثمرين، وبالتالي ولاقتناص هذه الفرص لابد من إعادة ترتيب البيت من الداخل وتسهيل إجراءت الاستثمار لأنه من المفترض أن تسهل عملية الإصلاح على المستثمرين لا أن تجعل هناك بيروقراطية وإجراءات أطول وأعلى في التكلفة.
إذن يبدو أنه لايزال هناك بعض معوقات الاستثمار في مصر؟
المعوقات معروفة، والدولة تعرف المعوقات جيدًا، وقد قدمنا نحن كجمعيات رجال أعمال ومجالس تصديرية تصور للحكومة لرؤية مجتمع الأعمال في مصر للتصدير وأنا متفائل بالوزارة الحالية، ونتمنى أن يخرج من الزخم الحالي من الحكومة الحالية نتائج إيجابية، وهذا الأسبوع نظمنا فعاليات الدورة الثامنة لمعرض Destination Africa، وحضره وزير الاستثمار حسن الخطيب ورئيس الهيئة العامة للاستثمار حسام هيبة، وقد تحدثنا مع وزير الاستثمار في عدة أمور، ولدينا أمل كبير في هذه الوزارة لحل الكثير من المشكلات التي تواجه المستثمرين والاستثمار في مصر.
كيف يمكن تحقيق المستهدف الحكومي والذي يصل لـ 145 مليار دولار صادرات؟
لا نستطيع حاليا تحقيق هذا الرقم من الصادرات المصرية للخارج لكن يمكننا تهيئة البيئة اللازمة لجذب الاستثمار من أراضي مرفقة بالمناطق الصناعية وقد يستغرق هذا الأمر بعض الوقت لكن لابد من البدء في الأمر وأرى أن نية الحكومة لذلك قائمة ونتمنى أن تكون هناك نتائج أفضل خلال الفترة المقبلة.
كيف ترى الفرص التصديرية لقطاع حيوي مثل قطاع الزراعة حيث تعد مصر من الدول الزراعية؟
قطاع الزراعة لديه فرص حيوية كبيرة للتصدير ومصر أصبحت الآن المصدر رقم واحد في الموالح والمصدر رقم واحد في الفراولة المجمدة، ولدينا عجينة الياسمين المصرية المستخدمة في صناعة العطور حيث إن معظم منتجي العطور في العالم يعتمدوا على هذه العجينة المصرية في تصنيع العطور بنسبة تصل إلى 75%، وبالتالي لدينا فرص كبيرة وإن كان لدينا بعض الأزمات المتعلقة بندرة المياه الخاصة بمياه النيل والإدارة الرشيدة للمياه الجوفية والتي تتطلب تغيير طريقة الرى من الغمر للتنقيط في ظل التكنولوجيات المتقدمة في مجال الزراعة لأن ما يحدث من ري بالغمر غير منطقي بالمرة.
الاتحاد الأوروبي بدأ يضع شروط للمنتجات التي يستوردها بحيث تكون منتجات تعتمد على الاقتصاد الأخضر والصناعات الصديقة للبيئة.. ما رأيك في ذلك وهل استعدت مصر؟
بالفعل أصبح هذا توجه وترند عالمي، ولابد أن نستعد له في مصر والدول المتقدمة تضع هذه الشروط كنوع من الاهتمام بالبيئة وتخفيض الانبعاثات الكربونية، وإن كنت أرى أنه نوع من وضع القيود غير الجمركية على حركة التجارة، وبالتالي لابد من تخضير الصناعة، وقد سبق وأن وضعنا برنامج لتحديث الصناعة في مصر، وآن الآوان أن نبدأ في برنامج جديد لتخضير الصناعة، ويجب أن يقوم شركائنا الأوروبيين بدعمنا ومساعدتنا في هذا البرنامج "تخضير الصناعة" كما سبق وأن ساعدونا في برنامج تحديث الصناعة، ومسألة تخضير الصناعة أصبحت أمر لا مفر منه وهو أمر مفيد للبيئة المصرية وقد استضافت مصر مؤتمر المناخ منذ عامين كوب 27 وهو ما يوضح الاهتمام بهذا المجال.
أخيرًا كيف ترى مستقبل الاستثمار في الصناعات الإلكترونية في مصر؟
هذه صناعة ترتبط بفكرة استقدام الاستثمار ولكي نقيم استثمارات في مثل هذه القطاعات لابد من بيئة حاضنة للاستثمار في مجال الإلكترونيات والصناعات المتقدمة، وهو ما يتطلب مستوى تعليم مختلف عن الموجود حاليًا. كما يحتاج مستوى تدريب مهني مختلف عن الحالي لذلك على الدولة أن تنفق على التعليم كما ينص الدستور، ونحن لازلنا بعيدين عن النسبة التي حددها الدستور المصري للإنفاق على التعليم والصحة، وأرى أن رأس المال البشري أهم ميزة تتميز بها مصر، وأرى أنه يجب أن نستثمر في رأس المال البشري من خلال الإنفاق على التعليم والإنفاق على الصحة لأنه من بدون الاهتمام بالصحة والتعليم فلا أمل في تطوير الصناعة في مصر.