قبل أن استعرض الأنواع المختلفة للمستثمر الملاك دعوني أبدأ بتعريف مبسط للإستثمار الملائكي أو المستثمر الملاك فهو مصطلح يستخدم عندما يقوم المستثمر بتقديم الأموال للشركات الناشئة في بداية التأسيس أو في المراحل المبكرة مقابل حصة ملكية في هذه الشركة ويتم ذلك بإستخدام أنواع مختلفة من الضمانات مثل الملكية المباشرة ownership equity أو السندات القابلة للتحويل إلى ملكية في الشركة مستقبلاً Convertible Notes أو عند إستيفاء أو عدم إستيفاء معايير محددة أو مؤشرات الأداء الرئيسية التي يتم الإتفاق عليها مسبقاً KPI’s (key performance indicators)
ولقد ظهر هذا المصطلح في مسرح برودواي في نيو يورك في بدايات القرن العشرين 1920 عندما كان يقدم بعض الأثرياء الدعم المالي للفنانين والمنتجين لضمان إستمرار الأعمال المسرحية بشرط سدادها بالكامل، بالإضافة إلى الفائدة بمجرد أن يبدأ المسرح في تحقيق الإيرادات.
وفي عام 1978 قام الپروفيسور ويليام ويتزل William Wetzel في جامعة نيو هامشير New Hampshire University باستخدام مصطلح "المستثمر الملاك" ضمن دراسته للطرق المتاحة لرواد الأعمال لجمع الأموال لشركاتهم الناشئة.
فالمستثمر الملاك هو شخص يدعم الشركات التاشئة و رواد الأعمال برأس المال مقابل حقوق الملكية أي الشراكة المباشرة أو الديون القابلة للتحويل لملكية Convertible debt وقد يوفر المستثمر الملاك الدعم المالي مرة واحدة أو أكثر من مرة كدعم مالي مستمر لمساعدة الشركة علي النجاح والإستمرار خلال المراحل الصعبة المبكرة و في معظم الحالات يلعبون أيضاً دوراً أساسياً و نشطاً في عملية إتخاذ القرارت الإستراتيجية و في إدارة الأعمال وفي وضع الbusiness plan أو خطة العمل ومتابعة تنفيذها مساهمين بخبرتهم وذكائهم وشبكة علاقاتهم ورؤيتهم الثاقبة كوسيلة لحماية استثماراتهم ومساعدة رائد الأعمال وفريق العمل علي بناء الشركة والعلامة التجارية والسيطرة علي جزء مرضي من السوق في القطاع بشكل فعال ومستمر.
والآن سوف أستعرض الأنواع المختلفة لأنواع المستثمرين الملائكة ومميزات وعيوب كل نوع قدر المستطاع:
النوع الأول هو أفراد العائلة والأصدقاء و هؤلاء المستثمرون الملائكة يكونون علي معرفة شخصية بسبب علاقة القرابة أو الصداقة وبالتالي دوافع هذا النوع من المستثمرين تكون في الأغلب عاطفية وشخصية وبالرغم من أن هؤلاء المستثمرين غالباً ما يكونوا الخيار الأول لرواد الأعمال بسبب سهولة الإقناع وسرعة إتخاذ قرار المستثمر الملاك بسبب الدافع العاطفي والشخصي الذي تم ذكره سابقا فلابد أيضاً أن يدركوا عيوب هؤلاء المستثمرون الملائكة من الأهل والأصدقاء، حيث أنهم في معظم الأحيان لا يقدموا قيمة مضافة للمشروع وقد يتدخلون دون داع في عملية اتخاذ القرار وفي الأعمال التي من دورها تساهم في وتؤدي الي نمو الشركة وخاصةً في المراحل الصعبة المليئة بالتحديات.
النوع الثاني هو المستثمر الخبير ويكون لديه خبرة واسعة ومعرفة عميقة ومحددة بالمشروع والفرصة الإستثمارية في هذا المجال او هذا السوق فربما يكون خبيراً أو مديراً تنفيذياً أمضي جزء كبير من حياته المهنية في قطاع معين وبالتالي يكون هذا المستثمر الخبير هو بمثابة وسيلة رائعة تحقق الوصول للأهداف بسهولة وسرعة أكبر بسبب تفادي كثير من الأخطاء التي كان من الممكن أن يقع فيها رواد الأعمال أو فريق العمل ولكن قد ينقلب هذا المستثمر في بعض الأحيان لمصدر مؤرق من النصائح الغير مرغوب فيها حيث يكون دائماً متشوقاً للتنظير واستعراض المعلومات في كل الأوقات سواء كان هناك إحتياج لها أو لا.
النوع الثالث هو المستثمر الزميل في العمل وهو الزميل السابق في العمل ويكون ذلك مرجع قوي للمستثمرين ودليل كبير علي الإحتمال الكبير لنجاح وبراعة المشروع هذا بالإضافة الي إلإستفادة من تجربتهم معاً وخبرتهم وانسجامهم وتعاونهم السابق في العمل والاستفادة من كل ما سبق في بناء الشركة الناشئة وقدرتهم علي دعم المشروع بشكل كبير في البحث عن والعثور علي الكفاءات والموارد الضرورية لنجاح الشركة وأخيراً التناغم والانسجام في العمل بين هذا النوع من المستثمر والمؤسس سوف يؤدي بالقطع إلى تفادي العديد من الصعوبات والخلافات إلى قد تؤدي بدورها إلى إحتمالية تعثر الشركة الناشئة في مراحلها المختلفة فلا يمكن أن نغفل أهمية الروابط الإنسانية والدور المكمل التي تلعبه مع الروابط العملية
النوع الرابع وهم المستثمر المحترف أو الصامت أو السلبي الذي لا يهتم بمعرفة رائد الأعمال وفريق الأعمال شخصياً فالأولوية عنده هي تحقيق أعلي عائد لإستثمار أمواله ROI return on investment بدون أي مجهود يبذله في الشركة فكل ما يبذله هو الأموال فقط ويكون في الأغلب له مستشار مالي يقترح عليه الشركات الناشئة التي ممكن أن يستثمر فيها فالرؤية هنا هي رؤية المستشار المالي وليست رؤية المستثمر وقد يؤدي هذا الي عدد من الاستثمارات المتعددة الناجحة ولكن من عيوب هذا المستثمر أنه يكون مشغولاً جداً بإستثماراته الأخري وبالتالي لا يستطيع أن يشارك بالرأي أو بالخبرة مثل المستثمرين الملائكة الآخرين وقد يكون هذا غير مفضل بالنسبة لعدد كبير من المؤسسين ورواد الأعمال.
النوع الخامس وقد تكون شهادتي مجروحة فيه لأنه النوع الذي أنتمي اليه ألا وهو المستثمر الملاك الحقيقي أو المستثمر الملاك الشغوف أو النشيط أو المؤمن بالفكرة وبرائد الأعمال نفسه وهو أندر أنواع المستثمرون الملائكة ولذلك يطلق عليه لقب "رئيس المستثمرين الملائكة" وهذا النوع هو مستثمر ملاك له رؤية ثاقبة مميزة ومختلفة يمتلك سجل حافل في مجال الإستثمارات الناجحة المتعددة التي يمثل المستثمر قيمة مضافة كبيرة فيها من حيث المشاركة في عمليات اتخاذ القرار والإستفادة من ذكاء ورؤية المستثمر الملاك وشبكة علاقاته وخبراته والشراكات التي من الممكن ان تتحقق مع الشركات الأخري في محفظة إستثماراته والسمعة الطيبة للمستثمر الملاك وتفكيره الإستراتيچي ودعمه الكبير الطويل الأمد للشركة الناشئة ورواد الأعمال وهذه مواصفات وسمات شخصية نادراً ما تتوافر عند المستثمرين وهنا أود أن أزيل الخلط بين رجل الأعمال والمستثمر الملاك فليس كل رجل أعمال ناجح يصلح أن يكون مستثمر ملاك ناجح خاصة إن كان عمله كله في إدارة شركات الأسرة التي تتوارثها الأجيال وليس له أي تجارب نجاح أو حتي فشل يتعلم منها دروس في بناء شركة ناشئة وبالتالي ليس كل مستثمر ملاك ناجح يصلح أن يكون رجل أعمال ناجح وقد يجمع البعض بين الإثنين ولكن ظروف الحياة قد توجه الإنسان للطريق المناسب الأفضل له ويكون هذا إختيار الهي ومصيري بحت ولكنها ليست القاعدة ولكن من العيوب المحتملة أيضاً للمستثمر الملاك الحقيقي أنه قد يكون مشغولاً جداً بإستثمارات أخري وفي بعض الأحيان قد لا يجد الوقت الكافي للمشاركة بالفاعلية التي يتمناها وهذه التقصير المحتمل أضعه دائماً أمام عيني وأحاول ان أتفاداه قدر المستطاع مثلي مثل أي مستثمر ملاك حقيقي شغوف وداعم لرواد الأعمال والشركات الناشئة والأفكار المبتكرة بصفة خاصة والإبداع بصفة عامة والله المستعان.