كيف يمر الصيف بدون انقطاعات في الكهرباء؟

أخر تحديث 2025/05/19 03:12:00 م
كيف يمر الصيف بدون انقطاعات في الكهرباء؟

يعلن الارتفاع التدريجي في درجات الحرارة عن اقتراب فصل الصيف، ومع كل موجة حارة تضرب مصر تتزايد التساؤلات حول إمكانية تجدد خطة تخفيف أحمال الكهرباء التي شهدتها البلاد خلال الأعوام الماضية.

تحرص الحكومة على بث رسائل ايجابية لطمئنة المواطنين وتنفي عودة انقطاعات التيار الكهربائي، ولكن هل واقع الأرقام والإجراءات يؤكد تلك الرسائل أم لا؟ عدم استقرار إمدادات الكهرباء لا يؤثر فقط على القطاع المنزلي الذي يمثل 35% من استهلاك الكهرباء، بل الأشد تحقيقًا لخسائر اقتصادية هو القطاع الصناعي الذي يمثل حوالي 30% من استهلاك الكهرباء، وفقًا للجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء.

يتم توليد الكهرباء في مصر من مصادر غير متجددة كالغاز الطبيعي والمازوت بالإضافة إلى مصادر متجددة كالطاقة الشمسية وطاقة الرياح والطاقة المائية وعلى الرغم من خطط مصر الطموحة لتنويع مزيج إنتاج الطاقة واستهداف إنتاج نحو 42% من مصادر الطاقة المتجددة بحلول عام 2030؛ إلا أن حوالي 87% من الطاقة الكهربائية المولدة كانت باستخدام الغاز الطبيعي في العام المالي 2023/2022 وفقًا لأحدث بيانات منشورة في التقرير السنوي للشركة القابضة لكهرباء مصر.

يُعد تراجع إنتاج الغاز الطبيعي في مصر أحد أبرز مسببات أزمة الكهرباء، ففي العام المالي 2023/2024 بلغ الإنتاج من الغاز الطبيعي حوالي 5.3 مليار قدم مكعب يوميًا، فيما بلغ الاستهلاك المحلي ما يزيد عن 6 مليار قدم مكعب غاز يوميًا وجاء قطاع الكهرباء في مقدمة القطاعات المستهلكة للغاز الطبيعي بنسبة تناهز 58% من إجمالي استهلاك مصر، وبلغت كميات الغاز المستورد لاستكمال تلبية احتياجات السوق المحلى حوالي 337 مليار قدم مكعب غاز خلال العام، وفقًا للتقرير السنوي للشركة المصرية القابضة للغازات الطبيعية (إيجاس).

زيادة إنتاج الغاز الطبيعي لا تتحقق بين ليلة وضحاها، بل تتطلب استثمارات ضخمة في مجال البحث والاستكشاف لا سيما في منطقة البحر الأبيض المتوسط التي تسيطر على ما يتجاوز 70% من إنتاج مصر من الغاز الطبيعي وحتى ترتفع مستويات الإنتاج لا مفر من زيادة واردات مصر من الغاز الطبيعي، وهو ما يتضح ضمنيًا من خلال تحركات وزارة البترول في الفترة الماضية والمتمثلة في استئجار 4 وحدات تغوي أمريكية وألمانية ونرويجية وتركية بعقود طويلة الأجل.

تلك الوحدات أو السفن تعد بمثابة وحدات عائمة لتحويل الغاز من الحالة السائلة التي ينقل بها بحرًا لحالته الغازية الأصلية ليتم ضخه في الشبكة القومية للغازات، وفي سياق منفصل تسعي وزارة الكهرباء لصيانة وحدات إنتاج الكهرباء قبل بداية الصيف لتلافي توقف التيار لأسباب فنية لا تتعلق بإمدادات الغاز الطبيعي والمازوت.

ومن الجدير بالذكر إن قطاع الكهرباء سجل ثاني أكبر قطاع من حيث الاستثمارات العامة بنسبة 11% خلال الربع الثاني من العام المالي 2024/2025، وفقًا للجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء، من المستبعد أن تتوقف مصر عن استيراد الغاز الطبيعي في الأجل القصير؛ طالما توافرت السيولة المطلوبة من العملة الصعبة ولحين ارتفاع مستويات الإنتاج مره أخرى.

ولكن يظل هدف زيادة الاعتماد على مصادر الطاقة المتجددة بحلول عام 2030 ليس بالهدف اليسير، فإنتاج مصر من الطاقة الكهرومائية مصدره السد العالي ولا يخفينا سرًا التوترات المتعلقة بالأمن المائي المصري، ثم تأتي طاقة الرياح والطاقة الشمسية بما تحتاجه من استثمارات ضخمة وتوسعات سريعة وتحديات تقنية وفنية كما أن الاستمرار في استيراد الغاز الطبيعي سوف يرهق كلا من الميزان التجاري والموازنة العامة للدولة في ضوء استمرار دعم الكهرباء.

ورجوعًا للنقطة الأساسية، فمن غير المتوقع أن يكون صيف عام 2025 بنفس سوء صيف عام 2024 من حيث تخفيف الأحمال، وعلى الرغم من أهمية المسكنات قصيرة الأجل، إلا أن الحلول الحقيقية المستدامة لن تكون بزيادة إنتاج الغاز الطبيعي فقط، بل أيضًا من خلال تعزيز أمن الطاقة عن طريق المصادر المتجددة في إطار خطة تنفيذية معلنة تتضمن مؤشرات قياس الأداء بشكل واضح ومحوكم.

ماهيناز الباز

تشغل ماهيناز الباز حاليًا منصب رئيس تطوير المحتوي بمجموعة إيجبت أويل أند جاز، ولديها خبرة تفوق ال 10 أعوام في مجال البحوث والصحافة الاقتصادية، تتركز اهتمامتها البحثية في مجالات الاقتصاد الكلي والاقتصاد الدولي واقتصاديات الطاقة. قدمت العديد من الاستشارات البحثية وتطوير المحتوي لعدد من الشركات. حصلت ماهيناز على درجة الدكتوراة في الاقتصاد الدولي من جامعة حلوان.