لقد فعلها البنك المركزي المصري! رفعت لجنة السياسة النقدية أسعار الفائدة ليلة الخميس الماضي بمقدار 200 نقطة أساس، بما يتوافق مع معظم توقعات السوق. ومع ذلك، من المرجح أن يبدأ المتعاملون في السوق في التساؤل "ماذا بعد؟"
ما إذا كان البنك المركزي قد انتهى من رفع أسعار الفائدة (أم لا) يعتمد على مدى فعالية تحركاته الأخيرة في تشديد السياسة النقدية منذ أوائل عام 2022 حتى الآن، سواء كان ذلك من خلال مضاعفة أسعار الفائدة عن طريق رفع تراكمي قدره 10 نقاط مئوية أو رفع نسبة الاحتياطي الإلزامي للبنوك بـ 4 نقاط مئوية إلى 18%. إن مستويات التضخم المرتفعة الحالية ليست مدفوعة بالطلب ولكن يغذيها إلى حد كبير قوة الدولار الأمريكي أمام الجنيه المصري (أي التضخم المستورد). لكن من خلال رفع أسعار الفائدة، يحاول البنك المركزي تجنب إضافة وقود إلى النار. بعبارة أخرى، من غير المحتمل أن يؤدي رفع أسعار الفائدة إلى تباطؤ معدلات التضخم ولكنه سيعمل على احتواء التضخم حتى لا يخرج عن السيطرة والذي أتوقع أن يتجاوز الـ 30% في المتوسط خلال 2023 بأكمله.
وفي الوقت نفسه، من المرجح أن يبدي المستثمرون المحليون، وخاصة البنوك، اهتماما أكبر بسوق الدين المصري، نظرا لأن احتمالية رفع أسعار الفائدة مرة أخرى أصبحت الآن أقل بكثير. ومع ذلك، من المرجح أن يستمر المستثمرون الأجانب في تجاهل سوق الدين المحلي في مصر والمربح حالياً لأن مخاطر سعر الصرف يمكن أن تقلل بسهولة تلك العوائد المرتفعة. غالباً ما يضاعف المستثمرون الأجانب من رهانهم بعوائد مرتفعة بالإضافة إلى مكاسب عملة نتيجة قوة العملة المحلية، ولكن ينقصهم الجزء الأخير في مصر. وقد يتساءل البعض ماذا عن سعر الصرف؟ إنه يشبه السؤال عما سيأكله محافظ البنك المركزي على الإفطار اليوم. يمكن أن يتوقع أي حد سعر الصرف ولكنه سيعتمد في رأيي على سرعة وحجم الاستثمارات الأجنبية المباشرة من دول مجلس التعاون الخليجي في بعض الشركات المملوكة للدولة والتي يزيد عددها عن 32 شركة والمتاحة للبيع.
هل يعني ذلك عدم توقع انخفاضاً ثالثاً في قيمة العملة بنسبة من رقمين على غرار تحركات 21 مارس و27 أكتوبر من العام الماضي؟ فيحين أن كل السيناريوهات مطروحة، لا أعتقد أن خفضاً آخر لقيمة الجنيه المصري بنسبة من رقمين سيفي بالغرض. فهو مثل ارتفاع السعرعلى طول منحنى عرض عمودي للدولار الأمريكي. فلن يؤدي رفع سعر الصرف إلى زيادة المعروض من الدولار الأمريكي في السوق. حتى الآن، أعتقد أن السياسة النقدية قد أدت دورها بما يكفي بالفعل. في رأيي، الأمر الآن متروك لبدء تنفيذ السياسة المالية. وهذا يعني أن الوقت قد حان للمضي قدماً في تحويل الأقوال إلى أفعال وتنفيذ برنامج الطروحات الحكومية المرتقبة بجدية.