بعد الخسائر الاقتصادية لـ حريق سنترال رمسيس.. كيف تواجه الحكومة الأزمات المستقبلية؟

أخر تحديث 2025/07/14 12:38:00 م
بعد الخسائر الاقتصادية لـ حريق سنترال رمسيس.. كيف تواجه الحكومة الأزمات المستقبلية؟

آراب فاينانس: طالب خبراء، بضرورة الاستفادة من أزمة حريق سنترال رمسيس، والذي أدى لتوقف العديد من الخدمات المعتمدة على شبكة الإنترنت والتكنولوجيا الرقمية مثل البورصة والبنوك والمطارات فضلا عن خدمات الهواتف المحمولة والأرضية. كما أكدوا على ضرورة توفير شبكات بديلة تنقل البيانات لحظيًا في حالة حدوث أعطال مثل تلك التي حدثت في حريق سنترال رمسيس فضلًا عن توافر عوامل الأمن والسلامة المهنية للمنشآت.

وتعرض سنترال رمسيس، أحد السنترالات المركزية التابعة للشركة المصرية للاتصالات، لحريق ضخم في الخامسة من مساء الاثنين الماضي، راح ضحيته 4 موظفين مع إصابة العشرات بالاختناق، وفق بيان وزارة الصحة. 

والتهمت النيران جزءًا كبيرًا من محتويات المبنى من الأجهزة ومراكز البيانات مما تسبب في تعطل مؤقت لخدمات الإنترنت والاتصالات، وفق بيان للجهاز القومي لتنظيم الاتصالات.

وعاودت النيران الاشتعال من جديد الخميس الماضي داخل سنترال رمسيس بعد ثلاثة أيام من الحريق حيث أعلنت محافظة القاهرة، في بيان عبر فيسبوك، أن الحريق كان محدودا، ونشب أعلى المبنى الخلفى لسنترال رمسيس ،  وتمكنت  قوات الحماية المدنية الموجودة بالمكان من إطفائه على الفور.  

من جانبه قال الدكتور رشاد عبده، الخبير الاقتصادي، ورئيس المنتدى المصري للدراسات الاقتصادية في تصريحات لـ آراب فاينانس إن العديد من القطاعات في مصر تعرضت لخسائر اقتصادية بسبب حريق سنترال رمسيس مشددًا على ضرورة تعويض المتضررين من تعطل خدمات الإنترنت خاصة الشركات والأفراد الذين يعتمدون على التكنولوجيا في أعمالهم.

ضرورة تشكيل لجنة دائمة لإدارة الأزمات

وأكد عبده، على ضرورة الاستفادة من هذا الحادث في التعامل مع الأزمات المستقبلية، ووضع سيناريوهات للتعامل معها بشكل أسرع مع الاستفادة من تلك الأزمة لعدم تكرار ما حدث من تعطل للخدمات.

ومن جانبها ترى الدكتورة سهر الدماطي، الخبيرة المصرفية، أن الحكومة تعاملت بشكل مناسب في أزمة حريق سنترال رمسيس حيث عادت الخدمات خلال 48 ساعة، لافتة إلى أن مصر لديها سنترالات بديلة لـ سنترال رمسيس وهو ما ساهم في التعامل السريع مع الأزمة ومنع كارثة اقتصادية في حال استمرار الأزمة لفترة طويلة.

وأضافت الدماطي، أن مصر لديها حاليًا أكبر مركز للبيانات بالعاصمة الإدارية لافتة إلى أن حادث حريق سنترال رمسيس كان تأثيره محدود، وأن عمرو طلعت وزير الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات أعلن فور حدوث الحريق بأن الخدمات ستعود خلال 24 ساعة، وهو ما يشير إلى أن الحكومة تمتلك البدائل وكان لديها سيناريوهات معدة للتعامل مع الأزمة.

ينبغي إعادة النظر في مرونة شبكة الاتصالات

بينما قال الدكتور محمد عزام، الخبير في مجال الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات، إنه ينبغي إعادة النظر في مرونة شبكة الاتصالات في المستقبل بحيت يتم نقل البيانات لشبكات بديلة بشكل آلي وسريع لا يستغرق وقت.

وأضاف عزام أن سنترال رمسيس يعد سنترال رئيسي للعديد من الخدمات، ومن أهم السنترالات في مصر، وحادث الحريق كان واردًا لافتًا إلى أن حادث حريق سنترال رمسيس حادث جسيم، ولابد أن تعيد الدولة النظر في إجراءات الأمن والسلامة داخل المنشآت.

وأوضح عزام أنه ينبغي أن يكون هناك سنترالات بديلة، وشبكات موازية لنقل البيانات من خلالها في حالة حدوث عطل جسيم مثلما حدث في حريق سنترال رمسيس.

وأضاف عزام أن هناك طرق وسبل عديدة للتأمين والحفاظ على سلامة البيانات والأعمال التي تعتمد بشكل رئيسي على تكنولوجيا المعلومات سواء على مستوى الشركات الخاصة أو الحكومية أو الأفراد. كما ينبغي التعامل بشكل سريع مع مثل تلك الأحداث من خلال نقل الأحمال من أجزاء من شبكة الاتصالات إلى أجزاء أخرى مع توفير شبكات بديلة في حالة انقطاع أحد الكابلات مع الاعتماد على أقمار صناعية مخصصة لنقل البيانات، فضلا عن الاعتماد على الشبكات ذاتية التركيب، والتي تتخذ قرار لحظي بتحويل البيانات من شبكة لشبكة أخرى، وسنترال آخر في حالة حدوث مشكلة.

من جانبه قال المهندس ياسر فاروق، عميد المعهد المصري للسلامة وتأمين بيئة العمل، إن أحد أهم أسباب الحرائق سواء بالنسبة لحريق سنترال رمسيس أو غيره ترجع لسوء صيانة التوصيلات الكهربائية، واستخدام أسلاك غير مطابقة، ومفاتيح حماية غير مناسبة أو فاسدة موضحًا أن الخسائر التي تعرض لها سنترال رمسيس وحده بخلاف الخسائر الاقتصادية الناتجة عنه تقدر بـ 5 مليارات جنيه نتيجة تلف وتدمير البنية الأساسية للسنترال.

الأزمة ترجع إلى نقص التدريب والعجز في أعداد المفتشين على السلامة المهنية

وأوضح فاروق أنه لابد أن يراعي من يديرون هذه المنشآت وسائل المراقبة والأمان مشيرًا إلى أن هناك ضعف في التدريب على الإطفاء داخل لجان السلامة المهنية التي يجب تشكيلها داخل كل مؤسسة يزيد عدد أفرادها عن 50 شخص حيث نص القانون على تشكيل هذه اللجنة داخل كل مؤسسة وتدريبها على مهام الإطفاء والتعامل مع الحرائق، لكن في الحقيقة هذه اللجان ينقصها التدريب الجيد فضلا عن أزمة العجز في عدد المفتشين على الأمن الصناعي والسلامة المهنية وهم تابعين لوزارة القوى العاملة ويرجع العجز في أعدادهم نتيجة سياسة الدولة في عدم تعيين موظفين جدد.

وكشف فاروق أنه لا يوجد سوى مركزين فقط معتمدين من الحكومة للتدريب على الإطفاء أحدهما تابع لوزارة القوى العاملة والآخر تابع لاتحاد عمال مصر، بينما هناك نحو 40 مركز آخر يعملون على التدريب وفق برامج معتمدة من دول أوروبية مشيرًا إلى أن كل مؤسسة مثل سنترال رمسيس بها مئات العاملين كان يجب أن يكون بها موظفين قادرين على التعامل مع الحرائق وإطفائها من خلال لجنة يفرض القانون تشكيلها من العاملين تسمى لجنة السلامة المهنية موضحًا أن هناك طرق حديثة للإطفاء يتم استخدامها بينما لاتزال مصر تعتمد على طفايات البودرة بينما يوجد أنواع أخرى مثل طفايات غاز ثاني أكسيد الكربون ذات الإطفاء الذاتي والمسماة بـ إف إم 2000 فضلًا عن مسيرات الإطفاء الحديثة.

وطالب فاروق بضرورة التدريب على الإخلاء للموظفين لمثل هذه المنشآت الحيوية في حالة حدوث حرائق وإجراء تجارب على إطفاء الحرائق بين حين وآخر.  

ووفق التقرير السنوي لحوادث الحريق في مصر في عام 2024 الصادر عن الجهاز المركزي للتعبئة والإحصاء، فإن عدد حوادث الحريق على مستوى الجمهورية بلغ 46,925 حادثة عام 2024، مقابل 45,435 حادثة عام 2023، بنسبة ارتفاع قدرها 3.2%.

وحسب ذات التقرير فقد بلغ عدد المتوفين من ضحايا حوادث الحريق 232 متوفى عام 2024، مقابل 239 متوفى عام 2023، بنسبة انخفاض قدرها 2.9%.

وأما عدد المصابين، فقد بلغ 831 مصاباً عام 2024، مقابل 812 مصاباً عام 2023، بنسبة ارتفاع قدرها 2.4%..

أسباب الحرائق في مصر

ووفقاً للحالة الجنائية، جاء الحريق العارض في المرتبة الأولى لحوادث الحريق بعدد 9,814 حادثة بنسبة 20.9%، يليه الحريق بسبب الإهمال بعدد 4,886 حادثة بنسبة 10.4% خلال عام 2024.

وكانت النيران الصناعية (مثل أعقاب السجائر، أعواد الكبريت، مواد مشتعلة، شماريخ) السبب الرئيسي للحريق بعدد 14,817 حادثة بنسبة 31.6%، يليها الماس الكهربائي أو الشرر الاحتكاكي بعدد 8,428 حادثة بنسبة 18% من إجمالي مسببات الحريق.

وجاءت الأرض الفضاء (القمامة والمخلفات) في مقدمة أماكن حدوث الحرائق بعدد 18,467 حادثة بنسبة 39.4%، تليها المباني السكنية بعدد 17,969 حادثة بنسبة 38.3% من إجمالي حوادث الحريق.

وعلى مستوى المحافظات، احتلت محافظة القاهرة المركز الأول في عدد حوادث الحريق بـ6,288 حادثة بنسبة 13.4%، تليها محافظة الغربية بعدد 3,990 حادثة بنسبة 8.5%، بينما جاءت محافظة شمال سيناء في المرتبة الأخيرة بعدد 189 حادثة بنسبة 0.4% من إجمالي حوادث الحريق.

وتسبب حريق سنترال رمسيس في خسائر بالغة على عدة مستويات، تتعلق بالاتصالات والإنترنت والخدمات المصرفية، فضلاً عن 4 وفيات وعشرات المصابين.

وأدى الحريق، الذي أشارت التحقيقات الأولية إلى اندلاعه مساء الاثنين الماضي بسبب ماس كهربائي، إلى وفاة 4 موظفين بالسنترال خلال تأدية عملهم حسب بيان رسمي من الشركة المصرية للاتصالات.

وحسب بيان وزارة الصحة بلغ عدد المصابين في الحريق 27 مصابًا تم نقلهم إلى المستشفيات القريبة.

وفور وقوعه تسبب الحريق في عطل أصاب خدمات الاتصالات والإنترنت في القاهرة ومحافظات أخرى قريبة، وصل لذروته بقطع خدمات الإنترنت بشكل كامل عن الهواتف المحمولة لبعض الوقت قبل أن يتم استعادتها بشكل جزئي، فيما بقيت بعض الاتصالات بين الشبكات غير متاحة لفترة وصلت لنحو 24 ساعة. 

وتسبب الحريق في تعطيل خدمات الاتصال بالطوارئ مع قطع الحرارة عن التليفونات الأرضية في نطاق عدة أحياء بوسط القاهرة، فيما أعلنت وزارة الصحة أرقاماً بديلة للتواصل مع الإسعاف بالمحافظات مع عدم القدرة على الاتصال بالنجدة والجهات الطارئة.

وأدى تعطل خدمات الإنترنت إلى توقف خدمات المدفوعات الإلكترونية بشكل كامل، وعدم القدرة على الوصول إلى أي معاملات مالية، سواء من خلال تطبيقات البنوك أو تطبيقات المعاملات المالية، فيما واجه المترددون على البنوك  مشاكل في عدم القدرة على سحب الأموال من حساباتهم ببعض الفروع.

وقرر البنك المركزي بشكل مؤقت رفع الحد الأقصى اليومي لعمليات السحب النقدي من فروع البنوك بالعملة المحلية إلى 500 ألف جنيه للأفراد والشركات بدلاً من 250 ألف جنيه في ضوء الظروف الاستثنائية الناتجة عن انقطاع خدمات الإنترنت.

وقررت البورصة المصرية تعليق التعاملات على خلفية تأثر خدماتها بانقطاع الإنترنت، وأكدت في بيان رسمي لها أن قرار تعليق التعامل جاء لضمان تكافؤ الفرص بين المتعاملين.

وتسبب الحريق في إرباك بحركة التشغيل في مطار القاهرة الدولي على خلفية العطل في شبكات الاتصالات والإنترنت مما أدى لتأخير 33 رحلة جوية كان يفترض أن تقلع خلال الساعات الأولى التي تلت الحريق، حيث جرى إعادة جدولتها مرة أخرى بحسب بيان رسمي لوزارة الطيران المدني.

أخبار متعلقة