آراب فاينانس: وسط مؤشرات، وبوادر إيجابية نحو تحقيق الاستقرار السياسي والاقتصادي بمنطقة الشرق الأوسط بعد الإعلان عن قبول كل من حركة حماس وإسرائيل الاتفاق على المرحلة الأولى من خطة السلام التي وضعها الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، أكد خبراء تحدثوا لـ آراب فاينانس أن نجاح خطة السلام الأمريكية سيكون له تأثيرات اقتصادية جيدة على المنطقة بشكل عام، وعلى الاقتصاد المصري بشكل خاص فيما يتعلق بإيرادات قناة السويس، وزيادة الاستثمارات المباشرة الموجهة لمصر وتزايد أعداد السائحين القادمين لها.
ورفعت وكالة ستاندرد أند بورز للتصنيف الائتماني تصنيف مصر درجة واحدة إلى "B" من "B-" مشيرة إلى الإصلاحات المستمرة التي أدت إلى انتعاش حاد في نمو الناتج المحلي الإجمالي، في حين أكدت وكالة فيتش تصنيفها الائتماني في ضوء إمكانيات النمو المرتفعة إلى حد ما في البلاد والدعم القوي من الشركاء.
وذكرت فيتش في بيانها: "نعتبر أن المخاطر الناجمة عن تصعيد التوترات مع إسرائيل زادت على نحو معتدل فقط خلال الأشهر القليلة الماضية، كما أن التعاون في مجال الطاقة آخذ في التقدم".
الآثار الاقتصادية لخطة السلام الأمريكية على مصر
قالت الدكتورة نهى بكر، أستاذة العلاقات الدولية بالجامعة الأمريكية بالقاهرة في تصريحات حصرية لـ آراب فاينانس، إن نجاح أي خطة للسلام في المنطقة، بما فيها الخطة المعلنة أخيرًا من الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، من شأنه أن يحمل تأثيرات اقتصادية محتملة لمصر من عدة جوانب.
وأضافت بكر أن الإيجابيات المحتملة في مصر تتمثل في تعزيز الاستقرار الإقليمي، والذي سينعكس إيجابًا على الأمن القومي المصري، وسيشجع على جذب الاستثمارات الأجنبية المباشرة، وسيعزز من فرص التنمية في سيناء حيث يفتح السلام فرصًا جديدة للتنمية الاقتصادية في شبه جزيرة سيناء، خاصة في مجالات التجارة والطاقة والسياحة، وأبرز القطاعات المستفيدة ستكون السياحة إذ يُتوقع نمو بنحو 20 إلى 30% في أعداد السائحين بما يقدر بنحو 3 إلى 4 ملايين سائح بإيرادات متوقعة تتراوح من 2 إلى 3 مليار دولار سنويًا.
وأشارت أستاذة العلاقات الدولية ، إلى أنه يُتوقع كذلك زيادة إيرادات قناة السويس من 8 إلى 12% بما يقدر بنحو 600 إلى 900 مليون دولار إضافية بسبب تحسين الأمن الملاحي، وزيادة الثقة، وتعزيز التعاون الاقتصادي، نظرًا لإمكانية زيادة التعاون مع دول المنطقة في مجالات الطاقة والتجارة والاستثمار المشترك، بالإضافة لدعم المشروعات القائمة عبر المشروعات الإقليمية مثل المنطقة الصناعية في قناة السويس وممر التنمية، وتحسين صورة مصر الدولية كدولة محورية تدعم السلام والاستقرار الإقليمي، مما يؤدي لتحسين تصنيف مصر الائتماني، ويدعم احتمال ارتفاع التصنيف بدرجة واحدة B إلى B+.
ووفق تقرير وكالة فيتش الصادر حديثًا فإن التأثير الاقتصادي الرئيسي للصراع الإقليمي يتمثل في انخفاض عائدات قناة السويس بنسبة 59% منذ السنة المالية 2023، لتصل إلى 3.6 مليار دولار أمريكي في السنة المالية 2025، والتي تتوقع الوكالة أن تتعافى تدريجيًا لتصل إلى 5.5 مليار دولار أمريكي في السنة المالية 2027.
توقعات بانخفاض تكلفة الاقتراض الخارجي
وتوقعت بكر انخفاض تكلفة الاقتراض الخارجي من 1 إلى 2 نقطة مئوية، علمًا بأن هذا التأثير الايجابي محتمل أن يكون علي المستوى القريب، والمتوسط، وأنه فيما يخص المستوى قصير الأجل سيكون من عام إلى عامين حيث ستتحسن مؤشرات الثقة وبيئة الأعمال، وستكون بداية لتدفق الاستثمارات، أما على المستوى متوسط الأجل من 3 إلى 5 سنوات سيتم تحقيق التأثيرات الاقتصادية الكاملة ضمن تحسن ملموس في مؤشرات الاقتصاد الكلي، علمًا بأن هذا التوقع مبني علي استقرار المنطقة، وعدم حدوث متغيرات أمنية مستجدة.
توقيت خطة السلام سيخدم السياحة المصرية
بينما قالت الدكتورة عادلة رجب أستاذة الاقتصاد ومديرة مركز الدراسات والبحوث الاقتصادية والمالية بكلية الاقتصاد والعلوم السياسية بجامعة القاهرة في تصريحات لـ آراب فاينانس إن الفترة المقبلة ستشهد تحسن كبير وسريع في التدفقات السياحية نتيجة تحسن الصورة الذهنية عن الشرق الأوسط في أوروبا وأمريكا بعد نجاح خطة السلام الأمريكية في غزة والتوقيع على مراحلها الأولى بين كل من حركة حماس وإسرائيل بجهود عربية وتوجيهات مصرية كبيرة.
وحققت إيرادات السياحة في مصر ارتفاعا بنسبة 16.3% خلال العام المالي 2024/2025، لتصل إلى نحو 16.7 مليار دولار، مقارنة بـ 14.4 مليار دولار في العام المالي السابق، وفقًا لأحدث البيانات الرسمية الخاصة بميزان المدفوعات الصادرة من البنك المركزي.
ويأتي هذا النمو مدفوعًا بزيادة ملحوظة في عدد الليالي السياحية، والتي سجلت 179.3 مليون ليلة سياحية، مقارنة بـ 154.1 مليون ليلة خلال الفترة نفسها من العام المالي 2023/2024.
وأوضحت رجب أن توقيت خطة السلام الأمريكية سيخدم السياحة المصرية نظرًا لمجيئه في وقت الذروة السياحية والأعياد مثل الكريسماس في شهر ديسمبر، وكذلك في موسم السياحة في أعياد الفصح في أبريل موضحة أن الاتفاق الأمريكي للسلام في غزة سيبعث برسالة طمئنة للراغبين في زيارة المعالم الأثرية المصرية.
وأضافت رجب أنه فيما يتعلق بإيرادات قناة السويس فمن المتوقع أن تتحسن لكن على المدى المتوسط، وليس سريعًا نظرًا لطبيعة الاتفاقات التي تبرم في هذا الإطار.
وأشارت مديرة مركز الدراسات والبحوث الاقتصادية والمالية بكلية الاقتصاد والعلوم السياسية بجامعة القاهرة إلى أنه ينبغي تشجيع الاستثمارات وتقديم الحوافز للمستثمرين، لزيادة حجم الاستثمارات المباشرة في مصر الناتجة عن الاستقرار السياسي بالمنطقة لافتة إلى أن معدلات النمو الاقتصادي وتطورها ستظهر بوضوح خلال الربع الثاني من العام المالي المقبل منوهة بأن أحد أبرز نتائج الاتفاق قد اتضحت من خلال إعلان مؤسسات دولية تحسين تصنيف مصر الائتماني إلى مستوى B.
ينبغي ضخ المزيد من الاستثمارات في القطاع الفندقي
ومن ناحيته قال النائب أحمد الطيبي، وكيل لجنة السياحة والطيران المدني بمجلس النواب، إن الاتفاق الأمريكي للسلام في غزة سينعكس على تدفق السائحين في مناطق كانت تقل فيها السياحة بمصر مثل مدينتي دهب ونويبع السياحيتين. كما أنه من المتوقع كذلك استكمال المنشآت السياحية والفندقية التي كانت قد توقفت خلال الفترة الماضية.
وأضاف الطيبي أنه ينبغي تقديم الحوافز الاستثمارية من جانب الدولة لزيادة حجم الاستثمارات المباشرة خاصة أن المناطق السياحية في مصر تتمتع بمقومات طبيعية جاذبة، فضلًا عن أن عدد الغرف الفندقية محدود في بعض المناطق السياحية مما يتطلب ضخ مزيد من الاستثمارات في القطاع السياحي والفندقي.
وأكد الرئيس الأمريكي دونالد ترامب الذي يزور مصر اليوم لترؤس قمة شرم الشيخ للسلام مع الرئيس عبد الفتاح السيسي، انتهاء حرب غزة، مشيرًا إلى أن الأمور ستصير بشكل جيد وسيجري تشكيل مجلس سلام على نحو سريع من أجل غزة.
ويأتي ذلك بعد موافقة إسرائيل وحركة حماس على المرحلة الأولى من خطته لوقف إطلاق النار في قطاع غزة، الذي يشهد حربًا مستمرة منذ أكثر من عامين.