توطين الصناعة في مصر.. ما هى أبرز الفرص والتحديات؟

أخر تحديث 2025/11/06 04:05:00 م
توطين الصناعة في مصر.. ما هى أبرز الفرص والتحديات؟

آراب فاينانس: مع الحراك والزخم الجاري حاليًا نحو الاستثمار في مصر دعا خبراء واقتصاديون إلى ضرورة الإسراع في توطين عدد من الصناعات في مصر، مع تعميق المنتج المحلي لتقليل الاعتماد على الاستيراد من الخارج.

وأطلقت مصر الاستراتيجية الوطنية للصناعة 2024/2030 والتي تستهدف زيادة مساهمة قطاع الصناعة في الناتج المحلي الإجمالي إلى 20% في 2030 بدلًا من 14%.

وحسب كامل الوزير نائب مجلس الوزراء لشؤون التنمية الصناعية وزير الصناعة والنقل، فإن الاستراتيجية الوطنية للصناعة تقوم على مبادئ الاستدامة والعدالة والتنافسية، وتهدف إلى زيادة فرص العمل في القطاع الصناعي من 3.5 إلى 7 ملايين فرصة، إلى جانب توسيع نطاق الصناعات الخضراء لتشكل 5% من الناتج المحلي الإجمالي.

وأضاف الوزير في كلمته مؤخرًا بمنتدى القاهرة الاقتصادي، أنه لتحقيق هذه الأهداف، تم إعداد خطة عاجلة للنهوض بالصناعة، من أهم محاورها تعميق التصنيع المحلي، وإعادة تشغيل المصانع المتوقفة، وتحسين جودة المنتج المصري، وتدريب وتأهيل العمالة بما يتماشى مع متطلبات الثورة الصناعية الرابعة. كما أطلقت الدولة المصرية 28 صناعة واعدة ومستهدفة كقاطرة للنمو، في مقدمتها الصناعات الهندسية، والدوائية، والبتروكيماوية، والإلكترونيات، والسيارات الكهربائية، والنسيج، والصناعات الغذائية وغيرها، بما يجعل من مصر قاعدة إنتاجية متكاملة قادرة على المنافسة إقليميًا ودوليًا.

ضرورة تعميق المكون المحلي

من جانبه يقول النائب مجاهد نصار، عضو لجنة الصناعة بمجلس النواب إن تطور البنية التحتية في مصر خلال الفترة الماضية بجانب الاستقرار الملحوظ ساهم في تشجيع العديد من المصانع المحلية والصناع في تعميق الإنتاج المحلي خاصة مع توجه وزارة الصناعة بقيادة الفريق كامل الوزير وزير الصناعة نحو تقليل الاستيراد وزيادة المكون المحلي، وحل مشكلات المصانع المتعثرة فضلًا عن تسهيل استخراج الرخص الصناعية من جانب هيئة التنمية الصناعية، وتخفيض قيمة الرسوم للمصانع، إلى جانب العديد من المستثمرين الأجانب الذي بدأوا في التركيز بالفعل على إقامة مصانع داخل مصر، وحاليًا لدينا على سبيل المثال منطقة اقتصادية للمشروعات الصينية بمحافظة السويس.   

ويضيف نصار في تصريحات حصرية لـ آراب فاينانس أن مصر أصبحت من الدول الواعدة في العديد من القطاعات الصناعية أبرزها قطاع الثروة المعدنية خاصة بعدما تحولت هيئة الثروة المعدنية إلى هيئة اقتصادية تحت مسمى هيئة الثروة المعدنية والصناعات التعدينية وهو يعد بداية حقيقية لتحقيق الاستفادة القصوى من ثرواتنا التعدينية التى تزخر بها مصر، وتحقق رؤية مصر 2030.

وتسعى الحكومة إلى زيادة مساهمة قطاع التعدين فى إجمالى الدخل القومى من 0.5 % إلى 6% وفق المهندس كريم بدوى وزير البترول والثروة المعدنية.

وينوه نصار إلى توجه الدولة حاليًا لتصنيع المواد الخام التي تدخل في عدة صناعات مثل مادة الصودا آش، والتي نستوردها من الخارج، وتدخل في العديد من الصناعات مثل صناعة الأدوية والأسمدة والزجاج، حيث يهدف المشروع إلى إقامة مجمع لإنتاج الصودا آش (كربونات الصوديوم) ومشتقاتها بطاقة حوالى 600 ألف طن سنويا، بما يخدم احتياجات السوق المحلية، ويساعد فى تصدير المنتج بالخارج، وجارٍ حاليًا الاقتراب من انتهاء هذا المشروع.

ويشير نصار إلى أن هناك كثير من الصناعات الواعدة في مصر مثل صناعة السيارات الكهربائية، وإحياء شركة النصر للسيارات وتطويرها، وكذلك المشروعات المرتبطة بالطاقة النظيفة مثل تصنيع ألواح الطاقة الشمسية في مصر، والتي توفر النقد الأجنبي من خلال خفض معدلات الاستيراد.

ويضيف أن الدولة تقوم بتهسيل إقامة المشروعات التي تسد حاجة السوق المحلي وتقلل من الواردات، مع تقديم الرخصة الذهبية للمستثمرين عبر نظام الشباك الواحد، طالما المشروعات جدية.

ينبغي مكافحة الإغراق لحماية المنتج المحلي

ويوصي نصار بضرورة مكافحة سياسات الإغراق حيث يقوم بعض المستوردين بإغراق السوق ببعض المنتجات مثل الحديد والبلاستيك والنسيج، وبيعه بسعر أقل من ثمنه الحقيقي من خلال إجراءات وتلاعب غير قانوني ومنافسة غير عادلة مما يضر بالصناعة المحلية، مشددًا على أنه ينبغي فرض رسوم حماية لهذه المنتجات التي تتعرض للإغراق من جانب بعض المستوردين، مطالبًا بوجود مكاتب للأسعار الاسترشادية بالجمارك، من خلال وضع حد أدنى للمنتجات بناء على تكاليف هذه المنتجات بما لا يضر بالصناعات الوطنية.   

ومن جانبه قال محمد المهندس رئيس غرفة الصناعات الهندسية باتحاد الصناعات المصرية إنه يقوم من خلال مبادرة الاتحاد لتعميق التصنيع المحلي بتنظيم مؤتمر ومعرض سنوي يجمع فيه نحو 250 مصنع من كافة الصناعات للتعاون في هذا المجال، واستبدال المنتجات المستوردة بمنتجات محلية الصنع من خلال تعاون الصناع معًا في هذا المؤتمر والذي تعقد نسخته الثالثة في 22 يناير المقبل.

تحديات تواجه توطين الصناعات

وأضاف المهندس أن هناك تحديات تواجه الصناع في مصر تتعلق بالتمويل، حيث سبق أن أعلنت الحكومة عن مبادرة القروض التي ستُمنح بسعر فائدة لا يتجاوز 15%، وهو أقل من السعر الأساسي البالغ نحو 22%، لقطاعات الصناعة والزراعة والطاقة المتجددة، لكن هناك تحديات ومعوقات إدارية وروتينية تواجه هذه المبادرة.  

ومددت الحكومة في أكتوبر الماضي برنامجها لدعم الأنشطة الإنتاجية في قطاعات الصناعة والزراعة والطاقة المتجددة، بإجمالي تمويل يبلغ 90 مليار جنيه للعام المالي الحالي، وفقًا لبيان مشترك صادر عن وزارتي المالية والتجارة والصناعة، وذلك في خطوة تستهدف تخفيف أعباء التمويل عن القطاعين الصناعي والزراعي.

ويعد حجم المبادرة الجديدة أقل من مبادرة 2024 التي بلغت 120 مليار جنيه بنفس سعر الفائدة.

ويأتي تمديد المبادرة بعد إيقاف البنك المركزي المصري برامج التمويل منخفض الفائدة في 2022، ونقل إدارتها للوزارات المختصة تماشيًا مع شروط صندوق النقد الدولي.

ويتفق الدكتور هشام حمزة الخبير الاقتصادي والمصرفي مع رؤية المهندس فيما تعلق بالتمويل مؤكدًا ان هناك تحديات تمويلية تتمثل في ارتفاع أسعار الفائدة وصعوبة التمويل للمشروعات الصناعية مع ضعف برامج التمويل طويلة الأجل للمستثمرين الصناعيين.

وحول أبرز التحديات الأخرى التي تواجه توطين صناعة مثل السيارات الكهربائية أكد حمزة أنها تتمثل في تكلفة الإنتاج المرتفعة وارتفاع أسعار الطاقة والمواد الخام والنقل والتمويل مما يحمل المنتج المصري ببعض الأعباء مقارنة بمنافسين آخرين، فضلًا عن ضعف البنية التحتية الداعمة مثل محطات الشحن الكهربائي التي لاتزال في بدايتها، كما نحتاج لمراكز بحث صناعية قوية متخصصة في تكنولوجيا السيارات أو البطاريات، وربط الجامعات والمعاهد الفنية بالصناعة من حيث التدريب والتطوير مع ضرورة تحديث بعض الموانئ والمناطق اللوجستية لتسهيل التصدير والاستيراد.

وأضاف حمزة أن هناك تحديات أيضا تتمثل في ضرورة استقرار منظومة الحوافز للمستثمرين واستمرارها لفترة طويلة حيث سبق وأن تغيرت هذه المنظومة أكثر من مرة مما يضعف من ثقة المستثمرين العالميين.

وأشار حمزة إلى أن هناك منافسة إقليمية قوية من المغرب وجنوب أفريقيا حيث سبقتنا الدولتين بخطوات في جذب الشركات العالمية والتصدير.

فرص استثمارية واعدة

وحول الفرص الاستثمارية في هذا المجال أكد أن قطاع السيارات الكهربائية من أبرز القطاعات الواعدة خاصة مع توجه الدولة والتوجه العالمي نحو استخدام الطاقة النظيفة.

وأضاف حمزة أن مصر لها فرص كبيرة في تصنيع السيارات الكهربائية حيث تتميز بـ الطاقات البشرية المدربة والمهندسين والفنيين إلى جانب موقعها الجغرافي المتميز، ما يؤهلها لتكون لاعب فاعل بمنطقة الشرق الأوسط وأفريقيا في صناعة وتجميع السيارات، كذلك مصر لديها البنية التحتية اللازمة لتوطين هذه الصناعة إذ قامت مؤخرًا في صناعة أجزاء من السيارات خلال الفترة الأخيرة.

وأوضح حمزة أن مصر تملك أكبر مصنع علي مستوي الشرق الاوسط في صناعة ضفائر السيارات كما لديها مصانع متخصصة في صناعة زجاج السيارات، والشكمانات، والصاج وبعض أجزاء موتورات السيارات.  

وشدد على أن المشروعات الصغيرة والمتوسطة تعتبر واحدة من أهم عوامل نمو أي صناعة واعدة مثل صناعة السيارات إذ تمد تلك المشروعات صناعة السيارات بالمكونات البسيطة التي تحتاجها، والتي لا تستطيع إنتاجها في خطوط الصناعة الثقيلة أو حتي أثناء مرحلة التجميع ومن ضمنها صناعة المسامير والصواميل والكاوتشات والفرش الداخلي للسيارة أو حتي كاسيت السيارة موضحًا أن وجود المشروعات الصغيرة والمتوسطة في هذا القطاع يوفر العملة الأجنبية نظرًا لإتاحتها بالداخل مما يقلل من الضغط على الاستيراد بالعملة الأجنبية.

في الختام يؤكد حمزة أن توطين الصناعة في مصر سيساهم في خلق المزيد من فرص العمل عبر الصناعات المغذية مثل قطع الغيار وكذلك نقل التكنولوجيا الحديثة من خلال الشركات العالمية، وزيادة الصادرات، وتحسين الميزان التجاري.  

وتصدر قطاع الصناعات التحويلية غير البترولية، أكثر القطاعات مساهمة في معدلات النمو المحققة خلال الربع الثالث من العام المالي 2024/2025، بنسبة 1.9%، وفقًا لبيانات تطور معدل نمو الناتج المحلي الإجمالي للربع الثالث من العام المالي التي أعلنتها وزارة التخطيط والتنمية الاقتصادية والتعاون الدولي.

وارتبط هذا النمو الصناعي أيضاً بتحسن ملحوظ في أداء الصادرات الصناعية، حيث سجلت صادرات السلع تامة الصنع زيادة سنوية بلغت 12.7% خلال الربع الثالث، ما يعزز دور القطاع الصناعي كقوة دافعة للنمو.

 

اخبار مشابهة