القاهرة: علي الرغم من أن صناديق الاستثمار العقاري، فكرة جديدة على المجتمع المصري، إلا أنها بدأت في الولايات المتحدة الأمريكية، ولاقت قبولًا ونجاحًا كبيرًا منذ خمسينيات القرن الماضي، عندما أدركوا جيدًا أهمية الاستثمار في العقارات، وما يحققه الاستثمار العقاري من الكثير من الأرباح في الحاضر والمستقبل.
و يعد الاستثمار العقاري من أولي الملاذات الآمنة للحفاظ علي القيمة الحقيقة للأموال تحصنا من مخاطر التضخم أو تدهور العملة . و في غياب صناديق الاستثمار العقارية يلجأ الأفراد عادة إلي استثمار جزء من مدخراتهم في عقارات سكنية أو أراضي للحفاظ علي قيمة هذه المدخرات و لمجابهة تطلبات المعيشة المتزايدة . و لكن في كثير من الأحيان تأتي الرياح بما لا تشتهي السفن و يتعرض هؤلاء الأفراد الي خسارة جزء أو كل مدخراتهم لعدم اكتمال المشروع السكني الذي استثمروا فيه أو يحدث انحدار في سعر المتر في المنطقة التي وقع اختيارهم عليها، أو تسحب الأراضي التي استثمروا فيها و عادة ما تكون خسارتهم موجعة نتيجة تركز الاستثمارات في أصل واحد بدلا من عدة أصول.
لذا يتطلب الأمر البحث عن السبل الناجحة في الاستثمار العقاري وهو صناديق الاستثمار العقاري، فهي أحد أشكال الصناديق المشتركة ذات رأس المال المحدود، والتي تستثمر الإيرادات التي تتحصل عليها من البيع المبدئي للوثائق في الصندوق العقاري ، وعليها فإن هذه الصناديق تقوم بشراء الممتلكات العقارية وتطويرها وإدارتها، وتمرر الدخل الناتج عن الإيجارات والرهونات وييع هذه العقارات في شكل توزيعات أرباح إلى حاملي وثائق الصناديق العقارية .
وفي أمريكا هناك أصول عقارية تقدر بمليارات الدولارات ولا يمكن الاستفادة منها ومن هنا نشأت فكرة صناديق الاستثمار، وهي صناديق قائمة وتقوم بتأجير الأصول. وتم سن قوانين خاصة بتلك الصناديق توزع أكثر من 80% من الأرباح ، بالإضافة إلي إعفاء هذه الصناديق من الضرائب، وكل من يمتلك مولات أو عقارات أنشأ صناديق عقارية.
كما تجدر الإشارة إلي تجربة المملكة العربية السعودية في هذا الشأن، فقد نجحت فكرة صناديق الاستثمار العقاري، لدرجة أنه من المتوقع أن يشهد القطاع العقاري السعودي في 2017 نهضة وازدهارًا في القطاع العقاري خاصة في تحفيز القطاع التجاري والإسكان بما يتماشى مع أهداف برنامج التحول الوطني الرامية إلى زيادة مساهمة القطاع في الناتج المحلي الإجمالي إلى 10% بحلول عام 2020.
وفي دولة الإمارات العربية المتحدة، كانت صناديق الاستثمار العقاري محل العديد من النقاشات في السنوات الأخيرة، وقد نجح مركز دبي المالي العالمي في سن تشريعً لإقامة سوق لإعادة تبادل وحدات صناديق الاستثمار العقاري في عام 2006، في وقت لم يثبت فيه هذا المفهوم جاذبيته بعد في منطقة الشرق الأوسط. ومع تحسن أحوال السوق في الوقت الحالي وبحث المستثمرين عن وسائل جديدة لإعادة تدوير رأس المال العقاري، فقد شهدت صناديق الاستثمار العقاري بمنطقة الشرق الأوسط انتشارًا كبيرًا.
وبشكل عام تتميز الصناديق الاستثمارية العقارية بأنها متاحة للجميع، ويتم تداول وحداتها في السوق المالية وتُعرف عالميًا بمصطلح "ريت أو ريتس"، وتهدف إلى تسهيل الاستثمار في قطاع العقارات المطورة والجاهزة للاستخدام التي تدر دخلاً دوريًا وتأجيريًا. كما تتميز هذه الصناديق المتداولة بانخفاض تكلفة الاستثمار فيها مقارنة بصناديق الاستثمار العقارية الأخرى، كما يمكن لهذه الصناديق الاستثمار محليًا و إقليميًا وعالميًا بشروط محددة.
إن صندوق الاستثمار هو صندوق يقوم بشراء العقارات والرهونات العقارية، حيث تقدم صناديق الاستثمار العقاري لأفراد المستثمرين الفرصة للاستثمار في العقارات بدون الاضطرار إلى امتلاك الممتلكات الفردية، والمعروف أن صناديق الاستثمار العقاري كانت شائعة منذ عام 1996، وفي عامي 2000 إلى 2002 انخفضت أسعار سوق الأسهم ومن هنا كانت الفرصة إلى اللجوء إلى الاستثمار العقاري كاستثمارات آمنة.
ويري خبراء الإقتصاد إن المواطن المصري في حاجة لخدمات الاستثمار العقاري، خاصة أنها تتعلق بواحدة من أكبر المشكلات التي لازمت مصر منذ العهود السابقة، وهي مشكلة الإسكان التي يكمن حلها في إقامة مشاريع جديدة وإتاحة برامج تمويلية متنوعة تتناسب مع الاحتياجات المختلفة للعملاء، وأغلب سكان مصر من الشباب، فمن المؤكد أن الاستثمار العقاري هو قاطرة التنمية في المستقبل.
كما يدعو الخبراء إلي ضرورة العمل على خلق الوعي الكامل لدى الأفراد بأهمية صناديق الاستثمار العقاري، وأن يدرك الجميع أن القيمة المالية التي يدفعها تتضاءل كثيرًا مع الوقت، فالعقار الذي يصل ثمنه إلى حوالي 100 ألف جنيه بمرور فترة لا تتجاوز خمس سنوات قد تصل إلى 200 ألف جنيه، لذلك يجب أن يدرك الجميع أن ما يدفعه المستثمر من قيمة مالية تزيد عن المبلغ الأصلي للأصل سيحصل عليها بقيمة أعلى مع مرور الوقت.
المصدر: صحيفة المال