كيف ستؤثر الطروحات الحكومية المرتقبة على الاقتصاد المصري؟

أخر تحديث 2025/11/04 03:35:00 م
كيف ستؤثر الطروحات الحكومية المرتقبة على الاقتصاد المصري؟

آراب فاينانس: تستعد الحكومة حاليًا لاستئناف برنامج طرح الشركات الحكومية للقطاع الخاص، والذي يعتبر من أهم محاور خطة الإصلاح الاقتصادي.

وفي شهر أبريل الماضي تعاقد "صندوق مصر السيادي للاستثمار والتنمية"، و"جهاز مشروعات الخدمة الوطنية"، مع بنكي الاستثمار "إي إف جي هيرميس" لترويج وتغطية الاكتتاب، لطرح شركات مملوكة للدولة، على أن تكون البداية من خلال شركات "وطنية"، و"شل أوت"، "سايلو الغذائية"، و"صافي"، و"الشركة الوطنية للطرق.

وبحسب برنامج الطروحات الحكومية، تسعى الحكومة  للتخارج من محطة رياح "جبل الزيت" الواقعة على ساحل البحر الأحمر، ومحطة كهرباء "سيمنز" في محافظة بني سويف.

ووفق أحمد كجوك وزير المالية فإن الحكومة تفتح للمرة الأولى هذا العام قطاعات المال، والتأمين، والمطارات أمام استثمارات القطاع الخاص، إلى جانب قطاعات الاتصالات، ومراكز البيانات، وأبراج المحمول.

وكان مجلس الوزراء قد أعلن في فبراير 2022، عن السير في إجراءات طرح 32 شركة مملوكة للدولة على مدار عام كامل، لمستثمرين استراتيجيين، أو لاكتتاب العام في البورصة المصرية، أو كليهما، لتوفير النقد الأجنبي، وذلك في إطار وثيقة سياسة ملكية الدولة، التي تبحث عن فتح آفاق للاستثمارات الأجنبية.

أهمية الطروحات الحكومية للاقتصاد المصري

من جانبه يقول الدكتور عمرو سلامة الخبير المصرفي إن مصر تشهد خلال السنوات الأخيرة مرحلة جديدة من التحولات الاقتصادية الهادفة إلى تعزيز كفاءة إدارة الأصول العامة، ورفع مساهمة القطاع الخاص في النشاط الاقتصادي حيث يُعد برنامج الطروحات الحكومية أحد أهم أدوات هذا التحول، إذ يمثل خطوة استراتيجية نحو بناء اقتصاد أكثر تنافسية يقوم على الشراكة بين الدولة والقطاع الخاص، لا على الهيمنة الحكومية وحدها.

وأوضح سلامة، في تصريحات حصرية لـ آراب فاينانس أن الطروحات الحكومية تأتي في إطار خطة الإصلاح الاقتصادي التي تنفذها الدولة منذ عام 2016، والتي استهدفت إعادة هيكلة الاقتصاد وتحسين مناخ الاستثمار وتعزيز دور السوق في توزيع الموارد.

وأكد سلامة أن أحد أبرز أهداف برنامج الإصلاح الاقتصادي هو رفع كفاءة الشركات المملوكة للدولة من خلال دخول مستثمرين من القطاع الخاص بهدف تحسين نظم الإدارة، وضبط الإنفاق، وزيادة الشفافية والحوكمة، بما يعزز الأداء المالي، والتشغيلي لتلك الشركات.

كما يستهدف برنامج الإصلاح الاقتصادي أيضًا وفق سلامة توسيع قاعدة الملكية العامة عبر طرح حصص من الشركات في البورصة بما يتيح للمواطنين والمؤسسات المشاركة في الملكية والاستفادة من أرباح النمو، كما يسهم في تنشيط سوق الأوراق المالية وزيادة أحجام التداول والسيولة.

ويشير سلامة إلى أن البرنامج يستهدف كذلك جذب استثمارات أجنبية جديدة من خلال فتح الباب أمام المستثمرين الأجانب للاستحواذ على حصص أو المساهمة في إدارات الشركات العامة ما يؤدي إلى جلب عملات أجنبية ويساعد في تقليل الفجوة التمويلية.

وينوه إلى أن البرنامج يتوجه أيضًا إلى تحسين كفاءة تخصيص الموارد عبر تحويل الدولة من دور المشغل إلى المنظّم مما يعزز التخصص والكفاءة الاقتصادية، ويتيح توجيه الموارد العامة إلى أولويات التنمية مثل التعليم والبنية التحتية والصحة، ومن هذا المنطلق، تُعد الطروحات الحكومية آلية إصلاح مالي وإداري في آنٍ واحد، تضمن توظيف الأصول العامة بما يحقق أفضل عائد اقتصادي واجتماعي للدولة.

ويؤكد سلامة على أن الطروحات الحكومية في مصر تُعد أحد أبرز أدوات الإصلاح الاقتصادي في المرحلة الحالية، ليس فقط لزيادة الإيرادات أو جذب الاستثمارات، بل لبناء نموذج اقتصادي يقوم على الشراكة المتوازنة بين الدولة والقطاع الخاص مشيرًا إلى أنه إذا استطاعت الحكومة المضي في تنفيذ البرنامج بوتيرة مدروسة، مع مراعاة توقيت السوق وتحسين مناخ الاستثمار، فإن تلك الطروحات يمكن أن تتحول إلى محرك رئيسي للنمو الاقتصادي ووسيلة فعالة لتعزيز ثقة المستثمرين في الاقتصاد المصري حيث إن النجاح في هذا الملف لا يقاس بعدد الشركات المطروحة فقط، بل بقدرة الدولة على تحقيق تحول هيكلي في إدارة الاقتصاد، بما يوازن بين الكفاءة الاقتصادية والعدالة الاجتماعية، ويفتح آفاقًا أوسع لمشاركة القطاع الخاص في مسيرة التنمية المستدامة.

ضرورة مشاركة القطاع الخاص في منظومة الطروحات

وحول أهمية مشاركة القطاع الخاص في منظومة الطروحات يؤكد سلامة أن القطاع الخاص يُشكل العمود الفقري لأي اقتصاد قادر على تحقيق النمو المستدام، ومن ثم، فإن إشراكه في إدارة وتشغيل الشركات العامة لا يمثل ترفًا، بل هو ضرورة اقتصادية حيث إن القطاع الخاص يمتلك المرونة الإدارية والخبرة السوقية، ويستطيع التحرك بسرعة أكبر من الجهاز الحكومي لمواكبة التطورات العالمية. كما أن مشاركة القطاع الخاص في مشروعات الدولة تؤدي إلى ضخ استثمارات جديدة تُسهم في زيادة الإنتاج والتشغيل وترفع كفاءة الإدارة نتيجة المنافسة والسعي لتحقيق الأرباح. كما تدعم الابتكار وتطبيق التكنولوجيا الحديثة في الإنتاج والخدمات وتعمل على تخفيف العبء المالي والإداري عن الدولة.

وينوه سلامة إلى أن الحكومة المصرية في أكثر من مناسبة أكدت على أن الهدف ليس بيع الأصول بقدر ما هو تحقيق شراكة فعالة تعيد الحيوية للقطاع الإنتاجي وتُعزز الثقة في بيئة الاستثمار.

مخاوف من الاحتكار

ويبدى الدكتور حسين العسيلي الخبير الاقتصادي تحفظه على هذه الرؤية قائلًا: إن الخطر لا يكمن في مبدأ الشراكة ذاته، بل في كيفية تنفيذه، وضمان عدم انزلاقه إلى خصخصة مُقنّعة قد تُخرج الدولة تدريجيًا من المشهد إن لم تتوخى الحذر، وتترك السوق لقوى احتكارية قد لا تعرف غير منطق الربح الأقصى حتى ولو على حساب المستهلك وطبقات المجتمع الضعيفة.

ويضيف العسيلي أن العالم شهد تجارب متعددة في دمج القطاع الخاص داخل أطر الاقتصاد العام، بعضها نجح نجاحًا باهرًا، كما هو الحال في تجارب شرق آسيا، حيث شارك القطاع الخاص في التصنيع والتكنولوجيا دون المساس بدور الدولة كضامن للتوازن الاجتماعى، وبعضها انتهى بكوارث اقتصادية واجتماعية، مثل ما حدث في روسيا في تسعينيات القرن الماضى حين أدى التحرير السريع والخصخصة غير المنضبطة إلى ظهور الأوليغارشية  وهى تعني سيطرة قلة من الأغنياء على باقي السكان حيث تسيطر على مفاصل الاقتصاد والثروة، واستبعدت ملايين المواطنين من ثماره.

ويوضح العسيلي أن المخاوف اليوم ليست مرتبطة بفكرة مشاركة القطاع الخاص في حد ذاتها؛ فالعالم المتقدم يعتمد على مبادئ الشراكة المؤسسية، بل ويشجع على الكفاءة والرأسمالية المنتجة ، لكن الخطر الحقيقي يكمن في طبيعة تنفيذ هذه السياسات، ومدى قدرة الدولة على ضبط حدود النفوذ الاقتصادي ومنع تكوين مراكز احتكار جديدة خاصة في القطاعات الحساسة مثل: الكهرباء، المياه، البنية التحتية، النقل، والصناعات الأساسية

ويؤكد الخبير الاقتصادي أن بيانات صندوق النقد الدولي والبنك الدولي تشير إلى أن الاقتصادات التي سمحت بتركز المنشآت الإنتاجية والمالية في يد عدد ضئيل من الشركات الخاصة شهدت ارتفاعًا في مستويات الأسعار تبعها اتساعًا في فجوة الدخل، وتراجعًا في تنافسية السوق، وفي المقابل، فإن الدول التي اتبعت نماذج الشراكة الفعادلة بضوابط صارمة وحوكمة شفافة، مثل سنغافورة وكوريا الجنوبية قد نجحت في جذب رأس المال الخاص دون التفريط في السيادة الاقتصادية للدولة أو العدالة الاجتماعية لأفراد المجتمع.

وحول الحالة المصرية يوضح العسيلي أننا أمام طرح نسب تصل إلى 30? أو 40? من رأسمال بعض الشركات العامة للمستثمرين قد يبدو خطوة طبيعية ضمن سياسة الإصلاح وإعادة الهيكلة وتعظيم العوائد على الأصول، ومع هذا يتحتم التأكيد على أن هذه الخطوة يجب أن تُدار بدقة علمية، ورقابة حكومية صارمة، وحوكمة شفافة ترتكز على ضمانات محددة عدم تركّز الملكية في يد شريحة ضيقة من رجال الأعمال وضمان دخول مستثمرين صناعيين واستراتيجيين وليس مجرد مضاربين ماليين، والحفاظ على نسب سيادية تضمن قدرة الدولة على التدخل عند الضرورة ووجود إطار قانوني واضح لمنع الاحتكار وفرض سقف للأسعار في القطاعات الحيوية.

ويشدد العسيلي على أن ما يدفع للقلق هو التجربة السابقة لبعض عمليات الخصخصة في مصر خلال التسعينيات وبداية الألفية، حيث أُغلقت مصانع، وتسربت العمالة، وحدثت عمليات بيع أثارت الرأي العام، وهى  تجربة اعترف الكثيرون لاحقًا بأنها لم تكن تُدار بأعلى درجات التوازن والشفافية الكافية، واليوم، وفي ظل الظروف الاقتصادية الراهنة والحاجة لجذب استثمارات وتمويلات جديدة لتسريع النمو، قد تبدو المشاركة مع القطاع الخاص ضرورة، لكنها بالقطع ليست مبررًا قويًا لانسحاب الدولة الكامل، فالدولة ليست مجرد مالكًا للأصول، بل هى ضامنًا للاستقرار الاقتصادي والاجتماعي، وحارسًا لحقوق المواطنين في خدمات عادلة وأسعار منضبطة.

في الختام يوضح العسيلي أن المطلوب اليوم ليس رفض المشاركة مع القطاع الخاص، بل ضبطها، وترسيخ مبدأ الشراكة العادلة بلا هيمنة كاملة؛ ولتضمن الدولة بها تنمية مستدامة لا يتحول فيها الاقتصاد إلى لعبة في يد فئة واحدة.

تحديات تواجه القطاع الخاص

وحول تراجع مؤشر مديري المشتريات خلال الفترة الأخيرة ودلالته على بيئة الأعمال في مصر يوضح سلامة أن مؤشر مديري المشتريات يُعتبر من أهم المؤشرات التي تُستخدم عالميًا لقياس أداء القطاع الخاص غير النفطي حيث يقيس المؤشر مدى نشاط الشركات من حيث حجم الطلبيات الجديدة والإنتاج والتوظيف والمخزون إذ أن قراءة المؤشر فوق 50 نقطة تعني توسع النشاط الاقتصادي، ودون 50 نقطة تعني انكماشًا أو تباطؤًا في القطاع الخاص.

ووفق أحدث البيانات فقد ارتفع مؤشر مديري المشتريات الرئيسي لمصر من 48.8 في سبتمبر 2025 إلى 49.2 في أكتوبر لكنه لا يزال أقل من 50 نقطة.

وهذه القراءة وفق سلامة تُظهر أن القطاع الخاص المصري ما زال يواجه تحديات مرتبطة بارتفاع تكاليف التشغيل وضعف الطلب المحلي، إلا أن وجود برنامج الطروحات يُمكن أن يسهم في تحفيز هذا القطاع عبر ضخ استثمارات جديدة وخلق فرص توسع حقيقية.

الصفقات الأخيرة للطروحات الحكومية

ويؤكد سلامة أن مصر شهدت خلال العامين الماضيين عددًا من الصفقات التي تعكس تطبيقًا عمليًا لفلسفة الطروحات الحكومية، وتوضح تنوع الآليات التي تتبعها الدولة بين البيع الاستراتيجي والطرح العام في البورصة ومن ذلك  شركة الشرقية للدخان وهو معبر بشكل كبير عن نموذج الشراكة الاستراتيجية حيث استحوذت في عام 2024 شركة فيليب موريس العالمية على نحو 14.7% من أسهم شركة الشرقية للدخان، ولم تكن الصفقة بيعًا مجردًا للأسهم، بل جاءت مصحوبة بتعاون تقني وتسويقي في مجال منتجات التبغ الحديثة، وهو ما رفع القيمة المضافة للشركة وعزز قدرتها التنافسية ويعكس هذا النموذج فلسفة جديدة قائمة على الشراكة الاستراتيجية التي تحقق مكاسب مالية وتشغيلية للدولة والمستثمر في آنٍ واحد.

وحول قطاع الضيافة وتطوير الفنادق الحكومية يشير سلامة إلى أن الدولة أطلقت برنامجًا لبيع وإعادة تشغيل مجموعة من الفنادق المملوكة لها من خلال شراكات مع القطاع الخاص، أبرزها مع مجموعة طلعت مصطفى القابضة، وهذه الصفقات سمحت بضخ استثمارات رأسمالية لتحديث المرافق وإعادة تأهيل البنية الفندقية، مما انعكس على جودة الخدمة ورفع العائد السياحي، دون تحميل الموازنة العامة أعباء مالية إضافية.

كما يوضح سلامة إلى أن هناك نماذج أخرى مثل شركة الحفر المصرية وهى نموذج لما قبل الطرح حيث قامت الحكومة بإدراج الشركة ضمن "صندوق ما قبل الطرح" تمهيدًا لبيع حصة لمستثمرين استراتيجيين قبل إدراجها في البورصة، وهذا الأسلوب يهدف إلى رفع الكفاءة المالية للشركة قبل الطرح العام، وضمان تحقيق تقييم واقعي وجاذب للمستثمرين.

وأكد أن هناك نموذج مغاير آخر وهو شركة العز الدخيلة للصلب وهو نموذج لإعادة توزيع الملكية الصناعية حيث تسعى الحكومة إلى بيع حصتها البالغة نحو 33% من الشركة لمستثمرين من القطاع الخاص، مع إمكانية السداد الجزئي بالدولار، وهو ما يسهم في جذب عملة أجنبية وتعزيز كفاءة التشغيل الصناعي.

ضرورة التقييم العادل للأصول المطروحة

وحول الموعد المناسب لطرح الشركات الحكومية يشير سلامة إلى أن التدرج في التنفيذ هو أساس النجاح إذ يجب اتباع مراحل التحضير ثم البيع الاستراتيجي ثم الطرح العام بما يضمن تقييمات عادلة للأصول ويجنب السوق أي اضطراب إذ أن اختيار التوقيت المناسب للطرح يجب أن يتزامن مع مؤشرات إيجابية في بيئة الأعمال مثل ارتفاع مؤشر مديري المشتريات أو تحسن السيولة في السوق.

ويشدد سلامة على أهمية الشريك الاستراتيجي إذ ينبغي وجود مستثمر بخبرة عالمية، كما في حالة الشرقية للدخان، مما يعزز فرص نقل التكنولوجيا والمعرفة، ويزيد القيمة المضافة للأصول المطروحة إلى جانب الشفافية وبناء الثقة من خلال الإفصاح الكامل عن نتائج الشركات وخطط التطوير بعد الطرح، وهو من أهم العوامل لجذب المستثمرين المحليين والأجانب، وضمان استدامة الثقة في السوق المصري.

ويتفق الدكتور أحمد شوقي، الخبير الاقتصادي، مع رؤية سلامة بضرورة التقييم العادل للأصول منبهًا بأنه من الضروري التركيز على التقييم العادل للأصول التي يتم طرحها للقطاع الخاص، حتى لا يكون هناك خسائر للاقتصاد المصري.

وأكد شوقي، أن عمليات الطرح في الأساس والتي أوصى بها صندوق النقد الدولي تستهدف مشاركة أكبر للقطاع الخاص في الاقتصاد المصري حتى لا تتحمل الدولة وحدها فاتورة الإصلاح الاقتصادي، وحتى يحدث توازن داخل الاقتصاد المصري بين القطاعين العام والخاص، كما أن هذه الطروحات ستعمل على تخفيف الديون وأعباء الديون وفوائدها، حيث تلتهم هذه الديون الموازنة العامة للدولة، وتمثل ضغطًا كبيرًا عليها موضحًا أن تقليل أعباء الديون سيساهم في توجيه إيرادات الموازنة العامة للدولة لمخصصات أخرى مثل التعليم والصحة والصناعة ودعم السلع بما يؤثر على المواطن في النهاية بشكل إيجابي من الناحية الاقتصادية.

تأثير الطروحات الحكومية على التضخم

بينما يقول الدكتور رمزي الجرم الخبير الاقتصادي والمصرفي إن تَبني الحكومة لبرنامج الطروحات، سوف يؤدي إلى انعكاسات إيجابية على الاقتصاد المصري بشكل مُتكامل، من خلال تنشيط سوق الأوراق المالية بشكل كبير، والذي سينعكس على تحسن ملحوظ في المؤشرات الكلية للاقتصاد المصري، ومواجهة بعض التحديات المحيطة، من أهمها انخفاض معدلات التضخم بشكل ملحوظ، ليصل الى معدلات أحادية، نتيجة توفير أموال رخيصة لدعم المشروعات والكيانات الاقتصادية المختلفة، مما ينعكس على زيادة عرض السلع والخدمات، لمواجهة الطلب الفعال، على خلفية استعادة الشركات وخصوصًا الشركات الصغيرة والمتوسطة، بإعتبارها قاطرة النمو في أي اقتصاد على اختلاف أيديولوجياته الاقتصادية والسياسية، لزيادة دورة الإنتاج والاستثمار لديها بشكل أفضل عبر إنشاء خطوط إنتاج جديدة، أو حتى تجديد خطوط الإنتاج القائمة.

ويوضح الجرم أن جلب المزيد من العملات الأجنبية المختلفة، نتيجة شراء حصص من مساهمات الحكومة في المشروعات الحكومية من قِبل مستثمر استراتيجي خارجي بالعملة الصعبة، سوف ينعكس بشكل كبير على زيادة كفاءة سوق الصرف الأجنبي، والذي بدأ يشهد تَحسن ملحوظ خلال الفترة الحالية.

بالإضافة إلى ذلك، من شأن تنفيذ برنامج الطروحات الحكومية، وفق الجرم أن يؤدي إلى زيادة أنشطة الشركات الدولية داخل السوق المحلي، وبالتالي زيادة إنتاج السلع والخدمات، وبشكل خاص السلع بديلة الواردات، وفي مرحلة لاحقة، إنتاج السلع المُخصصة للتصدير، ما يوفر المزيد من العملات الأجنبية الخارجة، والتي كانت تسبب زيادة فاتورة الاستيراد الباهظة؛ بل سيؤدي كذلك إلى زيادة موارد النقد الأجنبي الداخلة للاقتصاد،على خلفية زيادة الطاقة التصديرية بشكل كبير.

وكشفت البيانات الصادرة عن وزارة التخطيط والتنمية الاقتصادية والتعاون الدولي حول معدلات النمو والاستثمار في الربع الثالث من العام المالي 2024/2025، عن تسارع وتيرة الاستثمار الخاص بالأسعار الثابتة بنسبة 24.2% على أساس سنوي خلال الفترة لتسجل 142.8 مليار جنيه، متجاوزًا الاستثمار العام للربع الثالث على التوالي، ومستحوذًا على نحو 62.8% من إجمالي الاستثمارات المنفذة.

وفي المقابل، واصلت حصة الاستثمار العام تراجعها لتسجل 37.2%، لتصل إلى 84.5 مليار جنيه في مقابل 155.3 مليار جنيه في الربع المقابل من العام المالي الماضي، وهو ما يعكس جهود الدولة لإعادة هيكلة الإنفاق الاستثماري، وترشيد الاستثمارات العامة، والتوجه المتزايد نحو تعزيز دور القطاع الخاص وفق الموقع الرسمي لوزارة التخطيط والتنمية الاقتصادية والتعاون الدولي.

وأوضحت الوزارة، أن النمو في استثمارات القطاع الخاص لم يكن كافيًا لتعويض التراجع الحاد في الاستثمار العام، والذي انكمش بنسبة 45.6% مقارنة بالربع المناظر من العام السابق بالأسعار الثابتة، نتيجة إجراءات حوكمة الإنفاق الاستثماري، ونتيجة لذلك، جاءت مساهمة الاستثمار في النمو الاقتصادي سالبة بنحو 2.44 نقطة.

وتستهدف الحكومة رفع نسبة مساهمة القطاع الخاص فى الناتج المحلى الإجمالى لتصل إلى 82 % بحلول عام 2030، وفق الدكتورة رانيا المشاط وزيرة التخطيط والتنمية الاقتصادية والتعاون الدولي.

وأعلنت الحكومة الاتفاق على الخطوات التنفيذية لبرنامج طرح جزء من أسهم الشركات المملوكة للدولة للقطاع الخاص في يوليو عام 2018 حيث قال مجلس الوزراء في بيان له آنذاك، إنه تم اعتماد 5 شركات كدفعة أولى في برنامج الطروحات الحكومية.

اخبار مشابهة