في عالم يواجه تحديات بيئية واقتصادية متسارعة، لم تجد الدول ملجأ سوى تبني استراتيجيات مبتكرة لتعزيز مرونتها الاقتصادية وتحقيق الاكتفاء الذاتي بما ينعكس إيجابا على تسريع وتيرة الوصول لأهداف التنمية المستدامة، ويبرز توطين الصناعات كاستراتيجية فعالة لتحقيق هذه الأهداف، إذ يساهم في تقليل الاعتماد على الواردات ويعزز من القدرة التنافسية للاقتصاد الوطني ليصبح قوة دافعة للتنمية الاقتصادية والاجتماعية، ولا سيما في القطاعات الحيوية التي تشكل عنصرا فاعلا تجاه تحقيق الاستدامة مثل صناعة الإضاءة.
فالتحولات العالمية نحو تبني تقنيات الإضاءة الذكية والمستدامة تعكس الدور المحوري الذي تلعبه هذه الصناعة في تحقيق أهداف الأمم المتحدة تجاه الاستدامة، حيث تشير التقديرات إلى نمو متسارع في حجم سوق الإضاءة العالمي، حيث بلغ 73.1 مليار دولار في عام 2022، وسيصل إلى أكثر من 122.2 مليار دولار بحلول عام 2028، مدفوعاً بالطلب المتزايد على حلول الإضاءة الموفرة للطاقة مثل تقنية LED التي تتميز بكفاءة عالية وعمر افتراضي طويل. وتؤكد هذه الأرقام على فرص النمو الهائلة التي تتيحها هذه الصناعة.
وفي مصر لا تتوقف التوجيهات الرئاسية ولا الدعم الحكومي عن تشجيع وتحفيز المستثمرين لتوطين الصناعة وزيادة المكون المحلي في الإنتاج، بعد أن وجدت فيه المسار البديل والآمن لتعزيز النمو الاقتصادي، تحسين القدرة التنافسية، الارتقاء بجودة الحياة، خلق وظائف مستدامة في مجالات الإنتاج والتوزيع والصيانة، لذلك فالفرصة مواتية الآن أكثر من أي وقت مضى لتوسيع صناعة الإضاءة في مصر وتعزيز مكانتها في السوق العالمي لتصبح مركزا إقليميا لهذه الصناعة الحيوية والاستفادة من موقعها الجغرافي الاستراتيجي كبوابة لأفريقيا والشرق الأوسط لتصدير منتجات عالية الجودة، ولا يتوقف الأمر عند هذا الحد، فبالإضافة إلى تقليل فاتورة الاستيراد وتوفير العملة الصعبة، سيساهم هذا التوطين في القضاء على الأسواق غير الرسمية التي وصلت لاستيراد مكونات نحو 200 مليون لمبة معظمها غير مطابق للمواصفات، وبالتالي، سيشهد المواطن المصري تحسنًا في جودة الإضاءة المستخدمة في المنازل والشركات، مما يؤثر إيجابًا على صحته وراحته.
ويمثل توطين صناعة الإضاءة الليد انطلاقة حقيقية لرؤية مصر 2030 لتحقيق أهداف التنمية الشاملة، فالأمر غير مقتصر على نمو اقتصادي وحده بل فيه ارتقاء بجودة حياة المجتمع وليس أبرز من ذلك تحول قرية صغيرة في محافظة الغربية إلى قرية صناعية منتجة تحقق صفر بطالة بعد اتجاه شباب القرية لإنتاج لمبات الليد، علاوة على الآثار البيئية الإيجابية المتعددة بما في ذلك، تقليل الانبعاثات الكربونية، إذ تتميز اللمبات الليد -على سبيل المثال- بكفاءة عالية في استهلاك الطاقة تصل الى 80% مقارنة بالأنواع التقليدية، مما يساهم في تقليل الاعتماد على محطات توليد الكهرباء التي تعمل بالوقود الأحفوري، وبالتالي تقليل انبعاثات الغازات الدفيئة، وأيضًا الحفاظ على الموارد الطبيعية نظراً لأن اللمبات الليد تستهلك طاقة أقل، فإنها تساهم في الحفاظ على الموارد الطبيعية المستخدمة في توليد الكهرباء.
ولا يقتصر دور توطين صناعة الإضاءة على تبني تقنيات الـ LED فحسب، بل يتعداه ليشمل منظومة متكاملة من الحلول المستدامة والابتكارات المتقدمة. فالإضاءة الذكية، التي تستند إلى تقنيات التحكم الذكي، يمكن دمجها في إدارة المباني لتحسين التبريد والتدفئة والإضاءة، وتوفر مرونة عالية في إدارة الإضاءة وتحقق وفورات كبيرة في استهلاك الطاقة وتقليل الانبعاثات الكربونية. علاوة على ذلك، فإن توسيع نطاق التوطين ليشمل منتجات الإضاءة الخارجية، مثل وحدات الإضاءة الخارجية الذكية الموفرة للطاقة للطرق والشوارع، مثل كشافات الشوارع الذكية، تتيح التحكم في استهلاك الطاقة باستخدام حساسات للحركة والإضاءة مما يساهم في بناء مدن أكثر استدامة وكفاءة. لذلك فالتصنيع المحلي للمكونات الأساسية، وتطوير حلول لإدارة دورة حياة المنتجات، ودعم الابتكار، يمكن أن يعزز الاستقلالية الصناعية ويخفض التكلفة ويقلل من الحاجة إلى التبديل المتكرر، مما يقلل من النفايات ويعزز مفهوم الاقتصاد الدائري وهو ما يحقق قيمة مضافة للمجتمع والدولة.
إدراكنا لقيمة صناعة الإضاءة المستدامة جعل شركتنا بصفتها الشركة الرائدة عالميًا في مجال الإضاءة، تتبنى نهج التوطين في مصر، وسعينا لشراكات استراتيجية لتقديم مفاهيم جديدة في هذه الصناعة في مصر، بتوسيع استثماراتنا في تصنيع وتطوير تقنيات الإضاءة الموفرة للطاقة، مع التركيز على تقليل الانبعاثات الكربونية وتحقيق الحياد الكربوني.
ختاماً، فإن توطين توطين صناعة الإضاءة في مصر ليس مجرد مشروع صناعي، بل هو استثمار في مستقبل الوطن، ويمثل خطوة استراتيجية نحو تحقيق الاكتفاء الذاتي وتعزيز ريادة مصر إقليميًا وعالميًا في هذا القطاع الحيوي، بدعم من الشركات العالمية وتبني التقنيات المبتكرة، لتصبح مصر رائدة في مجال الإضاءة المستدامة على مستوى العالم، ونموذجًا يحتذى به في التنمية المستدامة، مما يضمن استقرار الاقتصاد المحلي وخلق مستقبل أكثر إشراقًا للأجيال القادمة.