بعد صدور قانون جديد لهم.. كيف يمكن دمج اللاجئين في مصر؟ خبراء يوضحون

أخر تحديث 2024/11/21 03:59:00 م
بعد صدور قانون جديد لهم.. كيف يمكن دمج اللاجئين في مصر؟ خبراء يوضحون

آراب فاينانس: وافق مجلس النواب، خلال جلسته العامة هذا الأسبوع نهائيًا على مشروع قانون لجوء الأجانب الجديد الذي قدمته الحكومة بهدف تقنين أوضاع اللاجئين، والذي يهدف إلى وضع تنظيم قانوني لأوضاع اللاجئين وحقوقهم والتزاماتهم المختلفة في إطار الحقوق والالتزامات التي أقرتها الاتفاقيات الدولية.

ويتضمن قانون لجوء الأجانب الجديد تشكيل لجنة دائمة لشؤون اللاجئين تتبع مجلس الوزراء، وتتولى جمع البيانات والإحصائيات الخاصة بأعداد اللاجئين، وكذلك الفصل في طلبات اللجوء، لتكون هي الجهة المختصة بكافة شؤون اللاجئين، وذلك في إطار استمرار تقديم الدعم والمساندة الكاملة للاجئين.

وطالب باحثون في شؤون الهجرة واللاجئين بضرورة دمج اللاجئين في مصر في النشاط الاقتصادي كي يكونوا أعضاء فاعلين ومنتجين بالمجتمع خاصة مع الظروف الاقتصادية التي تعيشها مصر حاليًا، والأعباء والضغوط على الموارد المخصصة لقطاعات حيوية مثل الصحة والتعليم في الوقت الذي حذر فيه آخرون من بعض التأثيرات التي قد تكون سلبية على المجتمع المصري، وهى تتعلق ببعض التقاليد الغريبة على المجتمع المصري والتي يمكن أن تنتقل إليه رغم مكافحة الدولة لها مثل الزواج المبكر وختان الإناث.  

القانون الجديد للجوء هو انعكاس لالتزامات مصر الدولية الخاصة باللاجئين

وقال الدكتور أيمن زهري الرئيس المؤسس للجمعية المصرية لدراسات الهجرة، وأستاذ دراسات الهجرة بالجامعة الأمريكية بالقاهرة في تصريحات حصرية لـ آراب فاينانس إن قانون اللجوء الجديد في مصر تأخر كثيرًا حيث كان يجب أن يحدث بعد توقيع مصر على اتفاقية الأمم المتحدة الخاصة بوضع اللاجئين عام 1983، وبالتالي تأخر صدور هذا القانون بنحو 41 عامًا لكن في ظل الضغوط الاقتصادية للدولة وتيارات الهجرة الكبيرة القادمة إلى مصر كان لابد أن تكون هناك وقفة، وأن تكون لمصر السيادة الكاملة في تحديد صفة لاجئ حيث إن مصر تنازلت طوعيًا للمفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين لمنح صفة لاجئ وكان لابد من عودة هذا الحق لسيادة الدولة المصرية.

وأضاف زهري، وهو عضو بالمجلس القومي لحقوق الإنسان أن وجود أمانة فنية لشؤون اللاجئين سيضبط الأمور التي تتعلق بشؤون اللاجئين في مصر، وسيجعل المفوضية السامية للأمم المتحدة تقوم بدورها الأصيل، وهو المتعلق بحماية اللاجئين في حالة تعرض أي لاجئ لشئ يمس حمايته.

وأوضح زهري، أن القانون الجديد للجوء هو انعكاس لالتزامات مصر الدولية الخاصة بالمواثيق والاتفاقيات الدولية للاجئين بل أعطت مصر حقوق للاجئين أكثر مما نصت عليه الاتفاقيات الدولية مشيرا إلى أن الميثاق العالمي للاجئين ينص على ضرورة تشارك الأعباء، وهو ما يتطلب أن يقوم المجتمع الدولي بدوره في دعم مصر في استقبالها للاجئين.

الدمج الاقتصادي للاجئين

من جانبها قالت رابحة سيف علام الخبيرة في شؤون اللاجئين بمركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية في تصريحات حصرية لـ آراب فاينانس إن قضية الدمج الاقتصادي للاجئين في مصر قضية مهمة جدًا إذ يعاني بعض اللاجئين من عبء النفقات حيث لم يعد يُصرف لهم إعانات معيشية بسبب ضآلة الموارد المرصودة لهم من جانب الأمم المتحدة مع تناقص تبرعات الدول المانحة، لذلك أصبح من الضروري توجه اللاجئين للعمل والإنتاج، وهنا يأتي القانون الجديد لينظم الواقع الموجود أصلًا لا ليخلق واقع جديد.  

وأضافت علام الحاصلة على جائزة الدولة التشجيعية لعام 2019 عن بحثها عن أوضاع اللاجئات في الوطن العربي أن قانون اللاجئين الجديد في مصر يتعامل مع الأجانب في مصر عمومًا وينظم آليات وضوابط العمل أو طلب الإقامة او حتى الجنسية، وهو يستهدف بالأساس اللاجئين الذين قرروا البقاء في مصر وليس الذين يتخذون مصر كنقطة عبور لبلد ثالث.

وأوضحت علام أن قضية تنظيم عمل اللاجئين في مصر مهمة للغاية، لأنها تحميهم من استغلال أرباب العمل عندما يكون عملهم مسجل ومرصود من جانب الدولة، وفي نفس الوقت يسمح للدولة أن تُحصل الضرائب والرسوم المفروضة على هذا العمل.

وأشارت علام إلى أنه لابد أن يكون هناك حلقة وصل من أجل توجيه اللاجئين لعمل يستند على ميزة تنافسية لهم بما لا يهدد طالب العمل المصري، وعلى سبيل المثال فقد شهدنا افتتاح أسواق ومتاجر ومطاعم وأفران للاجئين السوريين والسودانيين، وهذا لا يهدد بالضرورة مقدم نفس الخدمة المصري بل يرفع جودة الخدمة المقدمة لوجود منافسة، وبالتالي المستهلك المصري سيستفيد في النهاية.

توجيه الباحثين عن عمل

وأكدت علام على أهمية برامج توجيه الباحثين عن عمل، والتي تعيد توجيه اللاجئين لممارسة مهن حرفية معينة أو تشجيعهم على فتح عمل خاص، وذلك لتنويع فرص العمل بالنسبة لهم دون الاقتطاع من سوق العمل المصري، وبالتالي يكون إضافة للنشاط الاقتصادي وليس اقتطاع من الحيز الاقتصادي الأساسي.

لابد من دعم دولي لمصر

وقالت الدكتورة حنان جرجس، نائب رئيس المركز المصرى لبحوث الرأى العام  "بصيرة" والخبيرة في مجال القضايا السكانية، إنه من الضروري أن يتكاتف المجتمع الدولي لمساعدة مصر في استقبالها لكل هذه الأعداد من اللاجئين والمهاجرين خاصة مع الضغط على موارد الدولة الاقتصادية، والخدمات المقدمة، والتي بها أزمات أصلا ومنها الصحة والتعليم، والتي تعاني من عجز، وعلى سبيل المثال لدينا مؤشرات متدنية تتعلق بنصيب المواطن في الخدمات الصحية حيث هناك 8 أطباء لكل 10 آلاف مواطن، وهى معدلات أقل بكثير من المعدلات العالمية فضلا عن أننا نعاني من أزمة هجرة الأطباء للخارج وبخلاف قضية العجز المتعلقة بالخدمات الصحية هناك الخدمات التعليمية والتي نعاني فيها من تكدس الفصول الدراسية، وبالتالي يجب أن يقف العالم الخارجي خاصة الدول الأوروبية مع مصر ويساهم في دعم مصر ماليًا للتعامل مع هذه الأعداد الكبيرة من اللاجئين في ظل اضطراب الأوضاع بمنطقة الشرق الأوسط والمنطقة العربية لأنه في الحقيقة من الظلم أن تتحمل مصر كل هذه الأعباء بمفردها.

وأوضحت جرجس أن هناك مخاوف كثيرة تتعلق بالثقافة والتقاليد وانتقال عادات غريبة عن المجتمع المصري أو عودة عادات وتقاليد يتم مكافحتها من قبل الدولة مثل ختان الإناث مثلا الذي حققت فيه مصر إنجاز كبير وطفرة حيث إن هناك الكثير من اللاجئين السودانيين القادمين إلى مصر يقومون بختان الإناث واكتشف مؤخرا عيادة طبية لطبيب سوداني بمحافظة الجيزة يقوم بختان الإناث بالمخالفة للقانون هذا فضلا عن الزواج المبكر للفتيات، وكلها عادات تقاومها الدولة وقطعت فيها تقدم كبير، وبالتالي لابد من كيفية دمجهم في المجتمع دون حدوث تأثيرات سلبية على ثقافة وعادات وتقاليد المجتمع المصري.

أعداد اللاجئين في مصر

وتستضيف مصر أكثر من 792 ألف لاجئ وطالب لجوء مسجلين من 62 جنسية مختلفة ومنذ أكتوبر 2023، أصبحت الجنسية السودانية هي الأكثر عدداً يليها الجنسية السورية، تليها أعداداً أقل من جنوب السودان وإريتريا وإثيوبيا، واليمن، والصومال، والعراق، وذلك وفق الموقع الرسمي لـ المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين.

وأفادت المفوضية، بأنه حتى 30 سبتمبر 2024، وصل عدد اللاجئين المسجلين لديها المفوضية إلى 503 آلاف و 993 لاجئاً من السودان و158 ألفاً و406 من سوريا، و 46 ألفاً و59 من جنوب السودان، و39 ألفاً و768 من إريتريا، و 18ألفاً و685 من إثيوبيا، و8661 من اليمن، و8476 من الصومال، و5719 من العراق، وأكثر من 54 جنسية أخرى.

وأفادت دراسة لمنظمة الهجرة الدولية وبيانات صادرة عن مكتب الأمم المتحدة بالقاهرة في أغسطس 2022 بأن المهاجرين في مصر يساهمون بشكل إيجابي في سوق العمل ونمو الاقتصاد المصري، موضحة أن السوريين الذين يشكلون 17% من أعداد المهاجرين الدوليين في مصر، يعتبروا من أفضل الجنسيات التي تساهم بشكل إيجابي في سوق العمل والاقتصاد المصري.

وبحسب بيانات حكومية وصلت أعداد اللاجئين في مصر لأكثر من 9 ملايين من نحو 133 دولة يمثلون نسبة 8.7% من حجم سكان البلاد.

فيما أشار رئيس الوزراء الدكتور مصطفى مدبولي قبل عدة أشهر إلى أن الدولة المصرية تتكلف 10 مليارات دولار سنويا تكلفة استقبال هؤلاء اللاجئين.

وحسب الدكتور خالد عبدالغفار، وزير الصحة والسكان ونائب رئيس مجلس الوزراء لشؤون التنمية البشرية، فإن هناك حوالي 9 ملايين مهاجر ولاجئ يعيشون في مصر من نحو 133 دولة، بنسبة 50.4% ذكور، و49.6% إناث، وبمتوسط عمري يصل إلى 35 سنة، يمثلون 8.7% من حجم سكان مصر، لافتا إلى أن 56% منهم يقيمون في 5 محافظات: القاهرة، والجيزة، والإسكندرية، والدقهلية، ودمياط، كما أن هناك 60% من المهاجرين يعيشون في مصر منذ حوالي 10 سنوات، و6% يعيشون باندماج داخل المجتمع المصري منذ نحو 15 عامًا أو أكثر، بالإضافة إلى أن هناك 37% منهم يعملون في وظائف ثابتة وشركات مستقرة .

بينما ذكر بيان رسمي صادر عن صندوق النقد الدولي أن العدد المتزايد من اللاجئين يضيف إلى الضغوط المالية على الخدمات العامة، وخاصة الصحة والتعليم مضيفًا أن مصر في مواجهة هذه البيئة الخارجية الصعبة، نفذت إصلاحات رئيسية للحفاظ على الاستقرار الاقتصادي الكلي، وقد أدى توحيد سعر الصرف منذ مارس إلى القضاء على تراكم الطلب على النقد الأجنبي وتخفيف الواردات، وأكد البنك المركزي التزامه بالحفاظ على نظام سعر الصرف المرن لحماية الاقتصاد من الصدمات الخارجية.