آراب فاينانس: حالة من الترقب تسود الأوساط الاقتصادية، مع موعد تنصيب الرئيس الأمريكي دونالد ترامب غدًا الاثنين حيث هناك تخوف من احتمال حدوث ركود تضخمي عالمي إذا استمرت الرسوم الجمركية التجارية التي وعد بها الرئيس الأمريكي، دونالد ترامب.
وقد تضمنت سياسة ترامب التجارية فرض رسوم جمركية على واردات الولايات المتحدة القادمة من دول الجوار بالإضافة إلى الصين، حيث أعلن عن نيته فرض رسوم جمركية بنسبة 25% على جميع المنتجات التي تدخل الولايات المتحدة من المكسيك وكندا، وهذه الخطوة كانت جزءاً من استراتيجية ترامب لتعزيز الاقتصاد الأمريكي وحماية الصناعات المحلية.
كما أعلن ترامب أيضاً عن تعريفات إضافية بنسبة 10% على السلع المستوردة من الصين، وتُعد هذه الرسوم جزءاً من الصراع التجاري بين الولايات المتحدة والصين؛ حيث تهدف إلى تقليل العجز التجاري مع الصين وتشجيع الشركات الأمريكية على التوسع في الإنتاج المحلي بدلاً من الاعتماد على الاستيراد.
قرارات ترامب الحمائية ستخلق اضطراب في التجارة الدولية
من جانبه قال محمد قاسم رئيس جمعية المصدرين المصريين في تصريحات حصرية لـ آراب فاينانس إن سياسة وقرارات ترامب الاقتصادية من الصعب توقعها.
وأضاف قاسم، أنه في حالة انحراف ترامب عن سياسات التجارة الحرة والقواعد التجارية الدولية العالمية وما أقرته منظمة التجارة العالمية سيخلق حالة من الاضطراب الاقتصادي في الاقتصاد العالمي والتجارة الدولية.
وأوضح قاسم أنه رغم أن هذه السياسات الجمركية الحمائية قد تضر ببعض الدولة إلا أن هناك دول قد تستفيد من هذه الإجراءات في بعض القطاعات مثل قطاع الملابس الجاهزة في مصر حيث يمكن أن تكون لمصر ميزة نسبية بسبب اتفاقية الكويز التي تعطي مزايا نسبية لمصر في التصدير والإعفاءات الجمركية في هذا القطاع.
وأشار قاسم إلى أن الاتجاه الحمائي وفرض رسوم جمركية على الواردات الأمريكية سيؤدي أيضا إلى تقليص التجارة العالمية وسلاسل الإمداد وهو ما سيكون له تأثيرات سلبية على الاقتصاد.
أمريكا ستمارس الضغوط على الصين لتحقيق أكبر مكاسب
ومن جانبه قال السفير علي الحفني سفير مصر الأسبق بالصين ونائب رئيس جمعية الصداقة المصرية الصينية إنه يجب أن نأخذ في الاعتبار فترة ترامب الأولى حيث مرت العلاقات الأمريكية الصينية ببعض التوترات إذ مارست أمريكا الضغوط على الصين لتحقيق أكبر مكاسب اقتصادية لها.
وأوضح الحفني أن الجانب الصيني استطاع إدارة هذا التوتر في العلاقات مع أمريكا بشئ من الحكمة لافتًا إلى أن التوتر مع الصين سيشمل فرض رسوم جمركية حمائية فضلا عن أشياء أخرى تتعلق بالملكية الفكرية.
وأوضح نائب وزير الخارجية الأسبق أن الصين استطاعت أن تقود دول البريكس لاستخدام عملة بديلة تواجه هيمنة الدولار الأمريكي وما يهم ترامب هنا هو ألا تتأثر العملة الأمريكية وقيمتها بهذا التجمع "البريكس" والذي يزداد عدد أعضائه يومًا بعد يوم.
وتوقع الحفني ألا تصل العلاقات بين الصين وأمريكا لدرجة ما يمكن أن نسميه أزمة حيث من المتوقع أن تدير الصين الأمر بحكمة تامة حيث سيصل الأمر إلى اتفاق يلبي الحد الأدنى من مطالب كلا الطرفين الصيني والأمريكي.
وأضاف أن الصين تقود أيضا مبادرة الحزام والطريق حيث تشمل نحو 4 آلاف مشروع تم تنفيذهم في العديد من دول العالم وهى مبادرة يتم مراجعتها بشكل دائم وكثيرًا ما ترد الصين على المزاعم الغربية التي تتهمها بأنها تستغل الدول النامية حيث تعلن مبدأ المكسب للجميع بين هذه الدول، مشيرًا إلى أنه في المقابل تقود أمريكا وبالتنسيق مع بعض دول الخليج ومجموعة دول العشرين والهند طريق تجاري آخر يبدأ من الهند ويمر بإسرائيل وينتهي بالدول الأوروبية وهو طريق منافس للطريق والمبادرة الصينية مبادرة الحزام والطريق والتي مر عليها نحو 10 سنوات حيث حققت الكثير من المنافع لأعضائها ومنهم مصر عبر استثمارات جديدة في العديد من القطاعات الاقتصادية كما حققت الصين مكاسب تصديرية كبيرة تقدر بالمليارات وهو ما جعلها تحقق فائض في الميزان التجاري يصل لتريليون دولار.
تقليل الإنتاج نتيجة الرسوم الجمركية الأمريكية سيرفع التكلفة ويزيد التضخم
من جانبه قال الدكتور وائل النحاس الخبير الاقتصادي وأستاذ التمويل والاستثمار إن السياسات الحمائية المتعلقة بفرض رسوم جمركية أمريكية على الواردات ستصعب الأمر على مصر لأنها ستقلل ما ينتج من المصانع نتيجة ضعف التصدير بعد فرص هذه الرسوم الجمركية الأمريكية وبالتالي سترتفع التكلفة ويزيد التضخم نتيجة ارتفاع الأسعار المتوقع.
وأوضح النحاس أن كثرة الطلب على الدولار ستؤدي إلى زيادة العائد على أدوات الدين الأمريكية مما يؤثر على مصر والدول الناشئة أيضا حيث سيؤدي ذلك إلى توجه رؤوس الأموال للاستثمار في أدوات الدين الأمريكية بدلا من الدول الناشئة مثل مصر.
وأكد النحاس على أن سياسات ترامب ستؤدي أيضا إلى ارتفاع أسعار النقل نتيجة ارتفاع أسعار المحروقات والبترول حيث وصل سعر برميل النفط الآن لنحو 80 دولارًا وهو ما سيؤدي في النهاية لارتفاع مستلزمات الإنتاج وكل ما يتعلق بالتصنيع، وكذلك الخدمات وهو ما سيؤثر على المواطن الأمريكي والعالم كله.
وأشار النحاس إلى أن الحرب القادمة هى حرب الرسوم الجمركية منوهًا بأن هدف هذه الرسوم هو الهيمنة الأمريكية على الاقتصاد العالمي.