آراب فاينانس: طالب خبراء في الضرائب ومصنعون بضرورة ضم القطاع غير الرسمي للمنظومة الضريبية في مصر وذلك لتحقيق العدالة الضريبية ودعم المنافسة بين المصنعين والمنتجين بما يشجع في النهاية مناخ الاستثمار.
وأكد خبراء تحدثوا لـ آراب فاينانس أن هناك قطاع يقدره البعض بنحو 50% من الاقتصاد في مصر لا يدفع ضرائب ولا يدخل ضمن المنظومة الرسمية في مصر وهو ما يجعل هناك حالة من عدم العدالة بين الصناع ولا يشجع على المنافسة العادلة بينهم.
ومن جانبه قال عادل بكري الأمين العام لـ جمعية خبراء الضرائب المصرية في تصريحات حصرية لـ آراب فاينانس إن قضية ضم القطاع غير الرسمي للمنظومة الضريبية الرسمية في مصر تمثل مشكلة كبيرة منذ سنوات وقد طرحت مؤخرًا ضمن التيسيرات والإصلاحات الضريبية التي أعلنتها الحكومة ويجري حاليًا نقاش مجتمعي حولها حيث تشير المؤشرات الاقتصادية إلى أن نحو 50% أو أكثر من الاقتصاد في مصر يعد اقتصادًا غير رسمي وغير محصور ضريبيًا إذ لا تتمتع هذه الفئة من المصنعين والمنتجين والتجار بسجلات وملفات ضريبية وهو ما يعني أن هناك أموال مهدرة على الدولة ولا تدخل ضمن موازنة الدولة وهو ما يمثل مشكلة ضخمة.
زيادة الحصيلة الضريبية يساهم في سد العجز بالموازنة
وأضاف بكري أن زيادة الحصيلة الضريبية سيساهم مستقبلًا في تغطية العجز الحالي في موازنة الدولة المصرية حيث تمثل الضرائب أكثر من 80% من موارد الدولة كما سيساهم ضم هذا القطاع للمنظومة الضريبية الرسمية في مصر في الإصلاح الضريبي الذي تجريه الحكومة حاليًا ويؤثر إيجابًا على القطاعات الاقتصادية الأخرى بالدولة.
وأوضح الأمين العام لـ جمعية خبراء الضرائب المصرية أن دعوة الدولة هذه المرة لضم الاقتصاد الرسمي من المنتظر أن تؤتي بثمارها خلال الفترة المقبلة لكنه شدد على ضرورة قيام الدولة بإرسال تطمينات لهذا القطاع الكبير عبر حملة إعلامية وإعلانية ضخمة تشارك فيها وسائل الإعلام من قنوات فضائية وراديو وغير ها من وسائل التواصل الاجتماعي وذلك لبث روح الثقة بين الممول ومصلحة الضرائب المصرية.
وأكد خبير الضرائب أن خروج هذا القطاع الكبير من المنظومة الرسمية للضرائب في مصر يحدث خللًا كبيرًا في المنافسة بين الصناع والتجار وفي الاقتصاد بشكل عام نظرًا لغياب المنافسة العادلة والتي تستوجب خضوع الجميع للضرائب. كما يساهم ضم القطاع غير الرسمي للمنظومة الرسمية للدولة في جذب وتشجيع الاستثمارات الأجنبية للبلاد ويعطي انطباعًا للمستثمر الخارجي والقادم الجديد بأن هناك منظومة ضرييبة عادلة بالدولة.
وقالت شيماء عليبة، عضو مجلس إدارة غرفة الصناعات الهندسية باتحاد الصناعات المصرية، ورئيس لجنة ضم القطاع غير الرسمي بالغرفة إن الهدف الرئيسي للجنة هو تضافر الجهود لمساعدة الصناع، وضمهم للمنظومة الرسمية دون الإضرار بهم ثم تطويرهم، وتشبيكهم مع الصناعات المختلفة لزيادة الإنتاج المحلى بالمواصفات والجودة المطلوبة.
وأوضحت عليبة أن اللجنة تتعاون مع كافة الجهات المعنية مثل غرفة الصناعات الهندسية، ووزارة التجارة والصناعة، وجهاز تنمية المشروعات الصغيرة والمتوسطة، ومكتب الالتزام البيئي باتحاد الصناعات، ومركز تحديث الصناعة للتواصل المباشر مع المصنعين وتوعيتهم بأهمية الانضمام للمنظومة الضريبية الرسمية.
مزايا الانضمام للقطاع الرسمي
وأكدت عليبة أن هناك مزايا كثيرة للانضمام للمنظومة الضريبية الرسمية للدولة والقطاع الرسمي بالاقتصاد المصري، وهى أن المشروعات غير المسجلة ضريبيًا لن يتم محاسبتها عن كافة الفترات السابقة، والمشروعات المسجلة ضريبيًا سابقًا يمكن تسوية مديونياتها لفترات ضريبية مناسبة، بالإضافة إلى حماية المشروعات بإيقاف كافة الدعاوى المقامة ضد المشروع بسبب يتعلق بالنشاط، وإيقاف المطالبات الضريبية والحجوزات الإدارية لحين التسوية، مع رسوم مخفضة، تبدأ من 500 جنيه، وبحد أقصى 10 آلاف جنيه على حسب رأس المال أو حجم الأعمال، وبعد حصوله على الرخصة، و قيامه بتوفيق أوضاعه يستطيع الاستفادة من المعاملة الضريبية المبسطة التالية لمدة خمس سنوات.
بينما يشير الدكتور عز الدين حسانين أستاذ التمويل والاستثمار والخبير الاقتصادي أن أبرز ما يؤثر على مناخ الاستثمار هو وجود حوكمة وعدالة ضريبية في النظام الضريبي السائد بالمنظومة الضريبية حيث إن هناك علاقة طردية بين جذب الاستثمارات الأجنبية وبين توافر المنافسة الكاملة والعادلة بين شركات القطاع الخاص والحكومي داخل المنظومة الضريبية فضلا عن ضرورة وجود هناك معايير واضحة وشفافية وحوكمة في دفع الضرائب من جانب هذه الجهات وألا يكون هناك تقديرات جزافية وأن تكون الضريبة معبرة عن حجم الأعمال الحقيقي.
وحذر حسانين من التهرب الضريبي وخطورته على النظام الاقتصادي إذ يضيع الكثير من الموارد والإيرادات على الدولة مطالبًا بضرورة تفعيل الفاتورة الإلكترونية وأن يكون هناك قاعدة تكنولوجية قائمة على بنية تحتية جيدة تسمح بالتحقق من أعمال الشركات ولابد من تكنولوجيا مالية تسمح بذلك.
ووفق رشا عبد العال رئيسة مصلحة الضرائب فقد بلغت الحصيلة الضريبية خلال العام 2023 - 2024 نحو 1.483 تريليون جنيه خلال الفترة من يوليو 2023 حتى يونيو 2024، وذلك في مقابل 1.139 تريليون جنيه عن الفترة المماثلة بمعدل نمو 30%، وبزيادة قدرها 343 مليار جنيه، وذلك بنسبة تنفيذ قدرها 106% من الربط البالغ 1.401 تريليون جنيه بزيادة قدرها 81 مليار جنيه.
وأشارت إلى أن معدلات النمو التي حققتها مصلحة الضرائب المصرية بلغت 30%، حيث بلغت معدلات نمو الضرائب على الدخل 36%، وبالنسبة لضرائب القيمة المضافة بلغت 23%.
وأوضحت، أنه من أهم البنود المؤثرة في نمو حصيلة ضريبة الدخل هى الضريبة على أذون وسندات الخزانة، حيث حققت 46% والانشطة التجارية 71%، كما حققت المهن غير التجارية طفرة كبيرة خلال العام الحالي بمعدل نمو 52%، ضريبة الدمغة 33% وشركات الأموال 36% والضرائب على المرتبات 33%.
وحسب صندوق النقد الدولي فإن الحكومة حددت 19 من 58 إعفاءً قد يتم إلغاؤها لزيادة الإيرادات من دون رفع نسبة الضريبة.
ووفقاً لصندوق النقد الدولي، يمكن لمصر أن تحقق إيرادات إضافية تعادل 1% من الناتج المحلي الإجمالي خلال 12 شهرًا من خلال إصلاح الضريبة على القيمة المضافة.
ويشير الصندوق إلى أن هذه التعديلات يجب عرضها على البرلمان ومع ذلك، لم يتضح بعد ما إذا كانت الحكومة ستطلب تأجيل إصلاح الضريبة على القيمة المضافة، نظرًا لتأثيره المحتمل على تكاليف المعيشة.
وأظهرت بيانات التقرير الشهري الصادر لوزارة المالية في شهر نوفمبر الماضي أن الإيرادات الضريبية تغذي نحو 87.9% من إجمالي الإيرادات في الموازنة العامة لمصر خلال الربع الأول من العام المالي 2024-2025.
وارتفعت إيرادات الضرائب بالموازنة العامة خلال الربع الأول من العام المالي الجاري بنسبة 45% إلى 413.28 مليار جنيه مقابل نحو 285 مليار جنيه بنفس الفترة من العام لسابق.
وبحسب التقرير فإن إجمالي الإيرادات في الموازنة العامة لمصر ارتفعت بنسبة 40.2% خلال أول 3 أشهر من العام المالي 2024-2025 (يوليو إلى سبتمبر) مسجلا نحو 470.1 مليار جنيه مقارنة بنحو 335.1 مليار جنيه بنفس الفترة المقارنة من العام الماضي.
والارتفاع الملحوظ في الإيرادات الضريبية جاء في ضوء تعافي النشاط الاقتصادي وحل ازمة النقد الأجنبي بالإضافة إلى مساهمة ميكنة النظم الضريبية في تطوير الإدارة الضريبية وزيادة الحصيلة وتوسيع القاعدة الضريبية، وفق تقرير الوزارة.