تحديات تواجه صناعة السفن في مصر.. كيف تشجع الحكومة الاستثمار في قطاع النقل البحري؟

أخر تحديث 2025/02/06 09:16:00 ص
تحديات تواجه صناعة السفن في مصر.. كيف تشجع الحكومة الاستثمار في قطاع النقل البحري؟

آراب فاينانس: تقف أمام صناعة السفن في مصر العديد من التحديات التي تتعلق برسوم تسجيل السفن ورفع العلم الخاص بالدولة فضلا عن تحديات تتعلق بنقل ملكية السفن من شخص لآخر والتي تحتاج إلى موافقة من الوزير المختص وذلك وفق خبراء تحدثوا لـ آراب فاينانس.

ومن جانبه قال المهندس محمد شرين النجار استشاري النقل البحري الدولي ورئيس مجموعة شركات النجار للنقل البحري في تصريحات حصرية لـ آراب فاينانس إن مصر بها العديد من الترسانات البحرية منها ترسانة الإسكندرية والتي تصنع وحدات بحرية تزن 50 ألف طن فضلا عن ترسانات إصلاح السفن مثل ترسانة بور سعيد وترسانة السويس والشركة المصرية لإصلاح السفن كما لدى مصر شركات لبناء اللانشات الصغيرة.

تحديات تواجه قطاع النقل البحري في مصر

وأضاف النجار أن هناك العديد من التحديات التي تواجه صناعة السفن البحرية في مصر منها ما يتعلق برفع العلم المصري على المراكب والسفن حيث هناك إجراءات روتينية كثيرة تكبل المستثمرين في هذا الشأن حيث يحتاج نقل ملكية السفينة أو المركب من شخص لآخر إلى موافقة الوزير المختص وهذا يستغرق وقت كثير كما يتطلب أيضا تسجيل عملية البيع في الشهر العقاري مع فرض رسوم مالية كبيرة حيث يتم تقييم السفينة أو المركب بسعر أعلى من قيمته الحقيقية من قبل الشهر العقاري وهو ما يزيد الرسوم المستحقة لعملية التسجيل في الشهر العقاري.

وأوضح النجار أن هناك معوقات تتعلق بتوافر المعلومات التي يطلبها المستثمر في قطاع النقل البحري مثل إمكانات الترسانة البحرية وغيرها من المعلومات في هذا الأمر خاصة أن عدم توافر المعلومات قد يضر بالتسويق التجاري للترسانات.

وأشار إلى أن هناك تحديات أخرى تتعلق بمراكز إصلاح السفن حيث تفرض بعض الرسوم المضاعفة من قبل بعض الجهات المختصة بما يؤدي إلى توجه السفن إلى دول منافسة لنا مثل قبرص ومالطا.

وأوضح النجار أن مصر أمامها العديد من الفرص الواعدة لكن ينقصها تلافي الإجراءات الروتينية حيث ُتصدر هيئة قناة السويس مراكب الصيد للعديد من الدول الأفريقية مطالبًا بضرورة التسويق والاستثمار الجيد في مجال لانشات الخدمات البترولية موضحًا بأن هناك فجوة كبيرة بين مصر والدولة المنافسة المجاورة لنا فيما يتعلق بالأسطول البحري المصري والذي يقدر بالعشرات فقط بينما في هذه الدول المنافسة لمصر يمتلك شخص واحد ألف مركب وهو مؤشر لتباطؤ مصر في هذا المجال.

ومن جانبه قال اللواء بحري إبراهيم الدسوقي رئيس مجلس إدارة شعبة صناعة بناء وإصلاح السفن باتحاد الصناعات المصرية إن صناعة السفن تتطلب استثمارات كبيرة فضلا عن حاجتها لعمالة كثيفة لافتًا إلى أن الاستثمار في صناعة السفن يتجاوز 240 مليار دولار عالميًا، وهو مؤشر على نمو صناعة السفن بشكل كبير موضحًا أن من أكبر المصنعين لصناعة السفن كل من كوريا واليابان لافتًا إلى أن حجم استثمارات صناعة السفن في مصر بلغ 200 مليون دولار فقط.

خطوات حكومية جادة لتصنيع السفن في مصر

وأوضح، أن دخول بعض الشركات المصرية في هذه الصناعة ساهم في تخفيض حجم الاستيراد حيث إن هناك شركات وطنية دخلت للمساهمة في تصنيع مكونات أبدان السفن، وهو ما يوفر نحو 20% من احتياج التصنيع الذي كانت تستورده مصر في هذا المجال، وأن مصر تستهدف الوصول إلى نسبة 60% من المكون المحلي لصناعة السفن في مصر منوهًا بأن هناك خطوات جادة من الحكومة في ملف تصنيع وإصلاح السفن، والنتائج ملموسة على الأرض. لكن هناك عثرات تقف في طريق عمل شركات الصيانة البحرية، والمقدّر عددها بمائة وعشرين شركة، وهي شركات مملوكة لقناة السويس والقطاع العام والقطاع الخاص.

وأكد الدسوقي، أن هناك منافسة شديد في هذا السوق حيث لا تزال منافسة المنتج المصري للمنتج المستورد في مرحلة النمو، لذلك نركز على بعض القطاعات المحددة في صناعة السفن مثل سفن الخدمات، والصيد، واليخوت السياحية، وأننا في مصر لدينا فرص جيدة في حال استغلالها بشكل سليم، وأولها قربنا من عدد كبير من ملاك الوحدات البحرية الإقليمية والعالمية، لذلك يمكننا تقديم الكثير من الخدمات لهم خاصة في مجرى قناة السويس.

وأشار إلى أن من أبرز المعوقات والتحديات التي تواجه صناعة السفن في مصر هي قضية رفع العلم المصري على السفن المصرية لكن تم العمل على هذا الأمر، وأقر مجلس الشيوخ تعديلات هامة على قانون النقل البحري مؤخرًا لحل هذه الإشكالية، وهناك أيضًا تحديات تتعلق بعمل شركات النقل البحري الصغيرة والترسانات الصغيرة وعمل الموانئ النهرية.

ولفت إلى أن مستلزمات الصناعة المختلفة الخاصة بالسفن تمثل 85% من أصل حجم السفينة، كما أن الحديد الصلب يمثل 50% من حجم السفينة، و نحن نعمل حاليًا على اعتماد وتطبيق مواصفات صناعة السفن من الحديد بالمصانع المصرية المؤهلة لذلك مشيرًا إلى أن كل منتج يدخل في بناء السفن يتم اعتماده طبقا للمواصفات الدولية التي أعدتها منظمة البحرية الدولية المعتمدة و المعترف بها من وزارة النقل المصرية.

لابد من تشجيع المستثمرين في مجال بناء السفن

وأكد، على أنه في حالة ما إذا كنا نحتاج لجذب مستثمرين لبناء سفن، فلا بد من عمل حوافز للمستثمرين في مجال بناء السفن، ومنها توفير الأرض الصناعية لتشييد الترسانات على السواحل منوهًا بأن هناك دور مهم للصناعات المغذية الوطنية في إنعاش صناعات الوحدات البحرية وصيانتها، حيث يرتفع المكون المستورد الداخل في تلك الصناعة كما أن استخدام التكنولوجيات الحديثة له دور كبير في تقليل التكلفة الإنتاجية وصنع منتجات أكثر جودة.

وأوضح أن قانون تحديد الرسوم على السفن به بنود تحتاج إلى تطوير، خاصة فيما يخص السفن القادمة للصيانة، كما أن دخول وخروج أطقم السفن ليس بالأمر اليسير، ويحتاج للكثير من التيسيرات في الإجراءات، فضلا عن المشكلات القانونية أيضًا والتي تلزم الترسانات بالعمل نهارًا فقط وعدم العمل ليلاً، مما يقلل من الطاقة الإنتاجية لافتًا إلى أن هناك طلب بأن تكون الموافقات سريعة على تركيب الأجهزة الإلكترونية واللاسلكية على السفن. كما ينبغي توفير الأراضي من جانب الدولة للمستثمرين في صناعة السفن، وحل الأزمة المتعلقة بتنازع جهات الولاية الحكومية على الأراضي الخاصة بصناعة السفن.

ووفق تقرير حديث لـ مركز المعلومات ودعم اتخاذ القرار بمجلس الوزراء، فإن صناعة بناء السفن تُعد إحدى الركائز الأساسية للنشاط الاقتصادي العالمي؛ وذلك نظرًا لما يشكله النقل البحري من أهمية بالغة في التجارة الدولية والاقتصاد العالمي؛ إذ يتم نقل أكثر من 80% من حجم التجارة الدولية في السلع من خلال البحر، وترتفع تلك النسبة في أغلب البلدان النامية، وهو ما يعني توافر الطلب على السفن الجديدة بشكل مستمر، وتهيمن منطقة شرق آسيا على صناعة بناء السفن؛ إذ استحوذت الصين وكوريا الجنوبية واليابان على النسبة الكبرى من إجمالي الإنتاج العالمي لتلك الصناعة في عام 2022.

ويؤكد التقرير الحكومي أن عملية بناء السفن تُعد واحدة من أكثر أنظمة الأعمال والإنتاج تعقيدًا؛ وذلك نتيجة التعقيد في منتجاتها النهائية؛ حيث تتطلب تلك العملية عددًا كبيرًا من المكونات والمنتجات الوسيطة، مضيفاً أن عملية بناء السفن تنقسم إلى ثلاث مراحل تشمل: عملية بناء هيكل السفينة، وعملية التجهيز، وعملية الطلاء، مشيرة إلى أن عملية بناء الهيكل عبر تصنيع مكونات هيكل السفينة، ثم بعد ذلك يتم تجميعها ولحامها لتصبح منتجات وسيطة في صورة مجمعة، ثم يتم رفعها إلى الرصيف لتجميعها في الهيكل، ويدخل في تلك المرحلة العديد من المنتجات الوسيطة كالحديد والألومنيوم والنحاس والخشب واللدائن الهندسية والأسمنت والسيراميك والمطاط والزجاج.

ولفت التقرير إلى أن عملية التجهيز يتم خلاها تجهيز غرفة المحرك، وتجهيز سطح السفينة، وتجهيز المقصورة، وأخيرًا التجهيز الكهربائي حيث تتضمن عملية الطلاء -إزالة الصدأ ووضع الطلاءات المختلفة على الأسطح الداخلية والخارجية لبدن السفينة وأجزاء التجهيز- وفقًا للمتطلبات الفنية التي تقضي بفصل السطح المعدني عن الوسط المسبب للتآكل؛ وذلك بهدف منع تعرض بدن السفينة للتآكل، موضحا أن السفن تُصنَّف إلى خمس تصنيفات أساسية، وهي: السفن التجارية، والسفن البحرية، وسفن الصيد، وسفن خدمات، والسفن الداخلية، ومع التطور التكنولوجي، أصبحت اتجاهات تكنولوجيا بناء السفن تشمل بشكل أساسي تكنولوجيا إنتاج السفن منخفضة استهلاك الوقود وعالية الكفاءة، وتكنولوجيا بناء السفن الخضراء، وتكنولوجيا بناء السفن الرقمية، وتكنولوجيا بناء السفن الذكية.

وأشار التقرير إلى أن الحكومة المصرية تسعى لتوطين صناعة بناء السفن وتعزيز مكانتها كمركز إقليمي للصناعات البحرية، ولتحقيق ذلك تم تنفيذ العديد من الجهود والمبادرات في هذا القطاع، ومن أبرزها إطلاق برنامج تطوير صناعة السفن وفقًا لاستراتيجية الدولة من أجل تطوير قطاع النقل البحري واللوجستيات حتى عام 2030، وذلك ضمن رؤية 2030 التي تم إطلاقها في فبراير 2016، ويهدف البرنامج إلى توطين وتطوير الصناعة في مصر بحلول عام 2030.

وأفاد التقرير في ختامه أنه في الوقت الذي تُعَد فيه صناعة بناء السفن من الركائز الاستراتيجية للتجارة الدولية والاقتصادات الوطنية، أظهرت التجارب الدولية، مثل تجربة الصين وكوريا الجنوبية، مدى تأثير تبني استراتيجيات تنافسية على تحقيق الريادة العالمية. هذا، وتقدم تجربة مصر نموذجًا ناشئًا يُظهِر الإمكانات الواعدة لهذه الصناعة في المنطقة، خاصة مع موقعها الجغرافي الاستراتيجي.

أخبار متعلقة