توجهات عالمية للاستثمار في الذكاء الاصطناعي بالقطاع الزراعي.. ماذا عن مصر؟

أخر تحديث 2025/03/04 02:05:00 م
توجهات عالمية للاستثمار في الذكاء الاصطناعي بالقطاع الزراعي.. ماذا عن مصر؟

آراب فاينانس: يواجه قطاع الزراعة تحديات عالمية ومحلية عديدة خاصة مع التغيرات المناخية والزيادة السكانية المطردة التي تؤثر على الإنتاج الزراعي، وستساهم استخدامات الذكاء الاصطناعي في القطاع الزراعي في مواجهة تحديات نقص الغذاء التي يمكن أن يواجهها العالم إذ إنه ووفقًا لـ تقارير منظمة الأغذية والزراعة فإنه بحلول عام 2050 يجب أن ينتج العالم أغذية أكثر بنسبة 60% مما ينتجه حاليًا لإطعام سكان العالم الذي سيبلغ 9.3 مليار نسمة، والتساؤل هنا أين مصر من التطور التكنولوجي في استخدامات الذكاء الاصطناعي في القطاع الزراعي؟

ومن جانبه قال الدكتور يحيى عبد الرحمن يحيى، أستاذ التمويل بمعهد بحوث الاقتصاد الزراعي بمركز البحوث الزراعية التابع لوزاروة الزراعة في تصريحات حصرية لـ آراب فاينانس إن الذكاء الاصطناعي يعد أحد الأدوات الرئيسية لتحقيق التطور في العديد من القطاعات بصفة عامة، والقطاع الزراعى فى مصر بصفة خاصة، حيث يعتبر القطاع الزراعى قطاعًا حيويًا للمقتصد القومى والأمن الغذائي، وللذكاء الاصطناعي دور محوري في زيادة الإنتاج الزراعي وتحسين جودة المحاصيل وترشيد استخدام الموارد، مما يتطلب جهودًا مشتركة من الحكومة والقطاع الخاص والمجتمع الزراعي لضمان نجاح هذه التكنولوجيا في تحقيق أهداف التنمية الزراعية المستدامة.

الذكاء الاصطناعي يعمل على تحليل البيانات الزراعية

وأضاف يحيى، أن الذكاء الاصطناعي يساعد في تحليل البيانات الزراعية مثل تحليل التربة والمناخ والمياه، مما يتيح للمزارعين اتخاذ قرارات أكثر دقة لزيادة الإنتاج، كما يمكن أن تحدد أنظمة الذكاء الاصطناعي أفضل الأوقات للزراعة والحصاد بناءً على الظروف الجوية والتربة.

وأوضح يحيى، أن الذكاء الاصطناعي يساهم في ترشيد استخدام المياه من خلال أنظمة الري الذكية التي تعتمد على تحليل بيانات الرطوبة والطقس، كما يمكن أن تقلل التكنولوجيا من استخدام الأسمدة والمبيدات من خلال تحديد الكميات المطلوبة بدقة كما يٌمكن الذكاء الاصطناعي من مراقبة المحاصيل حيث يتم ذلك باستخدام الطائرات بدون طيار (الدرونز) وأجهزة الاستشعار، حيث يمكن مراقبة صحة المحاصيل واكتشاف الأمراض أو الآفات مبكرًا، كما تساعد هذه التقنيات في تقليل الخسائر وزيادة جودة المحاصيل.

وشدد يحيى، على أن هناك حاجة داخل مصر لتطوير التشريعات والسياسات التي تدعم استخدام الذكاء الاصطناعي في الزراعة وتضمن حماية البيانات مؤكدًا على أن الحكومة المصرية تسعى للتعاون مع الشركات التكنولوجية العالمية والمحلية لتوفير التقنيات الذكية بأسعار معقولة للمزارعين خاصة أن تكلفة تطبيق تقنيات الذكاء الاصطناعي قد تكون عالية، مما يجعلها غير متاحة للعديد من المزارعين خاصة  صغار المزارعين.

ضرورة دعم البحث العلمي في مجال الذكاء الاصطناعي

وطالب يحيى، بـ تنظيم برامج تدريبية للمزارعين والعاملين في القطاع الزراعي لتعريفهم بفوائد الذكاء الاصطناعي وكيفية استخدامه، مع دعم البحث العلمى والتطوير حيث يمكن تمويل الأبحاث التي تهدف إلى تطوير تقنيات ذكاء اصطناعي تناسب الظروف الزراعية في مصر.

بينما قال الدكتور حمدي الصوالحي، أستاذ الاقتصاد الزراعي بالمركز القومي للبحوث وعضو مجلس إدارة الجمعية المصرية للاقتصاد الزراعي في تصريحات حصرية لـ آراب فاينانس إن الدولة المصرية سعت لتطويع الثورة التكنولوجية الحديثة فــي الأساليب الزراعية عبــر العديد مــن النماذج والتطبيقات حيث اتخذت مصر خطوات واسعة لتعزيز تقنيات الزراعة الحديثة الذكية والتي تراعي نـدرة المـوارد واأثر البيئي ويتم تطبيقها فــي المــشروعات الزراعية القومية، ومــن أبرزهــا مــشروع "الــدلتا الجديدة" الــذي تــم إدخــال التقنيات الزراعية الحديثة فـــي دورتـــه الإنتاجية مثـــل تقنية "البافـــوت" التـــي تـــدار عـــن بعـــد، وتـــستخدم لـــدعم منظومــة الــري بالزراعات، والــتحكم فــي كميات المياه كمــا تــم إنــشاء صوامع بلاستيكية فــي مــشروع مــستقبل مــصر الزراعي أحــد أهــم المــشروعات الزراعية بالــدلتا الجديدة حيث تــدار تلــك الــصوامع دون تــدخل بــشري لتخزين محصول القمح.

وزارة الزراعة تطلق تطبيق الزراعة الذكية

وأضاف الصوالحي أن وزارة الزراعة المصرية أطلقت تطبيق الزراعة الذكية بالتعــــاون مـــع عـــدد مــــن المؤســسات المحلية والدولية ال للاستفادة مــن الــذكاء الاصــطناعي فــي تحقيق أقــصي اســتفادة ممكنــة للمزارعين، ويتم ذلـك مـن خلال تطبيقه علـي 4 محاصيل أساسية أبرزهـا "القمـح والأرز"، وتضمن هــذا التطبيق إعــداد قناة معلوماتية تــضم جميع الأعراض المرضية لجميع المحاصيل بالــصور مــع تقديم شــــرح واف لــــسبل العلاج وتوصيف دقيق لــــسبل المكافحــــة المناســــبة وغيرها مــــن الأمور المعنية والمشاكل التي يواجهها المزارعون خلال الدورة الزراعية.

وأوضح الصوالحي أن مصر تعاونت مع منظمــة الأغذية والزراعة للأمم المتحــدة (فاو) لتنفيذ مــــشروع إنــــشاء مــــدارس المزارعين الحقلية لأصحاب الحيازات الصغيرة، وذلــــك فــــي إطــــار تعزيز الممارســات المبتكــرة للزراعة الذكية مناخيًا، وتقنيات إدارة المــوارد الطبيعية حيث تركــز تلــك المــدارس علــي الإرشاد الزراعي الجمــاعي الهــادف لرفــع مهارات المراقبة والتحليل النقدي وتحسين اتخاذ القرارات.

وأكد أن وزارة الزراعة المصرية أطلقت تطبيق المـساعد الـذكي للفلاح "هدهـد"، وهو تطبيق رقمــي أطلقتــه وزارة الزراعة واستصلاح الأراضي بالتعاون مع وزارة الاتصالات يتم تحميله علي الهاتف المحمـول باللغـة العربية، ويعتمد علـي تقنيات الـذكاء الاصطناعي كتطبيق إرشادي لخلق تواصل مع المزارعين ويتضمن كـل التفاصيل والمعلومـات التـي تخـص النــــشاط الزراعي مــــن خلال توفير محتــــوى إرشادي رقمي يمكن مــــن خلاله الحصول بسهولة علــــي الاستشعارات الزراعية والتوجيه السليم.

ضرورة محو الأمية الرقمية للمزارعين

وأشار الصوالحي إلى أن هناك العديد من التحديات التي تواجه القطاع الزراعي في مصر خاصة على مستوى المزارعين من ناحية ضعف إلمام المزارعين بالتقنيات الحديثة إذ يعيق انخفاض مستويات التعليم بين المزارعين استخدام التكنولوجيا على الوجه الأكمل ويدفعهم إلى تفعيل أساليب الزراعة التقليدية لذلك يعد محو الأمية الرقمية أمر بالغ الأهمية كما تتطلب تقنيات الزراعة القدرة على تحمل تكلفة التكنولوجيا وفي حالات كثيرة لا يتوفر الدعم المالي للمزارعين كما يستلزم الأمر أيضا التكامل والاتصال بين العلوم الزراعية وعلوم البيانات.

 وشدد الصوالحي على ضرورة وجود بنية تحتية قوية للاتصالات في بعض المناطق الريفية حيث يؤثر ضعف البنية التحتية للاتصالات في المناطق الريفية على نقل البيانات وفي أغلب الأحيان لا يمكنها تحقيق متطلبات تقنيات الزراعة الذكية التي تتطلب الاتصال بالإنترنت كما يواجه المزارعون صعوبات في إدارة واستخدام البيانات الواردة من أجهزة الاستشعار بالإضافة إلى ضعف القدرة على الاستفادة من المعلومات التي توفرها محطات الأرصاد الجوية واستخدامها بشكل فعال.

وأكد الصوالحي على أنه في ظل التقدم السريع في مجال تكنولوجيا الزراعة الإلكترونية يبرز الذكاء الاصطناعي في مجالات رئيسية ثلاثة وهى الروبوتية الزراعية ومراقبة التربة والتحليل لأغراض التنبؤ ومن شأن التقدم في هذه المجالات في ظل تغير المناخ والنمو السكاني واستنزاف الموارد الطبيعية أن يساهم إلى حد كبير في دعم خصوبة التربة وإدارة المياه وهى أمور مهمة من أجل تحقيق الأمن الغذائي على نحو مستدام.  

ووفق  تقرير مؤشر "جاهزية الحكومة للذكاء الاصطناعي" الصادر عن مؤسسة "أكسفورد إنسايت" Oxford Insights ومركز ابحاث التنمية الدولية فإن مصر حصلت على المركز 65 عالميًا في مؤشر جاهزية الحكومات للذكاء الاصطناعي لعام 2024 متقدمة نحو 46 مركزًا عن عام 2019 حيث كانت تحتل المركز 111، ويعبر هذا المؤشر عن مدى استعداد الحكومات لتطبيق الذكاء الاصطناعي في تقديم الخدمات العامة بينما حصلت على المركز 109 عالميًا بالنسبة لمؤشر التجارة الإلكترونية كما حصلت على المركز 50 في مؤشر الشمول الرقمي وحصلت على المركز 60 في مؤشر التنافسية الرقمية في ذات العام 2024.

ووفق البيان المالي الصادر عن مشروع الموازنة العام للدولة للسنة المالية 2024 -2025 فإن دعم المزارعين يقدر بـ 657 مليون جنيه.

وأظهر تقرير "موازنة المواطن" الصادر عن وزارة المالية أن إجمالي مخصصات التعليم العالي وقبل الجامعي والبحث العلمي بلغ نحو 998.1 مليار جنيه بموازنة العام المالي الحالي 2024 /2025 حيث بلغت مخصصات التعليم قبل الجامعي 565 مليار جنيه والتعليم العالي والجامعي 293 مليار جنيه والبحث العلمي 140.1 مليار جنيه.

وألزم الدستور المصري الحكومة بتخصيص نسب محددة من الناتج القومي الإجمالي تخصص للإنفاق على قطاعات الصحة والتعليم، والتعليم الجامعي إضافة إلى البحث العلمي، بمعدل 3% من الناتج القومى الإجمالي للصحة، 4% من الناتج القومى الإجمالي للتعليم، 2% من الناتج القومى الإجمالي للتعليم الجامعي، %1 من الناتج القومى الإجمالي للبحث العلمي.

وحسب تقرير لـ منظمة الأغذية والزراعة (فاو) فإنه من المتوقع أن يرتفع سوق الذكاء الاصطناعي في الزراعة من 1.7 مليار دولار في عام 2023 إلى 4.7 مليار دولار بحلول عام 2028، ما يسلط الضوء على الدور المحوري للتقنيات المتقدمة في هذا القطاع.

أخبار متعلقة