آراب فاينانس: تعد السفيرة نائلة جبر، رئيسة اللجنة الوطنية التنسيقية لمكافحة ومنع الهجرة غير الشرعية، والإتجار بالبشر من الشخصيات النسائية الملهمة، خاصة مع نجاحها وجهودها في اللجنة الوطنية التنسيقية لمكافحة ومنع الهجرة غير الشرعية والإتجار بالبشر، والتي تترأسها منذ عام 2007 عندما كانت تسمى اللجنة الوطنية لمكافحة الإتجار بالبشر ثم تغير مسماها في عام 2017 للمسمى الحالي..
آراب فاينانس التقى جبر، والتي كرمها الرئيس عبد الفتاح السيسي رئيس الجمهورية في مارس عام 2023 في احتفالية المرأة المصرية، حيث يأتي هذا اللقاء ضمن سلسلة لقاءات يجريها آراب فاينانس في شهر مارس "شهر تكريم المرأة" مع القيادات النسائية المؤثرات في مجالهن.
تحدثت السفيرة نائلة جبر خلال حوارها حول دور اللجنة في مكافحة الهجرة غير الشرعية والإتجار بالبشر ومدى تحقيق الاستراتيجية الوطنية لمكافحة الإتجار في البشر وكذلك الاستراتيجية الوطنية لمكافحة الهجرة غير الشرعية لأهدافهما. كما كشفت جبر عن أعداد المهاجرين الوافدين إلى مصر، ومدى تعاون المجتمع الدولي مع مصر في تخفيف الضغوط على الموارد المصرية نتيجة تزايد أعداد المهاجرين إلى مصر في ظل ظروف جيوسياسية تؤثر على الوضع الاقتصادي لمصر، وإلى نص الحوار:
في البدية حدثينا عن دور اللجنة الوطنية التنسيقية لمكافحة ومنع الهجرة غير الشرعية والإتجار بالبشر وأهدافها الرئيسية؟
تتبع اللجنة الوطنية التنسيقية لمكافحة ومنع الهجرة غير الشرعية والإتجار بالبشر رئيس مجلس الوزراء، وهو ما يعكس الاهتمام الذي توليه الدولة لمكافحة الجريمتين وهما تهريب المهاجرين، والإتجار في البشر، وهذه اللجنة تضم 30 وزارة وهيئة وثلاثة مجالس لحقوق الإنسان، وأنا أشرف برئاسة اللجنة، وتحقيق دورها المنصوص عليه في القانون، وهذا الدور هو التنسيق بين الجهات الثلاثين فضلا عن التعاون مع الجهات المصرية والدولية التي تهتم بمكافحة الجريمتين تهريب المهاجرين والإتجار بالبشر، ونحن معنيين بوضع التشريعات وكذلك تعديل التشريعات، ونحن الذين وضعنا القوانين التي تكافح الجريمتين سواء قانون 64 لسنة 2010 لمكافحة الإتجار في البشر أو قانون 82 لسنة 2016 الخاص بمكافحة الهجرة غير الشرعية وتهريب المهاجرين، وقد كنت رئيسة اللجنة منذ هذا التوقيت وكنت مسئولة عن وضع هذه التشريعات خلال تشريفي بتولي هذه المسئولية خلال تلك الفترة وحتى الآن، وهو مسار طويل، ولكننا مستمرين في التطوير ونتعلم يومًا بعد يوم لتطوير الأداء حتى نستطيع حماية الوطن من هاتين الجريمتين فضلا عن حماية المواطن المصري وتحقيق المصداقية لمصر في المحافل الدولية.
ما هى الأنشطة التي ستقوم بها اللجنة خلال الفترة المقبلة؟
نحن نقوم بأنشطة في مجالات التوعية بمخاطر الهجرة غير الشرعية والإتجار في البشر في جميع المحافظات المصرية وليست في محافظات القاهرة الكبرى فقط "الجيزة والقاهرة والقليوبية" وكذلك نقوم بتدريبات للقائمين على إنفاذ العدالة ولمفتشي العمل وللقائمين على الرعاية، وكذلك للعاملين في مراكز ودور الإيواء بالنسبة لضحايا الإتجار في البشر. كما يتم تدريب الإعلاميين أيضا كما ننتج أفلام وثائقية حول مخاطر الهجرة غير الشرعية، والإتجار في البشر، ولدينا كذلك صندوق لضحايا الهجرة غير الشرعية، وكذلك صندوق لضحايا الإتجار في البشر، ونقوم بتفعيل هذه الصناديق وهدف هذه الصناديق هو استقبال العائدين من الهجرة غير الشرعية وكذلك ضحايا الإتجار في البشر ورعايتهم صحيًا ونفسيًا وتدريبهم حتى يتمكنوا من الحصول على فرص عمل. كما تساهم هذه الصناديق عند اكتمال ميزانيتها في مساعدة الأجانب الراغبين في العودة لبلادهم.
كيف ترين العلاقة بين التنمية الاقتصادية وعلاقتها بالحماية من الهجرة غير الشرعية والإتجار بالبشر؟
لقد نبهنا إلى ذلك بالفعل، وتحدثنا عن أن التنمية هى الأساس والدعامة لمكافحة الجريمتين سواء تهريب المهاجرين أو الإتجار في البشر، ونحن نتحدث عن تنمية بصورة متكاملة وشاملة، وهو مجهود تقوم به الدولة من خلال سياستها واستراتيجيتها، ونحن نؤكد بمناسبة اليوم العالمي للمرأة الموافق 8 مارس على أهمية تحقيق التنمية بالنسبة للمرأة.
كيف تحدث هذه التنمية للمرأة؟
تحدث هذه التنمية للمرأة من خلال التمكين الاجتماعي، والاقتصادي لها حيث يتحقق التمكين الاجتماعي من خلال إعطائها التعليم والصحة وفرصة العمل، بينما يتحقق التمكين الاقتصادي من خلال إقامة مشروعات صغيرة أو متناهية الصغر أو العمل من المنزل إذ لم تتمكن المرأة من العمل في القطاع الحكومي أو القطاع الخاص وكذلك في القطاع غير الرسمي، وهذا التمكين الاقتصادي والاجتماعي للمرأة يساهم في مواجهة العديد من المشكلات الاجتماعية في مصر مثل مشكلة التسرب من التعليم أو زواج الصغيرات أو زواج الصفقة وهذا الزواج الأخير هو شكل من أشكال الإتجار في البشر.
ما هى الفئات التي ترين أنهم أكثر عرضة لمخاطر الهجرة غير الشرعية والإتجار في البشر وكيف يتم حمايتهم؟
أكثر الفئات تعرضا لمخاطر الهجرة غير الشرعية هم الشباب، بينما تتعرض الفئات الأكثر احتياجًا وفقرًا لمخاطر الإتجار في البشر، وهؤلاء يتم حمايتهم من خلال التوعية، وأود أن أؤكد هنا أنه بالرغم من أن الهجرة غير الشرعية ظاهرة ذكورية لكننا نهتم أيضًا بتوعية النساء، وعلى هذه الأسس تتم التوعية بالمحافظات المختلفة بمعنى أننا عندما نزور المحافظات التي بها النسبة الأكبر للهجرة غير الشرعية أو الإتجار في البشر نعقد اجتماعات بالمجلس القومي للمرأة، وكذلك الاجتماع بالجمعيات الأهلية المعنية بالتنمية الاجتماعية، وكل ذلك يحقق التوعية لهذه الفئات، وتعد التوعية هى الشق الأساسي للوعي بمخاطر هذه الجرائم.
ما هى أكثر المحافظات في مصر التي بها النسبة الأكبر من الهجرة غير الشرعية والإتجار في البشر؟
هناك محافظات بها النسبة الأكبر من الهجرة غير الشرعية والإتجار في البشر، وقد قمنا بعمل خريطة بهذه المحافظات في عام 2016 ونطورها ونحدثها حاليًا بالتعاون مع الجهاز المركزي للتعبئة والإحصاء، ومن المحافظات التي بها النسبة الأكبر للهجرة محافظات الفيوم وكفر الشيخ والمنوفية والمنيا وهذا بالطبع له علاقة بعاملين أساسيين هما الفقر وكذلك انتشار سماسرة تهريب المهاجرين والإتجار في البشر في هذه المحافظات، ولدينا انتشار للجريمتين سواء تهريب المهاجرين أو الإتجار في البشر بمحافظات الصعيد وهى محافظات طاردة نتيجة أن الفرص أقل في العمل، وكذلك لانتشار سماسرة الهجرة غير الشرعية.
بعض الشباب يسعى للحصول على فرصة عمل توفر له حياة كريمة لكنهم قد يقعوا ضحية لهؤلاء المهربين.. ما رأيك وبماذا تنصحيهم؟
أنا متعاطفة مع هؤلاء الشباب الذين يبحثون عن فرصة عمل أفضل ومساندة لهم فأنا أرى أنهم من حقهم البحث عن فرصة عمل أفضل، وعيش حياة كريمة، والدولة تؤمن بذلك، والأمر يتعلق هنا بضرورة التفكير السليم من خلال معرفة فرص العمل المتاحة في البلاد مع دراسة جيدة لسوق العمل قبل حتى الدراسة الجامعية، مع معرفة ما يريده ويحتاجه سوق العمل سواء كان تعليمًا فنيًا أو غيره، ونحن نشجع وندعم التعليم الفني بجميع المحافظات التي نزورها خاصة المدارس التكنولوجية ومدارس التعليم الفني، ونحن نعمل على تطوير هذه المدارس.
وأنا أرى أن السوق يحتاج تعلم الشباب للغات الأجنبية للعمل في بعض الوظائف مثل الكول سنتر أو في البنوك أو أي وظيفة أخرى من الوظائف التي تتطلب مهارات اللغات الأجنبية رغم أن هناك نسبة من بعض الشباب لا يجيدوا اللغة العربية نفسها لكننا نؤكد على ضرورة تعلم اللغات لمواكبة متطلبات سوق العمل مع تطوير المهارات التكنولوجية، وهذه المهارات تتيح فرص العمل للشباب سواء في الداخل والخارج، وتقوم وزارة التربية والتعليم من خلال قطاع التعليم الفني بجهود لتطوير المدارس الفنية والتكنولوجية، وقد وقعت الوزارة اتفاقيات مع إيطاليا مؤخرًا عندما زارت المجموعة الاستثمارية الإيطالية مصر.
وأنا أنصح الشباب بأن مصر هى دولة كبيرة من ناحية التأثير السياسي والتأثير التاريخي والحضاري، فضلا عن أنها دولة كبيرة أيضا في عدد السكان وبها نحو 107 مليون نسمة، كما بها أكثر من 12 مليون أجنبي، وكل هذا يتيح فرص عمل أكبر في جميع المحافظات المصرية الـ 27 ولدينا الأجانب المقيمين في مصر والذين يستثمروا بمجالات مختلفة.
كم عدد المهاجرين في مصر حاليًا؟
مصر بها حاليًا بشكل عام نحو 12 مليون أجنبي، منهم أكثر من 400 ألف لاجئ ممن لديهم وضعية اللاجئ، وقد اقتربوا من الـ 500 ألف لاجئ. كما لدينا في مصر 4 مليون سوداني مقيمين منذ سنوات طويلة قبل التوترات والأحداث الأخيرة بالسودان، بخلاف نحو 1200 سوداني يصلون إلى مصر بشكل يومي يدخلون بشكل غير رسمي عبر الحدود، بينما يبلغ عدد السوريين المقيمين في مصر نحو مليون سوري فضلا عن حوالي مليون يمني.
هل يتطلب ذلك تعاون من جانب المجتمع الدولي؟
نعم يجب أن يكون هناك تعاون أكبر من جانب المجتمع الدولي، خاصة وإن كان المجتمع الدولي يرى أن مصر هى حائط صد لحمايته من الهجرة غير الشرعية خصوصًا دول جنوب المتوسط فعليه هنا أن يدعم مصر في جهودها في استقبال هذه الملايين التي تسبب ضغط على موارد مصر التي لديها فعليًا مشكلات اقتصادية تسعى لتجاوزها بداية من أسعار القمح وارتفاع سعر الحبوب بشكل عام بعد الحرب الروسية الأوكرانية، والضغوط الناتجة عن تراجع إيرادات قناة السويس نتيجة الاضطرابات والتوترات في البحر الأحمر من جانب الحوثيين، فضلا عن تأثير العوامل الجيوسياسية على السياحة في مصر في ظل اشتعال المنطقة بالتوترات، حيث إن كل تلك العوامل المختلفة تؤثر على مصر، ومن المفترض أن تساند دول المجتمع الدولي مصر حيث إن المساندة الدولية لمصر لا ترقى للعبء الذي تتحمله مصر إطلاقًا، فالأجانب في مصر تسببوا في ارتفاع تكاليف المعيشة بداية من أسعار الشقق السكنية، وأسعار الأغذية فلدينا 12 مليون أجنبي في مصر يمارسون كافة الأنشطة من مأكولات ومشروبات ومسكن وتنقل عبر المواصلات، وكل ذلك يمثل عبء على موارد الدولة ومن المفترض أن يفكر المجتمع الدولي معنا بشكل إيجابي.
ما شكل التعاون الذي تريده مصر في هذا المجال من جانب المجتمع الدولي؟
لابد من تعاون تنموي من جانب المجتمع الدولي فمصر لا تطلب أموال، فمصر لا تستجدي الدعم المالي، لكن نطالب بمشروعات تنموية في مصر فعلى سبيل المثال يمكن إقامة مشروع تنموي من جانب بعض الدول مع وضع شرط أن من يلتحق بهذا المشروع يمكنه السفر مثلًا للعمل في إيطاليا لمدة عام أو عامين ثم يعود مرة أخرى إلى مصر، فطبيعة المصريين أنهم لا يرغبون في الإقامة المستمرة خارج بلادهم لكن يريدوا فقط تحسين ظروفهم الاقتصادية ثم العودة والاستقرار في مصر.
هل هناك تعاون مع الجانب الإيطالي في هذا الأمر؟
هناك محاولات حول ذلك الأمر، وقد أظهرت الزيارة الأخيرة من جانب المجموعة الاستثمارية الإيطالية محاولات جادة للتعاون في هذا المجال.
ماذا حققت اللجنة الوطنية لمكافحة الهجرة غير الشرعية والإتجار في البشر منذ إنشاءها وحتى الآن؟
حققت اللجنة نتائج هامة، ومنها إصدار قانون مكافحة الهجرة غير الشرعية والإتجار في البشر، وكذلك صندوق ضحايا الهجرة غير الشرعية والإتجار في البشر فضلا عن التدريبات الكثيرة التي قامت بها اللجنة، وحملات التوعية والزيارات المختلفة للعديد من المحافظات المصرية فضلا عن احترام المجتمع الدولي لمصر لما تقوم به الحكومة والدولة المصرية من دور في هذا الأمر، وتشارك اللجنة في معظم المحافل الدولية المعنية بحقوق الإنسان، وتقدم مصر خلالها تقارير مثل تقرير الـ "يو بي آر" الذي تم تقديمه في جنيف مؤخرًا، وكذلك تقرير اللجان التعاقدية والعمال المهاجرين، فضلا عن دور اللجنة في مناقشة التقارير المصرية في المحافل الدولية لأن هناك علاقة ارتباط بين ما نقوم به من دور من خلال اللجنة، وبين موضوعات حقوق الإنسان وقد نجحنا في ذلك الأمر.
متى سيتم إصدار الاستراتيجية الجديدة لمكافحة الهجرة غير الشرعية والإتجار في البشر؟
نحن سنقيم الاستراتيجية الحالية في منتصف عام 2025 وسنطورها تمهيدًا لوضع الاستراتيجية الجديدة وستطلق الاستراتيجية الجديدة في عام 2026 حيث أطلقت الاستراتيجية الأولى عام 2016 وتنتهي في عام 2026.
كيف نحمي الشباب المصري من مخاطر الهجرة غير الشرعية والإتجار في البشر خاصة الزواج المبكر للفتيات وزواج القاصرات؟
الزواج المبكر للقاصرات ينظمه حاليًا قانون الطفل، بينما زواج الصفقة ينظمه قانون الإتجار في البشر، وهناك عقوبات مختلفة في كل قانون تواجه هذه الجرائم، فمثلًا لو أب زوج ابنته لابن عمتها في سن مبكرة فهذا زواج مبكر ويعاقب عليه هنا المأذون، وهناك تفكير حاليًا في المجلس النيابي في إمكانية تجريم ما قام به الأب، وهذه النقطة لم تتبلور بعد، بينما في زواج الصفقة يتم معاقبة الأب وفق القانون، وكل من شارك في العملية عدا الضحية وهى الفتاة أو السيدة التي تم تزويجها زواج الصفقة.
كيف يمكن للشباب أن يهاجر بشكل شرعي للحصول على فرصة عمل بدلًا من الهجرة غير الشرعية التي تعرضه لمزيد من المخاطر؟
نحن نقوم بإجراء اتفاقيات دولية كما تقوم الحكومة بإنشاء مراكز للتدريب وتنمية القدرات للشباب كما تمارس وزارة العمل هذا الدور فضلا عن دور وزارة الخارجية بعد ضم شئون الهجرة إليها مؤخرًا، وعلى الشباب أن ينظر لهذه الفرص خاصة الإعلانات ذات المصداقية التي تقوم بها بعض الدول، فضلا عن فرص العمل التي تتاح لهم داخل مصر، وأنصح الشباب بعدم اللجوء لسماسرة الهجرة غير الشرعية والذين يستغلون الشباب ويقومون بالنصب عليهم.
البعض يتهم مصر بأنها دول معبر أو ترانزيت للهجرة غير الشرعية؟
غير صحيح، ومصر لم تعد دولة معبر بل مصر الآن دولة مقصد لأن هناك سيطرة على الحدود المصرية من جانب الجهات المختصة، وبتعليمات من رئيس الجمهورية، ولم تخرج مركب هجرة غير شرعية من الحدود المصرية منذ شهر سبتمبر عام 2016، وخروج بعض الحالات لا يعد موجات هجرة بل هى حالات فردية واستثنائية.