ميرنا عارف مدير عام مايكروسوفت: إجراءات الإصلاح الاقتصادي الجريئة جعلت مصر سوقًا واعدًا للاستثمارات

أخر تحديث 2025/04/14 09:59:00 ص
ميرنا عارف مدير عام مايكروسوفت: إجراءات الإصلاح الاقتصادي الجريئة جعلت مصر سوقًا واعدًا للاستثمارات

آراب فاينانس: تعد ميرنا عارف بمثابة أول سيدة تتولى منصب المدير العام لشركة مايكروسوفت بمصر، حيث تعتبر عارف أحد القيادات البارزة التي تؤمن بالتحول الرقمي منذ بدء مسيرتها المهنية، وحتى اختيارها كواحدة من أقوى 100 سيدة أعمال من قبل فوربس الشرق الأوسط في عام 2024، "آراب فاينانس" أجرى حوارًا حصريًا مع ميرنا عارف المدير العام لشركة مايكروسوفت مصر، والتي أكدت خلاله على خطة الشركة خلال الفترة المقبلة والتي ستعتمد على تطوير الحلول الحكومية القائمة على الذكاء الاصطناعي ومنصات تحليل البيانات الضخمة، وذلك لتحسين عمليات اتخاذ القرار وإدارة الموارد، والارتقاء بجودة الخدمات المقدمة للمواطنين، وإلى نص الحوار:

باعتبارك أحد القيادات البارزة في قطاع التكنولوجيا والتحول الرقمي، كيف كانت رحلتك المهنية في هذا المجال؟ وكيف ساهمت هذه الخبرات في تشكيل رؤيتك لمستقبل مصر؟

على مدار مسيرتي المهنية التي تتجاوز العشرين عامًا، اتبعتُ نهجًا يعتمد بشكل أساسي على توظيف التكنولوجيا والتقنيات الحديثة لإحداث تغييرات جوهرية في القطاعات التي أعمل بها، مما يسهم إيجابيًا في التنمية الاقتصادية والاجتماعية. على سبيل المثال، خلال فترة عملي في شركة "جنرال إلكتريك" للنفط والغاز، كنت مسؤولة عن وضع استراتيجيات التحول الرقمي لعملاء الشركة من مختلف المؤسسات والجهات، وواصلت تطبيق هذا النهج أثناء عملي كمساعد وزير البترول لشؤون الاستثمار والتعاون الدولي في وزارة البترول والثروة المعدنية.

هذه التجارب كانت محطات حاسمة في مسيرتي المهنية، وعززت قناعتي بأن التكنولوجيا ليست مجرد أدوات لتطوير الأعمال، بل ركيزة أساسية يمكن من خلالها إعادة تشكيل مستقبل الاقتصادات والمجتمعات، وتحقيق التنمية المستدامة.

وانطلاقًا من هذه القناعة، أواصل عملي كمدير عام لمايكروسوفت مصر، حيث أسعى إلى توظيف خبراتي الممتدة في هذا القطاع الحيوي لتمكين الشركات والمؤسسات من حلول الحوسبة السحابية والذكاء الاصطناعي، بما يدعم أهداف مصر من التحول الرقمي الذي أصبح اليوم عنصرًا أساسيًا في تحقيق التنمية الاقتصادية والاجتماعية.

ويمكننا ملاحظة ذلك بوضوح من خلال النجاحات التي تحققها الخطوات التنفيذية لـ رؤية مصر 2030 والاستراتيجية الوطنية للذكاء الاصطناعي، بدءًا من رفع كفاءة الخدمات الحكومية الإلكترونية، وصولًا إلى تطوير وتوسيع نطاق الاتصال بشبكات الإنترنت.

وتؤكد مايكروسوفت مصر على التزامها الراسخ بمساندة جهود الدولة المصرية في بناء اقتصاد رقمي قوي، عبر تزويد المؤسسات والأفراد، بأحدث الحلول التكنولوجية، بما في ذلك التقنيات المتقدمة للذكاء الاصطناعي والحوسبة السحابية، وذلك لتمكينهم من العمل بأكبر قدر من المرونة والكفاءة، وبما يرسخ من مكانة مصر في الاقتصاد العالمي.

ما أبرز المشروعات التي نفذتها مايكروسوفت بالتعاون مع الحكومة المصرية؟.

نحن فخورون بشراكتنا الممتدة مع الحكومة المصرية في رحلتها نحو التحول الرقمي، حيث نعمل جنبًا إلى جنب مع مختلف الوزارات لدعم رؤية مصر 2030 للتنمية المستدامة، فعلى مدار ثلاثين عامًا من التعاون الوثيق مع الجهات الحكومية في مصر، نفذنا العديد من المشروعات الحيوية، من بينها تعاوننا مع وزارة المالية، ممثلةً في مصلحة الضرائب المصرية، لتطوير وإطلاق نظامي الفاتورة الإلكترونية والإيصال الإلكتروني، اللذين أسهما في تقليص مدة الفحص الضريبي إلى بضع ساعاتٍ فقط، مما ساعد في إرساء دعائم نظامٍ ضريبيٍّ متقدمٍ يتميز بالشفافية ويجذب الاستثمارات.

كما تعاونا أيضًا مع وزارة العدل لتسريع الإجراءات القانونية، وتحسين دقة اتخاذ القرارات، من خلال حلول منصة آزور  "Azure"  المدعومة بالذكاء الاصطناعي.

 كما أسهم تعاوننا مع مركز المعلومات ودعم اتخاذ القرار، التابع لمجلس الوزراء المصري، في توظيف تقنيات الذكاء الاصطناعي لتوفير إحصاءاتٍ وتحليلاتٍ دقيقةٍ، تساعد متخذ القرار في رسم السياسات الحكومية بشكلٍ أكثر كفاءةً.

وفي قطاع التعليم، عقدنا شراكةً استراتيجيةً مع وزارة التعليم العالي والبحث العلمي لإطلاق أول مُعلم رقمي يعمل بالذكاء الاصطناعي في جامعة عين شمس، وهو مشروعٌ يستهدف دعم الطلاب وتنمية مهاراتهم الشخصية من خلال بيئةٍ تعليميةٍ متطورةٍ.

إلى جانب ذلك، تؤكد مبادرتا "بناة مصر الرقمية " و"أشبال مصر الرقمية"، اللتان تم إطلاقهما بالتعاون مع وزارة الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات، على التزامنا برعاية المواهب المستقبلية وإعداد جيلٍ جديدٍ من الكفاءات المتخصصة في التقنيات المتقدمة، وعلى رأسها الذكاء الاصطناعي، لتلبية احتياجات سوق العمل الرقمي دائم التطور.

ما هي خططكم لتعزيز هذا التعاون في المستقبل؟ أيضًا، وما هي الاستثمارات الحالية للشركة في مصر، وهل هناك توجهات جديدة للتوسع خلال الفترة المقبلة؟

بالنسبة لخططنا المستقبلية، فإننا نركز على تطوير الحلول الحكومية الذكية القائمة على الذكاء الاصطناعي ومنصات تحليل البيانات الضخمة، وذلك لتحسين عمليات اتخاذ القرار وإدارة الموارد، والارتقاء بجودة الخدمات المقدمة للمواطنين.

 كما نحرص أيضًا على توسيع نطاق استخدام تقنيات الحوسبة السحابية والذكاء الاصطناعي في مختلف القطاعات، لتعزيز قدرة مصر على تحقيق التحول الرقمي الكامل، ودعم مكانتها كمركزٍ إقليميٍّ للابتكار التكنولوجي.

كيف تقيمون مناخ الاستثمار الحالي والبنية التحتية التكنولوجية في مصر؟ ومن وجهة نظرك ما هو الدور الذي يمكن أن تلعبه الحكومة المصرية لتشجيع الاستثمار في قطاع التكنولوجيا؟

مصر تخطو خطواتٍ كبيرةً على طريق تحسين مناخ الاستثمار وتطوير البنية التحتية التكنولوجية، مما جعلها إحدى الوجهات الجاذبة للمستثمرين المحليين والأجانب على حدٍّ سواء. حيث أسهمت إجراءات الإصلاح الاقتصادي الجريئة التي أقرتها الحكومة المصرية، مثل تسهيل إجراءات تأسيس الشركات، والالتزام بالشفافية، وتوسيع نطاق التعاون بين القطاعين العام والخاص، في خلق مناخٍ داعمٍ للنمو وتطوير الأعمال، خاصةً في بعض القطاعات الحيوية مثل التكنولوجيا والطاقة والسياحة. بالإضافة الى عوامل أخرى ساهمت في جعل مصر سوقًا واعدًا وجاذبًا للاستثمارات الدولية، مثل موقعها الجغرافي الاستراتيجي وما تمتلكه من موارد طبيعية وكوادر شابة.

أيضًا، كان للاستراتيجيات الوطنية، مثل استراتيجية مصر الرقمية و استراتيجية تكنولوجيا المعلومات والاتصالات 2030، دورٌ بالغ الأهمية في توسيع نطاق الخدمات الحكومية الإلكترونية، ونمو أنظمة الدفع الرقمية، وتطوير مجالات الذكاء الاصطناعي والحوسبة السحابية، وكلها عوامل رئيسية ساهمت في تحقيق التحول الرقمي ورفع كفاءة العمليات التشغيلية في مختلف القطاعات. 

كما أكدت النسخة الثانية من "الاستراتيجية الوطنية للذكاء الاصطناعي"، الرامية إلى زيادة مساهمة قطاع تكنولوجيا المعلومات والاتصالات في الناتج المحلي الإجمالي إلى 7.7% بحلول عام 2030، بالإضافة إلى تأسيس أكثر من 250 شركة متخصصة في الذكاء الاصطناعي، على التزام الدولة بتطوير هذا القطاع الحيوي باعتباره ركيزةً أساسيةً للنمو الاقتصادي. من ناحية أخرى أسهمت مشروعات تطوير البنية التحتية، وبخاصةٍ تلك التي تمت في مجال الاتصال واسع النطاق، في توفير سرعاتٍ فائقة لنقل البيانات عبر شبكات الإنترنت والاتصالات الرقمية، مما ساعد على خلق بيئة تشغيل أكثر كفاءةً وأمانًا سواء للمواطنين أو الشركات.

كيف يمكن إعطاء أولوية أكبر لاستثمارات القطاع الخاص لتحقيق التنافسية وضمان الامتثال لمعايير الحوكمة؟

فيما يتعلق بقدرة مصر على المنافسة في الاقتصاد الرقمي، فمن الضروري إتاحة المزيد من فرص النمو للقطاع في هذا المجال، ويمكن تحقيق ذلك من خلال توسيع مجالات التعاون بين الحكومة والشركات، وتأسيس بيئات عمل جاذبة تدعم نمو الشركات الناشئة، وأيضا إطلاق مبادرات لتدريب وتأهيل الكوادر المتخصصة، بما يتماشى مع متطلبات أسواق العمل الرقمية. 

وفي هذا الإطار، تواصل مايكروسوفت دعمها لمسيرة التحول الرقمي في مصر، من خلال تقديم حلول سحابية موثوقة، وتطبيقات متطورة للذكاء الاصطناعي، إلى جانب برامج تدريبية متكاملة، وتوفير الموارد التي تساعد الشركات الناشئة على التوسع، مما يعزز من قدرتها التنافسية ويدعم التنمية المستدامة في الاقتصاد الرقمي المصري.

ما مدى التقدم الذي أحرزته مايكروسوفت في تقليل انبعاثات الكربون، وما هي الجهود التي تبذلها الشركة لتحقيق أهداف الاستدامة عالميًا وأيضًا في مصر؟

نحن فخورون بما حققناه في مجال خفض الانبعاثات الكربونية، وتعزيز كفاءة الموارد البيئية. حيث تمثل الاستدامة محورًا أساسيًا في استراتيجية مايكروسوفت العالمية، لذلك نوليها اهتمامًا بالغًا في جميع عملياتنا. فمنذ عام 2020، أعلنت الشركة التزامها بأن تصبح خاليةً من الكربون والنفايات بحلول عام 2030، كما نسعى أيضًا إلى إزالة جميع الانبعاثات الكربونية التي تسببت فيها الشركة منذ تأسيسها عام 1975، بحلول عام 2050.

واليوم، تُعد مايكروسوفت من كبرى الشركات العالمية التي تعتمد على الطاقة النظيفة في تشغيل عملياتها، إذ تمتلك محفظة طاقة متجددة تبلغ 34 جيجاوات موزعة في 24 دولة، مما يسهم في دعم الشبكات الكهربائية بمصادر طاقة نظيفة ومستدامة. إلى جانب ذلك، نواصل جهودنا لتوسيع نطاق استخدام الطاقة المتجددة عالميًا، بما يتوافق مع التوجهات البيئية الحديثة. هذه المبادرات لا تستهدف فقط الوصول إلى صافي انبعاثاتٍ صفرية، وإنما ننسق جهودنا أيضًا لتتوافق مع الأجندة العالمية للتنمية المستدامة، ومؤتمر الأطراف الثلاثين ( 30COP) المزمع عقده في البرازيل.

وهنا أود الإشارة إلى أن جهودنا في مايكروسوفت لا تتوقف عند تقليل بصمتنا الكربونية فقط، بل تمتد إلى تمكين المؤسسات الأخرى من تحقيق أهدافها البيئية. ولهذا، نقدم مجموعةً من الحلول المبتكرة  مثل Microsoft Cloud for Sustainability المصممة خصيصًا لمساعدة الشركات في قياس وإدارة وتتبع انبعاثاتها الكربونية وتقليل تأثيرها البيئي.

كما يسهم "مختبر الذكاء الاصطناعي من أجل الخير " أيضًا في مواجهة التحديات المجتمعية من خلال توظيف تقنيات الذكاء الاصطناعي في إدارة الموارد بكفاءة ومعالجة آثار التغيرات المناخية، بما يعزز الاستدامة ويحقق تأثيرًا إيجابيًا واسع النطاق.

وامتدادًا لهذه الجهود، قمنا بتوقيع عددٍ من الشراكات الاستراتيجية مع مجموعة من الشركات الرائدة في مجال الطاقة بمصر مثل "الشركة القابضة للغازات الطبيعية" وشركة "بجسكو"، لدعم جهودهما في تحقيق الاستدامة. وذلك من خلال توفير حلولٍ تقنيةٍ متقدمةٍ تعتمد على تقنيات الذكاء الاصطناعي والحوسبة السحابية، لمساعدتهما في خفض التأثير البيئي لعملياتهما وتحسين إدارة الموارد، وهو ما يؤكد الدور الفاعل للتكنولوجيا في تسريع التحول نحو ممارساتٍ أكثر استدامةً.

وفي النهاية، أود التأكيد على أن مايكروسوفت لا تسعى فقط إلى تحقيق الاستدامة داخل نطاق أعمالها فقط، بل تعمل أيضًا على دعم التحول العالمي نحو اقتصادٍ أكثر استدامةً، من خلال توفير الأدوات والحلول التكنولوجية التي تساعد الحكومات والمؤسسات على تحقيق أهدافها البيئية، وترسيخ مفاهيم التنمية المستدامة في مختلف القطاعات.

أخبار متعلقة