آراب فاينانس: أثارت الحملات الأمنية الموجهة لضبط عدد من المدونين، وصانعي المحتوى على منصة تيك توك وعدد من منصات وسائل التواصل الاجتماعي في مصر مؤخرًا العديد من التساؤلات حول كيفية التعامل مع المحتوى المقدم عبر وسائل التواصل الاجتماعي، والذي له عوائد مالية كبيرة بالعملة الصعبة، وهل يخضع للضرائب وما ضوابط المحتوى الذي يبث؟ بل ما هو مصير هذا النوع من الاقتصاد وضوابطه؟
وشنت وزارة الداخلية المصرية خلال الفترة الماضية، حملات أمنية موسعة استهدفت عددًا من مشاهير تطبيق "تيك توك"، حيث أسفرت الحملات عن ضبط عدد من الأسماء البارزة من صانعي المحتوى.
وجاءت الحملات بعد عدة بلاغات تقدم بها مواطنون ومحامون ضد عدد من المدونين على تيك توك اتهموا فيها صناع المحتوى بالترويج لممارسات تسيء للمجتمع.
انتشار كبير لتطبيق تيك توك بين الشباب في مصر
من جانبه قال خالد البرماوي، الخبير في الإعلام الرقمي ووسائل التواصل الاجتماعي، في تصريحات حصرية لـ آراب فاينانس إن منصة "تيك توك" تعد واحدة من المنصات الإلكترونية التي لها رواج كبير في الأوساط الشبابية حول العالم، ومصر كباقي دول العالم هناك إقبال كبير من شبابها على تطبيق "تيك توك" حيث تتميز مصر بارتفاع نسبة الشباب بها حيث تتجاوز نسبة الشباب في مصر 60% في حين يصل متوسط أعمار الشعب المصري أقل من 25 عامًا، وبالتالي من الطبيعي جدًا أن نجد اهتمام كبير بالتطبيق بين الشباب، وهذا يرجع إلى اختلاف الروغاريتمات الخاصة بها، وسهولتها وجاذبيتها وتركيزها على الترفيه والرياضة والألعاب الإلكترونية، والموسيقى أكثر من تركيزها على أشياء أخرى مثل السياسة، والأخبار.
وأشار البرماوي، إلى أن الاستخدام المفرط لتطبيق تيك توك في مصر بين الشباب لا يرجع للرغبة في تحقيق الأرباح لأن من يحققون الأرباح في الحقيقة والمؤثرين والمشاهير عددهم قليل جدًا مقارنة بعدد مستخدمي التطبيق، ولا يمثلون سوى نسبة لا تزيد عن 1 من الألف من عدد المستخدمين، لافتًا إلى أن كل صانع محتوى من المستخدمين يحاول الوصول لعدد كبير من المتابعين من خلال المحتوى الذي يقدمه سواء كان هذا المحتوى مناسب للبعض أم لا لكن في الحقيقة من ينجحون في الانتشار الواسع عددهم قليل للغاية.
وأكد أن تهديد الحكومة المصرية وعدد من أعضاء مجلس النواب بإغلاق تطبيق تيك توك في مصر يعد خطوة جديدة لم يسبق أن تمت قبل ذلك، وهذا بالطبع خطر حيث أعطت الحكومة المصرية مهلة 3 شهور لـ إدارة تيك توك وتم وضع مجموعة من الطلبات لتنفيذها.
إغلاق تيك توك في مصر مستبعد
واستبعد البرماوي إغلاق تطبيق تيك توك في مصر، وذلك لأن الحكومة المصرية ومن خلال تاريخ تعاملها مع المنصات السابقة، لم تتخذ مثل هذه القرارات، ولم تلجأ للغلق، لأن غلق تطبيق تيك توك في مصر سيكون أداة غير فعالة، وسيجعل البعض يحاول كسر عملية منع التطبيق في مصر، وسيكون لذلك آثار سلبية من خلال التعامل مع تطبيقات أخرى بطرق غير شرعية وغير قانونية قد لا تفضل الحكومة المصرية التعامل مع مثل هذه التطبيقات، لافتًا إلى أنه سيكون هناك عدة مراحل للتفاوض بين الحكومة المصرية، وإدارة تيك توك خلال الفترة المقبلة، وقد تنجح هذه المفاوضات خاصة أن إدارة تيك توك حذفت حوالي 3 مليون فيديو وحجبوا حوالي 500 ألف من صناع المحتوى على منصة تيك توك خلال الفترة الأخيرة.
ومن جانبه قال الدكتور شريف عوض أستاذ علم الاجتماع بكلية الآداب بجامعة القاهرة إن قيام الشباب المصري بالاندفاع نحو استخدام وسائل التواصل الاجتماعي وعرض المحتوى من خلالها يرجع للعديد من الأسباب منها سهولة استخدام هذه التطبيقات فضلًا عن عدم وجود ضوابط على نوع المحتوى الذي يبث عبر هذه الوسائل سواء كان محتوى هادف أم لا وبما يتضمنه هذا المحتوى من انتهاكات أخلاقية لقيم المجتمع.
بعض الشباب يندفع نحو استخدام تيك توك رغبة في الثراء السريع دون جهد
وأوضح عوض أن العائد المادي الكبير والرغبة في الثراء السريع دون جهد أو تعب يعد أحد عوامل الانخراط في تطبيقات مثل تيك توك وغيرها، لافتًا إلى أن انتشار هذه النماذج بين المجتمع واعتبار البعض لهم رموز يُقتدى بها جعل كثير من الشباب في حالة من الاغتراب والحيرة بين الواقع العملي والفعلي وما يحتويه من قواعد تنظمه، وبين الواقع الافتراضي القائم على المكسب السريع دون جهد ما يجعل الشباب في حالة من التشوش بين الواقعين الواقع العملي الذي يتطلب جهد وعمل وقيمة مضافة يحققها الفرد لنفسه ولمجتمعه، وبين الواقع الافتراضي الذي يحقق الشهرة والربح المادي السريع ما يؤدي إلى خلق حالة من التشويش لدى الشباب وقدوتهم التي يجب أن يحتذوا بها.
وأشار عوض إلى أن هذه النماذج السلبية للأسف هى من تشكل وجدان النشأ الجديد الذي أصبح يعاني من اختفاء القدوة الجيدة بالمجتمع وتلاشي قيم الاجتهاد والمثابرة والعمل الشاق، مقابل انتشار رموز تطبيق تيك توك وهو التطبيق الذي يمكن الأطفال والشباب من بث محتوى مباشر بالفيديو يمكنهم من الوصول لأي مكان في العالم عبر هاتفهم المحمول.
وحول كيفية التعامل مع إشكالية البث أم المنع لتطبيقات وسائل التواصل الاجتماعي أكد أستاذ علم الاجتماع أن الانسحاب من هذه التطبيقات أو منعها صعب جدًا، ولذلك لابد من التعامل بمرونة مع هذا الأمر من خلال وجود استراتيجية لنشر محتوى هادف بالتوازي مع ما يبث من محتوى قد يهدد قيم المجتمع، وأن ينشر هذا المحتوى عبر وسائل التواصل ذاتها التي يفضلها ويستخدمها الشباب مع تطوير وصناعة محتوى يتسق مع قيم المجتمع وركائزه لأنه لا يجوز ترك الساحة والمجال الإلكتروني لهذه النماذج دون مواجهته بمحتوى جيد مقابل له، وهناك مثال ونموذج في هذا الأمر ظهر خلال شهر رمضان، عبر تقديم الفنان سامح حسين لمحتوى مميز وهادف، وحدث إقبال كبير عليه، لذلك ينبغي استغلال القوى الناعمة والمؤثرة من رموز فنية وغيرها في تقديم محتوى مؤثر وإيجابي.
ينبغي خضوع صانعي المحتوى على وسائل التواصل الاجتماعي لضريبة الدخل
بينما قال الدكتور عادل بكري الأمين العام لجمعية خبراء الضرائب المصرية إنه ووفق القانون المصري يجب أن يخضع صانعي المحتوى والذين يحققون أرباح لضريبة الدخل، ويجب تسجيلهم ضريبيًا.
وأضاف بكري أن إدارة هذه المنصات الإلكترونية يحققوا أرباح من خلال بث الإعلانات داخل المحتوى الذي يبثه المؤثرين والمشاهير. كما يحقق صانعي المحتوى على هذه المنصات أرباح بالعملات الأجنبية نتيجة انتشارهم الواسع على الإنترنت، وطالما يحققوا أرباح فيجب محاسبتهم ضريبيًا، لكن الإشكالية هنا أنه من الصعب حصر أرباح صانعي المحتوى الذي تحول لهم الأموال بالدولار وغيرها من العملات الأجنبية عبر حساباتهم البنكية أو عبر طرق أخرى لافتًا إلى أنه حتى هذه اللحظة لا يوجد ضوابط قانونية لمحاسبتهم ضريبيًا، ويحتاج الأمر لصياغة تشريعات جديدة وتقنين لأوضاعهم
واقترح بكري أن يتم إنشاء مجلس مثل المجلس الأعلى لتنظيم الإعلام يكون دوره وضع الضوابط الخاصة بتطبيقات التواصل الاجتماعي لضبط المحتوى عليها وتطبيق القانون على المخالفين للمعايير المجتمعية.
فرض ضرائب الدخل على اليوتيوبرز والبلوجرز
وأعلنت مصلحة الضرائب المصرية خلال عام 2021 كيفية احتساب ضريبة الدخل، وأماكن سداد ضرائب اليوتيوبرز والبلوجرز، بعد صدور قرارها بفرض ضرائب التجارة الإلكترونية واليوتيوبرز والبلوجرز، متى بلغت إيراداتهم 500 ألف جنيه خلال إثنى عشر شهرًا من تاريخ مزاولة النشاط.
وأشارت الضرائب، أن البلوجرز، واليوتيوبرز عليهم التوجه للمأمورية الواقع في نطاقها المقر الرئيسي للنشاط لفتح ملف ضريبي والتسجيل بمأمورية الضريبة على الدخل المختصة، ثم التسجيل بمأمورية القيمة المضافة المختصة.
وكشفت المصلحة، عن كيفية احتساب ضريبة الدخل لليوتيوبرز والبلوجرز، قائلة إن الأشخاص التي تمارس نشاط التجارة الإلكترونية من خلال بيع و شراء المنتجات والخدمات أو نشاط صناعة المحتوى على المواقع الإلكترونية مثل اليوتيوبرز والبلوجرز، يمكنها حساب ضريبة الدخل الخاصة بهم وفقا لنسب الضريبة المتصاعدة الواردة بالقانون 91 لسنة 2005 و تعديلاته.
اتهامات بغسل الأموال لـ بعض صانعي المحتوى على تيك توك
ووجَّهت وزارة الداخلية اتهامات لإحدى صانعات المحتوى على منصة تيك توك بعد أيام قليلة من توقيفها على خلفية البلاغات المقدمة ضدها من محامين تتهمها ببث مقاطع فيديو تخالف قيم الأسرة المصرية مع بث محتوى خادش للحياء.
وأكدت "الداخلية" أن المتهمة قامت بغسل الأموال المتحصلة من نشاطها غير المشروع في إنشاء وإدارة صفحة بمواقع التواصل الاجتماعي واستخدامها في نشر مقاطع فيديو تتضمن الاعتداء على قيم ومبادئ المجتمع، بهدف زيادة نسب المشاهدات وتحقيق مكاسب مالية غير مشروعة بالمخالفة للقانون.
ووفق البيان الصادر، فإن المتهمة حاولت إخفاء مصادر تلك الأموال وإضفاء صبغة شرعية عليها وإظهارها كأنها ناتجة عن كيانات مشروعة عن طريق شراء الوحدات السكنية، بمبالغ مالية وصلت تقريباً إلى 15 مليون جنيه مصري.
كما أصدرت وزارة الداخلية بيان أخر اليوم حول اتهام أحد صانعي المحتوى بغسل أموال بقيمة 65 مليون جنيه حيث ذكر البيان أن قطاع مكافحة جرائم الأموال العامة والجريمة المنظمة اضطلع بالتنسيق مع أجهزة الوزارة المعنية بإتخاذ الإجراءات القانونية حيال (صانع محتوى– مقيم بدائرة قسم شرطة القناطر الخيرية بالقليوبية) لقيامه بغسل الأموال المتحصلة من نشاطه غير المشروع فى إنشاء وإدارة صفحة بمواقع التواصل الإجتماعى واستخدامها فى نشر مقاطع فيديو تتضمن الاعتداء على قيم ومبادئ المجتمع، بهدف زيادة نسب المشاهدات وتحقيق مكاسب مالية غير مشروعة بالمخالفة للقانون، ومحاولته إخفاء مصادر تلك الأموال وإصباغها بالصبغة الشرعية وإظهارها وكأنها ناتجة عن كيانات مشروعة عن طريق (شراء الوحدات السكنية – شراء السيارات والدراجات النارية - تأسيس الشركات).
وبحسب تقرير صادر عن شركة تيك توك، حذفت المنصة أكثر من 16.5 مليون فيديو مخالف لإرشادات المجتمع من عدة دول عربية، بينها مصر، والعراق، ولبنان، والإمارات والمغرب، وذلك في الفترة ما بين يناير ومارس 2025.
وقد استحوذت مصر على نصيب كبير من هذه الأرقام، إذ حذفت 2.9 مليون فيديو، إضافة إلى إيقاف 587 ألف بث مباشر داخل البلاد وحدها.
وكشف تقرير حديث صادر عن تطبيق "تيك توك" حول العالم لبيانات شهر يوليو، أكثر الدول استخدامًا لتطبيق تيك توك من حيث عدد المستخدمين، حيث احتلت إندونيسيا المرتبة الأولى عالمياً بفارق كبير، حيث بلغ عدد مستخدميها 194 مليون مستخدم وجاءت أمريكا بالمركز الثاني بـ 146 مليون مستخدم والبرازيل في المرتبة الثالثة بـ 123 مليون مستخدم واحتلت المكسيك المركز الرابع بـ 95 مليون مستخدم وفيتنام في المركز الخامس بـ 80 مليون مستخدم بينما حلت مصر في المرتبة الحادية عشرة (11) على مستوى العالم. في المرتبة الحادية عشرة (11) على مستوى العالم حيث بلغ عدد مستخدمي التطبيق في مصر 46 مليون مستخدم.
وحسب بيانات منصة "داتا بورتال (Data Portal) للبيانات الرقمية فقد بلغ عدد مستخدمي الإنترنت في مصر حتى يناير 2025 نحو 96.3 مليون مستخدم بنسبة انتشار 81.9% من السكان بينما بلغ عدد مستخدمي وسائل التواصل الاجتماعي في مصر حوالي 50.7 مليون مستخدم، ما يعادل 43.1% من إجمالي السكان في حين وصل عدد مستخدمي "تيك توك" في مصر (18 عاما فأكثر) إلى 41.3 مليون مستخدم، بينهم 64.2% ذكور و35.8% إناث، بزيادة 25.4% عن العام السابق.