القاهرة: اتفق عدد من العامين بالقطاع المصرفى على ضرورة أن تستعين البنوك بوسائل التواصل الاجتماعى ومحركات البحث المختلفة بالإضافة إلى شكاوى العملاء وتحليلها لكى تتمكن من تقديم المنتج الملائم للعميل وترفع معدلات رضائهم عن البنك بصورة عامة.
وأشاروا، خلال الجلسة الثانية من المؤتمر السنوى السابع الذى عقده المعهد المصرفى، إلى إن البنوك تعمل باستمرار على تأمين بيانات عملائها، مؤكدين أن التكنولوجيا الحديثة ستغير سلوك البنوك والعملاء فى البيع والدفع.
من جانبه قال محمد الأتربى، رئيس بنك مصر، إن استخدام التكنولوجيا الحديثة أوجد عددًا من التحديات الأمنية أمام البنوك، لاسيما فى ظل تطور الأدوات المالية المستخدمة فى الدفع، فى مقابل تطور قدرات المحاتلين وخبراتهم فى الاستيلاء على بيانات وأموال العملاء.
وطرح الأتربى عددًا من التساؤلات على المشاركين أهمها كيف يمكن للابتكار المالى أن يفيد الخدمات المصرفية ويجذب مزيدًا من العملاء للقطاع، خاصةً أن نحو 12% من إجمالى السكان فى مصر يتعاملون مع البنوك بما يشير إلى ضعف قاعدة عملاء البنوك فى السوق المحلية.
وأضاف تساؤلاً آخر فيما يتعلق بكيفية توفير التكنولوجيا الجديدة للتكلفة المالية التى يتحملها البنك دون أن يتعرض البنك والعميل لاختراق بياناته وأمواله، مع مراعاة التنوع الجغرافى للعملاء واهتماماتهم، بالإضافة إلى آلية جذب الهاتف المحمول للعملاء غير البنكيين وكيف يمكن للابتكار المالى أن يعزز عمل البنوك بصورة واضحة.
وأشار، رئيس بنك مصر، إلى إن البنوك تخصص جزءاً كبيراً من ميزانيتها لتأمين قواعد البيانات وأنظمة المعلومات، بما يقلل من مخاطر اختراق تلك الأنظمة. وأكد عاصم جلال، عضو مؤسس لمؤسسة «جلال آند كراوي» للاستشارات، أنه يجب على البنوك أن تستعد لمواجهة المنافسة التى فرضتها أدوات التكنولوجيا المبتكرة، وأبرزهما موقع الـ Pay Pal الذى قد يعتبر أبرز المنافسين لبعض أدوار البنوك لاسيما أنه يسمح للمستخدم بتحويل بريد إلكتروني»والبريد الإلكترونى لعناوين مختلفة، إلا أنه قد يكمل عمل البنوك عبر اشتراطه أن يكون المستخدمون لديهم «بطاقة المدين»بطاقة سحب أو «بطاقة ائتمان» ائتمان أو حساب «مصرف» بنكى.
وأشار إلى موقع آخر وهو الـ Kick starter الذى يعتبر موقعاً إلكترونياً متخصصاً فى تمويل المشروعات، مؤكداً أهمية استخدام التكنولوجيا الحديثة فى خدمة أهداف البنوك.
وأضاف أن مؤسسة بيل جيتس أجرت مسحاً على عدد غير المتعاملين مع البنوك وتوصلت إلى إن هناك 2.5 مليار مواطن لا يمتلكون حسابات بنكية، بما يجعل الأدوات التكنولوجية تعتبر الآلية الأقرب للوصول إليهم عبر استخدام الموبايل والانترنت بالإضافة إلى البطاقات الإلكترونية.
وقال إن استخدام كثير من المواطنين للعملة الافتراضية الـ«Big Coin» التى لا تتبع دولة معينة، مشيراً إلى أن كثيرًا من الدول تخشى انتشار تلك العملة، خاصةً أنها قد تستخدم فى عمليات غسيل الأموال. وأضاف أهمية أن تنتبه البنوك لاستخدام التكنولوجيا فى تحديد متطلبات العملاء وتوجيه المنتجات الملائمة لها، موضحاً أنها يمكنها الاعتماد على مواقع التواصل الاجتماعى ومحركات البحث.
والتقط علاء الجناجى، مسئول خدمات ما قبل البيع فى مؤسسة ساب الشرق الأوسط، أطراف الحديث قائلاً إن القطاع المصرفى يواجه بعض التحديات المتعلقة بالحفاظ على عملائه وتقديم الخدمات الملائمة لكل عميل بحيث يشعر أن المنتج يناسبه فقط دون غيره.
وأشار إلى أهمية الاستعانة بوسائل التواصل الاجتماعى Social Media ومحركات البحث، إلى جانب الشكاوى التى يرسلها العميل للبنك، بما يشكل قاعدة بيانات كبيرة Big Data لدى البنك تمكنه من تحليلها وتنقيتها لتقديم المنتج المناسب للعميل، بما يرفع مستوى رضاء العميل وتساعد البنك أيضاً على التعرف على مدى ربحية العميل للبنك سواء فى الوقت الحالى أو المستقبل.
وأكد ضرورة تطوير البنية التحتية للنظم الإلكترونية الخاصة بالقطاع المصرفى، حتى تكون قادرة على تحليل البيانات بصورة سريعة، لاسيما مع اختلاف توجهات العميل الذى لم يعد ولاؤه لبنكه كما هو الحال فى الماضى.
فيما شدد محمد الأتربى، رئيس بنك مصر، على ضرورة أن تراعى البنوك تلك العوامل المتغيرة فى سلوك العميل لاسيما فى ظل تهديد بعض الشركات للحصص السوقية للبنوك، بما يجعل الأخيرة تأخذ حيطتها بصورة أكبر خلال الفترة المقبلة.
وأشار شريف القصاص، أستاذ علوم وهندسة الحاسب الآلى بالجامعة الأمريكية فى القاهرة، إلى التقدم الواضح فى استخدام أدوات متطورة لاختراق الأنظمة التكنولوجية البنكية والصرافات الآلية ونقاط البيع والتى قد لا تقابلها آليات قوية لمواجهته، لافتاً إلى أن الجريمة الإلكترونية ستظل موجودة لوقت طويل.
وقال إن البنك المركزى أجرى عدداً من الخطوات المحمودة فى تنظيم ومراقبة أنظمة معلومات البنوك، إلى جانب تطبيق قواعد بازل التى تحد من مخاطر التكنولوجيا.
فيما أشار ريتو جرونينفيلدر، المسئول عن قسم التكنولوجيا بشركة IBM للخدمات المالية، إلى أهمية تحليل البيانات سواء للبنوك أو البورصة أو المؤسسات المالية الأخرى فى تطوير عملها لاسيما فى ظل ارتفاع عدد وحجم البيانات المتعلقة بتلك المؤسسات. وأكد أهمية إدارة البيانات الموجدودة عبر وسائل التواصل الاجتماعى، متوقعاً أن تتم كل العمليات المصرفية عبر الانترنت والتى قد تتسبب فى تغيير سلوك البيع للمؤسسات والعملاء.
واستطرد ماتيو سيديرو، مدير صندوق سند لتمويل المشروعات متناهية الصغر والصغيرة والمتوسطة ورئيس قسم تكنولوجيا المعلومات فى مؤسسة جى إم بى اتش، قائلاً إن الائتمان لا يوجه بصورة كبيرة للقطاع الخاص، خاصةً المشروعات الصغيرة والمتوسطة، لافتاً إلى إن البنوك لا تخاطب هذه الشريحة لأسباب تتعلق بالمخاطر، لاسيما عندما لا تتوافر الأدوات الخاصة بتحليل البيانات والميزانيات، بالإضافة إلى أن بعض التشريعات لا تسمح بإتاحة الخدمات المصرفية للشركات غير الرسمية. ولفت إلى امكانية تحقيق الشمول المالى عبر التوجه مباشرة للعميل فى مكانه بما يقلل من المخاطر المتعلقة بالعميل لاسيما أن موظف البنك يتأكد من الجدارة الائتمانية للعميل ويرى موقعه وحجم أعماله بما يسهل من توفير الائتمان.
وأشار إلى أن استخدام الأدوات التكنولوجية المبتكرة يمكنها جذب شرائح جديدة للقطاع، وتقديم خدماتها بصورة سريعة وذلك عبر كفاءة التواصل بين دوائر وإدارات البنوك، موضحاً أن صندوق «سند» يقدم الدعم الفنى لتعزيز الأداء المالى للمؤسسات وتقديم استشارات خاصة بالموبايل بانكنج والائتمان.
ولفت إلى تبنى اتحاد بنوك مصر دوراً مهماً لتعزيز التوعية المالية والمصرفية لغير المتعاملين مع البنوك بهدف جذبهم للقطاع المصرفى لاسيما أن قاعدة عملاء القطاع لا تتجاوز الـ 12 مليون عميل من إجمالى نحو 54 مليون مواطن لهم حق الانتخاب، مشيراً إلى أن الاتحاد يعكف حالياً على إطلاق حملة إعلامية لطمأنة المواطنين المتخوفين من التعامل مع البنوك. وقال إن الحكومة تولى أهمية كبيرة بدعم المشروعات الصغيرة والمتوسطة ويتمثل ذلك فى إنشاء شركة أيادى، وإطلاق مبادرة مشروعك فى منطقة الصعيد بما يساهم فى استقطاب السوق غير الرسمية التى تستحوذ على 50% كحد أدنى من إجمالى الناتج المحلى، كما يقوم البنك المركزى بدور حيوى فى الوصول لتلك الشرائح عبر القواعد الجديدة الخاصة بالفروع الصغيرة التى تمكن البنوك من التواجد فى مناطق جديدة لم تكن تنتشر بها من قبل.
وأيده عاصم جلال الذى أكد أن جميع البنوك ملتزمة ببتطبيق التشريعات الدولية الخاصة بتأمين المعلومات ومكافحة كافة المخاطر المتعلقة بالعمل المصرفى، إلا إنه يجب أن يكون هناك تشريعاً محلياً يضمن إلتزام كافة المؤسسات الأخرى بالضوابط التأمينية. ولفت إلى أن تأمين المعلومات يترتبط بثلاثة أبعاد أهمها البعد التقنى والتشريعى فضلاً عن بعد التوعية، مشيراً إلى أهمية تفعيل البعد الأخير فى استكمال منظومة التأمين، لاسيما أنه يعزز ثقافة العميل باستخدام كافة الأدوات والمنتجات المصرفية بصورة آمنة دون تعرضها للاحتيال أو السرقة.
المصدر: صحيفة المال