القاهرة: يدخل رئيس الوزراء المصري شريف إسماعيل امتحانا صعبا عندما يقف في أواخر الشهر الحالي أمام ما يقرب من 600 نائب في مجلس الشعب لعرض ملامح برنامج حكومته الاقتصادي وسط سلسلة من المشاكل الاقتصادية يتصدرها شح العملة الصعبة.
تولى إسماعيل (60 عاما) رئاسة الحكومة في سبتمبر أيلول الماضي ورغم مرور شهور على عمل حكومته فإن أحدث استطلاع للرأي الذي أجراه في ديسمبر كانون الأول مركز بصيرة للبحوث أظهر أن 13 بالمئة فقط من المصريين راضون عن أدائه فيما لم يستطع 62 بالمئة الحكم عليه.
وقالت حميدة لبيب التي يبلغ عمرها 52 عاما وتعمل بإحدى الوزارات "لا أعرف رئيس الوزراء الجديد ولا اسمه ولم أراه من قبل في التلفزيون. أنا أعرف إبراهيم محلب رئيس الوزراء السابق.
"لا يوجد تغيير في البلد مازالت الأسعار مرتفعة وهناك حديث في الصحف عن غلاء جديد قادم. مشكلة القمامة في كل مكان والشباب لا يجد فرص عمل."
وأضافت بمرارة "ليس لنا إلا الله."
وقال عدد من المسؤولين والوزراء الذين يعملون معه إنه شديد الانتباه والتركيز والحسم عمن سبقوه لكنه "صامت بشدة" ويسعى لتحريك الاقتصاد الراكد للأمام لكن أكبر مشاكله أمام مجلس النواب ستكون عدم شعبيته "لأنك إذا عرضت صورته على معظم المصريين لن يتعرفوا عليه بسهولة."
ومن المنتظر أن يلقي إسماعيل برنامج الحكومة أمام مجلس الشعب في 27 فبراير شباط على أن يصوت المجلس على البرنامج خلال الأسابيع القليلة المقبلة سواء بالموافقة أو التعديل أو الرفض بعد دراسته بشكل تفصيلي.
وفي محاولة للخروج من صورة "الرجل الصامت" عقد اسماعيل عددا من اللقاءات مع رؤساء تحرير صحف مصرية وعدد من النواب في محاولة لعرض برنامجه عليهم وكسبهم لصفه قبل الوقوف رسميا أمام مجلس النواب.
وقال مستشار اقتصادي في الحكومة "إسماعيل له رؤية اقتصادية واضحة ولكن لا تستطيع أن تعرف رؤيته السياسية. لم يجتمع بأي من الأحزاب السياسية في مصر وهذا قد يهدد مستقبله الوظيفي."
وتابع المستشار "رئيس الوزراء كان له دور في تغيير محافظ البنك المركزي الأسبق بعد كثرة خلافاته مع المجموعة الوزارية الاقتصادية وتفاقم أزمة الدولار. وكان له دور رئيسي في عودة المجلس التنسيقي بالبنك المركزي. يعمل من خلال وزاراته الاقتصادية على تخفيف الاستيراد وتوفير الدولار من خلال القروض وزيادة الصادرات حتى تستعيد السياحة عافيتها."
وأعلن في أكتوبر تشرين الأول عن تعيين طارق عامر محافظا للمركزي المصري بدلا من هشام رامز.
لكن أحمد شيحة رئيس شعبة المستوردين باتحاد الغرف التجارية قال "رئيس الوزراء رجل غير اقتصادي ويعتمد على المجموعة الاقتصادية الوزارية في كل ما يخص الاقتصاد الوطني.
"لم نجد أي مساعدة منه كمستوردين أو حتى من حكومته بل على العكس نشعر بالاضطهاد. معظم القرارات التي خرجت من حكومته وتؤثر علينا غير مدروسة وعشوائية وخرجت لصالح مجموعة من المحتكرين."
واشتدت في الآونة الأخيرة أزمة شح العملة الصعبة في مصر بعد أن تجاوز سعر الدولار في السوق السوداء تسعة جنيهات هذا الاسبوع للمرة الأولى وسط تهافت على شرائه.
وقال مسؤول مالي رفيع في الحكومة المصرية لرويترز مشترطا عدم الكشف عن اسمه "إسماعيل يعمل على توفير سريع للدولار من خلال القروض الدولية والمساعدات الخليجية ومساعدات القوات المسلحة إلى جانب العمل على تنشيط الاقتصاد من خلال مشروعات البنية التحتية والمشروعات القومية للرئيس السيسي وسينجح في ذلك بإذن الله."
ولم يكشف المسؤول عن طبيعة مساعدات القوات المسلحة ولكن ما هو ظاهر أمام الجميع المساعدات في جميع المشروعات الكبرى في مصر بجانب العمل على توفير السلع الغذائية للمواطنين بأسعار مخفضة.
وقال وزير بترول سابق لرويترز شريطة عدم الكشف عن اسمه "إسماعيل يعمل دائما في صمت انظر لبدايته في وزارة البترول ستجده يطبقها حرفيا مع التوسع في مجلس الوزراء. يرتب البيت أولا ثم يواجه جميع المشكلات ويعمل على حلها. في البترول اعتمد على الاقتراض لسداد مستحقات الأجانب وتوفير العملة الصعبة لشراء احتياجات البلاد من الطاقة."
وقال أحد وزراء المجموعة الاقتصادية الحالية لرويترز مشترطا عدم الكشف عن اسمه لحساسية موقفه "رئيس الوزراء مهتم جدا بجميع تفاصيل المشروعات التي تعرض عليه ولا تنسى أنه أعاد تشكيل المجموعة الاقتصادية ليزيد عدد وزرائها ويساعدنا دائما في حل أي مشكلات تواجهنا."
وتابع الوزير "لا يعيبه (شريف إسماعيل) أنه لا يظهر في الإعلام المهم أنه يعمل بجدية تامة لخدمة البلد لابد أن يكون هذا هو معيار الحكم لدى الجميع وليس الظهور في الإعلام."
المصدر: رويترز