توقع 6 محللين ومصرفيين للشرق، لجوء البنك المركزي إلى رفع الاحتياطي النقدي الإلزامي على البنوك المصرية بنسبة قد تصل إلى 6% كإحدى الأدوات المتاحة في يد السياسة النقدية لسحب السيولة بهدف كبح جماح التضخم.
يعد الاحتياطي الإلزامي، إلى جانب دوره الرئيسي في استقرار النشاط المصرفي والحفاظ على ودائع العملاء، إحدى الأدوات التي تلجأ البنوك المركزية استثنائياً إليها للتحكم في السيولة بالسوق دون الحاجة لرفع أسعار الفائدة لتحجيم التضخم.
بحسب المحللين والمصرفيين، فإن زيادة الاحتياطي الإلزامي قد يتزامن مع قرار رفع سعر الفائدة على الإقراض والودائع بهدف تحقيق تأثير مزدوج لمواجهة التضخم، والسيطرة على زيادة أسعار السلع، مؤكدين على أهمية تفعيل كافة الأدوات المتاحة في يد السياسة النقدية لمواجهة الأزمة الراهنة.
رفع المركزي المصري نسبة الاحتياطي النقدي الإلزامي على الودائع في البنوك بنسبة 4% في سبتمبر 2022 ليرتفع من 14% إلى 18%.
تبلغ أسعار الفائدة حالياً 19.25% للإيداع و20.25% للإقراض، بينما يبلغ سعر الفائدة الحقيقي في مصر، أي معدل الفائدة الاسمي مطروحاً منه معدل التضخم، سالب 14.45% وفق أحدث البيانات المصرفية.
تعيش مصر أزمة اقتصادية صعبة، تفاقمها التوترات الجيوسياسية في المنطقة، إلى جانب شح شديد في السيولة الدولارية لديها بسبب تراجع تحويلات العاملين في الخارج، وإيرادات السياحة، وقناة السويس، والصادرات. يبلغ سعر الصرف الرسمي 30.9 جنيه للدولار في البنوك، بينما تجاوز السعر في السوق السوداء مستوى 60 جنيهاً.
قال هاني جنينة، كبير الاقتصاديين في "كايرو كابيتال" إن البنك المركزي قد يلجأ إلى رفع الاحتياطي النقدي الإلزامي على البنوك بنسبة 6%، ليسجل الإجمالي 24%، وذلك بالتزامن مع قراره أيضاً برفع سعر الفائدة سواء في اجتماعه المقبل أو اجتماع استثنائي باعتبارهما أداتين متاحتين في يده للسيطرة على التضخم من خلال سحب السيولة من البنوك والسوق.
أضاف أن التكلفة المرتفعة التي ستتحملها البنوك سيتم تعويضها من خلال زيادة سعر الفائدة على بعض قروض الشركات والأفراد لتعويض التكلفة المسحوبة منها.
رفع البنك المركزي سعر الفائدة بنسبة 11% على 6 مرات خلال آخر عامين منها 8% على 4 مرات في 2022، قبل أن يرفعها 3% على مرتين في 2023، ليصل مستواها لديه حالياً 19.25% للإيداع و20.25% للإقراض بهدف مواجهة الضغوط التضخمية.
سجل المعدل السنوي للتضخم رقماً قياسياً خلال العام الماضي قبل أن يتباطأ خلال شهر ديسمبر الماضي ليسجل 33.7% على مستوى المدن، ولكن لا يزال بعيداً عن مستهدفات البنك المركزي عند 7% بزيادة 2% خلال الربع الأخير من 2024.
من جانبه، رجح محمود نجلة، المدير التنفيذي لأسواق النقد والدخل الثابت في شركة الأهلي للاستثمارات المالية، زيادة الحد الإلزامي للبنوك بنسبة تصل إلى 6% خلال الفترة المقبلة، على أن يحدث ذلك بالتزامن مع رفع سعر الفائدة بما يساعد في زيادة تشديد السياسة النقدية، بهدف تقليل السيولة سواء داخل القطاع المصرفي أو في المتداول منها بالأسواق.
وهو ما اتفق عليه رئيسا إدارة المعاملات الدولية والخزانة في بنك حكومي وببنك خاص طلبا عدم ذكر اسميهما، حيث أكدا أن البنك المركزي قد يتجه إلى رفع نسبة الاحتياطي الإلزامي على البنوك بهدف تقليل الخسائر التي يتعرض لها، بجانب سحب السيولة من البنوك، حيث يعد ذلك إحدى أدوات السياسة النقدية التي يستخدمها "المركزي" لمواجهة التضخم وقد يكون بديلاً لرفع الفائدة المرتبط بـ"الكوريدور".
أما طارق متولي الخبير المصرفي، فيرى أن الاحتياطي الإلزامي ليس بديلاً لرفع الفائدة فكلاهما من أدوات السياسة النقدية للسيطرة على التضخم حيث الأزمة الاقتصادية التي تعاني منها البلاد تحتاج إلى تفعيل كافة أدوات السياسة النقدية في يد المركزي.
أضاف هاني جنينة، أن رفع نسبة الاحتياطي الإلزامي على البنوك لن يكون في صالح الحكومة وسيؤدي إلى زيادة عجز الموازنة بسبب رفع البنوك طلباتها بزيادة سعر الفائدة في العطاءات الدورية لأذون وسندات الخزانة وخاصة نسبة تكلفة الفائدة على أدوات الدين الحكومية 2% فوق سعر الإيداع لدى البنك المركزي بما يعكس حجم العبء على الموازنة العامة.
سجلت الميزانية العامة لمصر عجزاً كلياً بنسبة 4.95% من الناتج المحلي الإجمالي في النصف الأول من السنة المالية 2023-2024، فيما رفعت وزارة المالية النسبة المستهدفة لعجز الموازنة العامة للدولة إلى 7.5% خلال السنة المالية الحالية من توقعات سابقة عند 7%.