آراب فاينانس: طالب خبراء اقتصاديون، ومتخصصون في مجال الهجرة، الحكومة بضرورة الاستفادة من تحويلات العاملين المصريين بالخارج خاصة أنها تعد أكبر مصدر للنقد الأجنبي في مصر قبل إيرادات كل من السياحة وقناة السويس بميزان المدفوعات مع مراعاة دمج هذه الأموال داخل الاقتصاد المصري من خلال استثمارها بدلا من إنفاق معظمها إنفاقًا استهلاكيًا.
وقالت الدكتورة دينا عبد الفتاح، رئيسة قسم الاقتصاد بالجامعة الأمريكية بالقاهرة، إن أحدث تقرير حكومي رسمي يشير إلى أن تحويلات المصريين بالخارج، بلغت 24 مليار دولار خلال عام 2023 مقارنة بـ 31 مليار دولار في عام 2021 متسائلة، هل سيتواصل الانخفاض خلال الفترة المقبلة أم سنرى ارتفاعًا أو ثباتًا على الأقل في تحويلات المصريين بالخارج خلال عام 2024؟
توقعات بارتفاع تحويلات المصريين بالخارج بعد استقرار سعر الصرف
وأضافت رئيسة قسم الاقتصاد بالجامعة الأمريكية بالقاهرة، في تصريحات حصرية لـ آراب فاينانس أنه مع ارتفاع سعر الفائدة، وسد الفجوة في سعر الصرف بين السوق الرسمية، والسوق الموازية، للعملة الأجنبية نظريًا يمكن أن نرى ارتفاع في قيمة تحويلات المصريين بالخارج.
وشددت عبد الفتاح، على ضرورة ألا تتعامل الحكومة مع المهاجر المصري كماكينة تضخ العملة الأجنبية بل يجب تشجيع المهاجرين والعاملين بالخارج على الاستثمار بالسوق المحلية مشيرة إلى أنه كانت هناك محاولات لتشجيع المصريين على الاستثمار داخل مصر لكنها كانت محاولات ركزت على الاستثمار في مجال العقارات كما كانت هناك محاولات من البورصة المصرية لتشجيعهم على الاستثمار بها وكذلك الاستثمار في الصناديق الادخارية لكن وجود سوق موازية للعملة في السابق كان أقوى من أي مغريات لهذا النوع من الاستثمار.
وأوضحت الخبيرة الاقتصادية أن ما يعوق دمج هذه الأموال في السوق المصرية هو أن المهاجر المصري أصبح لا يثق في استقرار الاقتصاد المصري، وأنه لا يرى تغيير حقيقي يضمن له تحقيق عائد على ذلك الاستثمار بالإضافة إلى اللغة المستخدمة مع المصريين بالخارج والتي ترسخ للفكرة المشار إليها وهى التعامل مع المصري بالخارج كماكينة صراف دوره إرسال النقود والعملات الأجنبية إلى مصر ولا شئ أكثر.
بناء الثقة بين المهاجر ووطنه
عبد الفتاح أوصت في ختام تصريحاتها لـ آراب فاينانس بضرورة التواصل مع المصريين بالخارج وتأكيد فكرة المنفعة المتبادلة للمهاجر أولًا ولبلد المنشأ وبلد المقصد، وهو ما يعرف بـ triple win مع فهم التحديات التي يواجهها المصريين في الخارج بصفة عامة، والعمل على مواجهة التحديات مما يؤدي إلى توطيد العلاقة بين المصري بالخارج، ووطنه مشيرة إلى أن الاستقرار الاقتصادي سيؤدي في النهاية إلى ارتفاع محتمل في تحويلات المصريين بالخارج لكن هنا يوجد إشكالية تتعلق بأن معظم إنفاق هذه التحويلات هو إنفاق استهلاكي، ولا يستهدف الادخار أو الاستثمار، وأنه مع استمرار صعوبة العيش، وارتفاع الأسعار، يستمر الإنفاق الاستهلاكي لتحويلات المصريين بالخارج، ولذلك لابد، وقبل تحديد الاستفادة من أموال المصريين بالخارج، لابد من من النظر بعين الاعتبار لتعظيم الاستفادة من خبرات، ومهارات المصريين بالخارج، مما يؤدي إلى بناء الثقة بين المهاجرين ووطنهم، وهو ما قد يؤدي إلى ارتفاع تحويلاتهم، وإسهامها في المدخرات، والاستثمار.
ومن جانبه قال الدكتور أيمن زهري، الرئيس المؤسس للجمعية المصرية لدراسات الهجرة والأستاذ في دراسات الهجرة بالجامعة الأمريكية بالقاهرة، إن القضاء على السوق الموازية ووجود سعر صرف موحد حاليًا، واستقرار الجهاز المصرفي، سيساهم في زيادة تحويلات المصريين بالخارج، خلال الفترة المقبلة لكن الأزمة أن 15 % فقط من هذه الأموال، يستخدم في الاستثمار، والادخار، حتى وإن كان يستخدم في مشروعات غير كثيفة العمالة في حين يستخدم نحو 85% من هذه التحويلات في الإنفاق على المعيشة من مسكن ومأكل وملبس نتيجة ارتفاع معدلات الفقر في مصر مشيرا إلى أن تحويلات المصريين بالخارج هى الأعلى في ميزان المدفوعات المصري، حيث تمثل تحويلات المصريين بالخارج، نحو 5 أضعاف إيرادات السياحة، وأضعاف إيرادات قناة السويس لذلك فهو مورد هام للغاية، ودمجه في الاقتصاد المصري أمر حيوي.
الاستفادة من تحويلات المصريين في مشروعات متوسطة وصغيرة
ويوضح زهري، أن الكثير من المهاجرين لا يعلمون أن الدولة شرعت قانون يتعامل مع تحويلات المصريين بالخارج معاملة المستثمرين، وهو قانون الاستثمار رقم 111 لسنة 1983 لافتًا إلى ضرورة تصميم برامج مستقبلية للتعامل مع تحويلات المصريين بالخارج في مشروعات متوسطة، وصغيرة، تسهم في التنمية الاقتصادية.
يذكر أن وجود سعرين للصرف في مصر إحداهما للسوق المصرفية والآخر للسوق الموازية ساهم في توجه الكثير من إيرادات تحويلات المصريين بالخارج، إلى السوق الموازية، نظرا لارتفاع سعر الصرف للعملة الأجنبية بها قبل أن يتخذ البنك المركزي قرارًا بالتعويم أدى إلى تحجيم هذه السوق.
وكان البنك المركزي المصري، قد قرر السماح بتحديد سعر صرف الجنيه، وفق آليات السوق، إلى جانب تطبيق زيادة قوية على أسعار الفائدة بنحو 6% دفعة واحدة، ، فضلا عن رفع سعر الائتمان، والخصم بواقع 600 نقطة، وذكر البنك المركزي، أنّ توحيد سعر الصرف يأتي في إطار حرصه على تحقيق الدور المنوط به، بحماية متطلبات التنمية المستدامة، والمساهمة في القضاء على تراكم الطلب، على النقد الأجنبي، في أعقاب إغلاق الفجوة بين سعر صرف السوق الرسمية والموازية.
ونوه المركزي المصري، إلى أنّ القضاء على السوق الموازية للصرف الأجنبي، يؤدي إلى كبح جماح التضخم، عقب الانحسار التدريجي للضغوط التضخمية، المقترنة بتوحيد سعر الصرف.