آراب فاينانس: قال الدكتور مصطفى مدبولي، رئيس مجلس الوزراء، إن مصر سعت خلال الفترة الماضية إلى مواجهة الأزمة العالمية من خلال إجراءات اقتصادية إصلاحية لخفض معدلات التضخم بالتوازي مع دعم قدرات القطاع الخاص.
وأضاف مدبولي، خلال الملتقى الأول لـ بنك التنمية الجديد الذي عقد اليوم الثلاثاء بالعاصمة الإدارية الجديدة تحت شعار استكشاف آفاق جديدة والتي ألقاها نيابة عن الرئيس عبد الفتاح السيسي رئيس الجمهورية أنه نتيجة هذه الإجراءات الاقتصادية الإصلاحية عدلت مؤسسات التصنيف الدولية تصنيف مصر من مستقرة إلى إيجابية كما انتقلت مصر إلى سعر صرف مرن، واتخذت الحكومة توجه منفتح تجاه كافة الدول دون تمييز أو تفضيل لافتا إلى أنه لا يمكن اعتبار بنك التنمية الجديد موجه ضد جهة بعينها مشددا على أن إنشاء بنك التنمية الجديد ضرورة حتمية لمعالجة القصور الحالي حيث جاء هذا المؤتمر في توقيت يتسم بعدم نجاح النظام الدولي الحالي بآلياته القديمة.
التطلع نحو شراكات اقتصادية
وأوضح مدبولي، أن مصر تتطلع لحوار فعال من أجل الشراكات الاقتصادية بين جنوب - جنوب خاصة مع دول البريكس+ كما نتطلع للخطط المستقبلية للبنك لتعزيز التعامل بالعملة المحلية.
واختتم رئيس الوزراء كلمته قائلا: إن تواجد ثلاثة من أكبر منتجي الحبوب حول العالم سيعزز من الأمن الغذائي العالمي مشيرا إلى تطلع مصر لتدشين أول مكتب إقليمي لبنك التنمية الجديد بالعاصمة الإدارية في مصر.
مفاوضات بين مصر وبنك التنمية الجديد
ومن جانبه قال الدكتور محمد معيط، وزير المالية، ومحافظ مصر لدى بنك التنمية الجديد إن مصر تجري مفاوضات حاليا مع بنك التنمية الجديد للحصول على تمويل بقيمة مليار دولار لمشروعات في مجال البنية التحتية والطاقة المتجددة والصحة وهى من المشروعات التي يستهدف البنك تمويلها ومن المتوقع الحصول على هذا التمويل قبل نهاية عام 2024.
وأضاف معيط في تصريحات حصرية لـ آراب فاينانس على هامش أول ملتقى لـ بنك التنمية الجديد في مصر أن مصر تعد من أكبر الدول التي لها حصة في بنك التنمية الجديد من حيث رأس المال بعد دول البريكس المؤسسة للبنك وهى لم تحصل منذ انضمامها من عامين لعضوية البنك على أي تمويل من قبل من بنك التنمية الجديد وأنه من حقها الحصول على تمويلات من البنك.
سندات بالدرهم الإماراتي والريال السعودي
وتابع معيط، أن الحكومة تتطلع لإصدار سندات بالدرهم الإماراتي خلال الفترة المقبلة بالتعاون مع دولة الإمارات الشقيقة وكذلك سندات بالريال السعودي مع المملكة العربية السعودية كنوع من التنويع والتعاون مع الدول العربية الشقيقة مثلما تم إصدار سندات بعملات اليابان والصين وأوروبا مؤخرا.
وأضاف وزير المالية، أن 27% من محفظة بنك التنمية الجديد بالعملات المحلية وبالتالي هناك إمكانية لرد مبالغ التمويل التي يحصل عليها الأعضاء من البنك بالدولار بالعملات المحلية للدولة العضو.
وحول معدلات النمو الحالية خلال العام الجاري قال معيط إنها تتراوح من 2.9 الى 3% ومستهدف بالموازنة الجديدة أن تصل إلى 4.2% خلال عام 2025.
وأوضح وزير المالية، أن مصر واجهت تحديات عديدة وتستكشف آفاق جديدة لتعزيز التنمية والازدهار الاقتصادي مع بنك التنمية الجديد كشريك لتحقيق أجندة مصر التنموية مشيرا إلى أن تعاون مصر مع بنك التنمية الجديد يؤكد مرونة الاقتصاد المصري وقدرته على مواجهة الصدمات منوها بان تركيز مصر ينصب حاليا على استمرار الاستقرار الاقتصادي مع تعزيز دور القطاع الخاص خلال الفترة المقبلة.
وشدد وزير المالية، على أن مصر ملتزمة بتسخير قوة التكنولوجيا بهدف التحول الرقمي وتعزيز ريادة الأعمال عبر اقتصاد قائم على المعرفة فضلا عن تعزيز تكامل مصر مع الدول المجاورة وبالأخص دول القارة الإفريقية جنوب إفريقيا وإثيوبيا وذلك للاستفادة من نقاط قوتنا المشتركة.
توطيد العلاقات الاقتصادية مع البنك وتجمع بريكس
وخلال كلمتها بالملتقى قالت الدكتورة رانيا المشاط وزيرة التعاون الدولي إن ملتقى بنك التنمية الجديد، الذي تشرُف وزارة التعاون الدولي، بتنظيمه مع البنك، يعتبر الملتقى الأول الذي يُعقد خارج الدول المؤسسة للبنك، كما أنه يعد تكليلاً لجهود حثيثة بدأت منذ أكثر من عام، عندما شاركت مصر في اجتماع مجلس مُحافظي البنك في شنجهاي بعد قبول عضويتها رسميًا عام 2023، حيث تم وضع اللبنة الأولي لهذا الملتقى، الذي يُعقد تحت رعاية من الرئيس عبدالفتاح السيسي رئيس الجمهورية، وهو ما يؤكد دعمه لجهود توطيد العلاقات الاقتصادية مع بنك التنمية الجديد وتجمع بريكس.
وأكدت المشاط، أن هذا الملتقى ينعقد في توقيت بالغ الأهمية، حيث يأتي بعد الزيارة الرئاسية التي قام بها الرئيس عبدالفتاح السيسي، لجمهورية الصين الشعبية خلال الشهر الماضي، وكذلك مشاركة مصر في القمة الكورية الأفريقية، والاجتماعات السنوية للمؤسسات والهيئات المالية العربية في مصر، واجتماعات مؤسسة التمويل الدولية التي استضافتها القاهرة، كما أنه يأتي قبيل انعقاد مؤتمر الاستثمار مع الاتحاد الأوروبي نهاية الشهر الجاري، ليعكس التعددية التي تتميز بها سياسة مصر الخارجية وتنوع العلاقات الاقتصادية مع شركاء لتنمية .
فتح آفاق جديدة للتعاون
وأشارت وزيرة التعاون الدولي إلى أن الأوضاع الاقتصادية والجيوسياسية الاستثنائية التي تواجهها اقتصاديات الدول النامية والناشئة التي تعاني جراء الأزمات العالمية المتلاحقة، وكذلك عدم قدرة المنظومة الحالية لبنوك التنمية متعددة الأطراف على الوفاء بطموحات تلك الدول، تُعزز من أهمية انعقاد هذا الملتقى لفتح آفاق جديدة للتعاون الإنمائي الفعال.
وذكرت وزيرة التعاون الدولي، أن ملتقي بنك التنمية الجديد يمثل فرصة سانحة للخروج بأفكار تساهم في صياغة رؤية بنك التنمية الجديد، في إطار مجموعة بنوك التنمية متعددة الأطراف مثل التوسع في التعامل بالعملات الوطنية، أو زيادة استخدام آليات مبادلة الديون لمواجهة تغير المناخ، وتسهيل وصول القطاع الخاص إلي التمويلات الميسرة.
وقالت وزيرة التعاون الدولي "لقد تابعتُ بحرص بالغ ترأس بنك التنمية الجديد، لاجتماع رؤساء بنوك التنمية متعددة الأطراف، والذي عُقد على هامش اجتماعات الربيع في أبريل 2023 بواشنطن. وفي هذا الإطار أؤكد اتفاقي التام مع ما ذكرته السيدة ديلما روسيف في كلمتها الافتتاحية حول الحاجة الملحة إلى تطوير عمل بنوك التنمية متعددة الأطراف لمواجهة متطلبات التنمية، وأهمية دعم آلية التعاون والتنسيق بين تلك البنوك بما يعظم من الجهود المبذولة لمواجهة التحديات، وفي هذا الصدد فإن بنك التنمية الجديد يمكن أن يقوم بدور كبير لكي يحمل صوت الجنوب إلى باقي شركاء التنمية الدوليين".
وأكدت أن الدول الناشئة تعقد طموحات كبيرة على الشراكة مع بنك التنمية الجديد لتسريع وتيرة التنمية المستدامة خصوصًا مع تزايد الاهتمام العالمي بتسريع التحول نحو مسارات تنمية منخفضة الانبعاثات،وارتفاع الفجوة التمويلية للاستثمارات المناخية المطلوبة عالميا التي تُقدر بنحو 4.5 تريليون دولار سنوياً بحلول عام 2030، والحاجة الملحة إلى التمويل العادل والتكنولوجيا.
ونوهت بأن المنصة الوطنية لبرنامج نُوَفِّــي التي تم إطلاقها كمبادرة رئاسية خلال مؤتمر المناخ COP27 تُعد تطبيقاً عملياً لمبادئ التمويل العادل وتمثل نموذجاً فعالاً لتعظيم الاستفادة من الموارد الإنمائية والتمويلات الميسرة للتعامل مع قضايا التكيف والصمود والتخفيف أمام التغيرات المناخية وتنفيذ التعهدات، خصوصاً على صعيد القارة الأفريقية، كما أنها تعتبر نموذجًا قابلًا للتكرار في دول الجنوب . فضلا عن كون المنصة تمثل انعكاساً لحرص مصر على تعزيز العلاقة الوطيدة بين التنمية والعمل المناخي.
تطور إيجابي
وقالت المشاط إن انضمام مصر وعدد كبير من الاقتصادات الناشئة للبنك، يمثل تطورًا إيجابيًا ليس فقط على القدرات التمويلية للبنك، بل سيعمل على دعم توسيع البنك لعملياته في دول الجنوب لاسيما في الشرق الأوسط وشمال إفريقيا.
ولفتت إلى أنه في ضوء الموقع الاستراتيجي والحضور المتميز الذي تتمتع به مصر في تلك المنطقة، فإن مصر تسعى للقيام بلعب دور محوري لتكامل الجهود بين البنك ودول المنطقة في تحقيق التنمية المستدامة والشاملة، في إطار حرص مصر على أن تتميز فترة رئاستها للنيباد حتى عام 2025 بتعزيز التعاون البيني بين الدول الافريقية، خصوصًا فيما يتعلق بتبادل الخبرات بين دول القارة على كافة المستويات وفي مختلف المجالات.
واختتمت كلمتها بالتأكيد على أن المجالات التنموية ذات الأولوية لبنك التنمية الجديد والتي تتمثل في الطاقة النظيفة، النقل، المياه، البنية التحتية، الصحة والتعليم، تكنولوجيا المعلومات تتقاطع وتتكامل مع رؤية مصر 2030 ومع مبادرتي الحزام والطريق والتنمية العالمية (GDI) التي أطلقتهما الصين.
وتابعت: "قد شرُفت بالتوقيع على مذكرة تفاهم انضمام مصر لمبادرة التنمية العالمية في يوليو 2023، وهو ما يمثل فرصة مناسبة للتباحث حول آليات تدشين وتعزيز شراكات تنموية بين مصر وكل من بنك التنمية الجديد والجانب الصيني وكذلك البنك الآسيوي للاستثمار في البنية التحتية لتنفيذ عدد من المشروعات بتمويلات تنموية ميسرة، بالإضافة إلى نقل الخبرات".
محفزات جاذبة للمستثمرين
من جانبه أكد حسام هيبة، رئيس الهيئة العامة للاستثمار والمناطق الحرة، أن الدولة تعكف منذ فترة طويلة على اصلاح النظام الاقتصادي والاستثماري، بحيث يتم اتاحة وتهيئة المناخ الاستثماري لجذب مزيد من الاستثمارات للاقتصاد المصري، حيث أن الجهود التي قامت بها الهيئة العامة للاستثمار والمناطق الحرة ركزت على تقليل الفترة المطلوبة لدخول المستثمر للسوق المصري، وذلك من خلال تقليل الاجراءات والاعتماد على التكنولوجيا والرقمنة وتقديم محفزات جاذبة للمستثمرين.
ولفت إلى أن التسهيل على المستثمر الأجنبي يتم بالتوازي مع تهيئة المناخ وتحفيز المستثمر المحلي، فبدون المستثمر المحلي لن يكون هناك مستثمر أجنبي، وهناك قطاعات محددة تستهدف الدولة تنميتها بهدف دعم معدلات النمو المحلي، ومنها الصناعة والطاقة الخضراء والتكنولوجيا والاتصالات والزراعة والوجيستيات والرعاية الصحية، وهي القطاعات 4الرئيسية التي يتم التركيز على دعمها حاليا.
جذب الشركات الأجنبية
وأكد ان هناك استراتيجية عمل تستهدف جذب شركات أجنبية للتواجد في مصر، والتعاون مع شركاء التنمية في الشمال والجنوب، فالدولة تعمل على كافة المستويات والأصعدة وفي كافة المجالات بالتعاون مع مجتمع الأعمال، وهو ما يقوم به القطاع العام والخاص والغرف التجارية المشتركة بين مصر والدول الأخرى.
التمويل المستدام
ومن جانبه قال الدكتور محمد فريد، رئيس الهيئة العامة للرقابة المالية، إن الهيئة تنظر إلى التمويل المستدام من منظور أشمل كأحد العناصر الأساسية لتحقيق أهداف التنمية المستدامة، مؤكداً أن توفير بيئة مواتية محلية وتعزيز الشراكات الاستراتيجية مع المؤسسات التنموية الدولية، محاور أساسية لتسهيل الوصول والحصول على التمويل الميسر الذي يخدم أهداف التنمية المستدامة من أجل حياة أفضل ترضي وتناسب الجميع.
وتابع أنه وفي هذا السياق تتحرك الهيئة العامة للرقابة المالية في 3 مسارات عمل متكاملة لدعم جهود توفير التمويل المستدام المراعي للأبعاد البيئية، وتغير المناخ، وهى تطوير أول سوق أفريقي طوعي لتداول شهادات خفض الانبعاثات الكربونية -تطوير عملية إتاحة وتحليل البيانات لاتخاذ قرارات مستنيرة للجهات الرقابية والتنظيمية تساعد المؤسسات المختلفة على تحقيق أهداف التنمية المستدامة -والمسار الثالث هو تطوير وإتاحة حلول تمويلية مبتكرة تراعي الاعتبارات البيئية كالتعديلات التي تمت على اللائحة التنفيذية لقانون سوق رأس المال بتوفير أنواع متنوعة من السندات لتمويل المشروعات المختلفة).
وأردف الدكتور فريد قائلاً بشكل مفصل، إن الإطار التنفيذي والتنظيمي لسوق تداول شهادات خفض الانبعاثات الكربونية اكتمل وندعو القطاع الخاص للانخراط بشكل أكثر لاستكشاف فرص الاستفادة من السوق الجديد للتوافق مع المعايير والاشتراطات العالمية لخفض الانبعاثات الكربونية، مؤكداً أن السوق الجديد يعد بمثابة محفز للشركات لأنه يوفر آلية لتعويض جزء من تكلفة مشروع خفض الانبعاثات الكربونية، وهو الأمر الذي يتسق مع رؤية الحكومة بتحقيق التنمية المستدامة والتحول لاقتصاد أقل انبعاثاً للكربون.
وفيما يتعلق بالمسار الثاني أكد أن تجميع وبناء قاعدة بيانات وتحليلها يعد مسألة جوهرية في العمل نحو صياغة سياسات وحلول واتخاذ قرارات لتعزيز انخراط الشركات في الأنشطة المراعية للاعتبارات البيئية وأهداف التنمية المستدامة وعلى وجه التحديد الإفصاحات المختلفة بشأن هذه الجهود ونتائجها لقياسها وتقييمها وإدارتها على نحو أكثر كفاءة.
وفيما يتعلق بالمسار الثالث أكد الدكتور فريد، أن تطوير وإتاحة حلول تمويلية مبتكرة يحفز الشركات والمؤسسات المختلفة على الانخراط بشكل أكبر في مشروعات تراعي كافة الأبعاد البيئية والاجتماعية، مشيراً في هذا الصدد إلى التعديلات التي طرأت على اللائحة التنفيذية لقانون سوق رأس المال واستحداث سندات زرقاء وخضراء وأنواع أخرى كأدوات تمويل تستخدمها الشركات لتمويل توسعاتها وفق أهداف تراعي الاعتبارات البيئية والاجتماعية وأهداف التنمية المستدامة.
مصر محورا عالميا لنقل الكهرباء والطاقة والبيانات
من ناحيته قال أنيل كيشورا، نائب الرئيس والمدير التنفيذي لبنك التنمية الجديد، إن البنك ملتزم بالدعم المقدم لأعضائه للوصول لأفضل مستوى، ومنها مصر التي انضمت مؤخرًا للبنك، مشيرًا إلى أن مصر تمتلك عدد من المقومات تضعها في مصاف الدول المرشحة لتحقيق أفضل معدلات نمو.
وأكد كيشورا على أن مصر لديها موقع استراتيجي، يسمح لها بأن تكون في محور نقل الكهرباء والطاقة والبيانات بين كافة أنحاء العالم، مشيرًا إلى أن مصر تتمتع بجو مشمس طوال العام وبمناخ معتدل وبمناخ مميز جدًا يسمح لها أن تكون وجهة سياحية جاذبة لانواع مختلفة من السياحة.
يذكر أن بنك التنمية الجديد يعد أحد بنوك التنمية متعددة الأطراف أسسته البرازيل وروسيا والهند والصين وجنوب إفريقيا (دول مجموعة البريكس) في عام 2015 وتم تأسيس بنك التنمية الجديد ليكون بنك تنمية عالمي متعدد الأطراف وعضويته مفتوحة أمام كافة الدول الأعضاء في الأمم المتحدة.
ويستهدف البنك حشد الموارد لمشروعات البنية التحتية والتنمية المستدامة واستكمال جهود المؤسسات المالية متعددة الأطراف لدفع التنمية العالمية والإقليمية ودعم النمو.