تدفق ملحوظ للاستثمارات التركية.. ما تأثير ذلك على الاقتصاد المصري؟

أخر تحديث 2025/01/23 12:10:00 م
تدفق ملحوظ للاستثمارات التركية.. ما تأثير ذلك على الاقتصاد المصري؟

آراب فاينانس: تشهد العلاقات المصرية التركية حاليًا نشاطًا وتطورا ملحوظًا خاصة على الصعيد الاقتصادي إذ تعمل في مصر 1700 شركة تركية بحجم استثمارات يقدر بأكثر من 3 مليارات دولار، منها 200 مصنع في صناعات الغزل والنسيج والملابس والكيماويات، وذلك وفق بيان صادر عن مجلس الأعمال المصري التركي.

وتتوقع مصر جذب استثمارات أجنبية مباشرة تصل قيمتها إلى 15 مليار دولار خلال العام المالي الحالي، مقابل 12 مليارات دولار خلال العام المالي الماضي، بحسب توقعات الهيئة العامة للاستثمار والمناطق الحرة.

وقال الدكتور محمود العدل، أستاذ الدراسات التركية بجامعة الزقازيق ورئيس وحدة الدراسات التركية بمركز الدراسات الاستراتيجية وتنمية القيم، في تصريحات حصرية لـ آراب فاينانس إن العلاقات الاقتصادية بين مصر وتركيا حظت بنمو وتطور حتى في وقت التوترات السياسية بين الجانبين، وهو ما ساهم مؤخرًا في ضخ المزيد من الاستثمارات التركية في مصر خاصة بعد زيارة الرئيس عبد الفتاح السيسي إلى تركيا وكذلك زيارة الرئيس التركي رجب طيب أردوغان إلى مصر.

مصر سوق جاذبة للاستثمارات التركية

وأوضح العدل أن مصر تعد سوق جاذبة لـ الاستثمارات التركية وذلك بعد الارتفاع الكبير لأجور الأيدي العاملة في تركيا والفارق الكبير بين الحد الأدنى في الأجور بين العمالة في مصر وتركيا حيث يصل الحد الأدنى لأجور العمالة في تركيا إلى 630 دولار شهريًا بينما في مصر الحد الأدني لأجور العمالة 150 دولار شهريا فضلا عن انخفاض تكاليف الإنتاج الأخرى وهو ما شجع الكثير من المستثمرين الأتراك على تدشين مصانع تركية في مصر للاستفادة من هذه المزايا.

وأضاف العدل أنه من المرتقب خلال الفترة المقبلة عودة اتفاقية الرورو والتي سبق وأن وقعت بين مصر وتركيا عام 2012 وألغيت في عام 2015 لافتًا إلى أنه من مزايا عودة هذه الاتفاقية مرة أخرى بين الجانبين المصري والتركي إنشاء مناطق لوجيستية تركية على الأراضي المصرية لنقل البضائع من مصر إلى أفريقيا، وبعض الدول العربية الخليجية مثل السعودية كما يمكن لمصر الاستفادة من هذه الاتفاقية عبر توقيع اتفاق جديد مع منظمة الدول الناطقة بالتركية وهى المنظمة التي ترأسها تركيا.

مزايا عودة اتفاقية الرورو بين مصر وتركيا

وأكد العدل أن اتفاقية الرورو ستساهم في زيادة التبادل التجاري بين تركيا والدول العربية والأفريقية حيث يتم نقل شاحنات البضائع التركية من الموانئ التركية إلى موانئ مصر بدمياط وبورسعيد على الشاحنات التركية لتنتقل برا من خلال محور 30 يونيو إلى ميناء العين السخنة لتنقل إلى الجانب الأسيوي والدول العربية الشقيقة كما تتوجه الشاحنات التركية مستخدمة الطرق البرية المصرية إلى دول القارة الأفريقية.

وأوضح العدل أن تركيا تهتم بهذه الاتفاقية لتخفيض تكلفة النقل التى تساهم فى خفض سعر المنتجات التركية التى تنافس المنتجات الصينية في الدول العربية والأفريقية لافتًا إلى أن معدلات التجارة البينية بين مصر وتركيا حققت زيادة غير مسبوقة خلال عام 2022 حيث بلغت نحو 7.1 مليار دولار ويستهدف البلدان أن تتضاعف إلى 15 مليار دولار.

وتابع العدل: نأمل خلال هذه الفترة فى زيادة الاستثمارات التركية بشكل يليق بالفترة الذهبية لعودة العلاقات بين أكبر دولتين إقليميتين بالشرق الأوسط.

وكانت الاتفاقية الأولى لعبور شاحنات الرورو براً عبر مصر قد وقعت بين البلدين في 2012، لمدة ثلاث سنوات انتهت في 2015، لاستغلال الموانئ المصرية لنقل الصادرات التركية من المواد الغذائية والأجهزة الكهربائية والمنسوجات إلى دول الخليج العربية، بعد أن قامت السلطات السورية بغلق المعابر أمام حركة التجارة التركية المتجهة إلى الخليج.

وقبل انقضائها وقع البلدان اتفاقية جديدة لعبور عبارات الرورو التركية في قناة السويس، مقابل تخفيض حوالي 60% لمواصلة النقل.

وبدأ العمل بالخط الملاحي من مينائي مارسين وإسكندرون التركيين إلى مينائي دمياط وبورسعيد المصريين على البحر المتوسط في أبريل 2012، ليتم نقل البضائع بأسطول شاحنات برية محملة على عبارات من الموانئ التركية إلى الموانئ المصرية وبعدها تسير الشاحنات في الطرق المصرية إلى ميناء الأدبية المصري على البحر الأحمر لنقلها على متن سفن تركية إلى دول الخليج العربية.

ضرورة الاستفادة من التجربة التركية

من جانبه قال المهندس محمد المهندس رئيس مجلس إدارة غرفة الصناعات الهندسية باتحاد الصناعات المصرية ورئيس مجلس إدارة شركة المصانع الميكانيكية في تصريحات حصرية لـ آراب فاينانس إن مصر يمكنها أن تستفيد من التجربة التركية في مساندة المصدرين لديهم حيث تحظى الصناعة التركية بمساندات تصديرية من جانب الحكومة التركية مطالبًا في الوقت ذاته بالاهتمام بتوطين الصناعة في مصر في عدة قطاعات مع توفير المزايا التي يتمتع بها المستثمرين الأجانب للمستثمرين المحليين أيضًا.

وأضاف المهندس أن مصر سوق جاذب وتتمتع بمزايا تنافسية كبيرة في مجال الصناعة بما في ذلك الأيدي العاملة الماهرة والقدرات الإنتاجية مشيرًا إلى أن غرفة الصناعات الهندسية ستنظم معرض للصناعة في مصر من 1 إلى 3 فبراير 2025 حول توطين الصناعة بما يساهم في تعميق التصنيع المحلي والاعتماد على المكون المحلي في مصر للحد من الاستيراد وتوفير العملة الصعبة حيث تقدمت مصر بشكل كبير في صناعة الأجهزة المنزلية والأواني وغيرها من الصناعات المختلفة.

ومن جانبه قال أبو بكر الديب الباحث في العلاقات الدولية والاقتصاد السياسي ومستشار المركز العربي للدراسات إن الفترة الأخيرة شهدت تقارب مصري تركي خاصة في المجال الاقتصادي عبر ضخ عدة استثمارات تركية في مصر في العديد من المجالات خاصة في صناعة الملابس الجاهزة والصناعات الكيماوية في العديد من المدن الصناعية مثل السادات والعبور وغيرها من المناطق الصناعية لافتًا إلى أن أي استثمارت أجنبية جديدة تعود بالفائدة على مصر من خلال توفير فرص عمل وزيادة في احتياطي النقد الأجنبي فضلا عن زيادة الصادرات المصرية للخارج بما يساهم في تقليل الفجوة في الميزان التجاري بين الصادرات والواردات.

تركيا بوابة لنفاذ المنتجات المصرية لأوروبا

وأضاف الديب، أنه يمكن الاستفادة من تركيا كبوابة لمصر لنفاذ منتجاتها للاتحاد الأوروبي وهو ما يساهم في زيادة الصادرات المصرية.

وأضاف أبو بكر أنه حسب الأرقام الرسمية بين الجانبين فإن مصر تمثل أكبر شريك تجاري لتركيا في القارة الإفريقية كما تمثل تركيا أكبر الأسواق المستقبلة للصادرات المصرية خلال عام 2023 بقيمة 2 مليار و943 مليون دولار.

ومؤخرًا أعلنت وزارة النقل المصرية،، توقيع مذكرة تفاهم لوضع حجر الأساس لإنشاء منطقة صناعية ولوجيستية تركية في المنطقة الاقتصادية بميناء جرجوب بمحافظة مطروح شمالي غربي البلاد على ساحل البحر الأبيض المتوسط، ويستهدف المشروع ضخ أكثر من 7 مليارات دولار استثمارات مباشرة في مراحله كافة، وتوفير أكثر من 20 ألف فرصة عمل، وفقًا لبيان رئاسة مجلس الوزراء المصرية.

ومن المخطط أن يسهم ذلك في زيادة حجم التجارة مع الدول الأفريقية، وإنشاء ظهير لوجيستي لصناعات تكميلية وصناعات القيمة المضافة، وأنشطة التخزين لأنواع البضائع كافة باستخدام المساحة الهائلة غير المستغلة خلف الميناء، وجذب الاستثمارات العالمية للقطاعات الاقتصادية كافة، وإقامة مراكز سياحية عالمية.

وتبلغ الاستثمارات التركية في مصر نحو 3 مليارات دولار، وتوفر 70 ألف فرصة عمل بشكل مباشر، ونحو 100 ألف فرصة عمل بشكل غير مباشر، مع تحقيق عائد إجمالي بقيمة 1.5 مليار دولار سنويا.

ويأمل البلدان بعد زيارة الرئيس التركي رجب طيب أردوغان إلى مصر في فبراير الماضي، وهي الزيارة الأولى منذ نحو 11 عاما، بدعوة من الرئيس عبد الفتاح السيسي، أن تمهد الطريق إلى رفع التبادل التجاري إلى 15 مليار دولار خلال السنوات القليلة المقبلة.

وتأمل مصر في إقامة شراكة إستراتيجية مع تركيا، واستقبال استثمارات تركية جديدة في السوق المصري في مختلف القطاعات مثل مجالات الصناعات الهندسية والكيميائية والغذائية والأدوية والتصنيع الزراعي، والمنتجات الورقية والتغليف، والملابس الجاهزة والمنسوجات، والبناء والتشييد، والصناعات الورقية وغيرها من القطاعات، بحسب وزير التجارة المصري.

حجم التبادل التجاري بين مصر وتركيا

وأظهرت بيانات الجهاز المركزي للتعبئة والإحصاء أن حجم التبادل التجارى بين مصر وتركيا وصل إلى 3 مليارات دولار خلال النصف الأول من عام 2024، مقابل 3.7 مليار دولار خلال نفس الفترة من عام 2023.

وقد سجلت حجم الصادرات المصرية إلى تركيا 1.5  مليار دولار خلال النصف الأول من عام 2024 مقابل 2.3  مليار دولار خلال نفس الفترة من عام 2023، بينما بلغ حجم الواردات المصرية من تركيا 1.5 مليار دولار خلال النصف الأول من عام 2024 مقابل 1.4 مليار دولار خلال نفس الفترة من عام 2023.

وجاءت أهم المجموعات السلعية التي صدرتها مصر إلى تركيا خلال  النصف الأول من عام 2024 كالتالي: لدائن ومصنوعاتها بقيمة 235 مليون دولار و أسمدة بقيمة 177 مليون دولار وحديد وصلب ومصنوعاته  بقيمة 143 مليون دولار و آلات وأجهزة كهربائية وآلية وأجزاؤها بقيمة 113 مليون دولار وملابس جاهزة بقيمة 101 مليون دولار.

ومن أهم المجموعات السلعية التي استوردتها مصر من تركيا خلال النصف الأول من عام 2024 هى آلات وأجهزة كهربائية وآلية وأجزاؤها بقيمة 275  مليون دولار وحديد وصلب ومصنوعاته  بقيمة 278  مليون دولار ووقود وزيوت معدنية ومنتجات تقطيرها بقيمة 117  مليون دولار ولدائن ومصنوعاتها بقيمة 74 مليون دولار.

وسجلت قيمة الاستثمارات التركية في مصر 77.8 مليون دولار خلال النصف الأول من العام المالي 2023/ 2024 مقابل 103.2 مليون دولار خلال نفس الفترة من العام المالى  2022/2023 بينما بلغت الاستثمارات المصرية في تركيا 33.2 مليون دولار خلال النصف الأول من العام المالي 2023/ 2024 مقابل 28.4 مليون دولار خلال نفس الفترة من العام المالى  2022/2023.

وبلغت قيمة تحويلات المصريين العاملين بتركيا 30.1 مليون دولار خلال العام المالي 2022 /2023 مقابل  29.1  مليون دولار خلال العام المالي 2021 / 2022 ، بينما بلغت قيمة تحويلات الأتراك العاملين في مصر 10.7 مليون دولار خلال العام المالي 2022 /2023 مقابل 10.3 مليون دولار خلال العام المالي  2021 / 2022.

وسجل عدد سكان مصر 106.8 مليون نسمة في سبتمبر 2024، بينما سجل عدد سكان تركيا 86.3 مليون نسمة لنفس الفترة، وبلغ عـدد المصـريين المتواجدين بدولة تركيا طبقــاً لتقديرات البعثة  73.3 ألف مصري حتى نهاية عام 2023.

أخبار متعلقة