بعد صدور حكم المحكمة الدستورية حول قانون الإيجار القديم.. كيف تدار أزمة المالك والمستأجر؟

أخر تحديث 2024/11/11 04:23:00 م
بعد صدور حكم المحكمة الدستورية حول قانون الإيجار القديم.. كيف تدار أزمة المالك والمستأجر؟

آراب فاينانس: أثار صدور الحكم الذي أصدرته المحكمة الدستورية العليا في مصر، بعدم دستورية الفقرة الأولى من كل من المادتين (1 و2) من القانون رقم 136 لسنة 1981 في شأن بعض الأحكام الخاصة بتأجير الأماكن، وتنظيم العلاقة بين المؤجر والمستأجر حالة من الارتياح بين الملاك في الوقت الذي تسربت فيه بعض المخاوف لدى المستأجرين خوفًا من ارتفاع الإيجارات للوحدات السكنية بشكل مبالغ فيه.

وكانت المحكمة الدستورية العليا في مصر، برئاسة المستشار بولس فهمي، قد أصدرت حكماً السبت الماضي 9 نوفمبر 2024 بعدم دستورية الفقرة الأولى من كل من المادتين (1 و2) من القانون رقم 136 لسنة 1981 في شأن بعض الأحكام الخاصة بتأجير الأماكن وتنظيم العلاقة بين المؤجر والمستأجر. فيما تضمنتاه من ثبات الأجرة السنوية للأماكن المرخص في إقامتها لأغراض السكنى اعتباراً من تاريخ العمل بأحكام هذا القانون. وحددت المحكمة اليوم التالي لانتهاء دور الانعقاد التشريعي العادي الحالي لمجلس النواب تاريخًا لإعمال أثر حكمها.

ووفق النشرة الشهرية للجهاز المركزي للتعبئة والإحصاء في أكتوبر 2024 والتي حصل "آراب فاينانس" على نسخة منها فقد بلغ معدل التضخم للإيجار الفعلي للسكن في عام 2019 0.2 % ليصل معدل التضخم للإيجار الفعلي إلى 7.9% في عام 2023. 

رئيس لجنة الإسكان: القانون الجديد سيراعي مصالح الطرفين

من جانبه قال النائب الدكتور محمد عطية الفيومي، رئيس لجنة الإسكان بمجلس النواب، في تصريحات حصرية لـ آراب فاينانس إن حكم المحكمة الدستورية فيما يتعلق بقانون الإيجار القديم حكم نافذ، ولا يجوز العدول عنه، ونحن لدينا في مجلس النواب جميع الأراء التي تراعي حقوق الجانبين المالك، والمستأجر ولن نكون بحاجة لجلسات استماع حاليًا لسرعة التشريع وصدور القانون، وسيراعي القانون الجديد مصالح الطرفين المالك والمستأجر، ويهدف هذا الأمر إلى إعادة التوازن بين المالك والمستأجر حول القيمة الإيجارية لافتًا إلى أن حكم المحكمة يتعلق بالقيمة الإيجارية وليس عقد الإيجار.

وأوضح الفيومي، أن المحكمة حددت انتهاء دور الانعقاد التشريعي العادي الحالي لمجلس النواب للانتهاء من القانون ونحن في المجلس سننتهي بالفعل من القانون قبل هذه الفترة.

وحول عما إذ كانت الزيادة في القانون الجديد نسبة من القيمة الإيجارية أو رقم بالجنيه المصري شدد الفيومي على أنه يتم دراسة الأمر وربما تكون الزيادة نسبة من القيمة الإيجارية أو قيمة بالجنيه المصري.

تقديم مذكرة لمجلس النواب لعرض مطالب الملاك

من جانبه قال أحمد البحيري، المستشار القانوني لجمعية المضارين من قانون الإيجار القديم في تصريحات حصرية لـ آراب فاينانس إن الحكم الصادر من المحكمة الدستورية العليا هذا الأسبوع والمتعلق بإلغاء قانون الإيجار القديم يعد "ضربة قاضية" لقانون الإيجار القديم حيث فتح الباب أمام تعديل القانون لافتًا إلى أن الرئيس عبد الفتاح السيسي رئيس الجمهورية سبق، وأن وجه بحل الأزمة بشأن قانون الإيجار القديم.

وأوضح البحيري، أن تعديل القانون سيكون تعديلًا شاملًا يتضمن الشقق السكنية الشاغرة والمغلقة لافتًا إلى أن عدد الشقق السكنية التي سيشملها قانون الإيجار القديم تبلغ حوالي 3 مليون شقة سكنية وهؤلاء لا يدفعون ضرائب عقارية حاليا، وستؤدي التعديلات الجديدة في القانون لدفع هذه الضرائب للدولة مما يزيد من مواردها، مشددًا على أن الـ 3 مليون وحدة عقارية التي يشملهم القانون القديم في حالة عرضهم بالسوق العقاري سيؤدي ذلك لانخفاض أسعار العقارات في مصر. كما هناك أيضا أملاك وزارة الأوقاف بالقاهرة وعدد من المحافظات التي أجرتها الدولة منذ فترة بـ 3 جنيهات و5 جنيهات شهريًا للوحدة العقارية وسيسمح القانون الجديد بزيادة قيمتها الإيجارية.

وكشف البحيري، عن أنه سبق وأن تقدم لمجلس النواب بصفته المستشار القانوني لحزب الوفد بمذكرة إلى مجلس النواب تتضمن أبرز التعديلات المطلوبة في القانون القديم حيث "طالبت بإلغاء القانون القديم مع زيادة الأجرة فضلا عن دعم الدولة للمستأجرين الذين يقل دخلهم عن 6 آلاف جنيه"، مشيرًا إلى أنه يعد حاليا مذكرة جديدة لتقديمها لمجلس النواب خاصة مع المستجدات الطارئة في هذا الأمر مشيرا إلى أن هناك بعض الملاك يحصلون على جنيهات معدودة مقابل إيجار فيلا يصل سعرها لـ 8 مليارات جنيه.

لابد من إدارة الأزمة بحكمة

في المقابل قال أيمن عصام، المستشار القانوني لرابطة المستأجرين، في تصريحات حصرية لـ آراب فاينانس إنه يعد حاليًا مذكرة للعرض على مجلس النواب لعرض وجهة نظر المستأجرين ومطالبهم في التعديلات الجديدة لافتًا إلى أن أزمة قانون الإيجار القديم يجب أن تدار بحكمة خاصة أن لها أبعاد اجتماعية واقتصادية مطالبًا بأن تنضم لجنة الدفاع والأمن القومي للجنة الإسكان بمجلس النواب لمناقشة قانون الإيجار والتعديلات عليه بعد صدور حكم بإلغائه.

وحذر عصام، من ردود فعل ومشاكل اجتماعية قد تحدث بين المالك والمستأجر، خاصة أن هناك حالة من التحفز لدى الجانبين المالك والمستأجر بعد صدور حكم المحكمة الدستورية مطالبًا بمراعاة البعد الاجتماعي وإدارة الأزمة بحكمة حتى لا يكون لها آثار سيئة على المجتمع خاصة أن معظم المستأجرين من الطبقات الفقيرة والمتوسطة ومنهم من أصحاب المعاشات والأرامل وذوي الدخل المنخفض.

ويقدر عصام، عدد الوحدات العقارية السكنية التي تنطبق عليها القانون القديم بـ 7 مليون وحدة عقارية، وهو ما يمثل أكثر من 25% من الشعب حيث يتجاوز عددهم 35 مليون نسمة وأنه في ظل الظروف الاقتصادية الحالية للبلاد لابد مراعاة الأبعاد الاجتماعية لذلك طالبت بضم لجنة الدفاع والأمن القومي للجنة الإسكان لمراعاة ذلك على الأمن القومي وعدم حدوث ما يعكر صفو السلم الاجتماعي بين المواطنين خاصة أن حكمة المحكمة الدستورية نفسه الصادر في هذا الشان ذكر أنه لا يجب أن يكون المالك سيف مسلط على المستأجر.

ويرى عصام، أنه يجب ان تكون الزيادة في الأجرة من خلال نسبة مئوية محددة تزيد على فترات معينة.

تحذير من تكدس القضايا في المحاكم بين المالك والمستأجر

كما حذر عصام، أيضًا من قيام عدد كبير من المستأجرين برفع دعاوي قضائية من الجانبين المالك والمستأجر وهو ما سيؤدي إلى تكدس القضايا في المحاكم واستحالة التنفيذ وسؤدي الأمر في النهاية إلى ارتفاع سعر العقارات بطريقة مبالغ فيها.

وأشار عصام، إلى أن الذين ينطبق عليهم الإيجار القديم هم من قاموا بالتعاقد على وحداتهم السكنية خلال الفترة من 1900 حتى 1996 لافتًا إلى أن الأموال في تلك الفترة كانت لها قيمة كبيرة وهناك من دفع "تحويشة العمر" كمقدم للحصول على السكن كي يسكن في أماكن راقية مثل مصر الجديدة وجاردن سيتي.

يذكر أن دور الانعقاد التشريعي الحالي لمجلس النواب بدأ الشهر الماضي، ومن المقرر أن يستمر لمدة 9 أشهر على الأقل - وفق نص المادة 274 من اللائحة الداخلية لمجلس النواب - ويعد هذا هو دور الانعقاد التشريعي الخامس والأخير من الفصل التشريعي الثاني للبرلمان قبل انتهاء فترته.

وبعد صدور حكم محكمة الدستورية العليا حول قانون الإيجار القديم، أعلن مجلس النواب، في بيان رسمي، عزمه مناقشة القوانين الاستثنائية لإيجار الأماكن، والتعديلات التشريعية اللازمة لتنفيذ حكم المحكمة الدستورية العليا.

وكشف البرلمان عن إعداد لجنة الإسكان والمرافق العامة والتعمير، تقريرًا مبدئيًا عن قوانين الإيجار القديم، وسيتم الإعلان عنه خلال الجلسة العامة المقبلة، لافتة أن التقرير يحتوي محددات عدة، أهمها: دراسة الخلفية التاريخية للتشريعات الخاصة، والاطلاع على أحكام المحكمة الدستورية العليا المتعلقة بهذا الشأن كافة، مع دراسة وتحليل كل البيانات الإحصائية التي تسهم في وضع صياغة تضمن التوصل إلى أفضل البدائل الممكنة التي تتوافق مع المعايير الدولية والدستورية بشأن الحق في المسكن الملائم والعدالة الاجتماعية.

وحدّدت المحكمة الدستورية العليا موعد تنفيذ الحكم في اليوم التالي لانتهاء دور الانعقاد التشريعي العادي الحالي لمجلس النواب، مُبررة ذلك بمنح فرصة زمنية للمشرع لدراسة وتنفيذ تعديلات ملائمة تمنع أي فراغ تشريعي.

وتنص الفقرة الأولى من المادة الأولى من القانون رقم 136 لسنة 1981، والتي حكم بعدم دستوريتها على أنه: "فيما عدا الإسكان الفاخر، لا يجوز أن تزيد الأجرة السنوية للأماكن المرخص في إقامتها لأغراض السكن اعتبارًا من تاريخ العمل بأحكام هذا القانون على 7% من قيمة الأرض والمباني وعلى ألا تقل المساحة المؤجرة لهذه الأغراض عن ثلثي مساحة مباني العقار".

أما الفقرة الأولى من المادة الثانية من القانون والتي حكم أيضا بعدم دستوريتها تنص على: "فتقدر قيمة الأرض بالنسبة إلى الأماكن المنصوص عليها في الفقرة الأولى من المادة السابقة وفقًا لثمن المثل عند الترخيص بالبناء، وتقدر قيمة المباني وفقًا للتكلفة الفعلية وقت البناء، فـإذا ثبت تراخي المالك عمدًا عن إعداد المبنى للاستغلال، تقدر تكلفة المباني وفقًا للأسعار التي كانت سائدة في الوقت الذي كان مقدرًا لإنهاء أعمال البناء وذلك دون الإخلال بحق المحافظة المختصة في استكمال الأعمال وفقا للقواعد المنظمة لذلك".

وينتظر مجلس النواب مشروع قانون الإيجار القديم من الحكومة، وذلك عقب إصدار المحكمة الدستورية العليا حكمًا يقضي ببطلان بعض المواد التي ثبتت القيمة الإيجارية التي تعود لعقود مضت. ويمهد هذا الحكم الطريق أمام مجلس النواب لإعادة صياغة القانون ليتناسب مع الأوضاع الحالية.

وفي أكتوبر 2023، طالب الرئيس عبد الفتاح السيسي بإعداد قانون متكامل عن الإيجار القديم، مفسرًا سبب ذلك بأن المستأجر الأصلي للوحدات قد يكون توفي لأن القانون المنظم للعلاقة بين المستأجر والمؤجر صدر في 1962، والذي يستفيد من الوحدات في الوقت الحالي هم الورثة، وقدّر بأن هناك 2 مليون وحدة سكنية شاغرة بقيمة تقديرية تريليون جنيه مغلقة بسبب هذا القانون.