30 محمية طبيعية لجذب السائحين.. كيف تروج الحكومة للسياحة البيئية في مصر؟

أخر تحديث 2025/05/20 11:58:00 ص
30 محمية طبيعية لجذب السائحين.. كيف تروج الحكومة للسياحة البيئية في مصر؟

آراب فاينانس: تتميز مصر بعدد من المحميات الطبيعية ذات الطبيعة النادرة، والتي تصل لنحو 30 محمية طبيعية بمختلف أنحاء الجمهورية تمثل 15% من مساحة جمهورية مصر العربية، لكن ينقص هذه المحميات التسويق السياحي الجيد، فضلا عن تأثر بعض المحميات بالاستثمار السياحي مما قد يضر بطبيعتها.

ووفق الموقع الرسمي لوزارة البيئة المصرية يشجع صندوق حماية البيئة المشروعات التى تهدف إلى حماية التنوع الطبيعي بما فيها المحميات الطبيعية. كما يشجع الصندوق دعم المشروعات مثل الحفاظ على المحميات الطبيعية، بالإضافة إلى تشجيع القطاع الخاص في مجال الخدمات السياحية والسياحة البيئية.

وطالب خبراء في مجال البيئة، والمحميات الطبيعية بضرورة التسويق الجيد لهذا النوع من السياحة البيئية لزيادة النقد الأجنبي للبلاد، واستفادة السكان المحليين حول هذه المحميات من عوائد السياحة، خاصة العاملين في الحرف التراثية، وغيرهم ممن يستفيدون من تطوير مناطق المحميات الطبيعية والمجتمع المحيط بها.

الاستفادة من المحميات الطبيعية

من جانبه قال الدكتور عبد المسيح سمعان، الأستاذ بكلية الدراسات العليا، والبحوث البيئية بجامعة عين شمس، إن المحميات الطبيعية تتمتع بالكثير من الأنواع فضلا عن تنوع البيئات داخل هذه المحميات ومنها البيئة الصحراوية والبيئة البحرية والبيئة الريفية، ويسمى هذا التنوع في بعض الأحيان بتنوع "الموائل"، لافتًا إلى أنه يمنع داخل المحميات الطبيعية الصيد أو أي ممارسات خاصة بالقنص أو قطع الأشجار أو النباتات نظرًا لندرتها حيث تعد ثروة اقتصادية وقومية للبلاد، وقد كان حتى وقت قريب يمنع دخول الإنسان إلى هذه المحميات لكن الدولة رأت أنه يمكن الاستفادة من هذه المحميات والتعرف عليها وعلى التنوع النادر والهائل بها من نباتات وحيوانات وشعاب مرجانية، بشرط ألا يضر ذلك بطبيعة المحميات ومكوناتها وأنشأت ممرات خاصة داخل هذه المحميات للحفاظ عليها من أي عبث أو مساس بها بما قد يؤثر عليها سلبًا.

وأوضح سمعان، أن عدد المحميات الطبيعية في مصر يصل لنحو 30 محمية طبيعية تمثل نحو 15% من مساحة مصر مشيرًا إلى أن أشهر هذه المحميات هى محمية رأس محمد ومحمية جنوب سيناء والتي تضم العديد من الشعاب المرجانية النادرة، ويأتي لزيارتها العديد من السائحين الأجانب حول العالم، كما لدينا في مصر محمية وادي الحيتان بالفيوم، والتي تحتوي على هياكل حيتان يصل عمرها إلى آلاف السنين، حيث تم تصنيف منطقة وادي الحيتان كمنطقة تراث عالمي واختارتها منظمة اليونسكو كأفضل مناطق التراث العالمي للهياكل العظمية للحيتان.

وأشار سمعان، إلى أنه يمكن الترويج السياحي للمحميات الطبيعية من خلال وسائل الإعلام فضلًا عن إعداد أفلام وثائقية تبث وتوجه للسائحين حول العالم بلغات مختلفة لجذب مزيد من السائحين لزيارتها.  

الاستثمار السياحي لا يجب أن يضر بطبيعة المحميات الطبيعية

وقال الدكتور ممدوح رشوان، رئيس جمعية شباب مصر للتنمية والبيئة، والأمين العام للاتحاد العربي للشباب والبيئة، إن الاستثمار السياحي لا يجب أن يضر بطبيعة المحميات الطبيعية خاصة أن هناك بعض التجاوزات في هذا الأمر مثل ما حدث داخل شاطئ شرم اللولى بالبحر الأحمر، والذي يقع داخل النطاق الجغرافى لمحمية وادى الجمال، بمرسى علم، والتى تعد أجمل محميات مصر من حيث النقاء والتنوع البيولوجى والكائنات والشعاب المرجانية بها حيث قام أحد المستثمرين مؤخرًا ببناء سور في نطاق المحمية مما قد يضر بطبيعتها مطالبًا وزارة البيئة بمراعاة هذا الأمر، ووقف أي تجاوزات قد تحدث تجاه المحميات الطبيعية.

وأكد رشوان أن شاطئ شرم اللولى يعد أجمل شواطئ العالم وأفضلها حيث يتميز بمياه فيروزية ورمال بيضاء ونقاء ويأتي إليه السائحين من مختلف أنحاء العالم.

الترويج للسياحة البيئية

بينما أكد الدكتور محمود بكر الخبير البيئي، ورئيس جمعية كتاب البيئة والتنمية، على ضرورة  مراعاة الأبعاد البيئية والاقتصادية والاجتماعية والصحية للسياحة البيئية بالترويج للمحميات والموارد الطبيعية لإنعاش الاقتصاد الوطنى، من خلال تعظيم الاستخدام المستدام لها، ورفع الوعى بأهميتها، وأهمية المشاركة فى حمايتها، ودمج المجتمع المحلى فى ذلك بتدريبه وتطوير أساليبه فى الترويج لمنتجاته الثقافية، وحرفه اليدوية المتميزة مع الحفاظ على الهوية الثقافية والتراثية والبيئية للمحميات الطبيعية، مما يساعد على فتح آفاقا جديدة للسياحة البيئية المستدامة فى مصر، كأحد نتائج استراتيجية وزارة البيئة لتطوير المحميات التى تم تنفيذها خلال الفترة الماضية لتطوير البنية التحتية والخدمات المقدمة للزوار بعدد 13 محمية طبيعية، ومنها إنشاء مركز الزوار بمحمية رأس محمد ومحميات الفيوم، ودمج المجتمع المحلى بالمحميات فى أنشطتها لتنميتها اقتصاديا واجتماعيا بتوفير فرص عمل مستدامة لهم، والتى تساهم فى رفع معدل دخل سكان تلك المحميات.

وأضاف بكر، أن سياحة مشاهدة الطيور تعد أحد أهم الأنواع السياحية في مصر حيث إن سياحة مشاهدة الطيور يمكنها جذب السياح المهتمين بمراقبة الطيور، نظراً لصعوبة وجودها فى تجمعات داخل بيئاتها الأصلية، وهو الأمر الذى يتوفر فى مصر كونها تعتبر ثانى أهم مسار هجرة على مستوى العالم، وهو الأمر الذى يزيد من قيمة سياحة مشاهدة الطيور على الأراضى المصرية، وهى السياحة التى بدأت الدولة والمواطنون فى الانتباه إليها، ومحاولة تطويرها والتصدى للصيد الجائر الذى قد يؤدى إلى إبادة جماعية للطيور وانقراض أنواع نادرة منها.

كما أوضح بكر، أن منطقة بحيرات الأكسدة بشرم الشيخ أصبحت أحد المعالم السياحية البيئية الرئيسية بمدينة شرم الشيخ بما شهدته من  تطوير غير مسبوق خلال الفترة الماضية لتكون شاهدة على جهود مصر لحماية الطيور المهاجرة خلال رحلتها السنوية عالميًا حيث إن الموقع الجغرافي الفريد لمصر يجعلها جسر جوي بين ثلاث قارات هم أوروبا وآسيا وأفريقيا مشيرًا إلى أن العالم يحتفل حاليًا بيوم هجرة الطيور حيث قامت جمعية كتاب البيئة والتنمية بمشاركة العالم بالاحتفال من أعلى وأحدث نقطة لمراقبة الطيور فى منطقة الجلالة بالعين السخنة، والتى تشجع على الاهتمام والتركيز على السياحة، وهى تعد أحد أهم 4 النقاط لمراقبة الطيور، حيث تم تسجيل 354.571 طائرًا مهاجرًا يمثلون 34 نوعًا مختلفًا هذا الموسم، والذى بدأ من الأسبوع الثانى لشهر فبراير وحتى الآن.

وأكد بكر، أن مصر تتمتع بكنوز فريدة من محميات طبيعية، وأماكن خلابة، لذلك فان زيارة المحميات الطبيعية، تعد خطوة لا تقل أهمية عن زيارة معالم مصر السياحية، لما يتخلل ذلك من التعريف بما تمتاز به مصر، والتحولات التاريخية التي شهدتها الجغرافيا المصرية، والترويج السياحي لتلك المقاصد من جانب السائحين الوافدين والمواطنين والدارسين، وهناك العديد من المشروعات التى تساهم فى الترويج السياحى، والتى تتبناها وزارة البيئة مثل "إيكو إيجيبت"، وغيرها فى جنوب سيناء والبحر الأحمر والفيوم، فالإنسان هو من يحتاج للطبيعة وليس العكس، مما يجعل الاهتمام بالبيئة ومواردنا الطبيعية على رأس أولويات الجهات المعنية فى الدولة، والتى تخطط دائما لحمايتها، والسعي للحفاظ على السلالات النادرة التي تتميز بها مصر من نباتات وحيوانات وطيور داخل تلك المحميات.

تطوير البنية التحتية للوصول للمحميات الطبيعية

وطالبت حنان بدوي، الخبيرة في مجال البيئة، بضرورة تحسين  الطرق، وتوفير أماكن للزوار داخل المحميات الطبيعية يستطيعون من خلالها الاستمتاع والتنقل بشكل آمن مع  توفير البنية التحتية للوصول إليها مع وجود وسائل نقل صديقة للبيئة مثل الدراجات الهوائية، والمركبات الكهربائية.

تشجيع سياحة المغامرات

وشددت بدوي، على أنه ينبغي أن يكون هناك اعتماد لـ كود بيئى صارم للمنتجعات، والفنادق التى تتفق مع طبيعة المحميات بشكل مستدام على أن تعتمد على الطاقة المتجددة، فضلا عن تشجيع سياحة المغامرات والتسلق على الجبال بحسب طبيعة كل محمية فجبال سانت كاترين مثالا للمحميات الطبيعية التى يمكن تطبيق سياحة تسلق الجبال ومراقبة التنوع البيولوجي للنبات والطيور بها.

كما أوضحت الخبيرة في مجال البيئة، أنه يمكن الترويج لسياحة الصعود للجبال من خلال جبال الجلالة في مصر لمراقبة هجرة الطيور حيث يمكن أن يحقق الترويج السياحى المستمر نوع جديد من المتعة للسائحين بشرط الترويج الجيد له بين محبى الطيور حول العالم خاصة، وأن مصر فى مسار الهجرة صيفًا وشتًاء وهناك ملايين الطيور تمر وتستقر فى البيئة المصري.

 وأكدت بدوي، على ضرورة وجود مراكز معلومات لزوار المحميات الطبيعية، حيث يمكن الاستعانة فيها بالذكاء الاصطناعي لعمل محاكاة للمحمية بكل ما تشمله من كنوز فريدة وتنوع لا يوجد فى أى مكان فى العالم.

وحول الحملات التسويقية لهذه المحميات أوضحت أنه لابد من  وجود حملات تسويقية مستمرة، وابتكار حملات فى وسائل الإعلام والسوشيال ميديا العالمية لإعطاء معلومات عن الكنوز التى تحتويها المحميات، وقد كان لحملة "محمية بناسها" التى أطلقتها وزارة البيئة تأثير كبير فى تعريف المجتمع بالمحميات والقبائل التى تعيش فيها، ولكن تفتقد مثل هذه الحملات  للاستمرارية التى تساعد فى زيادة الوعى بأهمية المحميات وتنوعها الثقافى والبيولوجي.  

وطالب بدوي، تنظيم حملات دولية ومسابقات فوتوغرافية ومهرجانات دولية بحضور فنانين عالميين لرصد التنوع البيولوجي لافتة إلى أن مثل هذه المسابقات تجذب نوع مختلف من عشاق السياحة البيئية ولعل تنظيم هذه المسابقات عالميا والترويج لها سيجعل الصور تتحدث عن هذه الكنوز التى تحتويها محمياتنا الطبيعية كما ينبغي دعوة الشخصيات العالمية لزيارة المحميات الطبيعية ففى ذلك ترويج ممتاز للمحميات وتشجيع للسياحة البيئية لتكون مصر ضمن الخريطة العالمية فى هذا النوع من السياحة.

وأكدت على ضرورة تخصيص دعوات ترويجية لوزارة السياحة فيما يتعلق بالنشاط البيئى وأن يتم رصدها بشكل دقيق، وتنظيم الرحلات الخاصة بالسفاري والصيد ومشاهدة الدولفين والغوص من خلال تعاون ثنائى بين وزارتي السياحة والبيئة، ومن الممكن أن تكون هناك وكالات سياحة بيئية تقوم بهذا الترويج بشكل أفضل.

تشجيع الحرف اليدوية

وأوضحت بدوي أنه ينبغي تشجيع الحرف اليدوية المحلية المستدامة للسكان المحليين، والعمل على  دعم وتسويق المنتجات الحرفية التي تعتمد على مواد طبيعية مستدامة من المجتمعات المحلية المحيطة بالمحميات، وهذا يرفع من مستوى السكان المحليين اقتصاديًا، ويساعد على تطوير المحميات بالتعاون مع أهلها، وكذلك عرض الخبرات المحلية والتراث التقليدى لسكان المحليات وهو عنصر جاذب للعديد من السياح الذين يبحثون عن تراث الشعوب، والتعرف على الثقافات المختلفة من خلال المقتنيات التراثية، مما يزيد من دخل هؤلاء السكان، فضلا عن زيادة الدخل القومي الناتج عن زيارة السائحين لهذه المحميات.

يذكر أن فكرة إنشاء المحميات الطبيعية في مصر بدأت بعد إصدار القانون رقم 102 لعام 1983 في شأن المحميات الطبيعية، ثم صدر القانون رقم 4 لعام 1994 في شأن حماية البيئة.

 ومن جانبها أكدت الدكتورة ياسمين فؤاد، وزيرة البيئة، خلال اجتماع مجلس إدارة جهاز شئون البيئة مؤخرًا على سعى الدولة على الاستفادة من كامل الشعاب المرجانية على طول ساحل البحر الأحمر، مشيرة إلى أن 50% من الشعاب المرجانية داخل منطقة البحر الأحمر أُعلنت محمية طبيعية طبقا لقرارات مجلس الوزراء، ونسعى لضم الـ 50? الأخرى بعد العرض على مجلس الوزراء قريباً.

وأضافت وزيرة البيئة أن أعضاء مجلس الإدارة قدموا مقترحاً لإنشاء متحف للتراث الطبيعى فى محمية الغابة المتحجرة، والعمل على مراقبة المحميات عن طريق الأقمار الصناعية للحفاظ عليها والمساعدة فى إدارتها وصونها من التعدى عليها.

وأعلنت وزارة السياحة والآثار المصرية في بيان رسمي نهاية ديسمبر الماضي أن إيرادات القطاع السياحي نمت 7.8% منذ بداية العام، وحتى نوفمبر لتصل إلى 14.1 مليار دولار.

كما نما أعداد السائحين بنحو 4% إلى 14.3 مليون سائح خلال نفس الفترة.

وأوضحت أن أعداد الليالي السياحية حققت نمواً حيث بلغت 151.3 مليون ليلة بنسبة زيادة قدرها 7.8% عن نفس الفترة من العام الماضي، كما بلغ حجم الإيرادات 14.1 مليار دولار بنسبة زيادة قدرها 7.8%  عن نفس الفترة من العام الماضي.

 

أخبار متعلقة