الدكتور جودة هلال رئيس جامعة هليوبوليس: التمويل أبرز تحدي يواجه البحث العلمي في مصر

أخر تحديث 2025/09/02 12:47:00 م
الدكتور جودة هلال رئيس جامعة هليوبوليس: التمويل أبرز تحدي يواجه البحث العلمي في مصر

آراب فاينانس: قال الدكتور جودة هلال، رئيس جامعة هليوبوليس للتنمية المستدامة، إن التمويل يعد أبرز تحدي يواجه البحث العلمي في مصر مشددًا على ضرورة ربط البحث العلمي بالصناعة المصرية ومشكلاتها منوهًا بأننا نحتاج بشكل عام لتعاون وتحالف بين المجتمع الأكاديمي والقطاع الصناعي لإحداث التقدم الاقتصادي في مصر.

وأضاف هلال في مقابلة حصرية لـ آراب فاينانس أنه ينبغي ضخ مزيد من الاستثمار في صناعة الدواء مع ضرورة تمويل شركات الأدوية للبحث العلمي المرتبط بعلوم وصناعة الدواء لافتًا إلى أن جامعة هليوبوليس قامت مؤخرًا بتضمين برامج وتطبيقات الذكاء الاصطناعي ضمن مناهجها. وإلى نص الحوار:

ما هى الفلسفة التي تقوم عليها المناهج التعليمية بجامعة هليوبوليس؟

جامعة هليوبوليس، هي أول جامعة في مصر تهتم بالتنمية المستدامة، وذلك طبقًا لرؤية كان يتبناها مؤسس جامعة هليوبوليس الراحل الدكتور إبراهيم أبو العيش والذي أسس مجموعة سيكم حتى تكون الجامعة ذراع بحثي، وأكاديمي يرسخ لمفهوم التنمية المستدامة، وتخريج أجيال ينشروا مفاهيم التنمية المستدامة، وهذه هي رؤية واستراتيجية مصر لعام 2030، حيث يعد محور التنمية المستدامة ضمن أهم محاور هذه الاستراتيجية.

والجامعة تهتم بشدة بمحور التنمية المستدامة، سواء كانت خدمات تعليمية أو ثقافية أو اقتصادية أو خدمة مجتمع لذلك كل المقررات الدراسية للكليات التابعة للجامعة تتضمن مفاهيم التنمية المستدامة، ودورها وكيفية الاستفادة منها. كما تٌبنى الخطة البحثية للجامعة على تحقيق أهداف التنمية المستدامة.  

وأطلق وزير التعليم العالي والبحث العلمي الدكتور محمد أيمن عاشور في 6 مارس 2024 مبادرة من أهم محاورها السبعة "الاستدامة". كما تلعب جامعة هليوبوليس مع مؤسسة سيكم التي تتبعها الجامعة دورًا هامًا في التنمية المجتمعية، حيث تتولى الجامعة أمر التنمية المجتمعية لـ 13 قرية بمحافظة الشرقية، فضلًا عن التنمية المجتمعية التي نقوم بها في الواحات وسيناء، حيث يشارك طلاب الجامعة مشاركة فعالة في تحقيق أهداف التنمية المجتمعية تحت إشراف أعضاء هيئة التدريس بالجامعة.

كيف يتم ربط المناهج التعليمية بخدمة المجتمع؟

نحن نربط بعض المقررات الدراسية بحل المشكلات المجتمعية التي حولنا حيث يقوم على سبيل المثال طلاب كلية الهندسة بالجامعة بالتعرف على مشكلات القرى في الريف المصري ويحاولوا تحسين بنيتها التحتية مع التركيز على الطاقات الجديدة والمتجددة في هذه المجتمعات كما يقوم طلاب كليات الزراعة بمعاونة المزارعين للتحول من الزراعة التقليدية للزراعة العضوية، وهذا بالطبع يحقق مردود إيجابي إذ يساهم في الحد من تلوث البيئة وتخفيض الانبعاثات الكربونية. كما يساهم في تحقيق أرباح للمزارعين في ذات الوقت.

كما لدينا داخل الجامعة مراكز متخصصة بهدف خدمة المجتمع، ومن ضمنها مركز الصحة التكاملية وهو مركز له دور رئيسي في خدمة المجتمع، حيث نقدم خدمات طبية وصحية لمجتمعات سيناء والواحات فضلا عن خدمة المجتمع الريفي لتحسين الخدمات المقدمة لهم.

كما تشتمل الجامعة على مركز التنمية الريفية، وهو مركز مسئول عن تنمية المجتمعات من خلال مساعدة المواطنين هناك في إقامة مشروعاتهم الخاصة سواء مشروعات زراعية أو غيرها من المشروعات، وذلك من خلال مؤسسة سيكم التي تنتمي إليها الجامعة.

كما لدينا مركز البصمة الكربونية والذي أنشئ بهدف إقامة أعمال خدمية تدريبية حيث نقوم بتوعية المؤسسات الصناعية وغيرها بتقليل الانبعاثات الكربونية وتخفيضها، ولدينا حاليًا في مصر مشروع قومي لتداول السندات الكربونية وذلك تحت إشراف هيئة الرقابة المالية والذي يعطي مزايا مالية للمزارعين الذين يخفضون انبعاثاتهم الكربونية.

  كيف يتم ربط البحث العلمي بالمجتمع ومشكلاته؟

الجامعة لديها خطة بحثية تعتمد على الأبحاث التطبيقية على أرض الواقع حيث تقوم الجامعة بتحليل بيئي قبل القيام بأي بحث مع دراسة احتياجات سوق العمل في مصر واحتياجاته، وكذلك التعرف على مشكلات المصانع المصرية، حيث يقوم طلابنا بتصميم مشروعات بحثية تعتمد على حل المشكلات المجتمعية حلًا جذريًا، حيث يكون لكل طالب مشروع بحثي يقوم به قبل التخرج من الجامعة وتعتمد مشروعات التخرج على حل المشكلات المجتمعية في الأساس.

ما هى التحديات التي تواجه التعليم الجامعي والبحث العلمي في مصر؟

أبرز تحدي يواجه التعليم الجامعي والبحث العلمي في مصر سواء على المستوى البحثي أو التعليمي هو تحدي التمويل.

نحن نقوم حاليًا بوضع أسس التعليم القائم على اكتساب المهارات حيث يعتمد على التطبيق أكثر من الاعتماد على الأساليب النظرية، وهذا بالطبع يحتاج إلى مؤسسات وهيئات صناعية مشاركة لتحقيق الاستفادة الأكبر لكننا، وللأسف غير متوفر لدينا بشكل كبير فرص تدريبية للطلاب لقلة المصانع بالنسبة لعدد الطلاب الكبير، ورغم إننا لدينا في مؤسسة "سيكم" بعض المصانع والشركات التي توفر اكتساب المهارات التطبيقية لكن بالطبع هذا غير كافٍ حيث نحتاج للمزيد من المصانع والمؤسسات الاقتصادية.

ونحن نحتاج بشكل عام لتعاون وتحالف بين المجتمع الأكاديمي والقطاع الصناعي لإحداث التقدم الاقتصادي في مصر.  

ما دور المدارس والجامعات التكنولوجية في تطور الصناعة المصرية؟   

التعليم الفني أو التطبيقي أو التكنولوجي بشكل عام يساهم بشكل كبير في تطور الصناعة المصرية ونحن نحتاج له في مصر بشكل كبير، حيث نحتاج إعداد الطلاب مهنيًا وفنيًا، لأن سوق العمل في حاجة لذلك والمشكلة هنا أيضا هى توافر الجهات التدريبية للطلاب ورغم وجود جامعات تكنولوجية تابعة لمؤسسات صناعية فهذه الجامعات توفر فقط فرص لطلابها حيث لا مجال لالتحاق طلاب آخرين من خارجها بها، نظرًا للفرص المحدودة لديها. لذلك نحتاج شراكات واستثمارات كثيرة في هذا المجال.

ويعتمد تطوير الصناعة المصرية على تطوير التعليم المهني والفني والتطبيقي في مصر وليس النظري، حيث تعتمد هذه الرؤية على إلحاق الطلاب بأحد المصانع وقيامه بحل مشكلة قائمة بهذا المصنع أو تطوير بعض الأشياء في هذا المصنع، ولدينا في جامعة هليوبوليس مبادرة التعليم القائم على الصناعة والذي يحقق هذا المفهوم، حيث لدينا بعض الشراكات مع بعض الجهات حيث يقوم بعض المتخصصين المهنيين بالتدريس للطلاب في كليات الهندسة والزراعة والصيدلة وإدارة الأعمال والعلاج الطبيعي لدينا للتعرف على الواقع العملي أكثر وهو ما يكسبهم المهارات العملية لأن التعليم النظري ليس هو الأساس بل التعليم التطبيقي بما يساهم في تطوير عملية الابتكار لديهم. كما نرسل بعض الطلاب للخارج ببعض الجامعات الأوروبية في ألمانيا والنمسا وغيرها فضلًا عن بعض الجامعات الصينية لبضعة شهور لاكتساب مهارات جديدة، ثم يعودوا مرة أخرى للجامعة.

كما أن الجامعة لديها برنامج "الجوهر" والذي يعتمد على تنمية المهارات الشخصية للطالب وبناء شخصيته حيث يدرس الطالب الفلسفة والموسيقى والابتكار والذكاء الاصطناعي والرسم ما يؤدي لتنمية قدراته.

كيف تشجع الجامعة الزراعة النظيفة والعضوية؟

أحد أهداف جامعة هليوبوليس أن تشجع على الزراعة العضوية مما يقلل من التلوث وزيادة ربح المزارعين، لذلك تبنت الجامعة تنمية 40 ألف مزارع، للتوجه من الزراعة التقليدية للزراعة العضوية، بالتعاون مع مؤسسة سيكم ومركز الزراعة العضوية التابع للمؤسسة وتحت إشراف فريق من أساتذة الجامعة حيث نتولى بعد ذلك المحاصيل المنتجة من المزارعين من خلال ما يسمى باقتصاد المحبة الذي يعتمد على إقراض المزارعين قروض حسنة ثم يتم شراء المحصول منه، ثم يسدد القرض بعد تحقيقه للأرباح.

هناك تحدي كبير يواجه الزراعة العضوية في مصر وهو المتعلق بمكافحة الآفات الزراعية.. كيف تعاملتم مع هذا التحدي؟

للتغلب على هذا الأمر أسسنا معمل المفترسات التابع لكلية الزراعة بالجامعة، وهو معمل يستهدف مقاومة الآفات بشكل حيوي بدون استخدام أي مبيدات كيماوية ملوثة، وهو ما تم استخدامه فعليًا مع مساحات كبيرة لمحصول القطن، وقد حصل حلمي أبو العيش رئيس مجلس الأمناء ورئيس مجموعة سيكم العام الماضي على جائزة بطل العالم للكرة الأرضية، وهى جائزة يحصل عليها من يقومون بتنمية مجتمعاتهم.  

هل تتضمن مناهج الجامعة استخدامات الذكاء الاصطناعي في ظل الاهتمام العالمي بهذا المجال؟

لقد قمنا بدمج الذكاء الاصطناعي ضمن مناهجنا، من الناحية التطبيقية حيث تم تعديل المقررات مؤخرًا لتتضمن استخدامات وتقنيات الذكاء الاصطناعي وعلاقته بالعلوم المختلفة، وقد اعتمدنا برنامج بكلية إدارة الأعمال لاستخدام تطبيقات الذكاء الاصطناعي، وهو البرنامج الوحيد في مصر، وقريبًا سنؤسس كلية الحاسبات والذكاء الاصطناعي ومن خلال هذه الكلية سيدرس الطلاب الأمن السيبراني والشرائح الإلكترونية وكيفية إدارة المياه بطريقة ذكية، وكذلك استخدامات الذكاء الاصطناعي في مجال الطاقة.

تعد صناعة الدواء من الصناعات الاستراتيجية ولديكم كلية صيدلة تابعة للجامعة.. كيف ترى مستقبل صناعة الدواء في مصر؟

صناعة الدواء في مصر ليست فقط صناعة استراتيجية بل هي أمن قومي مصري، والمشكلة في صناعة الدواء في العالم كله هي في تصنيع المواد الخام حيث هناك جهات محدودة هي المنتجة لهذه المواد، وتعد المنافسة قوية جدًا في هذا المجال، والسؤال هنا هل ننتج في مصر المواد الخام أم ننتج العناصر المكملة للدواء؟ وأرى أنه ينبغي السير في المسارين معًا المسار الأول هو تصنيع المواد الخام في مصر بقدر المستطاع، فضلا عن تصنيع العناصر المكملة الأخرى، وذلك لتوفير العملة الصعبة وتقليل الاستيراد. والأمر هنا يحتاج ضخ مزيد من الاستثمارات في صناعة الدواء وفي مجال البحث العلمي، وينبغي أن تقوم شركات الأدوية الخاصة في مصر بتمويل البحث العلمي في مجال صناعة الدواء. كما نحتاج ربط البحث العلمي بالواقع العملي.     

أين نحن من التصنيفات الدولية بين الجامعات العالمية وأين نقف تحديدًا؟

تصنيف الجامعات المصرية شهد مؤخرًا نهضة كبيرة، وهناك أكثر من تصنيف عالمي للجامعات، والجامعات المصرية شهدت تقدم كبير ولدينا جامعات في مصر ضمن أفضل 200 جامعة في العالم، ومصر بها 138 جامعة حاليًا، وجامعة هليوبوليس مصنفة رقم 1 في تخصص علم الأدوية على مستوى مصر بناء على أبحاثنا المنشورة.

أخيرًا.. لماذا تتسم الجامعات الخاصة في مصر بارتفاع أسعار المصاريف الدراسية للالتحاق بها؟

مصاريف الجامعات الخاصة في مصر متفاوتة، وكل جامعة تحدد المصاريف المطلوبة من الطلاب الملتحقين بها وفق مصروفاتها وإيرادتها، ونحن في جامعة هليوبوليس نستعين بأساتذة من الخارج وندفع لهم مرتباتهم بالدولار واليورو لكن نحصل المصروفات الدراسية من الطلاب سواء المصريين أو الوافدين بالجنيه المصري. ونحن نعطي منح دراسية مجانية بنسبة 100% للكثير من الطلاب خاصة في المحافظات الحدودية.

اخبار مشابهة