آراب فاينانس: توقع خبراء اقتصاديون، تحرك سعر الصرف للدولار مقابل الجنيه المصري نحو الارتفاع خلال عام 2025، وفي حدود لن تتجاوز 56 جنيها للدولار مقابل الجنيه حيث تحرك سعر الصرف للدولار مؤخرًا من 48 جنيها إلى نحو 51 جنيهًا.
وأكد خبراء تحدثوا مع آراب فاينانس على أن هناك عدد من المتغيرات ستؤثر على سعر الصرف خلال الفترة المقبلة منها تحويلات المصريين بالخارج ودفعات القروض المستقبلة من صندوق النقد الدولي فضلا عن عوائد السياحة وإيرادات قناة السويس فضلا عن التغيرات الجيوسياسية بالمنطقة، ومدى استقرارها.
ومنذ العام 2016 تشهد سوق الصرف في مصر تغيرات كبيرة تزامنت مع إعلان الحكومة عن تنفيذ برنامج الإصلاح الاقتصادي، والذي بدأ بتعويم الجنيه المصري مقابل الدولار، فخلال السنوات الماضية تم تعويم الجنيه المصري 5 مرات تراجع خلالها بنسبة أكثر من 84% من قيمته أمام الدولار .
وتشير البيانات، إلى أن سعر صرف الدولار قفز من مستوى 8.80 جنيه قبل أول تعويم في نوفمبر من العام 2016 إلى نحو 50.80 جنيه في الوقت الحالي، وتظهر هذه الأرقام أن متوسط الزيادة في سعر صرف الدولار يتجاوز 550% خلال السنوات الـ 8 الماضية بمتوسط زيادة سنوية بأكثر من 68%.
تأثر سعر الصرف بمصادر النقد الأجنبي
من جانبه قال الدكتور هاني الشامي أستاذ الاقتصاد وعميد كلية التجارة وإدارة الأعمال بجامعة المستقبل في تصريحات حصرية لـ آراب فاينانس إن مصر تعتمد اعتماد أساسي على مصدرين من مصادر النقد الأجنبي وهما إيرادات قناة السويس والسياحة، وكلاهما تأثرا خلال الفترة الأخيرة نتيجة الاضطرابات الجيوسياسية الحاصلة بالمنطقة خاصة حرب غزة والتوترات بالبحر الأحمر، ومضيق باب المندب حيث تأثرت إيرادات قناة السويس سلبًا بنحو 60%، وهو ما يعني التراجع لنحو 7 مليار دولار خلال عام 2024.
وأوضح الشامي، أن إيرادات السياحة قد تأثرت أيضًا بما يحدث من توترات بالمنطقة فضلا عن الحرب الروسية الأوكرانية حيث تمثل السياحة الروسية والأوكرانية نسبة كبيرة من السياحة القادمة لمصر، لكنه شدد على أنه في ذات الوقت زادت تحويلات المصريين في الخارج نتيجة القضاء على السوق الموازي للدولار، وذلك بعد استقرار سعر الصرف ووجود سعر صرف مرن في مصر حيث تجاوزت تحويلات المصريين بالخارج 23 مليار دولار بداية من يناير 2024 وحتى أكتوبر 2024، وهو ما ساهم في زيادة تدفقات النقد الأجنبي في مصر إضافة إلى دفعة صندوق النقد الأجنبي الأخيرة، والتي تقدر بـ 1.2 مليار دولار.
وتوقع الشامي، استقرار سوق النقد الأجنبي وسعر الصرف في مصر نتيجة زيادة تدفقات تحويلات المصريين في الخارج، وطروحات الشركات الحكومية الأربعة التي أعلنت الحكومة أنها ستطرحها بالبورصة خلال عام 2025، وكذلك الاستثمار الأجنبي المباشر المتوقع دخوله إلى مصر الفترة المقبلة.
وأشار الشامي، إلى أن سعر الصرف لن يشهد تحركات عنيفة بالارتفاع خلال عام 2025 متوقعًا ألا يتجاوز سعر الدولار مقابل الجنيه المصري 56 جنيهًا.
انخفاض حجم الديون التي ستسددها مصر خلال 2025
ومن جانبه قال الدكتور أدهم البرماوي، مدرس الاقتصاد والمالية العامة بالمعهد العالي للإدارة وتكنولوجيا المعلومات بكفر الشيخ، إنه وفق البيانات الصادرة من البنك المركزي فإن حجم الديون التي ستسددها مصر خلال عام 2025 سيكون أقل مما تم سداده خلال عام 2024 حيث ستسدد مصر 21 مليار دولار فقط، وهو ما يقل عما سددته مصر في عام 2024، والذي يقدر بـ 39 مليار دولار، وبالتالي سيقلل ذلك من الضغوط على موارد النقد الأجنبي والطلب على الدولار.
وأشار البرماوي، إلى أنه في حالة استقرار الأوضاع الجيوسياسية والحرب في غزة، واستقرار الأمور في سوريا وروسيا وأوكرانيا، سيؤدي ذلك إلى تحسن سعر الصرف وسيخفض من الضغوط على سعر الصرف للدولار مقابل الجنيه المصري حيث سيحدث تحسن في السياحة الوافدة إلى مصر من الخارج، وبالتالي تحسن إيرادات النقد الأجنبي.
انتقال الأموال الاسخنة إلى مصر في حالة تخفيض الفيدرالي للفائدة
وأكد البرماوي، أن هناك عامل أخر خارجي من الممكن أن يؤثر على سعر الصرف في مصر وهو قيام الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي بخفض سعر الفائدة بعد السيطرة على التضخم هناك حيث يتخذ حاليًا توجه نحو خفض الفائدة خلال عام 2025، وذلك سيؤثر على انتقال الأموال الساخنة من أمريكا للأسواق التي بها سعر فائدة مرتفع إلى مصر، وهذا العامل أيضا سيساهم في إنعاش النقد الأجنبي في مصر وبالتالي استقرار سعر الصرف، وتقليل الضغط على طلب الدولار.
وشدد البرماوي على أنه في حالة قيام الإدارة الأمريكية الجديدة لدونالد ترامب بتقليل التوترات في المنطقة سينعكس ذلك على الوضع الاقتصادي في مصر وستزيد إيرادات قناة السويس مع تحسن الأمور والملاحة في البحر الأحمر، ومضيق باب المندب. كما ستزيد إيرادات السياحة وكلها عوامل ستؤدي إلى استقرار سعر الصرف في مصر.
وتوقع البرماوي، وصول عائدات المصريين بالخارج لنحو 40 مليار دولار خلال عام 2025 خاصة مع وجود سعر صرف مرن والقضاء على السوق الموازية للدولار حيث تشير الإحصائيات بالبنك المركزي المصري إلى ارتفاع تحويلات المصريين في الخارج خلال شهر أكتوبر الماضي بنحو 67% مشددًا على أهمية المبادرات الحكومية التي تشجع المصريين بالخارج على هذه التحويلات مثل مبادرة استيراد السيارات ومبادرات وزارة الإسكان التي توفر سكن للمصريين بالخارج في المدن الجديدة بالدولار.
وكان رجل الأعمال، نجيب ساويرس، قد صرح مؤخرًا بأن ارتفاع سعر الدولار أمام الجنيه المصري من 49.5 إلى 50.5 لا يدعو للقلق، مضيفا أن ما قد يثير القلق هو الوصول إلى مستويات 60 أو 70 جنيه.
وأضاف ساويرس أن الاقتصاد المصري يحتاج لتسريع وتيرة الخصخصة وتكرار نموذج مشروع رأس الحكمة، وتحويل ودائع دول الخليج في البنك المركزي إلى أصول داخل مصر.
وأشار إلى أن أهمية تحسين المناخ السياحي بما يساهم في زيادة تدفقات العملة الأجنبية، لافتا إلى أن مصر تحتاج إلى فنادق جديدة إلى تسهيل دخول وخروج السياح في المطارات، مؤكدا على أهمية خصخصة المطارات بشكل سريع.
وأفاد ساويرس، أن التوترات الجيوسياسية الحالية في المنطقة مفيدة لمصر وليست مضرة، لأنها تثبت أن مصر مستقرة وفي وضع آمن، وأنها أحسن مكان يتم الاستثمار فيه.
وحول القيمة العادلة للجنيه، قال ساويرس، إن قيمة الجنيه مقابل الدولار حاليا عند المستويات المتداولة بين 50 إلى 60 جنيها، وهذه قيمته الطبيعية.
تقارير دولية ترجح استقرار سعر الصرف
ووفق بيانات صندوق النقد الدولي والشرق بلومبرج من المتوقع أن يصل سعر الدولار 54.89 جنيه خلال عام 2025.
ورجحت تقارير حديثة أن يتسارع نمو الاقتصاد المصري، إلى 5.1% في العام المالي المقبل 2025- 2026، واستبعدت أن يشهد الجنيه المصري مزيدًا من الخسائر مقابل الدولار الأمريكي خلال الربع الأول من العام المقبل.
وقالت وحدة أبحاث "بي إم آي" التابعة لمؤسسة "فيتش سوليوشنز"، إن هذه التوقعات تأتي مدعومة بالتحسن المتوقع في حركة الملاحة بالبحر الأحمر ونمو قطاع الخدمات على خلفية هدوء المخاطر الجيوسياسية وانخفاض تكاليف الاقتراض الذي سيؤدي إلى زيادة الاستثمار.
فيما خفضت الوكالة توقعاتها لنمو الاقتصاد في مصر بمقدار 0.5 نقطة مئوية للعام المالي 2024- 2025 ليصل إلى 3.7%، نزولا من 4.2% في سبتمبر.
وأرجعت هذا الخفض إلى ضعف الأداء في الربع الأخير من العام المالي السابق 2023- 2024، إلى جانب الاضطرابات المستمرة في البحر الأحمر التي تقلل من إيرادات قناة السويس لكن ما زال النمو مرتفعا مقارنة بالعام المالي السابق، حيث أشار التقرير إلى أن انتعاش الصادرات غير النفطية وزيادة الاستثمار سيبقيان نمو البلاد فوق مستوى 2.4% الذي تحقق بالعام المالي الماضي.
واستبعد التقرير أن يشهد سعر صرف الجنيه مزيدًا من التراجع أمام الدولار بفضل تحسن معنويات المستثمرين والتدخل في السوق.
وأشارت مؤسسة فيتش إلى أن ضعف الدولار، وانحسار التوترات الجيوسياسية، بما في ذلك عودة الملاحة في البحر الأحمر إلى طبيعتها واستقرار إيرادات قناة السويس، قد يساعد الجنيه على استعادة بعض خسائره.
وقبل أيام، رجح تقرير أصدره معهد "ماستر كارد" للاقتصاد، أن يسجل الناتج المحلي الإجمالي في مصر، نموًا بنسبة 4% خلال العام المقبل، متجاوزًا معدل نمو الناتج المحلي الإجمالي العالمي، الذي من المتوقع أن يبلغ 3.2% بزيادة ضئيلة عن مستوى 3.1% خلال العام عام 2024.
فيما يظهر برنامج الحكومة أنها تسعى لزيادة معدلات النمو الاقتصادي إلى 5.5% من خلال تحسين بيئة الاستثمار ودعم القطاع الخاص، كما يظهر البرنامج أن الحكومة تسعى لزيادة معدلات النمو الاقتصادي إلى 5.5% من خلال تحسين بيئة الاستثمار ودعم القطاع الخاص.
ويستهدف البرنامج ترشيد الإنفاق وتعزيز الإيرادات، إذ تسعى الحكومة إلى خفض العجز المالي من خلال ترشيد الإنفاق وتعزيز الإيرادات العامة، مع استهداف زيادة متوسط النمو السنوي للإيرادات العامة إلى مستوى 17.4%، و يركز البرنامج أيضًا على خفض معدلات البطالة إلى مستوى 6.5%.
وتوقع تقرير "ماستر كارد"، أن يرتفع الإنفاق الاستهلاكي في مصر بنسبة 1.8%، وأن يشهد التضخم في أسعار المستهلك انخفاضاً إلى مستوى 19.3%.