آراب فاينانس: طالب خبراء اقتصاديون ومتخصصون باستخدامات الذكاء الاصطناعي، بضرورة مواكبة المناهج التعليمية بمتطلبات سوق العمل، مؤكدين على أهمية التعليم في هذا الأمر مع الاستفادة بالتطورات التكنولوجية.
وأوضح الخبراء خلال الندوة التي عقدها المركز المصري للدراسات الاقتصادية والبنك الأهلي المصري بعنوان: "الذكاء الاصطناعى وتحليل الطلب فى سوق العمل المصري: منهجية جديدة، أدوات مبتكرة، وإمكانيات غير محدودة، أن هناك فجوة بين متطلبات سوق العمل وبين مستوى الخريجين ومواكبته لهذا التطور التكنولوجي.
60% من الوظائف المطلوبة عالميًا لها علاقة بالتكنولوجيا
وقالت سمية الشربيني المؤسس المشارك والشريك التنفيذي لـ شركة رايت فوت، إنه لابد من التركيز على التغيير الحاصل في شكل الوظائف ومتطلبات كل وظيفة مشيرة إلى أن 60% من الوظائف المطلوبة عالميًا لها علاقة بالتكنولوجيا والتطور التكنولوجي موضحة أن هناك ثلاثة دول أفريقية، وهم نيجيريا وكينيا ورواندا أصبحوا متطورين في مجال الابتكار ويركزوا حاليًا على مجالات الذكاء الاصطناعي والتطور التكنولوجي.
وأضافت الشربيني أن هناك تركيز حاليًا على وظائف تحليل البيانات، وبالتالي لابد من تمكين الموظفين لتطوير أنفسهم في هذا المجال من خلال التدريب، والحصول على مهارات جديدة مع الاهتمام بتمكين العمالة وتطوير قدراتهم لتتواكب مع متطلبات سوق العمل.
وأشارت الشربيني، إلى أن سوق العمل يتغير بشكل سريع جدا، حيث تتغير الوظائف كل 6 أشهر حاليا سواء تغييرات بسيطة أو تغييرات جذرية، لافتة إلى أن مصر من أكثر الأسواق طلبًا في سوق العمل بالشرق الأوسط وشمال أفريقيا.
ضرورة دراسة التطور في متطلبات سوق العمل
وقال محمد الأتربي رئيس مجلس إدارة البنك الأهلي المصري في كلمته الافتتاحية عبر الفيديو، إن القطاع المصرفي يواجه تحديات كبيرة نتيجة التطورات المتلاحقة في سوق العمل مع التطور التكنولوجي المتسارع وخاصة الذكاء الاصطناعي، ومن هنا تأتى أهمية الندوة، حيث يساعد دراسة تطورات سوق العمل على توجيه السياسات الاقتصادية والتدريبية بشكل أفضل، معربًا عن اهتمامه بدعم جهود الاستفادة من هذه التطورات التكنولوجية، موجهًا الشكر للمركز المصري للدراسات الاقتصادية على جهوده في تحليل سوق العمل.
وأضاف الأتربي أن الذكاء الاصطناعي لم يعد مجرد تكنولوجيا فقط بل أصبح واقع في سوق العمل خاصة في ظل آليات العمل ومتطلبات الوظائف في جميع أنحاء العالم، لافتًا إلى أن البنك الأهلي يحرص على أن يكون في مقدمة المؤسسات المستخدمة لـ أدوات الذكاء الاصطناعي وتحليل البيانات، وتحسين القنوات الإليكترونية بحيث نقدم إجراءات أكثر دقة وفاعلية بما يتماشى مع المتغيرات العالمية بالقطاع المصرفي حيث ندعم بناء القدرات البشرية وتنمية المهارات بالتعاون مع شركائنا والمؤسسات البحثية.
نحتاج إلى إصلاح مؤسسي في مجال التوظيف
من جانبها قالت الدكتورة عبلة عبد اللطيف المدير التنفيذي ومدير البحوث بالمركز المصري للدراسات الاقتصادية، إن هذه الندوة لها طبيعة خاصة، فعلى مدار 3 سنوات من التعاون مع البنك الأهلي لدراسة الطلب في سوق العمل المصري، شهدت الكثير من التطوير، ولكن هذه الندوة تركز على تغيير منهجية التحليل باستخدام تقنيات الذكاء الاصطناعي موضحة أننا في مصر نحتاج إلى إصلاح مؤسسي في مجال التوظيف.
ومن جانبه أعرب يحيي أبو الفتوح نائب رئيس البنك الأهلي المصري عن اهتمام البنك بالتعاون مع المركز المصري للدراسات الاقتصادية في تطوير تحليل الطلب على الوظائف في مصر، لاهتمامه بالتطور التكنولوجي واستخدام الذكاء الاصطناعي، موضحا أنه تم استثمار نحو 500 مليون دولار خلال السبعة أعوام الماضية في مجالات التطوير للبنية التحتية والتكنولوجية للبنك.
وأضاف أبو الفتوح، أن عائدات المصريين بالخارج لاتزال من أكبر العوائد التي تدر العملة الأجنبية للبلاد فضلا عن أنه لايزال هناك طلب على العمالة المصرية والمهندسين المصريين بالخارج.
ينبغي مواكبة المناهج الجامعية لمتطلبات سوق العمل
ومن جانبه طالب الدكتور محمد فهمى المؤسس والرئيس التنفيذي لشركة فولوشن إيه آي للاستشارات Volution AI، بعدم الاكتفاء برصد وتحليل الوضع القائم لسوق العمل، في ظل التغير السريع جدا للسوق، وهو ما يتطلب تطويره ليتضمن توقعات مستقبلية لسوق العمل تساعد في بناء سياسات مستقبلية من خلال استخدام الذكاء الاصطناعي.
وأضاف فهمي أنه لابد من الاهتمام بالمناهج التعليمية بالجامعات المصرية لتتواكب مع متطلبات سوق العمل والتطور التكنولوجي واستخدامات الذكاء الاصطناعي مشيرًا إلى أن هناك تقدم كبير في مجال الذكاء الاصطناعي، وهناك طلب على الوظائف التي تعتمد على التفكير التحليلي والتفكير الإبداعي.
وقال ياسر صبحي نائب وزير المالية للسياسات المالية خلال مداخلة له بالندوة إن الوزارة تشجع المبادرات الشبابية المتعلقة بالتكنولوجيا كما ستركز الوزارة خلال الفترة المقبلة على الاستفادة من التطور التكنولوجي حيث تشجع قطاع ريادة الأعمال والشركات الناشئة خاصة في مجال التيسيرات والإصلاحات الضريبية.
المركز المصري للدراسات الاقتصادية يستعرض دراسة حول متطلبات سوق العمل
ومن جانبه استعرض المركز المصري للدراسات الاقتصادية أهم نتائج الربعين الثالث والرابع لعام 2024 من تحليل الطلب في سوق العمل المصري، وأهم ما شهده التحليل من تطوير باستخدام تقنيات الذكاء الاصطناعى.
وتم خلال الندوة عرض أهم التغيرات التي شهدتها منهجية التحليل، والتي تتمثل في التوسع الكبير في مصادر البيانات من خلال استخدام الذكاء الاصطناعي وتنقيح البيانات بشكل أسرع وأكثر دقة، ليرتفع عدد الوظائف المجمعة خلال الربع إلى 40 ألف وظيفة مقابل 24 ألف وظيفة قبل التطوير، بالإضافة إلى عمل منظومة لتبسيط الأكواد، وتحسين لوحة عرض البيانات Dashboard الخاصة بالتحليل من حيث الشكل وطبيعة الفلاتر والمعلومات التي يمكن الحصول عليها من خلالها.
كما تم عمل لوحة بيانات متخصصة لمجال تطوير البرمجيات تحوي تفاصيل دقيقة من حيث طبيعة الوظائف المتاحة في هذا المجال وفق تصنيفاته وتخصصاته الدقيقة، كما تم تحسين تصنيف الوظائف لتتوافق مع منظمة العمل الدولية بشكل أفضل، واستحداث أداة ECES JOB IT وهى أداة ابتكرها المركز قائمة على قاعدة البيانات الخاصة بتحليل الوظائف والتي تم جمعها على مدار 3 سنوات، وهى قاعدة بيانات دقيقة ومؤمنة وتفاعلية تهدف لتحقيق فهم عميق لسوق العمل. وأوضحت الدكتورة عبلة عبد اللطيف أن المركز يدرس إتاحة الدخول على قاعدة البيانات وهو مشروع كبير بالإضافة إلى عدد من المشروعات الأخرى المرتقبة القائمة على استخدام الذكاء الاصطناعي في هذا المجال.
وحول أهم نتائج التحليل خلال الربعين الثالث والرابع في 2024، فقد أظهرت نتائج تحليل الطلب على وظائف ذوى الياقات الزرقاء، عددا من الخصائص أهمها المركزية العنقودية في إنتاج الوظائف، وتفضيل وظائف ذوي الياقات الزرقاء للذكور، وتركز معظم الطلب في الفئة العمرية بين 23 و38 سنة، وعدم توافر مرونة للعمل عن بُعد، ويتركز 90% تقريبا من الطلب في 6 قطاعات وهم: تسويق ومبيعات، خدمات، قيادة وتوصيل، حرف، صناعة وزراعة، سياحة وضيافة وجاء أكبرهم والأكثر تذبذبًا في توليد الوظائف هو قطاع التسويق والمبيعات، بالإضافة إلى طلب خبرة متوسطة لتعويض ضعف مستويات التعليم، والنسبة الأكبر تطلب مؤهلاً متوسطاً على الأقل.
أما نتائج تحليل الطلب على وظائف ذوى الياقات البيضاء، فأظهرت المركزية الشديدة في إنتاج الوظائف، وعدم تفضيل نوع من ذكر أو أنثى على الآخر، وتتطلب أغلبية الوظائف الحصول على درجة البكالوريوس، وأكثر من نصف الوظائف تتطلب خبرة متوسطة، وجاء قطاع التسويق والدعاية الأكبر في توليد الوظائف، كما شهد ربعي الدراسة ظهور العمل الـ Hybrid من جديد والذى يجمع ما بين العمل من المنزل ومن مقر العمل.
جدير بالذكر أن تحليل الطلب على الوظائف في سوق العمل المصري، يستهدف سد الفجوة الإحصائية والمعلوماتية في هذا المجال، حيث تركز معظم البيانات المتاحة من قبل الجهات الرسمية المحلية والدولية على جانب العرض فقط، لذلك بداية من يونيو 2021 قام المركز برعاية البنك الأهلي المصري بتجميع ومعالجة وتحليل جميع إعلانات التوظيف الموثوقة المنشورة على الإنترنت، وإتاحة النتائج من خلال لوحة بيانات سهلة الاستخدام يتم تحديثها بشكل ربع سنوي، بما يمكن الجميع من رصد اتجاهات الطلب على المهارات في سوق العمل المصري وكيفية تغيره بمرور الوقت استجابة للتطورات الاقتصادية محليا وإقليميا ودوليا.